خُيلَ لِمَن رَأى

أفضل فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 1999 - 2007 / 8 / 6 - 11:05
المحور: عالم الرياضة
    

في ذلك اليوم ، وفي تلك الساعة ، وفي أقصى بلاد الأرض ، خيل لمن رأى ، أن قدم " هوار الملا محمد " ركلت الكرة عاليا ، ولم يكن " هوارا " بل جبلا من جبال أربيل .. أما كيف حصل هذا فلا أحد يعلم ...
وخيل لمن رأى ، أنها كرة ولم تكن كرة ، بل كانت حنينا وأنينا وصبرا وعذابا تراكم حتى تكور جرما من ألم وأمل عراقيين عتقا منذ الآف السنين فلم تجد يد حارس المرمى السعودي نفعا في وقف زخم زحفه العظيم ..
وخيل لمن رأى ، أن " يونس محمود " قفز ليستقبل الكرة برأسه ، ولم يكن يونسا ، بل نخلة باسقة من نخيل العراق .. أما كيف حصل ذلك فلا أحد يعلم !!
وحين مس جرم الألم والأمل المتكور سعف النخلة ، خيل لمن رأى أن " كرار جاسم " فز وتحضر وشهق وهو يرى النخلة ولم يكن كرارا ، بل قباب النجف خفقت خوفا وأملا واشفاقا على نخلة العراق القافزة ..
وحين إستقر جرم الألم والأمل المتكور في المرمى السعودي ، خيل لمن رأى أن " نور " و " وقصي " و " نشأت " و " وباسم " و" جاسم " و ..... ركضوا لعناق النخلة المبتهجة ولم يكونوا في الحقيقة سوى نبضات محتفلة لقلوب ملايين العراقيين ..
وخيل لمن رأى ، أنها مباراة ولم تكن مباراة ، بل بابا للحلم فتحه الله للواقفين على بابه منتظرين منذ مئات السنين قابلين قدره وقسمته ونصيبه بطيبتهم وقباب أوليائهم وصلواتهم ودعواتهم وأعمارهم المجدبة المنخورة بالتمني وطرائد الوهم التي تركض نحو آخر السراب .. أما كيف حصل هذا فلا أحد يعلم ..
وخيل لمن رأى أن ما حصل بعد هذا هو فوز وفرحة واحتفال ولم يكن فوزا ولا فرحة ولا احتفالا ، بل كان شكلا جديدا ومغايرا للزمن والمكان والناس حين يعانق الجبل النخلة والقباب في وطن يفتح سره العصي الموغل في المجاهيل طوطم الفرح السكران !
أما كيف حصل هذا ... فأنا أعلم !!
الأمر بغاية البساطة .. كانت أصابع الكف الصغيرة لآخر طفل ناله البارود وهو يضحك لشمس العراق أقوى من حارس الطوطم ، طوطم الفرح السكران ، فانها أرضا باكيا ، تاركا للعراقيين المنتظرين منذ مئات السنين بطيبتهم وقباب أوليائهم وصلواتهم ودعواتهم وأعمارهم المجدبة المنخورة بالتمني وطرائد الوهم التي تركض نحو آخر السراب أنهارا من الفرح السكران ..
ولقد خيل لمن رأى أنه الفريق العراقي لكرة القدم ولم تكن سوى أصابع الكف الصغيرة ... فشكرا يا فريق العراق .. يا رسل الكف الصغيرة ..!!

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل