أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - هشام محمد الحرك - التقدم النانو تكنولوجي - أفضل أداء بأقل جهد و قيمة















المزيد.....

التقدم النانو تكنولوجي - أفضل أداء بأقل جهد و قيمة


هشام محمد الحرك

الحوار المتمدن-العدد: 622 - 2003 / 10 / 15 - 05:25
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    


الباحث السوري : هشام محمد الحرك

WWW.SRMDNET2.JEERAN.COM

التقدم النانو تكنولوجي ( أفضل أداء بأقل جهد و قيمة )

 

من غرائب التفكير المزدوج في ثقافتنا، نحن العرب، أن هناك مفاهيم نطبقها في حياتنا الفردية، لكنها لا تنعكس على حياتنا الجماعية وممارستنا كوحدات بشرية أو اجتماعية او سياسية. مثال ذلك مفهوم البحث عن ملمح خير في «الابتلاء» على اعتبار هذا الابتلاء امتحانا نكتشف خلاله قدراتنا الكامنة من العزيمة والصبر، ونكشف معه قوة عقيدتنا «الدينية». انه موقف عبقري يستنهض احتياطات القوة في نفوسنا وأبداننا، ويحيلنا من مجرد متلقين للابتلاء الى مقاومين له، ومنتصرين على آثاره السلبية بايجابية نبيلة في اغلب احوال هذا الابتلاء.
لكننا نردد ما يزيد على نصف قرن ان اسرائيل خنجر مسموم في قلب الأمة العربية «وهو ابتلاء اصابنا كجماعة»، ننقل هذا الخنجر المسموم تارة الى الظهر وتارة الى الخاصرة! لكننا لم نمعن في هذا الخنجر وندقق في صناعته، وكأن مجرد ادانته ولعنه، في خطابنا الاعلامي، كفيل بابقائه مؤلما لكنه ألم لا يقتل، ومسموما لكنه سم لا يميت!كون اسرائيل ابتلاء هذا امر لا شك فيه، لكن لماذا لا نطبق مفهومنا العربي الفردي بشكل جمعي ازاء هذا الابتلاء الذي اصابنا جميعا ولا يزال؟ لماذا لا نجد فيه امتحانا يضع كوامننا موضع التساؤل، ويستخرجها، ولا يستنهضها، لا من اجل العدوان على الآخرين كما تفعل اسرائيل بل لمجرد ان نكون جديرين بمكان لائق تحت الشمس؟والمكان هنا ليس مجرد الرقعة الجغرافية، فهي شاسعة، بل اعمار هذه الرقعة بأفضل وسيلة ممكنة من اجل افضل شرط ممكن لحياة البشر. وهذا لا يتوقف عند حدود خمس البشر الطافين على السطح، بل يشمل بالضرورة ـ الانسانية والاخلاقية ـ اربعة الاخماس الغرقى من مجموع سكان العالم العربي الغاطسين تحت سطح الجهل والتخلف والفقر!
شهادات وقرائنلقد علقت بذهني هذه الخواطر، بعد قراءتي لكتاب خطير ومؤلم عنوانه «التعليم العلمي والتكنولوجي في اسرائيل» للباحثة د. صفاء محمود عبدالعال، والذي قدم له استاذ التربويين العرب الدكتور حامد عمار، اطال الله في عمره واكثر من فيض جهوده وأسمع صوته لمن ينبغي عليهم الاصغاء لهذا الصوت المغرد وحيدا مع الاسف!هذا الكتاب الصادر عام 2002 هو نموذج للجهد المخلص في البحث العلمي الجامعي، فهو يحفل بثمار غزيرة من الرصد الحقيقي والمقارنات والارقام والدأب الذي توافر للباحثة التي اجادت العبرية لتصل الى المراجع والوثائق في لغتها الاصيلة فتصبح شهادة دالة وقرائن حقيقية.