أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وليد حنا - سوريا حقوق الإنسان في ظل القوانين الإستثنائية















المزيد.....



سوريا حقوق الإنسان في ظل القوانين الإستثنائية


وليد حنا

الحوار المتمدن-العدد: 608 - 2003 / 10 / 1 - 04:36
المحور: حقوق الانسان
    


 

      إعداد وتقديم : وليد حنا 
     
      مراجعة وتدقيق : قاسم حبش 

 

 

" لا يقوم وطن حيث لا يوجد قانون , لذلك لا وطن للشعوب التي تعيش تحت نير الاستبداد الا وطن احتقار الامم الاخرى "
                                                   سان جوست                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              
   
  مقدمة :                                   
   لا شك  فيه بأن جميع الشرائع السماوية والوضعية تؤكد على أهمية الإنسان ، كونه هو العنصر الأساس في عملية البناء والتقدم . والإنسان الحر المتمتع بحقوقه هو العنصر الأهم في تلك العملية . فقد أكد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب قوله المشهور ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً )) .
  الديمقراطية وحقوق الإنسان من أهم القضايا التي تشغل بال شعوب الشرق على مستوى الأفراد والأحزاب وكذلك على المستوى الدولي والمؤسسات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة . لأن الديمقراطية تجربة إنسانية أثبتت جدارتها وحقها في البقاء ، بالرغم من ظهور نظم سياسية كثيرة زالت أو في طريقها إلى الزوال . وهذا ما يثبت فكرة الفيلسوف الإنكليزي هربرت سنبسر القائلة بأن ((الصراع من أجل البقاء، ليس قانوناً ينطبق على الكائنات الحية، أو في ميدان البيولوجيا فحسب ، وإنما يصدق كذلك في ميدان النظم السياسية والاجتماعية)) .  اما المفارقة الغريبة التي أطلقها بعض فلاسفة الغرب ، إن إمكانية تطبيق الديمقراطية في المجتمعات الشرقية غير واردة ، إلا بعد إصلاح هذه الشعوب وتهيئتها كي تكون قادرة على ممارسة الديمقراطية . إنها افكار وطروحات قدمت مبررات لاستعباد الشعوب من قبل الاستعمار. كما استغلتها الانظمة والحكام في الشرق في قمع شعوبها وسلب حريتها وارادتها .
لدى الحديث عن حقوق الإنسان في المجتمعات الشرقية تصبح الصورة ِأكثر قتامة . فبعد الاستقلال أبقت معظم هذه الدول على قوانين القمع والقهر التي ورثتها عن الاستعمار بحجة مواجهة التحديات الخارجية والمؤامرات التي تحاك ضد نظمها . فشددت وفرضت قوانين الطوارئ والقوانين الاستثنائية ونظام الحزب الواحد . وانتشر الفساد في الحكم دون رقابة شعبية ومحاسبة , فزادت الحالة سوءاً في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية ، فكانت الضحية الأولى هي حقوق الإنسان . ومع الأسف مازال معظم الحكام في الشرق يرددون اسطوانة فلاسفة الغرب- باستحالة تطبيق الديمقراطية في هذه البلدان- لإلغاء دور الشعب وتأكيد سلطتهم المطلقة على كافة ميادين الحياة .
إن حقوق الإنسان في جوهرها هي احترام كرامة الإنسان وإعلاء قيمته ، وإن الحرية- حرية الإنسان- ما هي إلا ((ماهية الروح)) كما يؤكد هيجل ، وإن تنازل الإنسان عن حريته للحاكم ، إنما يعني تنازله عن إنسانيته ، بمعنى أنه يتنازل عن حقوقه وواجباته كإنسان .
فعقب المآسي والمجازر التي آلت أليها الحرب الكونية الأولى والثانية , أنشئت هيئة الأمم المتحدة لتخفف الظلم والطغيان عن الشعوب ، وأصدرت جملة من المعاهدات والاتفاقيات بهذا الشأن ابتداءاً من معاهدة إعلان حقوق الإنسان , وأوجد التوازن بين الحقوق السياسية والمدنية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وجعلها حقوقاً مترابطة لا تقبل التجزئة ، كما أضاف إليها حق الشعوب في تقرير مصيرها واستثمار ثرواتها وأخيراً وليس أخراً الإعلان العالمي للحق في التنمية (1986) والذي ربط بين التنمية كحق من حقوق الإنسان ، وجعل هدف التنمية تمكين الإنسان من الحصول على حقوقه , أي أنه ربط بين التنمية وحقوق الإنسان بجميع أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , وبذلك جعل الإنسان محور التنمية ، فهو غايتها ووسيلتها .
وبالرغم من دخول معظم دول الشرق الأوسط  الأمم المتحدة والمصادقة على المعاهدات الصادرة عنها ، إلا أنها مازالت تخرق وتخالف بنود هذه المعاهدات . ففي سوريا على سبيل المثال لا الحصر. مازالت مجموعة من القوانين الإستشنائية سارية المفعول منذ اكثر من 40 عاما, منها  قانون الطوارئ والأحكام العرفية   الصادر بموجب المرسوم التشريعي رقم /51/ تاريخ 22/12/1962 والأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8/3/ 1963 , قانون الإحصاء رقم 93 الصادر في 23 آب 1962 الخاص باكراد محافظة الحسكة , والذي بموجبه جرد ما يزيد عن 100 ألف مواطن كردي من الجنسبة السورية في ليلة ظلماء   ,  المرسوم التشريعي رقم 47 تاريخ 28 – 3 – 1968 ( إحداث محكمة أمن الدولة العليا )   و المرسوم التشريعي رقم 6 تاريخ 17 – 1 – 1965 ( المسمى بقانون حماية الثورة ) ..... الخ  . إن هذه المراسيم الصادرة عن رئاسة الجمهورية أو مجلس قيادة الثورة , كانت وما زالت وعلى طول الخط فوق الدستور والقانون , ووضعت أصلا لتكريس وجودها وهيمنتها الشاملة . 
   سنحاول فى هذه الدراسة القاء الضوء على بعض القوانين الإستثنائية والآثار الناجمة عنها والمتعارضة مع حقوق الآنسان في سوريا .
        
         1 ـ قانون الطوارئ والأحكام العرفية ـ  

 اختلف فقهاء القانون في تعريف حالة الطوارئ فمنهم من قال :
(إن حالة الطوارئ نظام استثنائي شرطي مبرر بفكرة الخطر المحيط بالكيان الوطني)) .
((إنها الحالة التي بواسطتها تنتقل صلاحيات السلطة المدنية إلى السلطات العسكرية)) .
ويعَّرف المحامي عبد الله الخاني حالة الطوارئ ((إعلان حالة الطوارئ نظام دستوري استثنائي قائم بفكرة الخط المحيط بالكيان الوطني، يسبغ اتخاذ السلطات المختصة لكل التدابير المنصوص عليها في القانون والمخصصة لحماية أراضي الدولة وبحارها وأجوائها كلاً أو جزءاً ضد الأخطار الناجمة عن عدوان مسلح داخلي أو خارجي، ويمكن التوصل لإقامته بنقل صلاحيات السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية)) .
أما في سورية كما يؤكد الأستاذ عبد الله الخاني ((فليس هناك أي تعريف لحالة الطوارئ، لأن المشَّرع السوري الذي وضع قانون الطوارئ لم يثبت أية نظرية من النظريات حين اقتباسه النصوص الناظمة لإعلان قانون الطوارئ والتدابير والقيود المفروضة على الحريات في حالة إعلانها من القوانين الفرنسية. وحتى لم يقتبس التعريف الفرنسى ))   .
         
      لمحـة تاريخيـة :
لم يعرف قانون الطوارئ في أوربا إلا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وخاصة روسيا القيصرية وفرنسا وإيطاليا عهد الفاشية وألمانية عهد النازية.
أما على صعيد الشرق الأوسط، لم يعرف قانون الطوارئ بشكله الحالي إلا في الآونة الأخيرة. ففي العهد العثماني كانت أولى محاولات هذا القانون قد تجسدت في الإجراءات القضائية المتمثلة في المجلس العرفي الذي ألفه جمال باشا السفاح- حاكم إيالة سورية- لمحاكمة زعماء الثورة العربية، بموجب فرمان خاص. أما في عهد الانتداب الفرنسي على سورية فقد تم إخضاع الأراضي السورية للأحكام الصادرة عن رئيس الجمهورية الفرنسية ومن ضمنها النصوص الناظمة لإعلان الأحكام العرفية . وبتاريخ 10/9/1920 وبموجب القرار رقم /415/ تم إحالة كل عمل يرتكب ضد قوات الاحتلال إلى المحاكمة العسكرية الفرنسية ومن ثم تتالت القرارات الصادرة عن الإدارة الفرنسية  المتعلقة بالأحكام العرفية بحسب ظهور الأحداث وظروفها وحاجاتها .
بعد خروج الاستعمار الفرنسي من الأراضي السورية، وبمناسبة حرب فلسطين ، صدر بتاريخ 15/5/1948 القانون رقم /400/ بشأن إعلان الأحكام العرفية، كما صدر القانون رقم /401/ بإعلان الأحكام العرفية في أراضي الجمهورية السورية، حُدد مفعوله بستة أشهر ابتداءً من تاريخ نشره. والحقت به مجموعة من القرارات التنفيذية لهذا القانون. مثل القرار رقم /5/ تاريخ 23/5/1948 القاضي بمنع التجوال في منطقة العمليات الحربية والقرار رقم /18/ تاريخ 26/5/1948 القاضي بمنع دخول المصورين للأماكن المجاورة للمنشآت والمراكز العسكرية والقرار رقم 31/5/1948 الذي يحظر على موظفي الدولة والمؤسسات التابعة لها مغادرة أماكن عملهم والقرار رقم /41/ تاريخ 7/6/1948 القاضي بمنع السفر خارج الأراضي السورية بدون إجازة  ……الخ .
وفي 22/حزيران/ 1949 صدر المرسوم التشريعي رقم /150/ القاضي بتنظيم الإدارة العرفية . حيث تضمن هذا المرسوم التشريعي كامل مواد القانون رقم /400/ ولقد جاءت الأسباب الموجبة لسن هذا القانون على لسان المشَّرع السوري ((لا يوجد في التشريع السوري النافذ نص قانوني يحدد اختصاص السلطة العسكرية والقضاء العسكري وعلاقتها بالسلطة الإدارية وبالقضاء المدني في حالة إعلان الأحكام العرفية ، وقد وجدت وزارة الدفاع الوطني من الضروري تلافي هذا النقص، بأعداد مشروع المرسوم التشريعي المرفق ، وهو يتضمن تحديد اختصاصات القضاء العسكري وتنظيم الإدارة العرفية على أسس واضحة)) .
لكن هذا المرسوم لم يدم طويلاً، حيث صدر القانون رقم /162/ تاريخ 27/9/1958 بشأن حالة الطوارئ حيث ألغى هذا القانون ، المرسوم التشريعي رقم /150/ .
وعندما فشلت الوحدة المصرية السورية ،  أصدرت حكومة الانفصال في سوريا بتاريخ 22/12/1962 المرسوم التشريعي رقم /51/ والمسمى بقانون الطوارئ . حيث ألغى هذا القانون بموجب المادة /12/ من الفصل الثالث منه , القانون رقم /162/ الصادر بتاريخ 27/9/1958، ومازال هذا القانون- أي القانون رقم /51/ ساري المفعول حتى يومنا هذا . وهنا لا بد لنا من تثبيت نص المرسوم التشريعي رقم /51/ كما ورد في الجريدة الرسمية :

* مرسوم تشريعي 51 تاريخ 22/12/1962 قانون حالة الطوارئ:
أصدر مجلس الوزراء ونشر رئيس الجمهورية المرسوم التشريعي التالى :

الفصـل الأول- إعـلان حالـة الطـوارئ .
    مادة 1
      آ- يجوز إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في جزء منها للخطر، بسبب حدوث اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة .
ب- يمكن أن تتناول حالة الطوارئ مجموعة الأراضي السورية أو جزءاً منها .
    مادة 2
       آ- تعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه على أن يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له .
ب- يحدد المرسوم القيود والتدابير التي يجوز للحاكم العرفي اتخاذها والمنصوص عليها في المادة الرابعة من هذا المرسوم التشريعي دون الإخلال بأحكام المادة الخامسة منه . 
    مادة 3
      آ- عند إعلان حالة الطوارئ يسمى رئيس الوزراء حاكماً عرفياً وتوضع تحت تصرفه جميع قوى الأمن الداخلي .
ب - للحاكم العرفي تعيين نائب أو أكثر له مرتبطين به وذلك بمرسوم.
ج -  يمارس نواب الحاكم العرفي الاختصاصات التي يفوضهم بها ضمن المناطق التي يحددها لهم .
    مادة 4
       للحاكم العرفي أو نائبه أن يصدر أوامر كتابية باتخاذ جميع القيود أو التدابير الآتية أو بعضها وأن يحيل مخالفيها إلى المحاكم العسكرية .
     آ- وضع القيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أماكن أو أوقات معينة ، وتوقيف المشتبه فيهم أو الخطيرين على الأمن والنظام العام توفيقاً احتياطياً والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت . وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال .
    ب- مراقبة الرسائل والمخابرات أياً كان نوعها ، ومراقبة الصحف والنشرات والمغلفات والرسوم والمطبوعات والإذاعات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها ، وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإلغاء امتيازها وإغلاق أماكن طبعها .
    ج- تحديد مواعيد فتح الأماكن العامة وإغلاقها .
    د- سحب إجازات الأسلحة والذخائر والمواد القابلة للانفجار والمفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها، وإغلاق مخازن الأسلحة .
   هـ- إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل التنقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة .
   و- الاستيلاء على أي منقول أو عتاد وفرض الحراسة المؤقتة على الشركات والمؤسسات وتأجيل الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما يجري الاستيلاء عليه .
   ز- تحديد العقوبات التي تفرض على مخالفة هذه الأوامر، على ألا تزيد على الحبس مدة ثلاث سنوات وعلى الغرامة حتى ثلاثة آلاف ليرة أو إحداهما . وإذا لم يحدد الأمر العقوبة على مخالفة أحكامه، فيعاقب على مخالفتها بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين .
كل ذلك مع عدم الإخلال بالعقوبات الأشد المنصوص عليها في القوانين الأخرى .
    مادة 5
    آ- يجوز لمجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية توسيع دائرة القيود والتدابير المنصوص عليها في المادة السابقة عند الاقتضاء بمرسوم يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له .
   ب- ويجوز لهذا المجلس تطبيق دائرة القيود والتدابير المشار أليها ، بحسب الحالة التي استدعت إعلان حالة الطوارئ .
    مادة 6
      في المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ تحال إلى القضاء العسكري مهما كانت صفة الفاعلين أو المحرضين أو المتدخلين الجرائم الآتية :
     آ-مخالفة الأوامر الصادرة عن الحاكم العرفي .
     ب- الجرائم الواقعة على أمن الدولة والسلامة العامة (من المادة 260 حتى المادة 339 من قانون العقوبات ) .
    ج- الجرائم الواقعة على السلطة العامة (من المادة 369 حتى المادة 387) .
    د- الجرائم المخلة بالثقة العامة (من المادة 427 حتى المادة 459) .
    ه - الجرائم التي تشكل خطراً شاملاً (من المادة 573 حتى المادة 586).
    مادة  7
      يجوز للحاكم العرفي أن يستثنى من اختصاص القضاء العسكري بعض الجرائم المحددة في المادة السابقة .
    مادة 8
      يفصل الحاكم العرفي بقرار مبرر في تنازع الاختصاص بين القضاء المدني والقضاء العسكري .
    مادة 9
      الأحكام القاضية بالإعدام والتي تصبح مبرمة، لا تنفذ إلاّ إذا صادق عليها الحاكم العرفي بعد استطلاعه رأي لجنة العفو في وزارة العدل .

                الفصل الثاني – إنهـاء حالـة الطوارئ –
    مادة 10
       يكون إنهاء حالة الطوارئ من قبل السلطة المختصة بإعلانها ، ووفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة (2) من هذا المرسوم التشريعي .
   مادة 11
       تستمر المحاكم العسكرية ، بعد إنهاء حالة الطوارئ على النظر في القضايا الداخلة في اختصاصها سواءً أكانت محالة إليها أم لم تكن.

                   الفصل الثالث – أحكـام مؤقتـة –
    مادة 12
       يلغى قانون حالة الطوارئ رقم 162 الصادر في 27/9/1958 وجميع تعديلاته .
    مادة 13
      آ- في جمع الأموال تبقى محاكم أن الدولة المحدثة بالقانون رقم 162 المشار إليه مختصة بالنظر في الجرائم الداخلة في اختصاصها المرتكبة قبل صدور هذا المرسوم التشريعي سواءً أكانت محالة إليها أم لم تكن. وتتبع بشأن التحقيق والإحالة والمحاكمة فيها وحفظها والتصديق على الأحكام الصادرة أو التي تصدر فيها وتعديلاتها نفس الأصول والإجراءات المتبعة بموجب ذلك القانون .
    ب- تبقى الحراسة المفروضة على بعض الشركات والمؤسسات استناداً إلى القانون رقم 162 قائمة حتى يتم إلغاؤها وفقاً لأحكام المادة العاشرة من هذا المرسوم التشريعي .
    مادة 14
       ينشر هذا المرسوم التشريعي ويعمل به من تاريخ صدوره.
دمشق في 26/7/1982 و 22/12/1963

وعندما اعتلى حزب البعث سدة الحكم في سوريا اثر إنقلاب عسكري في 23/شباط 1962 أصدر المجلس الوطني لقيادة الثورة قراراً عسكرياً هذا نصه .

قرار المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم (2)
الصادر  في يوم الجمعة الموافق 13 شوال 1382 و 8/3/1963
أمر عسكري رقم (2)
إن المجلس الوطني لقيادة الثورة يقرر ما يلي :
    المادة  1
        تعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية ابتداءً من 8/3/1963 وحتى إشعار آخر .         
  دمشق في 8/3/1963
المجلس الوطني لقيادة الثورة
  
    يعتبر قانون الطوارئ واحداً من أكثر بحوث القانون الدولي العام دقة وحساسية لتأثيره البالغ على مسألة الحريات العامة ويندرج نظام الطوارئ تحت طائلة أعمال الحرب والظروف الاستثنائية من أهم الحالات التي تتوزع فيها صلاحيات الإدارة حيث تمارس (الإدارة) امتيازات وصلاحيات هي في الأصل محظورة عليها وبالتالي فإن هذا النظام يشكل امتيازاً للإدارة ، لامتلاكها حرية أكبر في أعمالها وتصرفاتها . ويترجم نظام الطوارئ إلى ممارسة عملية من خلاله الأوامر العرفية الصادرة عن الإدارة العرفية استناداً إلى قانون الطوارئ .
إن قرار إعلان حالة الطوارئ هي مسألة تتعلق بالسياسة العليا للدولة استناداً إلى المادة الأولى من القانون رقم /51/ .
من هذه المادة نجد أن المشَّرع السوري قد وسع من دائرة المبررات لإعلان حالة الطوارئ، أي أنها تتصف بالشمولية . أما الإدارة العرفية فهي استناداً إلى المادة الثالثة الفقرة الأولى- من قانون /51/ هي أجهزة السلطة التنفيذية ((المدنية والعسكرية)) . مع تمتعها بصلاحيات واسعة بموجب المادة الرابعة  من هذا القانون .
 إن أولى الآثار الناجمة عن إعلان حالة الطوارئ هي انتقال اختصاصات السلطات التنفيذية إلى السلطات العرفية بموجب المادة الثالثة الفقرة آ من قانون الطوارئ . إن هذا النص القطعي والذى بموجبه تغدو السلطات التنفيذية أداة بيد الحاكم العرفي وسيفاً مسلطاً على رقاب الجماهير. وليس بخافٍ على أحد أن كل التدابير التي نصت عليها هذه المادة والمادة الرابعة هي أصلاً من اختصاصات السلطات التنفيذية . فإخضاع الاجتماع إلى الترخيص ومراقبة الرسائل والمخابرات أياً كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمؤلفات والمطبوعات والإذاعات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإلغاء امتيازاتها وإغلاق أماكن طبعها …… الخ . كل هذه الاختصاصات أصبحت بيد رجل واحد ، ألا وهو الحاكم العرفي . هذا يؤدي بلا شك إلى تعطيل كافة المؤسسات بما في ذلك الدستور السوري . لأن كافة مواد قانون الطوارئ مخالفة  للدستور السوري والقوانين الأخرى النافذة (قانون الجنسية- قانون العقوبات…… الخ) .لأن :
1 -  القرار العسكرى رقم 2  الصادر عن مجلس قيادة الثورة عام 1963 , هى جهة غير شرعية دستوريا لإصدار هكذا قرار , اى انها صدرت من جهة غير مختصة   دستوريا .
2 – بعد صدور الدستور الدائم لعام 1973 , وبموجب المادة  , 101 منه والتي ي تعطي الحق لرئيس   الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ وعرضه على مجلس الشعب ليس لإعلامه فحسب, بل المصادقة عليه , وتعتبر مصادقة مجلس الشعب من الشروط الجوهرية لتعلقها بإرادة الشعب والنظام العام و الحريات العامة . وبما أن رئيس الجمهورية لم يقم بإعلان حالة ا لطوارئ , ولم يعرض على مجلس الشعب , مما يجعل الأمر العرفي بإحالة المتهمين الى المحاكم الإستثنائية  بموجب المادة الرابعة من قانون الطوارئ باطلة وغير قانونية و غير دستوية .   
     وفيما يلي بعضاً من مواد قانون الطوارئ والدستور السوري الذي فصل على مقاس حزب البعث لترسيخ السيطرة على الحكم  ,  على سبيل المثال  فالمادة /101/ من الدستور السوري تنص على ((يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها على الوجه المبين في القانون)) . أما المادة الثانية الفقرة آ من قانون الطوارئ ((تعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه على أن يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له)) . في هذا الصدد كتب المحامي عبدالمجيد منجونة (( لما كان فرض حالة الطوائ و الأحكام العرفية الذي صدر بموجب  قرار رقم 2 لمجلس قيادة الثورة 8-3-1963 قد صدر بشكل مخالف للأصول التي نص عليها قانون الطوارئ بالمادة 2 من المرسوم 51 والذي أكد على ان إعلان حالة الطوارئ يتم بمجلس الوزراء وبحضور رئس الجمهورية وعلى ان يعرض على مجلس النواب في أول إجتماع له وعلى أن يحدد في مرسوم الإعلان , عن تطبيق الحالة , الصلاحيات والمدى والإجراءات التي يتم إتخاذها وهي خاضعة للتقيد و التسيع من مجلس الوزراء  
ولما كان الدستور الدائم قد صدر في عام 1973 و  مجلس الشعب المنتحب تتالت دوراته من عام 1973 وحتى الآن , دون ان تعرض الحالة عليه او يقف عند الحدود و الصلاحيات الممنوحة للحاكم العرفي أو نائبه مما يجعل من الإعلان عن فرض حالة الطوارئ 1963 معدوما و فاقدا لأي أثر او مفعول قانوني وعلى كل الجهات صاحبة الصلاحية ( المحكمة الدستورية العليا – مجلس الشعب – القضاء العادي ) عدم العمل به من حلال الإمتناع عن إعطاء أية مفاعيل للأوامر الصادرة عن الحاكم العرفي أو نوابه ...)) . 
وبهذا الصدد كتب المحامي هيثم المالح : (( إن الدستور السوري الصادر عام 1973 وهو يعلو كل قانون بإعتباره " أبو القوانين " وقد صدر متأخرا عن إعلان حالة الطوارئ بخمس سنوات ,مما يعتبر هذه الحالة ملغاة وإن كان لم يصرح عنها , وذلك في مواده 25 –49 .   
 لهذه الأسباب فإن حالة الطوارئ في سوريا تعتبر غير نافذة واقعيا ودستوريا بإعتبار أن الحالة التي اعلنت من أجلها قد انقضت بفعل الزمن وبفعل الدستور مم يستتبع عدم قانونية كافة القرارات الصادرة بإستناد إليها , وخاصة أوامر الإعتقال دون محاكمة , لأن ما بني على باطل فهو باطل)).
إن هذا الاختلاف الظاهر والواضح لكل ذي بصيرة , بين الدستور وقانون الطوارئ لا بد أن يبرز إشكالات كثيرة .
الفقرة آ من المادة الرابعة من قانون الطوارئ تنص ((وضع القيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أماكن وأوقات معينة ، وتدقيق المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام توقيفاً احتياطياً والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت، وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال)) .

وبمقارنة هذه المادة مع بعض مواد الدستور السوري :
الفقرة /1/ من المادة /25/ التي تنص ((الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم)) .
الفقرة /2/ من المادة /28/ ((لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون)) .
الفقرة /3/ من نفس المادة تنص على ((لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك)) .
المادة /31/ تنص على ((المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون)) .
المادة /32/ تنص على ((سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية مكفولة وفق الأحكام المبينة في القانون)).
المادة /39/ تنص على ((للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً في إطار مبادئ الدستور وينظم القانون ممارسة هذا الحق)).
من خلال هذه المقارنة نجد أن مواد قانون الطوارئ مخالفة لمواد الدستور السوري ومتعارضة معه على طول الخط . بالرغم من أن مواد قانون الطوارئ مخالفة لمواد الدستور الدائم , ومع ذلك ما زال العمل بمواد قانون الطوارئ ساري المفعول حتى اليوم . فبموجب هذا القانون اعتقل الآلاف من قبل اجهزة الأمن , من دون العودة إلى القاضي لإستصدار مذكرة توقيف حسبما نصت عليه المادة 28 أعلاه .  
   فهل يوجد لدى المشَّرع السوري الذي وضع قانون الطوارئ ترمومتر يوضع على الأشخاص لمعرفة المشتبه به أو الخطر على الأمن والنظام؟!. أليس هذا القانون مستمد من أعمال الأمويين وخاصة عصر معاوية و الحجاج ؟!...... إن أي نظام حكم ، يقوم على ثلاث ركائز وهي:
السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية . فالأولى تسن القوانين ، والثانية تنفذ هذه القوانين والثالثة تفصل في المنازعات على ضـوء تلك القوانين . يـقول الفيلسوف الفرنسـي مونتسيكو صاحب نظرية تقسيم السلطات ، والتي تعتبر حتى اليوم أساساً للديمقراطية ((أي تسلط من سلطة على أخرى يشكل ديكتاتورية مبطنة وخللاً في الديمقراطية وتعدياً علـى الفرد والمجتمع ، ولا يمكـن للديمقراطية أن تتطور إلا في حال الفصل بين السلطات الثلاث ، وإن طغيان سلطة على أخرى يؤدي إلى زعزعة النظام الديمقراطي))  . 
إن الغاية من فصل السلطات هي توزيع وظائف الدولة على ركائزها الأساسية لأن جـمع السلطات يؤدي إلى الاحتكار وبالتالي إلى إساءة استعمالها حيث يقول الفقيه الألمانـي روبرتو ميشيل في هذا الصدد: ((إن التاريخ يبين بصورة واضحة أن أغـلب الزعماء السياسيـين في مختلف الأزمنة والأمكنة بدؤوا حياتهم السياسية بنزعة مثالية وهي التضـحية في سبيل مبادئ عزموا الأمر على العيـش من أجلها أو الفناء من دونها ، فإذا ما ركبوا صهوة الحـكم وجمعوا السلطة المطلقة بين أيديهم أفسدت عقولهم . هذه السلطـة وهذه الحقيقة قام عليها الـبرهان فـي التاريخ . فإن دلـت على شيء فإنما يدل علـى الطبيعة البشرية التي لـن تجد أمامـها سياجـاً يحول دون التمادي سوى مبدأ فصـل السلطات الذي تخفف إلى حد كبيـر من مسـاوئ هذه الطبيعة البشـرية)) .  
وبما أن المشَّرع السوري قد أخذ بمبدأ فصل السلطات فيجب أن يكون العمل بهذا المبدأ بصورة كاملة وأهمها عدم قيام السلطات التنفيذية بوظيفة التشريع . فيقول الكاتب أصلان عبد الكريم في هذا الصدد (( إن الحديث عن إستقلال القضاء في سوريا , حديث لا معنى له . فمحكمة أمن الدولة العليا و المحكمة الإقتصادية و محاكم الميدان هي التي بوسعها أن تحاسب , بل هي تحاسب المواطن حتى على ضميره . ناهيك عن الأفعال الطبيعية الناتجة عن ممارسة المواطن لحقوقه , والتي ينظر إليها في هذا الحال في الأغلب بصفتها أفعالا معادية للدولة )) .
لو عدنا إلى الفقرة (ز) من المادة الرابعة من قانون الطوارئ والتي تنص على ((تحديد العقوبات التي تفرض على مخالفة هذه الأوامر ……)). إن فرض أي عقوبة وبموجب الدستور السوري هي من اختصاص القضاء العادي وليس الحاكم العرفي  .
إن القيود والتدابير الواردة في المادة الرابعة من قانون الطوارئ، تحتوي في ثناياها أكثر مقومات الاختصاصات الممنوحة أصلاً إلى الإدارات العامة . فمثلاً الإدارة العامة المختصة لا تملك اتخاذ أي إجراء بشأن الرسائل والمخابرات والصحف والنشرات إلا ما صدر منها ما يسيء للنظام العام . أي أن سلطتها تأتي بعد ارتكاب الفعل المحظور. أما السلطة العرفية فتمتلك كل الحق بموجب هذه المادة . وهنا لا بد من طرح السؤال التالي : من المقصود بالمشتبه به والخطر على الأمن العام والنظام . هل لدى المشَّرع السوري أي مقياس أو ضابط. أم لدى السلطات العرفية قدرة خارقة لمعرفة ما يدور في نفوس البشر. لقد تحول الإنسان السوري إلى آلة يخاف من خياله ، لما لهذه المادة من القوة في التطبيقات اليومية على الساحة السورية .
مما تقدم يتضح لنا أن استقلال القضاء هو الضمانة الوحيدة لسيادة القانون وسيادة القانون هي الضمانة الوحيدة لحقوق المجتمع بأفراده وهيئاته ، وكل انتقاص من استقلاله ، فإن حقوق الفرد والمجتمع تكون مهددة وكذلك حرياتهم وبالتالي تكون الدولة متخلفة عن ركب الحضارة والتقدم ونعني بسيادة القانون :
1. خضوع كل فرد سواءاً أكان شخصاً عادياً أو موظفاً أو محكوماً وعلى قدم المساواة للأحكام التي ينص عليها القانون .
2. ممارسة الحكم من خلال القانون وضمن إطاره .
قال أحد فقهاء القانون ((إن سيادة القانون لا تتحقق بمجرد فرض النظام واستتباب الأمن ، إذا لم تحمل هذه السيادة في طياتها معنى تقيد الحكام وإلزامهم باحترام القانون ، وإن سيادة القانون تتحقق بإخضاع الدولة للقانون . وكفالة الرقابة القضائية لهذا الخضوع . بحيث يكون من حق كل فرد أن يلجأ إلى القضاء متى تأثرت مصالحه بتصرف صادر عن السلطة أو الفرد))...   قيل للزعيم الإنكليزي تشرشل ((ظهر الفساد في أجهزة الدولة . فقال : والقضاء؟! قالوا له : إن القضاء الإنكليزي ممتاز جدا ً. فأجاب لا خوف على بريطانيا )) .             
ومرة تقدم طالب زنجي إلى جامعة تكساس، فمنعت إدارة الجامعة دخول هذا الطالب ، فتقدم بدعوى إلى المحكمة الاتحادية، فقررت المحكمة قبول الطالب في الجامعة إلاّ أن حاكم ولاية تكساس رفض قرار المحكمة الاتحادية ومنع تنفيذ الحكم مستعيناً بشرطة الولاية . فما كان من الرئيس الأمريكي جون كندي إلا أن أرسل جيشاً اتحادياً مؤلفاً من ثلاثة آلاف جندي وأدخل الطالب الزنجي تحت أسنة الحراب . ويردد موقفه هذا أمام مؤتمر صحفي (( إن عدم تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية يشكل سياسة خطيرة في التاريخ الأمريكي )) . أما في سوريا وفي ظل هذا القانون اللعين ، فكم من الطلبةوالعمال الأكراد فصلوا من المعاهد ومؤسسات الدولة لا ذنب لهم سوى إن الله خلقهم أكراد اً، وكان الفصل تحت  الذريعةالأزلية (خطر على أمن الدولة)  .
              2 ـ  محكمة أمن الدولة العليا ـ
   
احدثت محكمة أمن الدولة العليا على أنقاض المحكمة العسكرية الإستثنائية , حيث تمتعت بسائر صلاحياتها و إختصاصاتها بموجب المرسوم التشريعي ذي الرقم 47 الصادر في  28 – 3 -  1968 . وهنا لابد من تثبيت نص هذا المرسوم كما ورد في الجريدة الرسمية .
                 
                      المرسوم التشريعي رقم 47
تاريخ 28 – 3 – 1968
احداث محكمة "أمن دولة عليا "وتحديد اختصاصاتها
   رئيس الدولة
    بناء على أحكام قرار القيادة القطرية المؤقتة لحزب البعث العربي الإستراكي رقم 2 تاريخ 20 – 2 – 1966 . وعلى قرار مجلس الوزراء رقم 47 – تاريخ 20 – 3- 1968 .
يرسم ما يلي:
     المادة 1 
آ – تحدث محكمة ( أمن دولة عليا ) تمارس مهامها في مدينة دمشق أو في أية مدينة حسب مقتضيات الأمن , وذلك بأمر من الحاكم العرفي .
ب – لرئاسة المحكمة حق عقد جلسات المحاكمة في أي مكان تراه مناسبا .
     المادة 2 (1) 
تشكل محكمة أمن الدولة العليا بقرار من رئيس الجمهورية , من رئيس وأعضاء يحدد عددهم وصفتهم المدنية أو العسكرية بقرار تشكيلها .
     المادة 3 (2)
    يمثل الحق العام لدى محكمة أمن الدولة العليا نيابة عامة يسمى رئيسها و أعضاؤها على نحو المبين في المادة السابقة
   
