أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايلين فضول - الكذب ملح العرب















المزيد.....

الكذب ملح العرب


ايلين فضول

الحوار المتمدن-العدد: 1984 - 2007 / 7 / 22 - 12:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يختلف تقييم نفس السلوك حسب الزمان والمكان والفاعل، وفي حين يتفق الجميع عرباً وأجانب أن الكذب تصرف مرفوض، فإنهم يقدمون التبريرات ويغضون البصر عن كذبات محددة. ما هو الفرق بين كذبة الأم على جارتها وكذب الطفل على أمه؟ ولماذا يستدعي نفس السلوك في المرة الأولى التبرير وفي المرة الثانية العقاب؟ الفصام بين ما يقول الفرد وما يفعل هو مشكلة اجتماعية بالدرجة الأولى لا نفسية، فالفرد الذي يعيش تقديس قيماً معينة من قِبَل معظم المحيطين به، و هذه القيم لا تشكل بالنسبة له أهمية تُذْكَر، لا مناص أمامه من التظاهر بالالتزام بها لفظاً والابتعاد عنها فعلاً. وإذا كانت الغاية تبرر الوسيلة فإن بعض الوسائل تدمر الهدف وقد تعطيه تقييماً معاكساً، كمثل العمليات الانتحارية التي يقوم بها أفراد يائسون في مواجهة عدو جبار، عدد المدنيين الذين يقتلوا في هذه العمليات يتجاوز بأضعاف عدد المنوي قتلهم من الطرف المعادٍ، وكنتيجة لذلك توجهت أنظار المناصرين لعملية القتل المجاني إلى تصديق هاجس العرب الأول أي المؤامرة، فالقتلة يقومون بذلك بحسب اتفاق مع قوات العدو، وبغض النظر عن صدق هذا الأتفاق المزعوم أو عدمه، فالذين يموتون كل يوم أبرياء لا ذنب لهم، ولان الكل يكذب ضاعت الحقيقة بين أقدام المؤمنين، و لا زال هناك من يصر أن هذه المقاومة شريفة، بغض النظر عن الضحايا، فما يهم في عملية الحساب هو عدد خسائر العدو لا خسائرنا، فهم يعشقوا الحياة ونحن نعشق الشهادة. وسينسى الجميع أولئك الذين ماتوا والذين تشوهوا و سيصدقون فقط كذبة الجهاد ودحر الامريكان والصهاينة أياً كان الثمن، مع ملاحظة أن هذه الكذبة هي من نوع خداع الذات التي يمكن تبريرها فهم يكذبون على أنفسهم وهم المتضررون أولاً وآخراً في حجب الشمس بالغربال.
أما الكذب الذي يستعين به الانسان للوصول إلى غايته عن طريق خداع الآخر، فلهل سيطرح من جديد على طاولة البحث لتبريره؟
كذبة انتشرت منذ فترة قصيرة، شارك بها كثير من العرب، وصدقها القسم الباقي وبعد فترة سينسى الجميع أصل الكذبة ويصرون على أنها الحقيقة، ورغم أن النتيجة لم تُحسَم بعد، لكن بعد فترة سيتخذ العرب الكذبة التي كذبوها وصدقوها دليلاً على حقهم ومع التجاهل الرسمي لكذبة اخترعوها ستثور ثائرة المسلمين على التمييز ضدهم والديمقراطية المزيفة التي يخدعهم بها الغرب، هذه الديمقراطية التي يتجاهلونها هم أنفسهم في بلدانهم الأصلية ولا يفكروا أن يطبقوها حتى بشكل شخصي على الأقليات الدينية والعرقية أو ذوي الرأي الآخر في بلادهم.
