أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الخفاجي - العراق ... ومحنة الثقافة















المزيد.....

العراق ... ومحنة الثقافة


محمد الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 1989 - 2007 / 7 / 27 - 10:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الوسط الثقافي العراقي والنخبة التي تنتمي إليه تعاني من معضلات جمة على مختلف الأصعدة ، سواء على المستوى الرسمي متمثلا بمؤسسات الدولة المختلفة أو على مستوى التيارات والأحزاب بمختلف توجهاتها والتي طرحت نفسها كممثل لشرائح المجتمع ، فقد همش دور المثقف في مرحلة من اخطر المراحل التي يمر بها العراق وتبوأ أشخاص يمكن القول عنهم ببساطة إن اغلبهم لا ينتمي لهذا الوسط وليس لهم صلة به ، ولم تكن لهم الخلفية الفكرية أو الثقافية في تبوأ مثل تلك المواقع الريادية ، ولم تكن مؤهلة للقيام بهذا الدور الفاعل ولا تؤمن أصلا بهذا المنهج ويمكن اعتبارها طارئة عليه ، وكانت نظرتها ولا زالت نظرة دونية دون الالتفات لما عانت منه هذه الطبقة الواعية منذ الأزل ، واعتبارها شريحة هامشية لا دور لها ولا فعل على ارض الواقع ... إن هذه النظرة القاصرة لدور المثقف ولوزارة الثقافة بالذات والذي قال احدهم في حينها واصفا وزارة الثقافة العراقية ب ( التافهة ) حين انيطت بأحد الكيانات السياسية وفق مبدأ المحاصصة سيء الصيت والذي أوصلنا لهذا المنحدر السحيق ... نقول حينما يكون تفكير بعض النخب السياسية والتي تحتل مواقع حساسة في صناعة القرار بهذا المستوى فكيف يمكن أن نبني دولة القانون والمؤسسات التي طالما تتغنى بها تلك النخب .
لقد لعب المثقف العراقي وضمن المراحل التاريخية المتعددة دورا رائدا في خدمة أهداف المجتمع وقدم العشرات إن لم نقول المئات ولازال من الشهداء على مذبح الكلمة الحرة الهادفة والتي فعلت فعلها في تنوير الوسط الاجتماعي ونقلته نقلة نوعية في البناء الفكري المتميز وانتشلته من الأفكار السوداوية المشوهة التي عبثت سنينا طوال لتضليله وإيهامه بالأفكار والأطروحات الشمولية التي دمرت البلد خلال حقبة طويلة من الزمن ، وقد تصدى المثقف لهذه الهجمة الشرسة وعانى من أبشع صنوف الظلم والاضطهاد والعسف حتى اضطر الكثير منهم إلى الهجرة واللجوء إلى مختلف أصقاع العالم المترامي الأطراف ، ولم تكتفي المؤسسة الشمولية بذلك بل راحت ابعد من كل التوقعات التي مورست عبر التاريخ المظلم ، فجردتهم من ابسط حقوقهم الإنسانية ولجأت بشكل تعسفي في محاربتهم بكل الوسائل والطرق الخبيثة حتى وصلت تلك الحرب إلى إسقاط الجنسية عن بعضهم باعتبارهم مرتدين عن الفكر القومي الشمولي المتخلف والمتحجر الذي لايؤمن بالحياة إلا من خلال الكهوف المظلمة وسراديب العفن الذي يلف كل ثناياهم . إن زلزال التاسع من نيسان 2003 قد قلب المعادلة الظالمة وكانت بحق تغييرا جذريا في بنى وركائز المجتمع العراقي ، وتفاءل الكثيرون وخاصة تلك النخب المثقفة التي حرمت من ممارسة حقها الطبيعي في التعبير ، فانبرت بفترة قياسية جدا إن تحتل الصدارة في تصديها للأفكار المنحرفة من خلال إصدارها لعشرات الصحف والمجلات والنشرات والدوريات ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وهي تتحدى كل القوى الظلامية والتي سادت على الساحة العراقية أبان فترة النظام المنقرض ، ولاقت رواجا وحشدا جماهيريا منقطع النظير وتفاعل معها المجتمع بمكوناته المختلفة والمتباينة مستوياته واعتبرت تلك النهضة ظاهرة صحية تستحق الدعم والتشجيع لممارسة حق التعبير والتي يعول عليها الكثير لبناء وترسيخ دعائم الأسس الديمقراطية في قبول الرأي والرأي الأخر واحترام الكلمة التي تدون على صفحات تلك الصحف والمجلات ، وتناغمت الأفكار مختلف اتجاهاتها والأطياف التي تتبناها ... وبعد مرور أكثر من أربعة أعوام على انتفاضة الصحافة ودورها المؤثر في مختلف مفاصل الدولة سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية والمرافق الحيوية الأخرى والتي تبنى على أساسها الدولة العصرية ... نفاجأ بأن هناك تيارا يحتل مكانا بارزا في القرار السياسي يحاول إن يضع العصي أمام عجلة الصحافة والمؤسسات الإعلامية الثقافية والمجتمعية الأخرى ليوقف المسيرة العملاقة التي غيرت كثيرا من المفاهيم السائدة خلال تلك الحقبة السوداء .
إن هذه الردة السائدة في تفكير القوى التي ابتعدت عن شعاراتها التي طرحتها أثناء العملية الانتخابية والتي كنا نعتقد بأنهم سيولون اهتماما بالغا للمسيرة الديمقراطية من تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات اللاحكومية من اتحادات ونقابات ، كاتحاد نقابات العمال واتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ونقابة الصحفيين ورابطة المرأة العراقية وغيرها من مؤسسا ت مدنية ، نراهم قد انحرفوا عن تلك الشعارات التي جاءوا بها قبل استلامهم للمراكز القيادية في هذا البلد البائس والذي لم يرحمه احد منذ الأزل وهمشوا دور تلك المنظمات بمختلف عناوينها ومسمياتها حتى وصل الحال بهم إلى محاولة استقطابها عن طريق الترغيب والترهيب لتكون بوقا لتلك السلوكيات .
إن الحال الذي أوصلنا البعض إليه دون مراعاة للمصلحة الوطنية التي أوعدوا الناس بها خيرا من خلال برامجهم السياسية ، نراهم يتراجعون حتى عن ابسط شعاراتهم كالولاء للوطن وحفظ دماء الأبرياء التي تسفك على مدار الساعة ، وللنخب الثقافية الحصة الأوفر من تلك الدماء ونسوا رغيف الخبز وكرامة الإنسان وأصبح جل همهم رواتبهم وامتيازاتهم وحصاناتهم وحمايتهم التي ستمنح لهم وكأنهم شريحة نزلت من السماء وتناست إنها جاءت وتبوأت المراكز القيادية بأصوات وتضحيات وتحدي الناس لبؤر الإرهاب التي سلطت سيوفها على رقاب الناس لتمنعهم من المشاركة في تلك الانتخابات التي أوصلتهم إلى سدة الحكم ، ذلك التحدي لقوى الظلام والردة من الأيتام والأزلام وفاقدي المصالح والامتيازات التي أغدق بها عليهم سيدهم المقبور ، ومن باب الحرص على سلامة المسيرة التي بدأت بخطى حثيثة بأن هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تمزق البلد وتعرضه للمزالق التي تكون نتائجها كارثية ، وكان الأجدر بالمسئولين الذين هم دون مستوى المرحلة أن يقدروا خطورتها وان يتنحون بإرادتهم دون ضغوط ليحفظوا ماء وجوههم وبذلك يسدون خدمة للعراق التي تتلاقفه الرياح من كل حدب وصوب وهو متجه نحو الضياع في الاستمرار في هذا النهج ، وبهذا الموقف سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه وليكن الإنسان المناسب في الزمان والمكان المناسب ونتجاوز هذه المرحلة العصيبة والشاذة بكل المقاييس ، ونرسخ روح الإيثار والتضحية بمصالحنا الذاتية والفئوية والطائفية والاثنية لبناء المفاهيم الديمقراطية والفدرالية بأسس متينة متماسكة بعيدا عن المزايدات والشعارات التي شوهت تلك المبادئ التي ندعيها ، كفانا قتلا ، كفانا تدميرا ، كفانا تهميشا ، أعيدوا الجنسية العراقية إلى شهيد الثقافة العراقية شاعرنا الكبير( ألجواهري ) ورفاقه ممن داهمهم الموت وهم بعيدين عن الوطن الأم أمثال ( بلند الحيدري ، عبد الوهاب ألبياتي ، نازك الملائكة ... وغيرهم ) و حتى نعيد رفاتهم لنعفر تراب الوطن برائحته الزكية ، ونضفي الابتسامة على شفاه الكلمة الحرة التي همها الإنسان .



#محمد_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفولة بين احضان الارصفة والتشرد


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الخفاجي - العراق ... ومحنة الثقافة