أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد مجدلاني - الانتفاضة في عامها الرابع الأهداف والمهام المباشرة















المزيد.....


الانتفاضة في عامها الرابع الأهداف والمهام المباشرة


أحمد مجدلاني

الحوار المتمدن-العدد: 608 - 2003 / 10 / 1 - 04:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


الثلاثاء 30/ 9/ 2003
بحلول الثامن والعشرين من أيلول من العام الحالي، تكون الانتفاضة الباسلة قد ودعت عاما مليئا بالبطولات والتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، وتجاوز فيها كل الرهانات على قدراته وإمكانياته المحدودة، وتجاوز أيضا المحن والصعاب التي خلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة اجتياحه للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وجزء كبير من قطاع غزة، محاولاً تكريس شكل من أشكال التقاسم الوظيفي مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وترويض العالم والوضع الشعبي الفلسطيني على التكيف معه والقبول به.
ولا يخفى أن حكومة شارون وهي تواصل حملاتها العسكرية على شعبنا بهدف كسر أرادته، وتخفيض سقف توقعاته السياسية، في محاولة مفضوحة لاستثمار إنجازاتها العسكرية وترفع حكومة شارون ومعها الإدارة الأمريكية مطالب إحداث إصلاح في السلطة الوطنية الفلسطينية، لضرب مؤسساتها الشرعية، بما فيها الرئيس المنتخب ياسر عرفات، ولتغيير بنيتها ومضمونها، كمقدمة لفرض الاستسلام على شعبنا ولتوفير الأمن للاحتلال ولمستوطنيه.
ومع القدرة الكبيرة التي أبداها الشعب الفلسطيني بالتواؤم والتكيف مع الظروف والمستجدات التي خلفها واقع الحصار الأمني والاقتصادي، وتقطيع الأوصال ما بين المدن والقرى والمخيمات من جهة والضفة والقطاع من جهة أخرى، في الصبر والمواجهة وعدم تمكين التحالف الأمريكي الإسرائيلي من قطف ثمار عدوانه.
فإن دخول الانتفاضة عامها الرابع، وهي ما زالت تمتلك الإصرار على تحقيق الحرية والاستقلال، رغم ما لحق بشعبنا من خسائر بشرية ومادية كبيرة، ما يدعوا إلى التفكير مليا بما آلت إليه الأمور من تعقيد وما لحق بالانتفاضة وأهدافها من تشويه وإلصاق تهمة الإرهاب بنضال شعبنا العادل والمشروع، وإلى محاولة استخلاص الدروس والعبر من تجربة الأعوام الثلاثة الماضية، إذ لا يكفي أن نتغنى ببطولات وتضحيات الانتفاضة رغم أهمية ذلك لشحن الروح المعنوية، ولتحريك الشارع العربي، وخلق قوة ضغط على حكوماته من جهة ولكسب قطاعات واسعة ومؤثرة من الرأي العام العالمي من جهة أخرى، ولا يكفي أيضا أن ندبج خطابات الإشادة بتلك البطولات التي أدهشت العدو قبل الصديق.
لذا فإن عدم القراءة الدقيقة للمتغيرات بأبعادها المختلفة وفي المقدمة منها الحالة الدولية التي نشأت بعد أحداث 11 أيلول في واشنطن ونيويورك، ثم الحرب على أفغانستان واحتلال العراق الشقيق، واستعداد الولايات المتحدة لتكرارها في بلدان أخرى من العالم، عكست آثارها بصورة ملموسة على قضيتنا الوطنية. ومكنت شارون من استثمار بعض الأخطاء في أساليب العمل الفلسطيني، من اجل حشد تأييد دولي لحملته العدوانية على شعبنا وحقوقه الوطنية، وإظهار هذه الحملة في سياق الجهد الدولي لمكافحة "الإرهاب". ويعتمد شارون بصورة أساسية على تحالفه المتين مع الولايات المتحدة الأمير كية، وعلى استغلال حالة الرفض الدولي للعمليات التي تستهدف المدنيين داخل إسرائيل، وكذلك على مجموعة من النواقص الأخرى في الأداء الفلسطيني.
لقد أدت هذه التطورات، إلى وضع الشعب الفلسطيني وقيادته، أمام حالة دفاعية لا تحسد عليها، وبدلت أولويات معالجة القضية الفلسطينية، بالنسبة لأطراف دولية متعددة، من الحاجة لبدء معالجة الجوهر الحقيقي للصراع، ولتجليانه المختلفة، والمتمثل في إنهاء الاحتلال, والسير قدما في دعم الاستقلال الوطني للشعب الفلسطيني, وإقامة دولته المستقلة، إلى ربط هذا الدعم والتأييد، باستحقاقات داخلية فلسطينية، وللتهرب من تزايد المطالبة بإنهاء الاحتلال، وتأكيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
وفي هذا السياق، يجب الاعتراف أيضاً، أن هذا التبدل الخطير، ليس فقط نتاج التآمر على الشعب الفلسطيني أو التحالف العدواني بين إسرائيل والولايات المتحدة، بل انه أيضا نتاج الاستخفاف في قراءة المتغيرات الدولية التي نشأت بعد 11 أيلول. وهو أيضا نتاج إضعاف الطابع الجماهيري والشعبي للانتفاضة، وعدم وضوح خطابها السياسي الواقعي، والخلط في أساليبها الكفاحية، فضلا عن إهمال القضايا الأساسية لجماهيرها.

لقد تغلبت الاعتبارات الفئوية والتفرد في اتخاذ القرارات، ذات الأثر الوطني العام على المعالجة المشتركة للمصاعب المتزايدة أمام الانتفاضة، بما فيها تلك القرارات الخاصة بالعمليات الأستشهادية. ولم يجر أي تفعيل جدي لإطارات العمل القيادي الفلسطيني المشترك، وفي مقدمته منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها. ولم تحسم الأطر القيادية الوطنية والإسلامية التي نشأت في ظل الانتفاضة، موقفا موحدا بالنسبة لخطابها السياسي، أو لأساليب المقاومة والعمل الكفاحي، الجماهيري والمسلح.

أن القراءة الأولية السابقة، تدعونا لأن نعمق من مستوى الحوار الناشب الآن في إطار القوى الوطنية والإسلامية حول الانتفاضة وصولا لتشكيل قيادة وطنية موحدة، هذا الحوار الذي امتد واتسع ليشمل مساحات واسعة من أطر العمل الوطني، لكنه ما زال يدور في الغرف المغلقة، ولم ينزل إلى الشارع ولم تشرك الجماهير فيه بآليات ملموسة لتقول رأيها باعتبارها هي صاحبة القول والفصل بمستقبلها، ولأنها هي أداة الانتفاضة، ووقودها، ولا ينبغي أن تفرض عليها رؤى مفبركة، وخارج إطار التاريخ والواقع الملموس وتحُمل ما لم يمكن أن تحمله.

إن الشيء المهم برأينا والذي ندعو له هو استخلاص العبر والدروس من تجربة الانتفاضة، وفي تعميق الحوار باتجاه بلورة برنامج سياسي للانتفاضة بأهداف سياسية ملموسة، وببعد داخلي واضح، وآليات عمل تخدم هذه الأهداف .
إن مسألة صياغة رؤية سياسية جديدة في ضوء التحولات الإقليمية والدولية النوعية، مسألة في غاية الأهمية ليس انطلاقا من هدف حماية الانتفاضة كأداة نضالية في مواجهة الاحتلال وممارساته العنصرية والعدوانية ضد شعبنا، بل وفي محاولة إبراز الطابع الكفاحي المشروع الذي يخوضه شعبنا، والذي تكفله كافة المواثيق وقرارات الشرعية الدولية.
وهي بهذا المعنى فإن الانتفاضة مدعوة اليوم وأكثر من أي يوم مضى إلى تلك الوقفة التقويمية، وأحداث المراجعة الجادة والحازمة والدقيقة لأساليب وأشكال عملها وبما يكفل حمايتها وإدامتها وتطويرها واشتقاق الأشكال والأساليب الكفاحية الملموسة وفقا للظرف الملموس التي تنزع الذرائع من يد حكومة شارون الإجرامية لتشديد هجماتها العسكرية ضد شعبنا، وتهديد الكيانية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولة شطبها تحت غمار، وغطاء الحرب الأمريكية المعلنة ضد الإرهاب.
هذا الحوار بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وقد لا تكون هذه المرة الأولى والأخيرة لمناقشة هذا الموضوع إذ لا يمكن حصر ما كتب حوله من اتجاهات الطيف السياسي الفلسطيني، لكن ما يجب تثبيته فعلا وقبل الخوض في هذا المجال أن نتفق على فهم محدد للانتفاضة، وأن لا نحملها أهداف فوق طاقتها، وتتجاوز إمكانياتها بمعنى مجمل أهداف الشعب الفلسطيني، سواء أكان ذلك بإنجاز البرنامج المرحلي لـ م.ت.ف أم البرنامج الاستراتيجي لبعض القوى التي لا ترى بالبرنامج المرحلي أداة صالحة، ويحمل من التنازلات ما يقود إلى الكارثة، ولا يقود إلى التحرير الشامل. وينبغي أيضا أن لا نختزل الانتفاضة بأهداف تكتيكية محدودة ذات طبيعة استخداميه، طالما سعت وما زالت بعض الاتجاهات المعروفة في الساحة الفلسطينية واعتبرتها أداة لتحسين الشروط التفاوضية، وقد رأت هذه الاتجاهات منذ الشهر الأول للانتفاضة إن هذا الهدف قد تحقق فعلا، وأوصلها إلى مفاوضات طابا، وكفى المؤمنين شّر القتال. غير أننا ما حاولنا طرحه من فهم محدد للانتفاضة بمعنى أنها عملية تراكمية، كلما أنجزت وحققت شيئا تبني عليه للانتقال إلى حلقة أخرى وهكذا.
ومن هنا فإن الانتفاضة بهذا المعنى التراكمي قد طرحت هدفين مباشرين منذ انطلاقها:

الأول: أنها أحبطت المحاولات الأمريكية- الإسرائيلية لفرض حل نهائي تصفوي للقضية الفلسطينية، بدء في كامب ديفيد، وتواصلت بعده بأشكال وأساليب مختلفة وفي مقدمتها استخدام القوة لفرض الاستسلام والرضوخ للإملاءات الإسرائيلية- الأمريكية، وهو ما نجحت الانتفاضة لغاية الآن في تحقيقه، وينبغي أن تتواصل الجهود للحفاظ على هذا المكسب وعدم التفريط به تحت وطأة أي ظرف كان.
الثاني: الانتقال من محاولة الدفاع بإحباط المخطط الأمريكي – الإسرائيلي إلى مرحلة الهجوم لفرض ما نريد، وهو إزالة الاحتلال والاستيطان وعودة اللاجئين وتجسيد الدولة المستقلة وعاصمتها القدس العربية.
لكن لضمان تحقيق هذين الهدفين يتعين الحفاظ على المكسب الأول الذي تحقق لأنه يوفر الأساس المادي لطرد الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة.
وهذا يتطلب وضع برنامج واقعي وملموس للانتفاضة والمقصود بواقعي ليس القبول بما هو مطروح أو مفروض بالواقع، بل واقعي من ناحية إمكانية تحقيقه، والبناء على كل حلقة من حلقاته وتحويلها لسلسلة متراصة ومتماسكة ومتواصلة. كلما أنجزنا واحدة ننتقل للأخرى، وصولا للهدف النهائي، وأهمية هكذا خطاب وبالغايات التي نتوخى إنجازها هو في قدرته على إيصال رسالة مفهومة وواضحة ولا لبس فيها إلى أربع دوائر، لحشد وتكتيل أوسع القوى إلى جانب أهداف الانتفاضة. الدائرة الأولى: هي جماهير الانتفاضة والتي تعبر باستمرار عن قلق مشروع على مصير الانتفاضة، وتتسأل إلى أين نحن ذاهبون ؟ وما هو الهدف ؟ وإلى أين سنصل وهل ما قدمناه من تضحيات سيعيدنا إلى دائرة ما قبل 28 أيلول فقط ، أم سيفتح الطريق أمام تحقيق الحرية والاستقلال وقيام الدولة المستقلة.

إن أهمية هكذا خطاب برنامجي عقلاني واقعي ملموس يكمن أولا وأخيرا في توضيح الهدف الذي كان وما زال ضبابيا وغائبا ويعتقد كلا من القوى المشاركة في الانتفاضة أنه يسحب القوى الأخرى على أرضية برنامجه. توضيح الهدف بالإضافة إلى أنه يسلح القوى الشعبية المنخرطة بالانتفاضة بسلاح برنامجي ملموس ويعيد الأمل لديها بأنه كلما حققت حلقة فإنها ستنتقل لحلقة أخرى، مما يعزز من ثقتها بنفسها ويرفع من معنوياتها. ولكنه من جهة أخرى وهو الأهم يحبط من محاولات الالتفاف على الانتفاضة، وتوظيف مكاسبها للوصول إلى سقف أدنى بكثير مما قد طرحته في برنامجها.

الدائرة الثانية: التأثير الذي يمكن أن نحدثه على الجبهة الإسرائيلية، وكما جرى في كل الحروب التحررية الكبرى، التي شهدها القرن الماضي، بدء بالتجربة الجزائرية مرورا بالفيتنامية وانتهاء بجنوب أفريقيا، فقد كان أحد مكونات، وعوامل انتصار هذه الثورات أنها لم تنتصر في الميدان فحسب، بل وداخل المجتمعات الكولونيالية نفسها، وبهذا المعنى يصبح هذا الأثر عنصر من عناصر توازن القوى الذي لا يجوز إهماله أو الاستخفاف به، أو حتى التعفف عن الاقتراب منه بذريعة التطهر السياسي، والتشدد المبدئي لأنه في النهاية نضع الجميع في الجبهة المقابلة في سلة واحدة، وواقع الأمر والتجربة أنهم ليسوا كذلك رغم أهمية الاعتراف بما عانى منه معسكر السلام الإسرائيلي ا خلال الفترة الماضية من إرباك وتشتت وضعف إلا أنه مع بوادر التحرك الفاعل منذ قرار حكومة شارون بإبعاد الرئيس عزز القناعة بأهمية عدم التعامي أو التغاضي عنه بل يلزم أن نتوجه له برسالتنا السياسية الواضحة التي يستطيع أن يبني عليها خطابه، ليتحرك في محيطه وبيئته ويكون عنصرا فاعلا ومؤثرا في الحياة السياسية الإسرائيلية.

الدائرة الثالثة: وهي الدائرة العربية بمستوييها الرسمي والشعبي، فكما ولدت الانتفاضة في الأشهر الأولى من اندلاعها قوة تحرك جماهيرية غاضبة من المحيط إلى الخليج، وحملت الأنظمة العربية على عقد قمة طارئة بعد طول غياب، بسبب الفيتو الأمريكي، وبعد عدة أشهر القمة الدورية في عمان، وحوالي تسعة عشر لقاءا للجنة المتابعة المنبثقة عن القمة العربية الاستثنائية، فإن قوة الضغط الجماهيرية التي استطاعت أن تحقق هذا الإنجاز تراجعت ولم تستطع مواصلة الضغوط، لحمل الأنظمة العربية، على تخطي حلقة الخطاب السياسي، الذي ما زال يدور في حلقة الرهان على الموقف الأمريكي واستجدائه لممارسة دور أكبر وأكثر نزاهة وعدالة، وأقل انحيازا لإسرائيل.
كما أن قوة الضغط الجماهيري لم تستطيع وبفعل الظروف المشار إليها من حمل الأنظمة العربية على احترام قرارات القمم الأخيرة ووضعها وضع التنفيذ بما فيها القرارات الأقل كلفة بالنسبة لها، ألا وهي الالتزام بتقديم الدعم المادي للشعب الفلسطيني.

إن أهمية توجيه خطاب سياسي واقعي وملموس للقوى والأحزاب العربية بمختلف اتجاهاتها من الممكن أن تستند عليه لتشتق منه وحسب إمكانياتها. وظروفها الملموسة ما يمكن أن تقدمه الانتفاضة من دعم سياسي ومادي ومعنوي. الدائرة الرابعة: وهي الدائرة الدولية والمجتمع الدولي وقد أصبح بعد المتغيرات التي حدثت مطلع تسعينيات القرن الماضي وما بعد 11 أيلول الماضي عنصرا مقررا في الحياة السياسية الدولية، وخصوصا في العالم الثالث، ويكون الأمر أكثر خصوصية عندنا في المنطقة نتيجة تشابك وتعقد المصالح الأمريكية، الأوروبية والعالمية الأخرى ومن هنا فإننا لا نستطيع الركون إلى القول أن هذا الغرب كله معادي لنا، ويدعم إسرائيل قد يكون هذا القول صحيحا في بعض جوانبه نتيجة لتشابك المصالح، لكنه ليس صحيحا بالكامل للسبب ذاته ولو افترضنا صحته بالكامل، أفلا يجدر بنا أن نتعامل مع هذه المجتمعات، ومع قطاعات الرأي العام فيها، وخاصة إننا نتعامل مع مجتمعات وبنى سياسية ديمقراطية، الرأي العام فيها يصنع سياسات ويقلب حكومات ويأتي بأخرى.

إن خطابا سياسيا واضحا وصريحا وقائما على أساس قرارات الشرعية الدولية ومطالبا بتحقيقها ومحملا هذه المجتمعات بقواها الحية والديمقراطية مسؤولية الكيل بمكيال مزدوجة المعايير جراء ما يجري من تعامل مع قرارات الشرعية الدولية اتجاه العراق وإسرائيل، إن خطابا سياسيا كهذا من الممكن أن يعطي نتائج ملموسة، وهناك تحركات بالفعل داخل المجتمعات الغربية وخصوصا القوى المناهضة للحرب وللعولمة المتوحشة وحركات البيئة والسلام.
ولضمان إنجاز هذا التحرك فإنه يتعين وضع آليات ووسائل على مختلف الصعد تتلاءم والوصول إليه.

- الحفاظ على الطابع الجماهيري الواسع للانتفاضة باعتبارها تعبير عن حركة الشعب الفلسطيني، ومحاولة زج قطاعات واسعة وجديدة من قطاعات المجتمع المدني الفلسطيني التي ما زالت مترددة ولم تحسم أمرها بفعل غياب الرؤيا السياسية الواضحة، ويمكن اعتبار التحرك الشعبي التضامني مع الرئيس عرفات ضد القار العنصري لحكومة شارون نموذجاً لهذا الطابع الذي ولد نتائج سياسية ملموسة وذات آثر كبير على المستويين الداخلي والخارجي.
- الابتعاد عن عسكرة الانتفاضة وتطوير أشكال المواجهة والمقاومة وفقاً للظرف الملموس، وبما يمكن من مراكمة الإيجابيات ويجعل من كلفة الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري والاحتلال باهظة الثمن.
- التوقف التام والفوري عن العمليات الأستشهادية التي تستهدف المدنيين، داخل إسرائيل، لأنها تعطي ذرائع إضافية لحكومة شارون بتشديد العدوان على شعبنا، وتحشد كافة قوى المجتمع الإسرائيلي خلفه بذريعة الأمن، وتؤمن له ليس الغطاء الأمريكي فحسب، وإنما الغطاء الدولي الذي يستغله لتدمير مقدرات شعبنا وإمكانياته واستنزاف طاقاته تحت شعار مكافحة الإرهاب، وبالتالي وصم نضال شعبنا المشروع والعادل بهذه الصفة القبيحة.
- التوجه بخطاب إعلامي ذو رسالة سياسية واضحة وموجهة لشعبنا، أولا، وللعالم أجمع، وللمجتمع الإسرائيلي يفضح ويفند الأكاذيب والادعاءات الإسرائيلية، ويعيد بناء صورة شعبنا الذي يقاوم الاحتلال، هذه المقاومة المشروعة التي كفلها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتبيّن أن شعبنا لا يمارس العنف والإرهاب ضد المدنيين كما تحاول تصوير ذلك الدعاية الأمريكية – الإسرائيلية.
ولضمان تحقيق هذه الأهداف عبر الآليات المشار إليها فإن إعادة النظر في الوضع الداخلي، ومحاولة معالجته على أسس جديدة، تتواءم مع متطلبات الانتفاضة وبرنامجها يشكل الشرط الحاسم إن لم يكن المقرر في نجاح المسعى الذي نقوم به، ومن هنا فإنه إذا لم تكن الانتفاضة وهي بهذا الحجم والزخم والتضحيات، وما آلت إلية الأمور والأوضاع بفعل أعاده الاحتلال من تغيرات عميقة، قلبت المجتمع والحياة السياسية الفلسطينية، قادرة على فعل مؤثر في الوضع الداخلي الذي يعاني من انسداد أفق سياسي بفعل تعطل العملية الديمقراطية.
لذا فإن مسألة إعادة بناء مؤسسات السلطة الوطنية عن طريق دمقرطتها والتمسك بخيار الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، ومكافحة الفساد الإداري والمالي والسياسي والتسيب وإهدار المال العام, وضمان سيادة القانون والحفاظ على الحريات العامة والأساسية، ووقف التعديات على الأملاك الخاصة والعامة، ومعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للجماهير التي تئن تحت وطأة البطالة والفقر، وتدني مستويات المعيشة، وتشكيل الهيئة الوطنية للتكافل الاجتماعي، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتدعيم صمود الجماهير وتعزيز قدراتها وإمكانياتها.
كمالا يعقل ومن غير المقبول إن تكون القوى السياسية والمجتمعية في الميدان، وتترك للآخرين فرصة القيادة وتكتفي هي بالمناشدة ورفع المذكرات لإصلاح الوضع الداخلي، أو لاتخاذ سياسة ما، بينما أن الخيار الأصوب والأقرب هو بمقدار ما تكون هذه القوى شريك في صنع الانتفاضة، وتحمل مسؤولياتها الوطنية عليها أن تكون شريك في صنع القرار ومتابعة تنفيذه، وليس التفرج من موقع التطهر السياسي، وكأن صنع السياسة في مكان والفعل النضالي في مكان آخر، ولا رابط أو علاقة بينهما. ومن هنا فإن مسألة إنجاز القيادة الوطنية الموحدة على قاعدة وثيقة آب التي وضعتها لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية العام الماضي مسألة حيوية في هذا الإطار.

أخيرا أن ما دعونا وندعو له هو إثارة نقاش علني جاد ومسؤول حول الانتفاضة، وبرنامجها ومستقبلها، انطلاقا من الحرص عليها، باعتبارها أداة كفاحية، امتلكها شعبنا ونعّول عليها الكثير في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ نضال شعبنا، وهذه الأفكار التي طرحت حول برنامج عمل الانتفاضة وأدواتها الكفاحية، لا تعني شروطا مسبقة من وجهة نظرنا على القوى الوطنية والإسلامية لكنها تشكل الطريق الأسلم الأصوب لإعادة النظر في هذه الصيغة وإعادة بناءها وتصحيح وتصويب عملها، فهذه الصيغة الإطار يمكن أن تستمر لكن كإطار شكلي على قاعدة التوافق على البيان والفعاليات الميدانية، وتستمر الانتفاضة على نفس حالة الإرباك والتعثر وعدم الوضوح بالأهداف وبدون أي مرا كمه لتغيير حقيقي وجدي ولمدى منظور وبعدها تواجه بقدرها المحتوم بالإخفاق.
إن هذا التوافق على تلك الحدود الدنيا في إطار القوى الوطنية الإسلامية، وإن يعتبره البعض إنجازا وهو محق في ذلك في حدود زمنية معينة، لكنه يبقى دون مستوى الطموح ولا يقدم حلاً أو يحقق نصرا.

*عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

 

نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/



#أحمد_مجدلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو إعادة بناء وتجديد اليسار الفلسطيني


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد مجدلاني - الانتفاضة في عامها الرابع الأهداف والمهام المباشرة