يقول الدكتور حامد عمار في تقديمه للكتاب: «اذا كانت الحكمة ضالة المؤمن ينشدها انى وجدها، فلا شك في ان ما يجري في اسرائيل من انتاج وتطوير واستيعاب وتوظيف وتعليم وبحث في ميادين العلم والتكنولوجيا، ينبغي ان يكون موضوعا لدراستنا والافادة من دروسه وخبراته، فعلا ورد فعل، وقاية وعلاجا، استجابة ومقاومة الى غير ذلك من التفاعلات الواعية من خلال المعرفة، لا من مجرد ردود افعال عشوائية انفعالية في كثير من الحالات».اننا ننظر الى الدولة اليهودية في الاغلب الأعم كخصم عسكري ونقارن قوتنا بقوته من خلال نتائج الحروب العربية ـ الاسرائيلية، والمواجهات الفلسطينية ـ الاسرائيلية، لكننا لم ننظر، ولو قليلا، الى الآلة والآلية المنتجة لهذه القوة ملأنا كل الصورة بالتصور العسكري.ففاتنا البعد المدني لهذا الكيان الصغير الخطير المزروع في قلب امتنا، ولو نحينا تجارة السلاح المتطور الذي تعد اسرائيل احد باروناته الكبار في عالم اليوم، لو نحينا ذلك «برغم اعتماد صناعة هذا السلاح على العلم والتكنولوجيا» لفاجأتنا تفاصيل في الانتاج العلمي والتكنولوجي المدني، عالي التطور، ومن ذلك، كمجرد امثلة وليس حصرا:ـ زادت صادرات اسرائيل من المنتجات الالكترونية من حوالي مليار دولار أميركي في عام 1986، الى قرابة ستة مليارات دولار أميركي عام 1999.ـ طورت اسرائيل استخدام الطاقة الشمسية «السولارية» ووسعت استخدامها في تدفئة المنازل والاغراض المختلفة حتى وصلت الى توظيف مليون وحدة طاقة سولارية في الفنادق والمصانع مما ادى الى توفير مليار وثلاثة ارباع المليار دولار كل عام، اضافة الى تصدير هذه الطاقة ومنتجاتها الى الخارج.ـ احرزت اسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية مستوى دوليا عاليا في المجالات الطبية المتقدمة ـ خاصة البيوطبية ـ والهندسة الوراثية واجهزة الاتصالات والكيماويات فائقة المستوى وآلات الموارد الطبيعية البديلة مثل مصادر المياه الضئيلة، وتطوير انظمة الحواسب «الكمبيوتر» ومنتجات البيومعلومات «البيولوجيا والمعلومات» والصناعات «كثيفة العلوم» ذات الابعاد الاستراتيجية.ـ تهتم اسرائيل الآن بتطوير التكنولوجيا فائقة الدقة او ما يعرف بالنانوتكنولوجي التي تقوم على دقة المنتج وتقليل حجمه وتوفير طاقة استهلاكه، ويعتبر الألماس هو انسب اختيار لتصنيع الاجهزة اعتمادا على هذه التكنولوجيا. ولقد تجاوزت صناعة الالماس في اسرائيل أربعة مليارات دولار عام 1995 حيث انتجت ثمانين في المئة من الانتاج العالمي من الحجر المصقول، ويبدو أن أغلب قطع ألماسات خواتم عقود نساء العرب الاثرياء مصدره هذا الانتاج!ـ تستخدم اسرائيل «الصناعة كثيفة المعرفة» التي تعتمد على المعرفة العالية من اجل الدقة وتنويع خطوط الانتاج مما أنعش اقتصادها بشكل يتجاوز قدراتها لأنها بهذه التقنيات لا تستخدم الا نصف الخامات والطاقة المستخدمة في كثير من الدول الصناعية.ـ في فترة الثمانينيات من القرن العشرين استطاعت انتاج حاسبة متقدمة اسميت «الياك 2000» اعتبرها الخبراء خطوة الى الامام على مستوى الانتاج العالمي للحاسبات الالكترونية وتصميمها، ومازالت تطور انتاجها في هذا المجال حتى أنها تنتج وتصدر الرقائق الالكترونية للكمبيوتر من الاجيال الأحدث لاجزاء متطورة من العالم.

ـ نظمت وزارة العلوم والتكنولوجيا بها مشروعا مرتبطا بشبكة عالمية لصناعة الفضاء، تجارية، وذات امكانات فائقة فتحت نوافذ خاصة في الاسواق التجارية للاقمار الصناعية تغطي قطع الاستثمار من بعد وملحقاته، وتبلغ تكلفة الشبكة مليار دولار سنويا.
هذه مجرد امثلة مختارة، مما يوجع القلب لحالنا، ويثير السؤال: متى فعلت اسرائيل ذلك كله، وكيف؟
حتى لا نرى تقصيرنابالطبع سيسارع البعض منا بالقول: ان اسرائيل لم تصل الى ذلك لقواها الذاتية، بل بالدعم القادم اليها عبر البحار من يهود العالم، ومن انصار اسرائيل في الدول الصناعية المتقدمة خاصة الولايات المتحدة الأميركية، ومن اتباع اساليب نقل التكنولوجيا، بل سرقتها بأساليب التجسس التكنولوجي، هذا كله صحيح، لكنه جزء من الحقيقة التي نغطي عيوننا حتى لا نراها، فلا نرى مدى تقصيرنا وعجزنا، ولا اقول بلاهتنا!
اما الحقيقة، أو جانب منها على الأقل، فتقول ان اليهود ودولتهم بدأت قصتها مع العلم والتكنولوجيا مبكرا جدا، وقبل ان تنشأ اسرائيل، مما يعني الانتباه المبكر لأهمية العلم والتكنولوجيا كعنصر حاكم في اكتساب القوة العسكرية والمدنية على حد سواء.ففي عام 1819 سعى القائمون على الحركة الصهيونية ان تكون كل المؤسسات ذات طابع علمي، وتمثل نشاطهم، بداية، في تأسيس جمعية «الثقافة والعلم» التي يناط بها اعداد برامج البحث والتطوير في العلوم التطبيقية الاساسية، وفي عام 1913 في المؤتمر الصهيوني الحادي عشر نشطت فكرة انشاء مؤسسة للتعليم العالي لتكون مركزا ثقافيا وعلميا.فكانت الجامعة العبرية التي بدأ بناؤها عام «1918». وفي عام 1942 تحققت فكرة انشاء معهد على مستوى عال من التقنية بافتتاح معهد «التخنيون» للهندسة التطبيقية في مدينة حيفا، وهو معهد لا يزال في مقدمة جهات البحث العلمي ذات المستوى العالمي حتى الآن .
بمواكبة هذه الملامح البارزة في طور التأسيس كانت هناك ملامح اخرى لدراسة العلم والتكنولوجيا منها: المعهد الزراعي الجامعي القومي 1920 ومحطة بحوث الزراعة في تل ابيب 1921 ومركز الصحة العبري 1924 والمعهد الميكروبيولوجي 1924 والمعهد البيطري 1925 ومعهد وايزمان للعلوم 1934. هذه مجرد امثلة لاستباق مشروع انشاء الدولة اليهودية ببنية تحتية تقوم على العلم والتكنولوجيا اخذت تتطور حتى انجزت ما وضع هذا الكيان الصغير في مصاف الدول الكبرى علميا، على الاقل مقارنة بحجمه وعدد سكانه وسنوات عمره.وبالبحث يتبين ان البنية وحدها لم تكن لتنجز هذا كله، لولا ارساء قواعد التفكير العلمي ومنهج تعليم العلوم والتكنولوجيا والاغداق على ذلك كله باصرار ومتابعة صارمة، بمنطق ان الاستثمار في العلم والتكنولوجيا ذو مردود اكيد وضخم، لا على مستوى الأمن القومي وحده، بل على مستوى الاقتصاد والربح.
فبعد قيام الدولة اليهودية مباشرة عام 1948 بدأ تنظيم مشروع «أورت 2005» للتعليم المهني بهدف ربط التعليم بسوق العمل، ثم كان مشروع «تمدا 1998» الذي اعتمدته الحكومة الاسرائيلية في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين لادخال التعليم المهني في كل المؤسسات التربوية ودمجها في العصر العلمي ـ التكنولوجي الحديث.اذن كانت القاعدة مجموعة مدارس ومعاهد ومراكز ابحاث وانفاقا سخيا على ذلك كله، فعلى سبيل المثال غدت اعتمادات «البحث والتطوير» بابا اساسيا ثابتا، في ميزانية الدولة للانفاق يستوعب نسبة كبيرة من الناتج القومي الاجمالي، وتعتبر من بين اعلى النسب في العالم حيث تصل الى 4,2% بينما هي لا تكمل الواحد الصحيح في أي بلد عربي، وبلغت تكلفة الفرد في سن التعليم «2500» دولار، في حين انها لم تتجاوز 350 دولارا كمتوسط في الاقطار العربية.لقد بلغ حجم الانفاق على التعليم من الناتج القومي الاجمالي في اسرائيل 6,7% عام 1999 ـ 2000 في حين كان في الولايات المتحدة الأميركية 4,5% وفي اليابان 8,3% وفي كوريا الجنوبية 7,3% وفي الصين 8,2%.الابتكار وحرية البحث بالطبع لم يكن الانفاق وحده هو سر القفزة العلمية في التعليم العلمي والتكنولوجي وما استتبعه من عائد في الدولة اليهودية، بل كانت هناك منهج التعليم الذي يحض على الابتكار، والبرامج ذات السمات العالمية في تطورها.
