أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - راشد مصطفي بخيت - الماركسية والفن . جدل السلطة وإعادة البناء















المزيد.....

الماركسية والفن . جدل السلطة وإعادة البناء


راشد مصطفي بخيت

الحوار المتمدن-العدد: 1998 - 2007 / 8 / 5 - 11:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بداهة أولية تقفز إلي ذهن المتأمل لهذا العنوان ، مختلطةً بالكثير من الوقائع والحيثيات التي شهدها التاريخ الأدبي العالمي إبان مراحل سطوع نجم الماركسية في القرن المنصرم ،مفادها أن الماركسية أسهمت بشكل أو بآخر في تطوير إتجاهات الكتابة الواقعية في مختلف أجناس الفن من شعر ورواية ومسرح وقصة وخلافها من الفنون الأخري . وفي ذات الوقت يستدعي العنوان ، طيف مشكلات كثيرة برزت في خِضَّم الممارسة السياسية لأحزاب الماركسية في العالم ، تعاملت بصورة إستبدادية الطابع مع الثقافة بصفة عامة ، ومع الفنون بشكل أكثر تخصيصاً . لذا لا يستطيع المرء في هذا المقام أن يميز ولو إجرائياً بين الماركسية كمنهج فلسفي شمل العديد من الحقول والميادين المعرفية ، وبين تجارب الممارسة السياسية / السلطوية لأحزاب هذه النظرية في محاولتها الدؤوبة لتقفي مسار الدرس الماركسي كما تمثلته الفعالية الذهنية لمجموع ضخم من الأحزاب المتوزعة في معظم بقاع العالم ، بحسب مقولات الفكر الماركسي نفسه في خصوص مسائل النظرية والتطبيق . ويتسع المأزق أكثر إذا علمنا ، برغم هذه الإنجازات الضخمة للماركسية في مجال الفنون . أن الفكر الماركسي نفسه كما تمثل في أفكار ماركس وأنجلز الأساسية ، لم يضع منهجاً في التحليل الأدبي أو الفني من جملة مناهج النظرية الخاصة بحقل التاريخ والإقتصاد السياسي والمجتمع والطبيعة . بل حتي لا يستطيع الدارس لفكر ماركس نفسة من أن يجد له كلاماً دقيقاً في مسائل الأدب والفن إلا في إرتباطه بهدف آخر يود دراسته من خلال الفن ، من مثل دراسته لأنماط الإنتاج العبودية في اليونان من خلال إسترشاده ببعض الأعمال الفنية خصوصاً دراسته لثلاثية " أُوريستوس " المسرحية . ونعني بكل ما تقدم ذكره بأن ماركس رغماً عن كتابته الشعر في فترات شبابه الأولي لم يهتم بوضع منهج في دراسة وتحليل الفن كما يشاع ذلك في الكثير من الأدبيات التالية له . أي أن (علم الجمال الماركسي ) القابع بين أيدينا الآن ، لم يشارك ماركس في وضعه ولم يشر إليه حتي طوال فترة حياته ، إنما بدأه من تلو ماركس – بل وحتي لينين – حتي اكتمل بصورة ناجزة علي يد الكاتب الماركسي ( بليخانوف ) . وربما كانت هذه الإشارة أولي عثرات الفكر الماركسي في تعامله مع الفنون بصورة عامة وما نتج عن ذلك من أحداث جسام أثرت بشكل كلي علي صورة الماركسية في تعاملها الدائم مع الفن والثقافة . فقد إسترشد واضعو علم الجمال الماركسي بمجموعة القيم والأحكام التي وضعها ماركس ضمن دراسته للطبيعة والمجتمع ومن ثم هَجَّرو مصطلحات دراسة التاريخ والسياسة إلي حقل الأدب دون أن تجري عليها أي مواءمات تتسق وطبيعة الموضوع المراد دراسته . لذا فلم يكن من المستغرب أن تجد ضمن المبادئ الأساسية التي يقوم عليها علم الجمال الماركسي في نسخته البليخانوفية مبدأ ينص علي " وجوب معاملة الفن كآيدلوجيا وتشديد اللهجة علي الطابع الطبقي للقصيدة " .لاحظ الفرق بين دراسة الطابع الطبقي للقصيدة ، و( تشديد اللهجة ) علي الطابع الطبقي للقصيدة . رغم اشتراك كلاهما في ماهو ليس من صميم الأدب بشئ . لذلك ليس من المستغرب أن تجد بين ثنايا هذا السفر الجمالي الماركسي عبارات تنتقص حتي من رواد الأدب الروسي العظام تطال " تولستوي " أو حتي ( بوشكين ) الحائز علي لقب شاعر الثورة العظيم . والذي كان " نيقولا الأول " يراجع قصائده بنفسه خوفاً من أثرها علي وجدان الجماهير . وبناءً علي هذه اللهجة الشديدة الطابع ، دخلت الماركسية فيما ليس هو من باب إختصاصها بصورة شائهة بعض الشئ في الفترات التي تلت وفاة ( لينين ) ، وقد كانت النتائج المترتبة علي ذلك في أحسن الأحوال أن تخسر الماركسية العديد من حملة لوائها الثوري في مجالات ذات حساسية عالية وتدخل بذلك التعانف الداوي في صراعات كانت نتائجها في أغلب الأحيان لا تصب في صالح الفكر الماركسي وموقفه من مسائل الأدب والثقافة . إستمر الحال علي هذا النهج طويلاً ووصل منتهاه التعسفي مع مرحلة ( ستالين ) الذي قنن هذه الممارسات بشكل أكثر تنظيماً عندما جعلها بمثابة تدابير إجرائية تتعامل بها الدولة في تسيير دولاب العمل اليومي وهم بنفسه مشرفاً علي سيرها ومتدخلاً في الكثير من الأحيان بواستها في شؤون الأدب والثقافة إلي أن أصدر قراراً بحل جميع الروابط والتجمعات الأدبية بصفة إلزامية لصالح جهة أُحادية هي إتحاد الكتاب السوفيت عام 1932 . وربما سبقه في ذلك ( لينين ) لكن بشكل أكثر إعتدالاً حينما أعلن في صحيفة ( البرافدا ) أنه لا يجب التدخل في شؤون الكتاب الذين لا ينضوون تحت لواء تيار الواقعية الإشتراكية ، - ذلك المصطلح الذي صكه ( مكسيم غوركي ) بمعاونة مفوض الثقافة آنذاك ( أندرية جدانوف ) الشهير بالمتعسف - فقط عليهم أن يبحثو لأنفسهم عن منافذ نشر أخري غير صحيفة الحزب ( البرافدا ) . هذا مع العلم أن لينين هو الملهم الأول لما سمي في احق السياسات الثقافية بالواقعية الإشتراكية عبر مقاله الشهير " تنظيم الحزب وأدب الحزب " .
مضي الزمن بخطوات متسارعة وانقشعت سحابة ( تشديد اللهجة ) تلك ، ليبدأ من بعد ذلك التأسيس الفعلي والموضوعي لعلم جمال ماركسي ينهض علي إستخلاص قوانين الأدب والفنون من خلال دراسة مضامينه الفكرية والإجتماعية مقارنةً بسياق التحولات الإجتماعية في فترة الدراسة ، ليستشف النقد الماركسي بذلك علاقات الشكل والمضمون ويجيب علي أسئلة أكثر إتساعاً في علاقات الأدب بالمجتمع وعلاقات النوع الأدبي نفسه بظروف التحولات . فكان المؤسس لهدا النوع من الدراسة هوالفيلسوف الماركسي المجري ( جورج لوكاتش ) الملقب في الأوساط الأدبية ب ( عالم إجتماع الأدب ) إبان فروغه من كتابة سفره العظيم الخاص بدراسة الرواية الأوروبية واستكشاف أنساق التعالق القائم ما بين بنيتها كشكل أدبي وبين بنية المجتمعات التي أنتجتها وظروفها السياقية العامة . فكان أن خلص لوكاتش إلي نتيجة مفادها أن ضرورة إحساس الإنسان لنفسه بشكل كلي تزدد إلحاحاً في ظل المجتمع الرأسمالي . بحيث أن تقسيم العمل بداخله ، يفصل بين قدرات الإنسان نفسها مثلما يفصل الناس عن بعضهم البعض . وهذا ما تميزت به الرواية التي قدَّمت هذا الإنسان الكلي في بناء شخوصها المعقدة التركيب لتمكنه في نهاية الأمر من لم شتات نفسه . إستخلص لوكاتش من بعد هذه الدراسة المضنية عدد من المفاهيم والأدوات الجديدة ، استفادت منها نظرية الأدب في القرن العشرين بشكل عام ، واستفاد منها جملة ماركسيو الفن ليضعو من بعد ذلك أولي لبنات التأسيس الفعلي لعلم جمال ماركسي يستفيد من جملة ما توصلت له النظرية في بحثها التاريخي والإجتماعي ومنفتحاً في ذات الوقت علي المصادر الأدبية في دراسة الأدب . أسس لوكاتش جملة من المفاهيم / الأدوات النقدية المختلفة سحبت البساط من تحت أقدام الإتجاهات الداعية لدراسة الشكل الفني بمعزل عن مضمونه الفلسفي والإجتماعي في تلك الفترات دونما تشدد . فقد أنتج لوكاتش مفهوم " النمط " ومفهوم " رؤية العالم " ومفهوم " الكلية " كأدوات فعالة في دراسة البنية الأدبية في كلها المركب إجتماعياً دون أن تقفز علي ضرورة دراسة الشكل الأدبي في ذات الوقت . كما أسس من بعد ذلك العديد من المفاهيم النقدية الأخري ليس هنا محل ذكرها أو تفصيله . سار علي هذا النهج من بعد ذلك عدد من ماركسيو الفن في مختلف بقاع العالم تدشيناً لما بدأه لوكاتش من مجهودات أولية في هذا السياق ، وتطويراً لعلم جمال ماركسي مكتمل الفكرة والأدوات. فكانت كل كتابات ماركسيو الفن التالية للوكاتش تنحو بدأب لإنجاز هذه المهمه ، ونجح كذلك الشاعر والمسرحي " برتولد بريشت " في تأسيس نظرية جديدة في فن المسرح تختلف كبير الإختلاف عن مجمل نظرياته السابقة منذ أرسطو وإلي راهن بدايته بها . وأرتحلت بذلك النظرية الماركسية صوب وجهتها في تأسيس هذا العلم الذي يمنح الحركة الفنية حراكاً فكرياً ، يفتح الكوة لانسياب المزيد من المجاهدات الذهنية المختلفة . ولا يستطيع الدارس لعلم الجمال الماركسي ، القفز علي بعض الأصوات المائزة التي أسهمت بشكل كلي في تطوير نظرية الأدب العالمي التي أصبحت تحتاج نفسها ، إلي نظرية أُخري للأدب بحجم نظرية الأدب ما قبل الماركسية ، من أمثال هربرت ماركوز وفالتر نجامين وثيودور أدورنو وتيري إبجلتون والكثير خلافهم . فقد أخرجو علم الجمال الماركسي من مغبة السير علي خطي الجهالات التعسفية في دراسة الأدب والفن ، وأسهمو في ذات الوقت إسهاماً لايعلوه غبار في تطوير مسيرة الفن والثقافة بشكل عام وتطوير نظرية الأدب نفسها في ذات الوقت . ولا يفوتنا أن ننبه إلي أن هذه النماذج ليست هي الوحيدة التي أضافت ما هو مفيد في سلم تطور الفنون بشكل عام ، إنما هي نماذج إلتقطت القفاز منذ وقت مبكر لتبدأ من بعد ذلك في الإستفادة من أخطاء الماضي وتصحيح مسار المستقبل . ففي الوطن العربي مثلاً أسماء أُخري لا يقل إسهامها عن إسهام هؤلاء بدأت باكراً مع الشيخ الوقور " حسين مروة " في كتابه الموسوم " دراسات علي ضؤ المنهج الواقعي " وإستمرت في سلم التطور والإرتقاء لتشمل كل من محمود أمين العالم وفخري صالح وصبحي حديدي وفيصل دراج ويمني العيد ومحمد دكروب وغسان كنفاني ورفعت السعيد والكثير الكثير غيرهم . كما لا يفوتنا أن ننبه إلي أمر غاية في الأهمية وهو أن تيارات الأدب ضمن مشروع الحداثة الأوروبية وما بعدها تخلفت عن السير بذات خطوات الماركسية في هذا الصدد ، بكون أن التيار الماركسي في الفن والثقافة ، هو التيار الوحيد الذي صاحبت نظريته في الفن كتابات ضخمة لمؤلفين وشعراء ومسرحيين وروائيين معبرةً عن مقولات منهجه النظري ، بمعني أن الماركسية في مجال الأدب والفن أنتجت وعلي العكس من المدارس الأُخري " نظريةً وتطبيق " ولم نسمع إلي الآن بمثل هذا الترافق الخلاق بين نظريةً بنيوية ونص بنيوي مثلاً أو تياراً تفكيكياً وقصيدة علي ذات المنوال . هذا مع العلم بأننا لا نروم بهذا الحديث إلي التقليل من أهمية هذه التيارات النظرية في تطوير الفلسفة والفن والتفكير الإجتماعي . إنما فقط ، نريد إثبات ما حقَّ إثباته للماركسية من تميزٍ في هذا الترافق الخلاق لاذالت ساحة الأدب والفن تفتقده إلي مطلع الأمر .





#راشد_مصطفي_بخيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب الهوية في المسرح السوداني زمرة التجلي والكيقيات
- صياغات جدلية حول أطروحات التجديد في الفكر الماركسي
- حوار مع المفكر اللبناني كريم مروة


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - راشد مصطفي بخيت - الماركسية والفن . جدل السلطة وإعادة البناء