 المادة 4
   يجوز عند الضرورة إحداث وتشكيل اكثر من محكمة أمن دولة .
     المادة 5 
   تحل محكمة أمن الدولة العليا المحدثة بموجب هذا المرسوم التشريعي محل المحكمة العسكرية الإستثنائية التي تعتبر ملغاة , وتتمتع بسائر إختصاصاتها وصلاحياتها المحددة بالمرسوم التشريعي رقم 6 الصادر بتاريخ 7 –1 –1965 و تعديلاته وتختص بالنظر في الجرائم المنصوص عليها في المادة الثالثة من المرسوم التشريعي المذكور وتعديلاته وذلك اذا احيلت اليها بأمر من الحاكم العرفي في أي مرحلة من مراحل التحقيق . كما تختص في كل قضية اخرى يحيلها اليها الحاكم العرفي .
     المادة 6
  يشمل اختصاص محكمة أمن الدولة العليا جميع الأشخاص من مدنيين وعسكريين مهما كانت صفتهم أو حصانتهم .
     المادة 7
آ – مع   في الاحتفاظ بحق الدفاع المنصوص عليه في القوانين النافذة , لا تتقيد محاكم أمن الدولة بالاجراءات الاصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار واجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكمة .
ب – يكون للنيابة العامة عند التحقيق جميع الصلاحيات المخولة لها ولقاضي التحقيق ولقاضي الاحالة بمقتضى القوانين النافذة .
ج – يمكن للمحكمة ان تحكم بالحقوق أو التعويضات المدنية عن الاضرار الناجمة عن الجرائم في الدعاوى التي تفصل فيها .
     المادة 8 
  لايجوز الطعن بالاحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا .
  ولا تكون هذه الاحكام نافذة إلا بعد التصديق عليها من رئيس الدولة الذي له حق الغاء الحكم مع الامر بإعادة المحاكمة , أو إلغائه مع حفظ الدعوى , أو تخفيض العقوبة أو تبديلها بأقل منها . ويكون لحفظ الدعوى مفعول العفو العام . ويكون قرار رئيس الدولة في هذا الشأن مبرما غير قابل لأي طريق من الطعن أو المراجعة .
    المادة 9  
  تنتقل جميع الدعاوى التي هي قيد النظر لدى المحكمة العسكرية الاستثناءية الملغاة بحالتها الحاضرة , الى محكمة أمن الدولة العليا المحدثة .
    المادة 10 
  تلغى جميع الأحكام المخالفة لهذا المرسوم التشريعي .
    المادة 11 
  ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من تاريخ صدوره .
                                  دمشق في 29 –12 – 1387
 و 28 -  3- 1968
       بموجب هذا المرسوم التشريعي  , احيل آلاف المناضلين السوريين إلى محكمة أمن الدولة العليا واتهموا وحكموا باتهامات  واحكام ما انزل الله بها من سلطان  . وهنا على سبيل المثال لا الحصر نورد اتهامات محكمة أمن الدولة العليا بدمشق بحق كوكبة من المناضلين الأكراد .     
  عندما طالبت القيادة المشتركة للأحزاب الكردية (الموحد- الاتحاد الشعبي جناح الأقلية- الشغيلة) عام 1992 بموجب بيان موجه إلى الرأي العام السوري ناشدت فيه القوى الوطنية والديمقراطية والمثقفين السوريين للضغط على الحكومة السورية لإعادة الجنسية لهؤلاء المجردين وإزالة آثارها ، بعد أن يئسوا عن طريق المحاكم- مجلس الشعب ووفود شعبية إلى محافظ وأمين فرع الحزب في الحسكة – وزير الداخلية – القصر الجمهوري . جن جنون السلطات الأمنية  في كل من محافظتي الحسكة وحلب . تم اعتقال ما يقارب خمسمائة إنسان كردي بشكل عشوائي من قبل كافة الأجهزة الأمنية ، وتم تعذيبهم بشكل همجي ، ضاربين بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين السماوية والوضعية، حتى تم نزع أضراس بعضهم بواسطة الكماشات وإدخال القوارير إلى شرج بعضهم ، وإحالة بعضهم إلى محكمة أمن الدولة العليا ( الإستثنائية ) بدمشق . وتم اتهام هؤلاء المناضلين من اجل حقوق الانسان بتهم لا تمت إلى الواقع بصلة .
1- مناهضة تحقيق أهداف الثورة بمـوجب الفقرة /هـ/ من المرسـوم التشريعي رقم /6/ الصـادر في 7/1/1965  .
2- بموجب المادة 306 بدلالة المادة 304 من قانون العقوبات  .
3- لانتساب إلى تنظيم سري ومحاولة اقتطاع جزء من الأراضي السورية بموجب المادة 267 من قانون العقوبات العام .
معروف لدى جميع فقهاء ورجال القانون بأن المرسوم التشريعي رقم /6/ الصادر في 7/1/1965 هو قانون استثنائي مثل القوانين الاستثنائية الأخرى (قانون الإحصاء- قانون الطوارئ ……الخ) صدر هذا المرسوم بعد استلام السلطة من قبل حزب البعث عام 1963 والمعروف أيضاً لدى العامة بقانون مناهضة أهداف الثورة – لكثرة استعمالاته- حيث نصت الفقرة /هـ/ من هذا المرسوم على ((مناهضة أهداف الثورة العربية ومناهضة أي هدف من أهداف الثورة أو عرقلتها سواء كان ذلك عن طريق القيام بالتظاهرات أو التجمعات أم بأعمال الشغب أو بالتحريض عليها أم نشر الأخبار الكاذبة تقصد البلبلة وزعزعة ثقة الجماهير بأهداف الثورة)) .
فما هي أهداف أية ثورة في العالم؟!!. بدءاً بثورة الرسل مروراً بثورة الإنكليز عام 1628 والأمريكان عام 1773 والفرنسية عام 1789 والشعوب الأفريقية وأمريكا اللاتينية وآسيا وصولاً إلى أهداف ثورة البعث أليس هدف أية ثورة هو الإنسان، من أجل تحرير الإنسان من العبودية والرق ، ليكون حراً يستطيع خدمة بني جنسه , من أجل إن يتمتع بحقوقه كإنسان!!!. أم ان لثورة البعث في سوريا أهداف أخرى؟!!!!. فمتى كانت المطالبة بإعادة الجنسية السورية إلى المجردين تدميراً للوحدة الوطنية   ؟!. ومتى كان واقع وآثار الإحصاء الجائر في محافظة الحسكة أخباراً كاذبة بالرغم من اعتراف الحكومة وكافة المسؤولين السوريين أمام لجان حقوق الإنسان بهذا الواقع . فقد جاء في تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان قسم الشرق الأوسط. ((يشكل الأكراد أكبر مجموعة عرقية غير عربية في سوريا يمثلون /8,5-10/ بالمائة من مجموع السكان ، وضع هذا التقرير اعتماداً على الوثائق ووضع الأكراد سوري المولد والمحروم من المواطنة /142465/ مواطن حسب إحصاء الحكومة بل يزيد على /200/ ألف للمصادر الكردية . هؤلاء الذين حرموا بشكل استبدادي من حق المواطنة السورية وهذا يمثل خرقاً للقانون الدولي ، وهم مقيدون تماماً في سوريا ولا يعاملون بطريقة عنصرية على أرض ميلادهم فحسب بل ولا يملكون حق الاختيار في الهجرة إلى بلد آخر بسبب حرمانهم من جوازات السفر أو أية وثائق أخرى للسفر)) .
  أما التهمة الثانية الموجهة إلى المعتقلين الكرد هي ما ورد في المادة /306/ بدلالة المادة 304 من قانون العقوبات العام. فهما تنصان على :
1- المادة 306  ((كل جمعية أنشئت بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادية أو الاجتماعية أو أوضاع المجتمع الأساسية بإحدى الوسائل المذكورة في المادة /304/ تحل ويقضي على المنتمين إليها بالأشغال الشاقة المؤقتة)) . 
2-  المادة /304/ فتنص على ((يقصد بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمى إلى إيجاد حالة ذعر ترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة أو ((الأسلحة الحربية)) والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة ، والعوامل الوبائية أو الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطراً عاماً ))                 السؤال هو: هل يعقل   بأن توزيع بيان بشكل سلمي على الوطنيين السوريين يطالـب بإعادة الجنسية السوريـة للمجردين , يسـاوي أعمـالا إرهابـية مرتكبة بالوسائـل الواردة في نص المادة /304/ ؟!. إلا إذا كانت محكمة أمن الدولة تنطلق في احكامها من اسس تخالف تماما كل بند من بنود حقوق الانسان . أما ما ورد في المادة /306/ من تعبير جمعية سرية، فالمقصود بها الأحزاب الكردية . ولكن ومن حيث الاساس لا يوجد في سوريا أي قانون ينظم حياة وتشكيل الأحزاب السياسية أي لا يوجد مرجع أو قانون يحق بموجبه للأفراد الانتظام في احزاب او تجمعات سياسية وفكرية كحق اساسي من حقوق الانسان بموجب الشرائع الدولية . حتى أن الأحزاب المنضوية تحت لواء ما يسمى الجبهة الوطنية التقدمية هي نفسها غير شرعية لعدم وجود رخصة نظامية لها   .
أما الأحزاب الكردية فهي تمارس نشاطها بشكل شبه علني و معظم قياداتها معروفة وبرامج فصائل الحركة الوطنية الكردية في سوريا تنص بشكل واضح وصريح بانها تعتمد أسلوب النضال السياسي السلمي وتهدف إلى تأمين الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد . وهذه الامور هي واضحة للقاصي و الداني إلا لدى قضاة محكمة أمن الدولة العليا بدمشق !!.
اما التهمة الثالثة التي وجهت الى من حوكموا من الاكراد الذين ايدوا البيان الموزع من قبل القيادة المشتركة فكانت حسب المادة 267 من قانون العقوبات التي تنص على (( يعاقب بالاعتقال خمس سنوات على الأقل كل سوري حاول بأعمال أو خطب أو كتابات أو بغير ذلك أن يقتطع جزءاً من الأراضي السورية ليضمه إلى دولة أجنبية أو أن يملكها حقاً أو امتيازاً بالدولة السورية)) .
إن الركن المادي في برامج الحركة الكردية في سوريا واضح تماما وهي انها لم تدع يوماً إلى اقتطاع أي جزء من سوريا وضمها إلى اية دولة أجنبية؟!. ثم أين هذه الدولة ؟!.... وهل يمكن اقتطاع جزء من الوطن وإخفائه عن الأنظار وحمله على الاكتاف وعبور الحدود ؟!..
لقد أوجدت محكمة امن الدولة مبررات وهمية لا أساس قانوني لها حينما اصدرت أحكاما جائرة بحق كوكبة من مناضلي شعبنا الكردي .
إن ما  طالب به ذلك البيان هو إعادة الجنسية السورية للمجردين من منها  ، وهو حق اساسي من حقوق الانسان ومتطابق تماماً مع ما ورد في المادة /37/ من الدستور السوري والذي ينص على ((لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى وأن يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي وتكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقاً للقانون)) 
فلو تساءل المرء: هل حقا المطالبة بإعادة الجنسية السورية إلى المجردين ضحايا مشروع الاحصاء العنصري رقم 93 هي ضد البناء الوطني ؟!…… وجريمة ضد البناء الاشتراكي ؟. وهل ان حالة التجريد من الجنسية بهذا الشكل الجماعي موجود  في غير سوريا ؟.
لقد اصاب الكاتب أصلان عبدالكريم عين الصواب عندما قال (( هذه المحكمة التابعة قولا وفعلا للسلطة التنفذية , أي لمركز الرئاسة في الواقع , والتي هي بعيدة عن الاستقلال بعد السماء عن الارض , والتي لا راد ولاإعتراض ولاطعن ولا استئناف لاحكامها واصول قضائية حقيقية لمداولاتها وجلساتها الخ . هي سيف مسلط على رقاب الشعب من طراز استثنائي خاص بكل المعايير القانونية و الواقعية و الاخلاقية )) .
إن السياسة الاوطنية المنتهجة  بحق الشعب الكردي في سوريا , والتي تضرب عرض الحائط كافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية والدستورالوطني ،هي سياسة مضرة بالإنسان والوحدة الوطنية ,  واتخذ هذه السياسة عدة أشكال وأساليب منها تعريب أسماء المدن والقصبات والقرى الكردية- فصل الطلبة الأكراد والعمال من المدارس والمعامل تحت الذريعة الأزلية(خطر على أمن الدولة) بالإضافة إلى المشروعين العنصريين الإحصاء والحزام العربي السيئ الصيت . وهذه جميعها تندرج تحت عنوان واحد وهو ان السلطات الثلاث في سوريا ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) تتصرف حيال المواطن السوري والكردي منه على الخصوص وكأن كل الانظمة والقوانين التي تحفظ حقوق وحرية وكرامة الافراد والجماعات لاتعنيها لا من قريب ولا من بعيد ، بالرغم من ان الدولة السورية قد وقعت على  جميع المعاهدات الدولية الصادرة عن هيئة الامم المتحدة  .


3 ـ قانـون الإحصـاء الاسـتثنائي ـ
                                          
      الكرد من الشعوب القديمة التي سكنت منطقة الشرق الأوسط وساهم بشكل كبير في بناء الحضارة الإنسانية في هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية .  ويؤكد بعض الباحثين بأن سكان جبال كردستان كانوا رواد الزراعة منذ 12/ ألف عام وإنهم دجنوا الماعز والخرفان والخنازير وزرعوا القمح والشعير والشوفان والعدس ويعتقد بأن استخدام الأدوات النحاسية لأول مرة في التاريخ بدأ في الألف السابع قبل الميلاد في منطقة ديار بكر (آمد) وبأن الأدوات البرونزية ظهرت في هذه المنطقة أيضاً في الألف الرابع قبل الميلاد .
إن الحروب المستمرة بين الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية أسفرت عن تدمير معظم أنحاء كردستان كون المعارك كانت تجري على أرض كردستان . وبعد معركة تشالديران عام /1514/م والتي أسفرت عن انتصار العثمانيين ، تم تقسيم كردستان أرضاً وشعباً ولأول مرة في التاريخ بين الإمبراطوريتين . ولم تتوقف المعارك بينهما حتى عقد معاهدة قصر شيرين عام 1639 والتي بموجبها تم ترسيم الحدود بين الإمبراطوريتين . ولم يكتف الطرفان من جعل كردستان ساحة للقتال ، بل عمدوا إلى سياسة الأرض المحروقة وتهجير الأكراد من مقاطعتهم لحرمان الطرف الآخر من المواد البشرية اللازمة لمواصلة الحرب , و من جهة أخرى السيطرة على أرض الكرد . 
إن الحروب المستمرة على أرض كردستان والأساليب الوحشية المعتمدة من قبل الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية أدت إلى تغيرات كبيرة في بنية المجتمع الكردي ، كما لا بد من الذكر بأن الأكراد على الصعيد الديني عانوا من اضطهاد مستمر من جانب السلطات الفارسية الشيعية والعثمانية السنية . حيث قتل السلطان سليم الأول أكثر من /40/ ألف من الأكراد العلويين بحجة مؤازرة الفرس(2). ومنذ القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين تعرض الأكراد الأيزيديون لعشرين عملية إبادة جماعية نفذها الأتراك لإرغامهم عـن التخلي عن ديانتهم واعتناق الإسلام  .
خلال الحرب العالمية الأولى /1914-1918/ كانت أرض كردستان أهم ميادين تلك المعارك، حيث حل الدمار والخراب معظم أرجاء   كردستان . وكانت مطامع الدول الاستعمارية كبيرة جداً في أرض كردستان لموقعها الاستراتيجي الهام . في العمليات العسكرية من جهة ووجود حقول النفط من جهة ثانية , وقد زاد من جاذبيتها أكثر فأكثر لأن تلك الحروب قد برهنت أن النفط أصبح المادة الاستراتيجية بالنسبة لهم .
وعندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وصمتت المدافع ، بدأ المنتصرون في التقسيم الذي أنتظروه طويلاً. وفق معاهدة سايكس –بيكو الذي أعد مسبقاً (قبل انتهاء الحرب) وبموجب هذه المعاهدة (سايكس- بيكو ) والمعاهدة التي تم توقيعها بين الإنكليز والفرنسيين في 23/ك 1 /1920 والتي بموجبها تم اقتطاع مناطق من كردستان وضمها إلى الدولة السورية (تحت حكم الإنتداب الفرنسي) ومنذ ذلك التاريخ أصبحت المناطق (الجزيرة- وكوباني-((كرداغ))- عفرين ) أجزاءً من أراضي الدولة السورية .
وبغية التحرر من النير الاستعماري قامت ثورات في كافة أرجاء البلاد , حيث شارك فيها كافة أبناء الشعب السوري (جبل الدروز، جبـل العلويين، جبـل الزاوية، جبـل الأكراد الجزيرة ……الخ) . ونتيجة لنضال الشعب السوري تم جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض البلاد في 17/نيسان/1947.
   بعد حرب عام 1948 لم يستقر الوضع في سوريا ، حيث تتالت الانقلابات العسكرية . حتى قيام الوحدة الاندماجية بين سوريا ومصر في 1/شباط/1958 
   ولا بد من التذكير بأن جمال عبد الناصر لم يوافق على الوحدة إلا بشرطين أساسيين وهما :
1- حل كافة الأحزاب السياسية في سوريا .
2- حل المجلس العسكري السوري وإبعاد الجيش عن السياسة .
فوافق حزب البعث والأحزاب القومية العربية الأخرى على شرطي جمال عبد الناصر ورفض الحزب الشيوعي والبارتي الديمقراطي الكردي حل نفسيهما .
إن الأعمال الوحشية والبربرية التي اتبعها ممثلوا جمال عبد الناصر ووزير الداخلية في الإقليم السـوري عبد الحميد سراج ضد القوى الوطنية والتقدمية السورية وتصفية المعارضين   بكافة الوسائل , بالإضافة إلى الاعتقالات الكيفية والتي شملت كافة القوى الوطنية والديمقراطية وتعرضهم إلى شتى أنواع التعذيب في أقبية المكتب الثاني بما فيهم قيادة البارتي والعشرات من أنصاره ، وكبت الحريات العامة. حيث تم اعتقال الوطنيين والديمقراطيين من أبناء الشعب الكردي بتهمة مزدوجة (بارتي+ شيوعي) وزجهم في السجون والتنكر لأبسط الحقوق القومية والإنسانية. والويل ثم الويل لمن وجد متلبساً بجرم الاستماع إلى صوت يريفان لسماع الأغاني الكردية من قبل زبانية عبد الحميد السراج الذين كانوا يسترقون السمع من خلف النوافذ في المدن و القصبات الكردية .
كانت لأعمال وأساليب الحكم الجديد في الإقليم السوري أثر كبير في نفوس الجماهير وابتعادها وعدم تصديها لعناصر الانفصال . حيث جرى الانفصال في 28/أيلول/1961 بقيادة النحلاوي وفي 15/تشرين الثاني/1961 تم الإعلان عن دستور جديد وانتخاب مجلس النواب في 1/كانون الأول /1961 وانتخاب ناظم القدسي رئيساً للجمهورية .
ولفرض السيطرة والهيمنة من قبل جماعة الانفصال أصدرت جملة من القوانين الاستثنائية. 
قبل البحث في قانون الإحصاء الاستثنائي وآثاره على الشعب الكردي، وخاصة أكراد الجزيرة . لا بد من تقديم بعض ً من الأمثلة عن نمط وتفكير وعقلية بعض القومجيين العرب تجاه الشعب الكردي عامة والشعب الكردي في سوريا خاصة بشكل مختصر كشاهد إثبات والمتعلق ببحثنا هذا . ومن هذه العقلية دراسة الملازم الأول محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في الحسكة وهي بعنوان ((دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية- الاجتماعية- السياسية))(7) المرفوعة إلى القيادة  السياسية في دمشق في عام 1962.
إن الغاية من عرض مقترحاته  ، هي كشف عقلية حكومة الانفصال حيال الشأن الكردي   والتي أصدرت تلك القوانين الاستثنائية  .
بعد عرضه للمشكلة الكردية من مطلع القرن العشرين وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية يقول م . ط . هلال ((أصبحت المشكلة الكردية تهدد الكيان العربي ، ولا بد من وضع النقاط على الحروف ، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنهائها نهائياً كي لا يعود الشغل الشاغل للعرب . لذا وجب حلها جذرياً ووضع الخطط اللازمة لذلك في القطرين الشقيقين سورية والعراق ، ويكون الحل موحداً والخطة واحدة ، فالخطر الأول والأخير في الجزيرة السورية وشمال العراق ، ويهون كل خطر إلى جانب هذا الخطر الذي أخذ طريقاً مشابهاً تمام المشابهة إلى طريق اليهود في فلسطين))  وفي الفصل الثاني بعد أن يستعرض أماكن تجمع الأكراد والعشائر الكردية يقول((لذا وبناء على ذلك يجب أن ننظر إلى الأكراد فإنهم قوم يحاولون بكل جهدهم وطاقاتهم وما يملكون لإنشاء وطنهم الموهوم حيث يترتب على هذه النظرة كونهم أعداء ولا فرق بينهم وبين إسرائيل ، رغم الرابطة الدينية فإن (يهودستان) و(كردستان) صنوان أن صحت التعابير))   وبعدها تتفتق عقلية هذا القومجي بالحقد والكراهية حيث يقول ((ان التجوال في الجزيرة ، سيلحظ فوراً ومباشرة ، أحسن المدارس وأحدثها وعلى اختلاف درجاتها في المناطق الكردية ، بينما المناطق العربية مهملة ، فإن كانت تلك عن حسن نية وبغية التعريب ، أو عن سوء نية وهذا هو الأرجح ، فإنها اليوم أتت أكلها وخلقنا لأنفسنا بأنفسنا أعداء الداء أشداء جمعوا بين الشراسة والعقيدة والحجة بل والبيان)) .
وفي نهاية الفصل الثاني يصل إلى المقترحات التالية بشأن المشكلة الكردية:
1- أن تعمد الدولة إلى عمليات التهجير إلى الداخل مع التوزيع في الداخل ومع ملاحظة عناصر الخطر أولاً فأول ولا بأس أن تكون الخطة ثنائية أو ثلاثية السنين ، نبدأ بالعناصر الخطرة لتنتهي إلى العناصر الأقل خطورة وهكذا……
2- سياسة التجهيل : أي عدم إنشاء مدارس أو معاهد علمية في المنطقة لأن هذا أتت عكس المطلوب بشكل صارخ وقوي .
3- إن الأكثرية الساحقة من الأكراد المقيمين في الجزيرة يتمتعون بالجنسية التركية فلا بد من تصحيح السجلات المدنية وهذا يجري الآن إنما يتطلب أن يترتب على ذلك إجلاء كل من لم تثبت جنسيته وتسليمه إلى الدولة التابعة لها . أضف إلى ذلك يجب أن يدرس من تثبت جنسيته دراسة أيضاً معقولة وملاحظة كيفية كسب الجنسية لأن الجنسية لا تكسب إلا بمرسوم جمهوري ، فكل جنسية ليست بمرسوم يجب أن تناقش ويبقى من تبقى أي الأقل خطراً وتنزع من تنزع عنه الجنسية لتعيد بالتالي إلى وطنه .
4- سد باب العمل . لا بد لنا أيضاً مساهمة في الخطة من سد أبواب العمل أمام الأكراد حتى نجعلهم في وضع غير قادر على التحرك وثانياً في وضع غير مستقر المستعد للرحيل في أي لحظة وهذا يجب أن يأخذ به الإصلاح الزراعي أولاً في الجزيرة بأن لا يؤجر ولا يملك الأكراد والعناصر العربية كثيرة وموفورة بحمد الله .
5- شن حملة من الدعاية الواسعة بين العناصر العربية ومركزة على الأكراد بتهيئة العناصر العربية أولاً لحساب ما ، وخلخلة وضع الأكراد ثانياً بحيث يجعلهم في وضع قلق وغير مستقر .
6- نزع الصفة الدينية عن مشايخ الدين عن الأكراد وإرسال مشايخ بخطة مدروسة عرباً واقحاحاً ونقلهم إلى الداخل بدلاً من غيرهم لأن مجالسهم ليست بمجالس دينية أبداً بل وبدقة العبارة مجالس كردية . فهم لدى دعوتهم ألينا لا يرسلون برقيات ضد البرزاني إنما يراسلون ضد سفك دماء المسلمين . وأي قول هذا القول ؟.
7- ضرب الأكراد في بعضهم . وهذا أسهل وقد يكون ميسوراً بإثارة من يدعون منهم بأنهم من أصول عربية على العناصر الخطرة منهم كما يكشف هذا العمل أوراق من يدعون بأنهم عربا ً.
8- إسكان عناصر عربية في المناطق الكردية على الحدود . فهم حصن المستقبل ورقابة بنفس الوقت على الأكراد ريثما يتم تهجيرهم ونقترح أن تكون هذه العناصر من عشيرة شمر لأنهم أولاً أفقر القبائل بالأرض وثانياً مضمونين قومياً مئة بالمئة .
9- جعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية كمنطقة الجبهة بحيث توضع فيها قطاعات عسكرية مهمتها إسكان العرب وإجلاء الأكراد وفق ما ترسم الدولة من خطة .
10- إنشاء مزارع جماعية للعرب الذين تسكنهم الدولة في الشريط الشمالي على أن تكون هذه المزارع مدربة ومسلحة عسكرياً كالمستعمرات اليهودية على الحدود تماما ً.
11- عدم السماح لمن لا ينطق اللغة العربية بأن يمارس حق الانتخابات والترشيح في المناطق المذكورة .
12- منع إعطاء الجنسية السورية مطلقاً لمن يريد السكن في تلك المنطقة مهما كانت جنسيته الأصلية (عدا الجنسية العربية الخ……) .

هذا وإن هذه المقترحات ليست كافية بل أردنا منها إثارة المسؤولين بحسب خبرتنا لتكون تباشير مشروع خطة جذرية شاملة لتؤخذ للذكرى بعين الاعتبار)) .
وأخيراً يصل السيد هلال إلى المقترحات بشأن العشائر العربية الموجودة في الجزيرة ويوجز مطالبه ومقترحاته لتكون أساساً ومنطلقاً لوضع خطة شاملة وقومية منسجمة مع أهداف هذه الأمة وأهمها :
1- تثبيت من لم يثبت في الأرض وتحضيره بالسرعة القصوى .
2- توزيع أملاك الدولة توزيعاً سليماً على العناصر العربية .
3- توزيع أراضي الإصلاح الزراعي المستولى عليها على العناصر العربية .
4- استجلاء عناصر عربية أخرى من الداخل وإسكانها في الجزيرة بشروط معقولة .
5- نشر العلم والمدارس وعلى أوسع نطاق بين العناصر العربية .
6- إرسال بعثات علمية من أبناء الجزيرة دون شروط إلا شرط الشهادة وتحقيق تلك البعثات لأبناء الطبقة الفقيرة من العناصر العربية .
7- إنشاء مزارع جماعية نموذجية في المناطق العربية وموزعة وبكثرة لغرس حب العمل بين تلك العناصر ومساعدتها .
8- إنشاء مدارس زراعية ومعاهد عالية في الجزيرة .

هذه المطالب العاجلة نضعها بين أيديكم لتكون أساساً أولية في أساس خطة شاملة لإنقاذ العناصر العربية في الجزيرة ……)) .
 
بعد عرض موقف السيد هلال فيما يتعلق بوضع الشعب الكردي عامة وأكراد الجزيرة خاصة لا بد من العودة إلى موضوعنا الأساسي ضمن سياق هذا البحث المتعلق بحقوق الإنسان في ظل القوانين الاستثنائية ومنها قانون الإحصاء .
  فقد أصدرت حكومة الانفصال برئاسة ناظم القدسي المرسوم التشريعي رقم /93/ تاريخ 23/آب/1962. والمسمى بقانون الإحصاء . القاضي بإجراء إحصاء عام لسكان محافظة الجزيرة .
إن الغاية من الإحصاء كما ادعت الحكومة حينها هي- تحديد عدد المتسللين من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية . بمعنى أنها ليست عملية إجراء إحصاء عام للسكان لتحديد عدد سكان سوريا كما تفعل دول العالم .
  نصت المادة الأولى من المرسوم رقم/93/ على ((يجري إحصاء عام للسكان في محافظة الحسكة في يوم واحد يحدد تاريخه بقرار من وزير التخطيط بناء على طلب اقتراح وزير الداخلية)) .
اما المادة السابعة منه فقد نصت على ((عند انتهاء عملية إحصاء السكان في محافظة الحسكة تشكل لجنة عليا بمرسوم جمهوري بناء على اقتراح وزير الداخلية لدارسة نتائج الإحصاء وتقرر تثبيتها في سجلات الأحوال المدنية الجديدة أو عدمه وأعداد التعليمات اللازمة لذلك)) .  ونصت المادة العاشرة منه على ((قبل تسجيل السكان في السجل المدني تقوم لجنة بالتحقيق والتثبيت بجميع الطرق والوسائل عن صحة البيانات المدونة في استمارات الإحصاء المدلى بها من قبل أصحاب العلاقة وخاصة بمطابقة هذه المعلومات على محتويات سجلات الأحوال المدنية الأساسية السابقة وعرض النتيجة على اللجنة المركزية لتقدير التسجيل أو عدمه)) .
 بالفعل تمت عملية الإحصاء بسرعة البرق في يوم واحد كما حددتها المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم /93/ وهو يوم 5/تشرين الأول/1962 وبموجب هذا (الإحصاء) الغريب والعجيب تم تجريد ما يزيد على /100/ألف مواطن كردي فقط ؟!. من الجنسية السورية بالرغم من امتلاكهم وثائق تثبت أنهم مواطنين سوريين منذ العهد العثماني وبعضهم أدوا خدمة العلم في الدولة السورية . وكانت النتيجة انقسام حاد في العائلة الواحدة . فمنهم مواطنون سوريون ومنهم اصبحوا بين ليلة وضحاها مجردون من الجنسية . وطبقاً لهذا الإجراء تم تقسيم المجتمع الكردي في الجزيرة إلى ثلاث فئات : 1- فئة ظلت متمتعة بالجنسية السورية 2- فئة نزعت عنها الجنسية السورية عنوة لعدم تسجيلهم في السجلات بموجب التعليمات الصادرة إليهم من السلطات المركزية . 3- فئة المكتومين .
إن الفئة الأولى محرومة من التمتع بأبسط حق من حقوقها القومية العادلة إلا أن الفئة الثانية بالإضافة إلى حرمانها من حقوقها القومية العادلة فهي محرومة أيضاً من حقوقها المدنية - الإنسانية لعدم امتلاكها سوى بطاقة حمراء كتبت عليها ((لم يرد اسمه في السجلات بموجب إحصاء 1962)). أما الفئة الثالثة الذين ولدوا بعد عام 1962 من أبوين مجردين أو أب مواطن وأم مجردة أو بالعكس . هذه الفئة أشد الفئات المنتهكة حقوقها الإنسانية لعدم اعتراف الدولة بهم عمداً وهم يعيشون في الأرض التي ولدوا عليها أباً عن جد كعناصر غريبة .
 وبمقارنة هذا المرسوم العنصري مع قانون الجنسية. والدستور السوري , لأنهما يشكلان المصدر الأول لوسائل الحماية والدفاع عن الحقوق المدنية والانسانية للفرد في سوريا , والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها سوريا نجد ان :
       نصت المادة الثانية من قانون الجنسية السورية على ((تثبت جنسية الجمهورية العربية السورية لمن كان متمتعاً بها وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 67 تاريخ 31/تشرين الأول/1961.
         حيث ينص المرسوم 67 على :
1- لمن تمتع بالجنسية السورية في 22/شباط/ 1958.
2- لمن اكتسب جنسية الجمهورية العربية المتحدة من المواطنين في المدة الواقعة ما بين 22/أيلول/1958 و 28 ايلول 1961.