ونسج العلاقات الوثيقة مع معاهد ومراكز الابحاث العالمية والعلماء البارزين في مجالاتهم بالعالم المتقدم، وتبادل الزيارات العلمية والاسهام بالنشر العلمي الكثيف في الدوريات العلمية المتخصصة، ومن اللافت للنظر ان النشر العلمي للباحثين والمطورين من العلماء الاسرائيليين حقق ما نسبته 1% من اجمالي البحوث المنشورة في العالم.حيث بلغ عشرة آلاف ومئتين وستة ابحاث عام 1995 في حين بلغ اجمالي المنشور لكل العلماء، العرب في العام نفسه ستة آلاف وستمئة وخمسة وعشرين بحثا ـ ناهيك عن الفارق في المستوى ونوعية الابحاث واتجاهاتها ـ ومقارنة بعدد السكان، فان اسرائيل تشغل المكانة الاولى لعدد العلماء الذين ينشرون بحوثا، اذ تبلغ 7,11 بحثا لكل عشرة آلاف نسمة، وتسبق الولايات المتحدة الأميركية ومعدلها هو 10 أبحاث وانجلترا 4,8 بحثا.اما في مجال نشر الكتب وهي قرينة بأي تطور تعليمي او بحثي في مجال النشر العلمي، فقد باعت اسرائيل عام 1997 ما قيمته 12 مليون كتاب. بمتوسط 3 كتب في العام للشخص الواحد، وبلغت الكتب المترجمة في العام ذاته 2,1 كتاب لكل مليون نسمة في العالم العربي، بينما بلغت 100 كتاب تقريبا لكل مليون نسمة في اسرائيل».كل هذه الارقام ـ بالطبع ـ لا يمكن انجازها الا في وجود مناخ من الحرية في البحث العلمي ونشاط رسمي من دولة تلتزم بتوفير الجو العلمي واشاعته ومجتمع مدني يرغب في التحول الى مجتع علمي تكنولوجي يواكب العصر ويعيش فيه. وهذه الصورة الوردية ليست كاملة، فثمة مشاكل يواجهها البحث العلمي والتعليم العالي في اسرائيل الآن ومنها:عدم تأقلم الباحثين المهاجرين الجدد مع المجتمع وامكاناته وشروطه، ونفور العلماء ذوي الكفاءات من حملة الدكتوراه من تدني امتيازاتهم مقارنة بزملائهم في الولايات المتحدة الأميركية، اضافة لاداء الخدمة العسكرية الالزامية، انتشار ظاهرة التكدس البشري في المؤسسات والمراكز العلمية بلا عمل، فتور اعداد كبيرة من الدارسين لمواصلة التعليم الجامعي ضيق الباحثين من اهتمام الجامعات بتعليم اللغة العبرية والدين اليهودي للمهاجرين الجدد، هروب الطالب من كليات العلوم الى المعاهد التقنية التي تعلّم مهارات توفر فرص العمل السريع.
كل ذلك ادى ويؤدي الى نوع من التسرب، وبعض الهجرة المضادة: لكن هذا لم يقعد الجهات المعنية عن الحركة، فتعاملت مع العلماء المهاجرين من اسرائيل على أساس انهم عثروا على فرص افضل بالخارج وجرى توثيق صلات دائمة معهم لافادة زملائهم في اسرائيل، وجرى تصميم برامج دراسية تتسم بالمرونة.مع التوسع في تأسيس أقسام تكنولوجية في الجامعات تضيف الى المعرفة العلمية تدريبا على مهنة محددة، واسهمت الجامعات والمعاهد في تأسيس عدد من المؤسسات الصناعية لاستخدام البحوث في انجاز منتجات ذات مستوى عالمي وتوفير فرص عمل وامتيازات للباحثين المتميزين، وتنظيم عملية محو الأمية العلمية والتكنولوجية بين مجموع السكان، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في الالتحاق بالتعليم العالي، والتوسع في اقامة علاقات علمية دولية، هذا اضافة الى سمات خاصة مثل:

ـ اعداد «المعلم الباحث» الذي يمتلك مهارة تكنولوجية وقدرة أكاديمية محنكة، فضلا عن اجادة لغات عدة مما لا يجعله مقتصرا على مهنة التدريس، بل مشارك في برامج البحث والتطوير، وهذه بدورها تجعله معلما من نوع متميز وخلاق «اصبح تدريس اللغة العربية في مدارس اسرائيل اجباريا».
ـ افتتاح مدارس ثانوية لذوي الميول البحثية والتفوق العلمي حيث يبدأون البحث العلمي في عمر مبكر، وهذه المدارس يلتحق بها سنويا حوالي 15% من الفئة العمرية من «15ـ 18سنة» باختصار انها حركة دائبة في مجتمع يؤمن بأهمية العلم والتكنولوجيا والتفكير العلمي في نموه وحصانته، ويقوم بتفعيل هذه العقيدة في الواقع ومن ثم يجمع الحصاد الوفير.ان هذا الخصم الذي ينتصر علينا دائما، بصورته هذه، يجب ألا يجعلنا نركن الى اليأس، فنحن كعرب لن نبدأ من الصفر، فلدينا ارهاصات جديرة بالعناية وجامعات عدة وعريقة، ولدينا انجازات، وان تكن مبعثرة، وعقول وان تكن مهملة وغير معتنى بها ـ واغلبها تحتضنه المهاجر بسبب الاضطاد السياسي والفكري ـ كما ان لدينا مؤسسات يلزمها الترميم والانفاق والتفعيل للاغراض البحثية العلمية النبيلة التي قامت من اجلها.وقبل ذلك، وخلاله، وبعده، لابد من تكريس واشاعة التفكير العلمي وحمايته في مجتمعاتنا العربية، في مدارسنا وجامعاتنا ومراكز الابحاث، ودعم طموحات المجتمع المدني المتطلع الى علمية الرؤى وانسانية التقنية، وفتح ابواب الاجتهاد دون قصر او عسف، فالاجتهاد هو اساس كل ابتكار، والحرية هي شرط العثور على كل مفيد جديد.هل نعيد تأمل ملامحنا بعد الامعان في صورة هذا العدو المتحفز باستمرار لأن يكون في المقدمة، وهل نعيد اكتشاف قصورنا باكتشاف انجازات هذا العدو ودراسته من كل جوانب قوته وضعفه، وهل يدفعنا تقدمه الى المزيد من الاسراع، لا للحاق به، بل للحاق بما ينبغي أن نكون عليه؟
اذا فعلنا ذلك فاننا نكون كمن يجد الشفاء في عناء «الابتلاء» وليتنا لا نطيل الوقوف والتردد، ونبدأ في غربلة واقعنا العلمي والتعليمي، والا نكتفي بلطم الخدود والصدور على ما فات ومات، بل نضع واقعنا عاريا على طاولة التشريح، ونضع المبضع في المكان المطلوب، وهو الجزء التعليمي المترهل في جسمنا.والعاجز عن جر عربة السير بنا الى القرن الواحد والعشرين، علينا ان نتحول من تعليم «الكم» وتخريج طوابير العاطلين عن العمل الى «الكيف» لقد اصبح لدينا طوابير بالالاف وعشرات الالاف من خريجي الجامعات دون عمل، واصبحت ظاهرة «البطالة» الجامعية سمة عربية اضيفت الى بطالة الأمية، هذه الطوابير من العاطلين عن العمل يتحول الجزء الاكبر منها الى منظمات الاجرام او الى متمردين وساخطين على مجتمعاتهم.وتلتقطهم بسهولة قوى الشر والتعصب والتخلف لتحولهم الى ادوات للتخريب والتدمير ضد مجتمعاتهم وبلدانهم ويبقى الجزء القليل ممن لديه كفاءة ما لتلتقطه دول ومجتمعات متقدمة تضيفه الى قوة العمل والانتاج لديها، وليصبح قوة مضافة لهذه المجتمعات. ان الانهيارات المتتالية والهزائم المتلاحقة التي تصيب مجتمعاتنا منذ عقود طويلة لن تنتهي وتتراجع الا بعمل جاد يبدأ بتحول شامل في فكرنا واساليب عملنا، والبداية والانطلاقة تكون من مقاعد الدرس والتحصيل العلمي القائم على «التفكير العلمي» أولا وأخيرا.



#هشام_محمد_الحرك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء موقع الويب WEB_SITE
- المولود : وصاية امريكية ... المباركون : كل الأمم وعلى رأسهم ...
- بداية النهاية لطغاة العالم
- زيارة تجارية إلكترونية
- الانترنت شريان التواصل
- المعلوماتية قوة هادرة
- المعلوماتية دفع جديد للتاريخ
- الإدارة هي الأساس
- الاتصالات
- المعلوماتية وامتلاك الغد ...


المزيد.....




- مركز-غاماليا- الروسي يطور لقاحا ضد مرض السرطان باستخدام الذك ...
- مدير مركز الحسين يتسلم جائزة الكويت لمكافحة السرطان
- تناول الأسماك بانتظام قد يقلل من خطر الإصابة بحالة يصعب علاج ...
- استكشف العالم الطبيعي.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2024 عل ...
- صابونة تش تش.. تردد قناة كراميش الجديد 2024 عبر القمر الصناع ...
- وزير الصحة السوداني يعلن عن منحة قطرية تتضمن أدوية منقذة للح ...
- لمرضى السكرى.. 5 طرق سهلة لخفض نسبة السكر بالدم
- 14 علامة تشير إلى إصابتك بنوبة هلع.. تتصرف إزاى
- فقدت السمع فجأة.. تعرف على أبرز الأسباب والاحتمالات
- بالصور.. الأقمار الصناعية تكشف انتشار آليات الاحتلال شمالي غ ...


المزيد.....

- التصدي للاستبداد الرقمي / مرزوق الحلالي
- الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية / محمد عبد الكريم يوسف
- تقنية النانو والهندسة الإلكترونية / زهير الخويلدي
- تطورات الذكاء الاصطناعي / زهير الخويلدي
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي / زهير الخويلدي
- اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة / ياسر بامطرف
- مهارات الانترنت / حسن هادي الزيادي
- أدوات وممارسات للأمان الرقمي / الاشتراكيون الثوريون
- الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض / هشام محمد الحرك
- ذاكرة الكمبيوتر / معتز عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - هشام محمد الحرك - التقدم النانو تكنولوجي - أفضل أداء بأقل جهد و قيمة