بوش في الانبار يعيد لي ذكرى حكاية جدتي

عبد الكاظم العبودي

الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ربما كنت ألاسعد من بين ملايين الناس اليوم، وأنا اشاهد تلك اللقطات التاريخية المختارة بدقة عندما بثتها الوكالات الاعلامية الامريكية محسوبة بالثواني والدقائق وهي تتحدث عن الزيارة التأريخية الاخيرة، و"الاخيرة " لبوش للعراق.[كررنا وصفها هنا بالاخيرة مرتين؛ لان بوش في قناعتنا الراسخة سوف لن يرى العراق مرة اخرى في حياته].
ولعلها مثل تلك السعادة الطفولية، وأنا احاول فك لغز زيارة بوش وتوابعه لارض بلادي. كان هناك مزيج من الغضب والفرح أيضا عندما شعرت ان المشاهد المنقولة تستحق منا التأمل والعبرة. وشعرت لحظتها: ان على نفسي يطل شموخ ظل المقاومة العراقية الباسلة، ويخيم بظلاله وحضوره على المشاهد التلفزيونية المبثوثة اعلاميا وعلى قنوات العالم الفضائية كلها.
ومهما اختلفت التعليقات وتداخلت تلميحات المحللين السياسين حولها الا انها تؤكد حقيقة مفادها ان الظل العالي لهذه المقاومة فوق ارض العراق جميعها كان ملموسا في نفس اللقطات الامريكية، لا في العراق كله، بل على محافظة الانبار المجاهدة خاصة. هذا الظل العالي للمقاومة قد أذل مقاتلات الشبح والتوماهوك ودبابات الاحتلال وسلاحف الهامفي والهمرات. وان هذا الامبراطور الحديدي-الالكتروني ذو الانياب النووية والكيميائة والبيولوجية بدا قزما اهوجا، جاء زاحفا على بطنه، ولم يسعد لحظة واحدة بالمشي على ارض العراق المحررة بطول قامته الامريكية.
لحظتها قفزت فرحا وبدأت بحل حكاية اللغز الامريكي، وحضرت الى ذهني حكاية عبور الثلاث من أحد حكايات جدتي التي أشغلتني بها يوما.
كانت جدتي تسألنا عن ثلاثة: قيل انهم إدعوا يوما عبور جسر على احد انهار العراق : وقيل عن الاول انه رأى الجسر ومشى عليه . أما الثاني فقيل عنه : انه رأى الجسر ولم يمشي عليه. اما الثالث فقيل عنه أنه لم ير الجسر ولم يمشي عليه ولكن الثلاثة، قالوا بانهم جميعا عبروا الجسر الى الضفة الاخرى. وتلك الحكاية ظلت لغزا على عقولنا الفتية حينها.
والثلاثي عندي اليوم هم بوش وتابعيه، وزير دفاعه روبرت جيتس ووزيرة خارجيته غونداليزا رايس. ارادوا من خلال فبركة حكاية جدتي أن يقنعونا أن الثلاثي البائس قد عبروا الفرات وحطوا في محافظة الانبار. وتلك في يقين العالم كله كانت جعجعة إعلامية، تم إخراجها في ظل من البؤس الذي يحيط ببوش وزمرته، وهو ما منحني تلك السكينة المدهشة، وأنا أتابع وأشاهد بهدوء تلك الثواني من اللقطات التي بثتها الادارة الامريكيةعبر وكالات CNN "سي ان ان "واخواتها للعالم كله كمفاجئة لمغامرة الكاوبوي في آخر أيامه.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل