أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالكاظم العبودي - دوامة المتاهات في ارخبيل الاحتلال حالتان بين الأسر والخروج















المزيد.....

دوامة المتاهات في ارخبيل الاحتلال حالتان بين الأسر والخروج


عبدالكاظم العبودي

الحوار المتمدن-العدد: 2008 - 2007 / 8 / 15 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"تمرد الجماهير" من أكثر أعمال الكاتب الأسباني "خوسة أورتيغا إي غاسيت" شهرة. بدأ نشره منذ أولى سنوات القرن الماضي 1930م . وأضيف له ما كتب لاحقا عن نفس الموضوع في منتصف القرن الماضي 1951. ومثل هذا الموضوع يبقى مهما لا يطال منه تقادم الزمن، شأنه شأن ما تبقى في الذاكرة من تلك الانتفاضات الجماهيرية العاصفة التي غيرت مسار التاريخ والأمم . تبقى عبارة "خوسة أورتيغا". [... إنّ تمرد الجماهير هو أكثر وقائع القرن العشرين ايجابية].
ولعل إعادة قراءة كتاب "خوسة أورتيغا إي غاسيت" تساعدنا في فهم اللحظة التاريخية التي نعيشها وتعيش بها جماهيرنا وهي تتجمهر في هذه المناسبة أو تلك. إنّ وقائع هذا التجمهر تشير إلى أنّ الحشود مستلبة ومن دون سلطة اجتماعية فاعلة لها. ورغم أنّ الوكلاء على تنظيم مثل تلك الحشود يحاولون إضفاء معاني سياسية على هذه الفعاليات، ويستخدمون الظاهرة لتوجيه رسائل سياسية بها سواء إلى الحلفاء والى الخصوم على حد سواء.
فالجمهور المحتشد في الشوارع والأمكنة العمومية والمساجد والمراقد والساحات، انه يحاول الاستيلاء على الفراغ، أياً كان، سواسية لديه في مكان "مقدس" أو ملعب لكرة القدم أو في شارع عمومي تحركهم الشعارات التي يتم تسريبها إلى مواقع التجمهر لكي تكتمل صورة المشهد بما يتغذى به من لافتات وصور ومكبرات صوت وإعلام لكي يتشكل مجتمع ذلك المشهد الكمي والبصري ليقف إما كامرات النقل التلفزيوني أو مستمعاً قبالة أحد الخطباء الديماغوجيين الذي يريد من خلال مضمون خطاب معين أن يحول بمثل هذه الطريقة أنّ يتحول الكم "الجمهور"، الإنسان العادي، إلى "حدّ كيفي" لأغراض محسوبة سلفا رغم أنّ الجمهور في مناسبات دينية أو رياضية هو تحصيل حاصل لواقعة نفسية تحدث وفق سياقات ومؤثرات معينة.
لقد أسيئ توجيه الحشود وكذلك الشعارات التي تعد لمثل هذه المناسبات التي غابت منها القوى التي يمكن أنْ تفعل شيئا لوقف سوء الاستعمال للشعارات والحؤول دون تغييب الإحساس بالآلام من أن تصرخ بوجه جلاديها من المحتلين "اخرجوا من بلادنا".
إنّ غيبوبة الديمقراطية الزائفة أوهمت الحشود من أبناء بلادنا أنها تشهد انتصارات ديمقراطية سمحت لها بالتعبير عن فعاليات كانت محرومة منها "التظاهر والفعاليات الدينية والمواكب... الخ" كي تمارس شيئاً من أشكال التمرد والتصرف من غير قانون أو تعرض لوسائل ضغط مادية من شرطة وبوليس طالما أنّ هذه الحشود لا تمارس السياسة وتوكل لآخرين من السياسيين ورجال الدين تزوير مواقفها.
إنّ الجمهور المقهور من خلال الإملاءات المفروضة عليه لكي يهتف بشعار ما خارج سرب المنظمين يواجه شراسة القمع والسحق في الشارع بتهمة "الإرهاب" والخروج على الجماعة وهذا ما تشهده الاحتكاكات بين الأفراد عندما يتدخل المنظمون من خلال مليشياتهم أو المكلفين بالتنظيم حملة الإشارات على الأذرع لمنع أي خطاب يشكل خطرا على التوجهات المرسومة للتظاهرة حتى وان كانت دينية أو رياضية. إنّ الجمهور كـ: "واقعة نفسية" يجد نفسه منساقا في دوامة من الممارسات السوقية والابتذال أحيانا ضد جزء منه عندما يحاول هذا الجزء الهتاف أو التمايز أو الاختلاف أو رفع شعار لا يتوافق مع إرادات المنظمين فيندفع جزء من هذا الجمهور، بتشجيع البعض، إلى مهاجمة كل من يختلف معه أو متمايز عنه أو فردي أو نخبوي ويعرض الرافضين للمساطر المطلوبة والمعدة سلفا لمثل ذلك الجمهور إلى الإقصاء والطرد، أن لم يكن إلى السحق والقمع والقسوة.
إنّ أكثر الأطراف سعادة في مثل هذه المناسبات هم الأمريكيون أنفسهم ومعهم محركو الآلة الإعلامية التي هيأت كل إمكانياتها وقدراتها في التلاعب بالعقول لأجل التوجيه المطلوب وحرف أي شكل من أشكال التمرد، إن وجد، عن اتجاهه الصحيح. إنّ مكمن سعادتها وهي تراقب المسيرات التي يحلو لها بان تصفها إعلامياً بـ: "المليونية" في إنها مسيرات وجهت وفق إرادات وأطراف سياسية معينة لا تواجه الاحتلال وبالإمكان توجيهها بشكل فض ضد آخرين لزيادة الترهيب الفكري على أي من النخب الرافضة للاحتلال.
إنّ الاحتلال لا يرى في مثل هذا الهياج الجماهيري الكبير إلا مؤشراً لقدرة حلفائه على التضليل والتعبئة بعيداً عن مواجهة قوى المحتل. وفي نظره أنّ هذه الكائنات البشرية وفق هذه الشروط وهي تسير في شوارع بلدها المحتل وتحرسها دبابات الاحتلال والسلطة العميلة كمن تقبل أن تضع رقابها تحت مشرط الجراح طالبة الخلاص من احتفالية تشييع نعش أمامها السجين والتبرك بكأس فوزها الكروي القادم من آسيا.
إنّ مشهد جمهورنا في المشهدين لا يشكل في النهاية إلا مجتمعاً سريع الالتهاب أمام نيران الاحتلال التي تلفح وجهه كل يوم. وان مشهد الجمهور الزاحف لأيام وليالي في المسيرات المليونية ضمن مشهد بكائي أخاذ يكشف عن مدى سيطرة مخفية عليه تمنحه خدرا قدسيا أو دراميا ومأساويا يتوافق مع تركيبة نفسية اجتماعية محبطة تقود إلى شر مطبق لا بد من التبصير به قبل أنْ ترهب به بقية النخب الرافضة لمثل هذا التخدير الجماعي الممارس في طقوس ليست من العبادات ولا من الإسلام بشيء. إنّها تخضع، ومن دون وعي، إلى عبوديات داخلية يعبر عنها عند بعض الممارسات الغريبة والشاذة وعند ممارسة التعامل معها بمسكنات الألم الفردي والجمعي في جملة من الطقوس المبالغ في إخراجها سمعياً وبصرياً هذه الأيام بغرائبيات لا تنتمي إلى عصرنا.
لا شك انه ظرف مؤلم لنا تتضاعف آلامه في هذا الجو المحبط عندما تترك الجماهير إلى الشارع ليقودها الرعاع. وان الأجواء في البلاد التي كتم أنفاسها كاربون احتراق آليات الاحتلال لم تجد لها متنفسا أوكسيجينيا ينعشها في دفقة من التنفس الحر في جو صالح للتنفس لأجل التهيؤ للتمرد أو الثورة. وأضحت الظاهرة تتراكم وتتسارع شاملة أجيال تالية أضحت تقلق الإنسان ذي الطبع السوي المؤمن بثقافة عصرية متزامنة مع روح العصر.
إنّ الجماهير التي تنادت لإخراج نعش الإمام السجين موسى الكاظم وتشييعه كانت تسجن نفسها في سجون الوهم بأنها تمارس من خلال طقوسها تلك الحرية وهي في ذات اللحظة تدمر طاقاتها الكامنة في تضييع اقتناص اللحظة التاريخية المتوفرة بين يديها من اجل التقدم نحو الثورة والتمرد في الوقت الذي يتجمع فيه قرابة الثلاث ملايين من البشر يتحركون عبر شوارع بغداد المحتلة لتسير جموع الجماهير صاغرة ومرعوبة تحت حماية حراب الاحتلال وتوابعه وهي تلطم الوجوه والأجساد عبر ثلاث أيام من السير على الأقدام متوجهين إلى مدينة الكاظمية حيث قبر الإمام موسى الكاظم ، لأجل تعزيته لا غير؟.
إنّ مثل هذه الحالة العاطفية ينظر إليها عدد من الديماغوجيين والسوقية الفكرية من خلال الهيمنة الممارسة على الجمهور أنّها وجوها لممارسة السياسة أو التفعيل الروحي والثقافي لأوساط اجتماعية مسحوقة بهمها اليومي، وبذلك فهذه الشرائح الاجتماعية توجه نحو أيديولوجيات منحرفة لا تمت إلى فرائض الإسلام والمسلمين عندما يطلبون الخلاص بالتوبة إلى ربهم لا غير من خلال اللطم والبكاء.
يجب أنّ لا تدهشنا تلك الصورة التلفزيونية المنقولة لنا بإتقان عبر فضائيات العالم وهي تنقل في بدء الألفية الثالثة صورة للحشود المنكودة البائسة تشكل منها مشاهد بكثير من التوليف ودس الرأي الغامض عما تريده تلك الحشود المتعبة والهائمة بشكل يثير الشفقة تارة والضحك تارة أخرى وتتساءل عن سر ذلك "الحشد" الباكي اللاطم على صدره النادب لمأساة ذلك الإمام السجين ذات يوم في سجون الخليفة الرشيد. يسير الحشد راجلا وهاتفا وحاملا لرايات لا يدرك سر توزع ألوانها ومسمياتها ، وهو يتغافل عن سجن آلاف الأئمة والمجاهدين والمكافحين المتواجدين في سجن ذات المدينة " الكاظمية" وفي سجن المخابرات الذي وصلته أصوات الحشود وهي تندب ذلك المأزق التاريخي لأحد أهم مصائب عصرنا.
هل علينا أنْ نعيد النظر من جديد في أنماط تفكيرنا وفي أسباب سيادة أشكال من التعايش الهش في مجتمعاتنا وكذلك، في طبيعة المجتمع الذي نفكر دائما بوسائل تحرره وهو المجتمع الذي نريده ونحتاجه، في ذات الوقت، أيضاً في مسيرة تحريرنا بالانخراط في فعالية الثورة الوطنية الشاملة والالتحاق بالمقاومة والتحرير. إنّ تمرد الجماهير على واقعها يكون في الواقع، عبور تاريخي إلى ظهور التنظيم الثوري الجديد، الذي يمكن أن يكون في صورة جبهة وطنية عريضة تضم الحركات والأحزاب والمجموعات المسلحة والشخصيات الوطنية التي يمكن أنّ تشكل بمجموعها المثال الوطني الذي يزيح الديماغوجيين والمتاجرين عن سدنة التحكم بتلك الجماهير وبسلبها حقها في الاحتجاج ضد مظالم الاحتلال.
وإذا كانت أوربا على مر قرون النهضة أولا ومن ثم المرور في الثورة التكنولوجية وصولا إلى مشارف الثورة العلمية التكنولوجية التي قد توصلت منذ عهد بعيد إلى أنّ تتكون مجتمعاتها وتتقارب في اصطفاف زمني متسارع غير معهود لتكون مجتمعا متجانسا في ظل الثورة المعلوماتية ووصولها إلى حالة "توازن القوى" داخل كل مجتمع يتفرد بخصائصه وثقافته وتجانس تطوره ويصل إلى ما يسمى "التوازن الأوربي" في وحدة جغرافية وسياسية واقتصادية على مستوى "القارة العجوز" بنظر الأمريكيين.
وأمام ذلك التوحد عند الآخر فإننا نكتشف ذاتنا اليوم من خلال إفرازات عهود القمع السياسي التي سادت لعقود وشراهة التخلف الحضاري السائدة منذ عصور التي اجتمعت معاً وتفاعلت لنا تحت السطح الراكد لتفرز لنا مجتمعات أوالية متناثرة في مجموعة مجتمعات لم تتجانس بعد رغم أنها تعايشت تحت ظل القمع ويراهن عليها أيضاً أن تتعايش تحت نير الاحتلال.
وهكذا هي الصورة التي نراها اليوم لجماهير تائهة تتحرك وهي تلهو وتعبث بوقتها وبمصيرها مستغلة مناسباتها القومية والأثنية في محتشدات الشوارع والأزقة وكأنها في حراكها المظهري هذا، غير آبهة بما يجري حول تقرير مصيرها وبلادها.
الم تشكل ظاهرة الاحتفاء والاحتفال المبالغ فيه بفوز الفريق الوطني لكرة القدم التي عمت وغطت على كل الأحداث، وكذلك ما نراه اليوم من استعداد الملايين التي خرجت عبر شوارع بغداد ، بهذا الشكل الساحق، منخرطة ومنشغلة في تنظيم الفعاليات والتظاهرات الدينية" كأربعينية عاشوراء، وذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم .. وغيرها". الم تشكل كل ذلك ظواهر تستوجب التوقف عندها ودراستها.
إنّ الكتلة الكبيرة والضخمة من الجماهير تفرغ طاقاتها بعيداً عن هدفها الوطني. ويتم ذلك بتوجيه وتنظيم متعمد يجرفها بوسائل الدعاية والمال والتحريض الطائفي والإعلامي ليدفعها بعيدا عن أنْ تكون روافداً تصب في الخزان الحيوي للجماهير الذي يمكن تعبئته للثورة ضد الاحتلال وتحرير البلاد.
وإذا ما تأملنا ما في المدن الكبرى من هذا الجموع الضخمة من الكائنات البشرية التي تروح وتجيء في الشوارع تاركة أعمالها وارتباطاتها الشخصية تلح علينا أسئلة كثيرة حول قدرة كل فرد من هذه الجموع من انجاز مبادرته المستقلة وجهده الخاص في ما لو انخرط في مشروع اجتماعي متحرر.
إنّ الإحباط المتراكم عن السياسة دفع الناس إلى الاتجاه المعاكس تماما متوجهين إلى حالة بات الفرد لا يستطيع أنْ يخرج عن مستنقعه ولا يحرك منه ساكنا طالما أنّ ذلك المستنقع قد وفر ظروف التخمر والتفكك الأبعد والمطلوب من قبل المحتل ومخططاته . وإنّه لأمر صعب جدا انتشال ذلك الفرد من مثل هذا الواقع وخاصة أنّ الظرف يميل إلى سقوط حضارة ومجتمع وثقافة تحت سلطة الديماغوجيين القدامى والجدد.
في كل حالات الاختناق والسقوط الحضاري كانت للديماغوجيا دور الخمائر في إفراز وتكوين أحط إفرازات الطبيعة البشرية. يرى "خوسة أورتيغا": [... لكن الإنسان لا يكون ديماغوجيا ببساطة لأنه يصرخ أمام الجمهور، بل قد يكون ذلك في بعض المناسبات، هيئة قضاء مقدسة]. إنّ الديماغوجية الجوهرية في داخل أذهان أصحابها يتم إلقائها إلى شارع يعيش حالة من الانحطاط الفكري لتصبح سلوكا يتم التطبيع معه وتنظيم تراتبيات معينة له يستغلها الديماغوجيون الكبار من خلف الستار. هذه الحالات عاشتها شعوب عديدة ومنها شعوب أوربية ومنها فرنسا بحدود منتصف القرن الثامن عشر ولم تجد لها حلا إلا بالثورة لحل المشاكل الإنسانية الكبرى.
إنّ منهج الثورة هو الإقرار لإرادة التحويل لكل شيء في ضربة واحدة. وقد تم ذلك للثورة الفرنسية أنّ تنجز مثل ذلك التحويل في ظروف كانت رديئة، رغم احتمالية عودة الاستبداد بأشكال وأنماط مختلفة، يعتمد ذاك على طبيعة القوى القائدة للتغيير.
إنّ شكل الضغط الاجتماعي يكاد أن يكون ملموسا في كل مناحي حياتنا، لكنه يبدو انه موجه نحو مسارات زائفة، إن لم تكن وهمية، تستفز في الكامن القريب والبعيد كوامنه وشجنه؛ فلا سلطة على مثل هذا الضغط والاندفاع به نحو المجهول. هذا الضغط الاجتماعي يبدو في كثير من الأحيان كما لو كان لا يزال عبارة عن إرهاصات جنينية في مجتمع لا يزال بدائيا في طقوسه ومظاهره، رغم الأشواط البعيدة التي قطعها أبناء شعبنا في مراحل التعلم والتحضر، وتتوافر في أوساطه نخب فكرية وعلمية واجتماعية وسياسية غيبت نفسها عن أخذ زمام المبادرة لكي تترك الحالة وكأنها تتمظهر في غياب تام اليوم لما تعارف على تسميته " سلطة عامة"، "دولة"، "قيادة رأي عام"، منظمات مجتمع مدني... الخ من المسميات لتوجيه هذا الضغط الاجتماعي المتبعثر نحو مساره الصحيح.
إنّ النخب العراقية المتصارعة اليوم ،في كثير من الجوانب والميادين، عليها أنْ تتساءل قبل أي صراع جانبي تقوده بمحظ إراداتها أو إن كان موجها بعامل ظرفي أو خارجي عن جدوى برامجها ومشاريعها المطروحة طالما إنها تجهل بدقة لأي من الفئات الاجتماعية تنتمي ولمن ستقود منها لتحقيق برامجها ومشاريعها المطروحة .
إنّ الرأي العام العراقي يتغيب أحيانا لان مجتمعا منقسما إلى فئات متنازعة وقوة رأيها ملغاة، وان الثغرة التي يفترض أن على قوة الرأي العام المغيبة ملئها ستمتلئ بالقوة الغاشمة التي يفرضها الاحتلال وعملائه. إنّ الاصطفاف للبشر في مسيرات انتزعت منها طاقتها الروحية الرافضة للاحتلال وهي متواجدة في الغالبية منها يصبح التعايش معها شكل من أشكال الفوضى تمارس دورا مضللا في التعتيم على الحتمية التاريخية لأي شعب لا يقبل تاريخه وحضارته الاحتلال. هذا الجمهور يتخبط في الشوارع من غير سلطة روحية ولا يقاد لأحد وهو مستعد في كل وقت إلى تغير الآراء فيه في كل حالة من حالات تغير وانتقال الحاكمين للسلطة.
هذه الظاهرة بقدر ما هي مقلقة، لكنها في المحصلة لا تعيق حدوث التغيير المرتقب. وان العلاقة بينها وبين حاكمها مضطربة لذا فان قابلية انفكاكها عن حاكمها متوفرة في كل وقت لان الدولة التي شكلها الاحتلال لم تكن مخططا لمشروع مشترك إنها عمل افتراضي فرض بوسائل عديدة منها التضليل الإعلامي والعماء الطائفي والأثني أحيانا. وفي معظم التجارب القريبة والبعيدة أنّ الجماهير الكادحة والمسحوقة سوف تعلن استقلالها عن تلك الأقليات التي كانت توجهها حتى تاريخ معين، وأنها ستفرض هيمنتها على كل المجالات. والحقيقة أن في كل تعايش بشري بالطبع قوى وميول للجمعنة، كما توجد أيضاً إلى جانبها ميولا إلى قوى وميولا أخرى للفرقة والابتعاد عن المجتمع، بل حتى إلى الاحتراب ولمعاداة المجتمع، وان أي مجتمع بشري، مادام لم يتطلع ليكون مجتمعا، هو عبئ وإخفاق أجهد نخبه القائدة له.




#عبدالكاظم_العبودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بلينكن يعلق على احتمالية إبرام اتفاق الرهائن قريبًا.. ويرفض ...
- 8 قتلى جراء حريق داخل مطعم في بيروت
- دبابة إسرائيلية تثير الجدل في جولة للسيسي في الأكاديمية العس ...
- مقتل أم فهد يشعل التحريض على المشهورات في العراق
- سيول جارفة تجتاح بالسعودية وإشادة واسعة بسائق جرافة أنقذ 4 أ ...
- تقارير: 30 أوكرانيًا لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من الب ...
- مقتل ستة في هجوم على مسجد في أفغانستان
- -أصابتها بشكل مباشر-..-القسام- تعرض مشاهد من استهدافها لجراف ...
- آيزنكوت: سموتريتش وبن غفير خطر يمس أمن إسرائيل القومي
- ستولتنبرغ: الناتو أخفق في تقديم المساعدة إلى كييف ويجب عليه ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالكاظم العبودي - دوامة المتاهات في ارخبيل الاحتلال حالتان بين الأسر والخروج