أما المادة الثالثة من قانون الجنسية فتقول :
يعتبر عربياً سورياً حكمــا ً:
آ- من ولد في القطر أو خارجه من والد عربي.
ب- من ولد في القطر من أم عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا ً.
ج- من ولد في القطر من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو لا جنسية لهما ويعتبر اللقيط في القطر مولوداً فيه وفي المكان الذي عثر عليه فيه ما لم يثبت العكس .
د- من ولد في القطر ولم يحق له عند ولادته أن يكتسب بصلة النبوة جنسية أجنبية .
هـ- من ينتمي بأصله للجمهورية العربية السورية ولم يكتسب جنسية أخرى ولم يتقدم لاختيار الجنسية السورية في المهل المحددة بموجب القرارات والقوانين السابقة ويسري حكم هذه المادة ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بهذا المرسوم التشريعي .
كما أن المادتين 20 و21 من قانون الجنسية تحددان حالات وأسباب سقوط الجنسية السورية وتجريدها، أي إلغاء الرابطة القانونية بين المواطن والدولة والتي لا تنطبق على المجردين الأكراد بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962.
مما تقدم نلاحظ بأن المرسوم التشريعي رقم /93/ الخاص بإجراء إحصاء استثنائي متناقض كلياً مع مواد قانون الجنسية السورية وبالأخص مع المادة الثالثة من قانون الجنسية . وحتى لم يعتبروا الفئة الثالثة (فئة المكتومين) من اللقطاء ؟!…
 فالفقرة الأولى من المادة /25/من الدستور السوري تنص على :
((الحرية حق مقدس وتكفل الدولة حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم))) .
لو ألقينا نظرة متفحصة على واقع الكرد في سوريا عامة والمجردين من الجنسية  خاصة وتساءلنا : كيف يمكن للإنسان المحروم من حقوقه القومية المشروعة والإنسانية وبالأخص هذا الجيش الجرار الذين ولدوا بعد إحصاء 1962  تكون حريته مقدسة؟‍. وكيف يتساوى أمام القانون مع المواطن المتمتع بالجنسية في الحقوق والواجبات ؟1. وكيف يمكن لهذا المواطن الاسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كحق له بموجب الدستور السوري ؟‍!……
ان سوريا عضوة في هيئة الأمم المتحدة ووقعت وصادقت بمحض إرادتها على ميثاق الأمم المتحدة وعلى القوانين الصادرة عن الهيئة العامة بدءاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وانتهاءاً بحقوق الطفل… فمن الواجب أن تحترم توقيعها على تلك القوانبن .
فقد ورد في مقدمة ميثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ((يجب بأخذ الاعتبار والاعتراف بأن الكرامة هي خاصة يتمتع بها كافة أعضاء الأسرة الإنسانية وأن حقوقهم المتساوية التي لا تتجزأ تعتبر أساس الحرية والعدالة والسلام العام. وكذلك الأخذ بعين الاعتبار أن الاستخفاف والازدراء بحقوق الإنسان أدت وتؤدي إلى أعمال بربرية تثير سخط الضمير العالمي……)) . وقد نصت المادة /55/ من ميثاق الأمم المتحدة الفقرة /3/ على ((الالتزام العام ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بغض النظر عن الفرو قات العرقية والجنسية واللغوية والدينية)) .
كما نصت الفقرة /1/ من المادة /15/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على :
آ- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما .
ب- لا يجوز تعسفاً حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغير جنسيته.(22)
كما نصت الفقرتين /2-3/ من المادة /24/ من العهد الدولي بالحقوق المدنية والسياسية على :
2- ((يتوجب تسجيل كل طفل فور ولادته ويعطى اسماً يعرف به))  .
3- ((لكل طفل حق في اكتساب جنسيته)) .      
كما أن المادة الأولى من إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصر  ((يمثل التمييز بين البشر بسبب العرق أو اللون أو الأصل الديني إهانة للكرامة الإنسانية ويجب أن يدان باعتباره إنكاراً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكات للحريات الأساسية المعلنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعقبة دون قيام علاقات ودية سياسية بين الأمم ودافعاً من شأنه تعكير السلم والأمن بين الشعوب)) .
وأخيراً لا بد من إلقاء نظرة على الإعلان العالمي لحقوق الطفل فقد نص المبدأ الأول من هذا الإعلان على : ((يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق الواردة في هذا الإعلان، ولكل طفل بدون استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي أو الأصل القومي أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته)) .
كما نص المبدأ الثاني على: ((للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسماً وجنسية)) .
وهكذا وبعد أن عرضنا ما ورد في قانون الجنسية السورية والدستور السوري والشرعة الدولية وبعضاً من مواد المعاهدات والاتفاقيات الخاصة المتعلقة بحق من حقوق الإنسان , التي وقعت وصادقت عليها سوريا ، وبين ما يتم تطبيقه على أرض الواقع حيال الشعب الكردي في لبلاد من قبل أنظمة الحكم المتعاقبة   منذ الاستقلال وحتى تاريخه تبين للمرء بأن الذي يجري على الواقع مخالف لألف باء حقوق الإنسان ، ومواد  قانون الجنسية والدستور والمعاهدات والمواثيق التي تم ذكرها . بالإضافة الى انتهاج سياسة شوفينية حيال الشعب الكردي في سوريا , حيث عمدت إلى نزع ملكية الأراضي الزراعية لقسم من أكراد محافظة الحسكة – الجزيرة -  بموجب المشروع السيئ الصيت – الحزام العربي- حيث جلبت في عام 1973 عشائر عربية من محافظتي حلب  والرقة وتم إسكانهم قسرا في هذه المنطقة وتوزيع الأراضي المستولى عليها من الأكراد عليهم ، وإقامة قرى نموذجية لهم . بالإضافة إلى تقديممختلف   أشكال الدعم المادي والمعنوي من قبل السلطات المحلية للوافدين لتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين وتغيير ديموغرافية المنطقة .
      ان الآثار الناجمة من جراء استمرار القوانين الإستثنائية إلى يومنا هذا بعد أن فقد كل مبررات وجودها ، والذي يخول الحاكم العرفي صلاحيات استثنائية تسمح له بتعليق الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الواردة في الدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها سوريا هي مدمرة على الانسان السوري والمجتمع السوري والدولة السورية ايضا. أن مبرر استمرار وجود هذه القوانين هي (حالة الحرب مع إسرائيل) . إلاّ أن فرض هذه الحالة لهذه المدة الطويلة هي من أجل خدمة أهداف سياسية سلطوية بحتة بعيدة عن قضية الحرب وتحرير الارض أو تعرض الأمن أو النظام العام للخطر، لأن حالة الحرب مع إسرائيل قد تطول لسنوات عديدة اخرى ، بينما تنجم عن هذه الحالة   تعليق الديمقراطية ومصادرة الحريات العامة والشخصية بكافة أوجه استعمالاتها وصورها .
ان من المتفق عليه كما ورد في المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الفقرة آ انه((في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة والمعلن قيامها رسمياً يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود والتي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي )) .

نستنتج مما تقدم بأن هذه الحالة (حالة فرض القوانين الإستثنائية) المتصفة بالديمومة والاستمرارية منذ اكثرمن 40 سنة , قد فقدت كل مبرراتها الدستورية ، وهي قد اتخذت أصلاً لمصادرة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لأن هذه القوانين (الاستثنائية) جمد ت كل القوانين الاعتيادية الاخرى في سوريا طيلة هذه الفترة الطويلة .

***************

 


المراجـــــع

1. كتاب قانون الطوارئ والأحكام العرفية – عبد الله الخاني ، دمشق 1973 .
2. مجلة المحامون السورية مجلدات أعوام 1971-1972-1978-1979 .
3. حقوق الإنسان في الوطن العربي، مجموعة مؤلفين – مركز دراسات الوحدة العربية.
4. قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية- المحامي محمد إبراهيم الكويفي، دار الميلاد، دمشق.
5. دستور الجمهورية العربية السورية  الصادر بالمرسوم التشريعي 208 تاريخ 13 – 12 1973، دار الرازي عام 1979 .
6.     الجريدة الرسمية.  
7. حقوق الإنسان مجلدات 1-2-3. د. محمود بسيوني- ومحمد سعيد الدقاق- وعبد العظيم وزير منشورات العلم للملايين- الطبعة الأولى 1990.
8. حقوق الإنسان في الوطن العربي- حسين جميل- مركز دراسات الوحدة العربية.
9. حقوق الإنسان والحريات في القانون الدولي. بحث قانوني أعداد المحامي عارف جابو.
10. ما هي الديمقراطية- حكم الأكثرية أم الأقلية- تأليف آلان تدرين- ترجمة حسن قبيسي- دار الساقي دمشق.
11. مجلة عالم المعرفة العدد 183 لعام 1994 والعدد 192 لعام 1994.
12. مجلة عالم الفكر العدد 22لعام 1993 والعدد 27 لعام 1999.
13. مجلة الطريق العدد 3 لعام 1996 والعددان 2-4 لعام 1998. 
14. قانون الجنسية العربية السورية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 276 لعام 1969 وتعديلات
15. تقرير لجنة مراقبة حقوق الإنسان وقسم الشرق الأوسط- لعام 1996 
16. قانون العقوبات واصول المحاكمات العسكرية . بإشراف المحامي محمد إبراهيم الكويفي . دار الملاح دمشق
17. تقرير لجنة مراقبة حقوق الإنسان . قسم الشرق الاوسط لعام 1996 .
18. دفاعا عن قضية عادلة . منشورات حزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا (يكيتي ) رقم 6
19. دراسة للكاتب أصلان عبدالكريم : بعنوان النظام الشمولي : حالة سورية .
20. دراسة للكاتبة فيوليت داغر بعنوان : سمات حقبة
21.  مجلة الحوار عدد 21 .
22.  دراسة عن محافظة الحسكة من النواحي القومية – الاجتماعية – السياسية . اعداد الملازم اول محمد طلب هلال . رئيس الشعبة السياسية في الحسكة 1962.
23.  اليزيديون والديانة اليزيدية . تأليف شاكر عبدالفتاح .
24. قانون الطوارئ وأثره على حقوق الإنسان  المحامي هيثم المالح مجلة العدالة العدد 6

هوامش :
1 – المعدل بالمرسوم التشريعي ذي الرقم 79 تاريخ 2  –  10  –1971
2 - المعدل بالمرسوم التشريعي ذي الرقم 79 تاريخ 2 – 10 –1971
3 – عدلت بالقانون رقم 19 تاريخ 2 – 4 – 1980 

*************

 



#وليد_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وليد حنا - سوريا حقوق الإنسان في ظل القوانين الإستثنائية