أثيرت في الشهر الماضي في مدينة كولن الالمانية عملية بناء مسجد ضخم يتسع لأاكثر من لألفي شخص وبلغ طول كل من منارتيه الخمسين متراً، وبين معارض من الألمان المسيحيين واللادينيين وبين ومناصر من المسلمين أتراكاً وعرباً، مع ملاحظة أن المسجد يعود في الاصل للجالية التركية، انشغلت وسائل الاعلام بالنقاش الحاد والمظاهرات الموالية والمعارضة، وكعادتها حاولت إحدى المحطات التلفزيونية عبر موقعها على الانترنت أن تقيس الرأي العام ( الذي تعترف كل وسيلة إعلامية تتمتع بالحد الأدنى من المصداقية، بإنه يعبر فقط عن آراء المشاركين به) تجاه هذه المسألة. و كالعادة هب العرب في كل مكان للدفاع عن المسجد المنوي بناءه. قد يبدو منطقياً رغبة المسلمين الموجودين في أي مدينة في ألمانيا بمناصرة أخوتهم المسلمين للحصول على حقهم في بناء مكان عبادة لهم، ومع التغاضي عن سلوك الكثير من الأجانب في التهرب من الضرائب والعمل بالاسود للحصول على راتب البطالة، أو اللجوء إلى ما يسمى الزواج الاسلامي وهي تعني أن الزوجان يتزوجان تحت رعاية شيخ، لكن دون تسجيل الزواج في دائرة النفوس لكي لا ينقص مبلغ الإعانة سنتاً! هذا السلوك الذي يناقض الكثير مما ينص عليه الاسلام. رغم ذلك يمكن تبرير هرولة المسلمين لدعم أخوتهم طالما أن التصويت مجاني عبر صفحة الانترنت، وهو بعكس التصويت عبر الهاتف قد يكلف صاحبه قليلاً من المال، لكن ما لا يمكن تبريره هو دعوة المسلمين في البلاد العربية للتصويت على مشروع بناء الجامع، هؤلاء الذين لا يعرفوا من اللغة الالمانية حرفاً مدعوون للتصويت لمساعدة أشقاءهم المسلمين في ألمانيا. وانتشر رابط التصويت في الكثير من المنتديات، ليشير بدقة إلى موقع الجواب المطلوب، وساهم فيه من يعنيه وجود جامع في ألمانيا قد يصلي به ذات مرة، و من لا يعنيه لإن ألمانيا بالاصل ليست بلده، ودعا كل فرد للآخر بأن يضع الله فعله في ميزان حسناته، متجاهلين أنهم يكذبون ويزورون، وارتفعت النتيجة إلى أكثر من النصف بعد أن كانت لا تتجاوز الربع. أحد المجاهدين الفكريين عرض في صفحته الخاصة سؤال الاستبيان مع ترجمته ووضع إشارة على الرأي الذي يناصر حق المسلمين في بناء الجامع، وعرض خدماته لمساعدة أي شخص لا يتمكن من التصويت بأن أبدى استعداده للارشاد هاتفياًً لكيفية الاجابة عن سؤال واحد فيه ثلاث خيارات.
توقف الاستفتاء دون أن يدري أحد لماذا، هل انكشفت عملية التزوير؟ أم أن مدة الاستطلاع انتهت؟ لو التزم المسلمون بالتعاليم الأخلاقية التي يزخر بها كتابهم، وتعاملوا مع الآخر بصدق سواء كان موحداً أو ملحداً، لو التزموا بقوانين الدولة التي أجارتهم، مع التأكيد أن هذه الدولة ليست سماوية ولها أجندتها الخاصة، يتجاهل المسلمون الهدف من مساعدتهم عندما يسعون للجوء إلى أرضها والتمتع بخيراتها ومساعداتها التي لا يستحقها معظمهم، لكن عند حلول موعد التزامهم بواجباتهم تجاه الدولة التي دفعوا كل شيء في سبيلها، فكذبوا وزوروا للوصول الى أرضها، سيبدئون بتحليل دوافع الدولة في استقبالهم وانها امبريالية تسرق خيرات الشعوب لتصنعها وتبيعها لهم من جديد، وهذا كله لا يجانب الحقيقة كثيراً. لكن السؤال هو عن تلك الرغبة المستميتة في البقاء عند صدور أمر الترحيل ـ لأي سبب يتعلق بمخالفة القانون فيهاـ هذه المخالفات التي تتعلق غالباً بالادعاء كذباً للحصول على ميزة ما، ستكون وقتها خير وسيلة للدفاع عند كشف تلك الكذبة التذرع بالاضطهاد السياسي أو الديني في بلده، ومن بين عشرات المهاجرين أو ا للاجئين السياسيين المدعين الذين يعرفهم كل منا، كم يبلغ عدد اللاجئين بالفعل.
طبعاً لا توجد كذبة مبررة وكذبة مدانة، كله كذب أياً كان هدفه، لكن هل تستوي الكذبة التي تنشر في الفضاء الالكتروني دون أي خجل ويدعو صاحبها المؤمنين إلى اعتماد الكذب لتمرير بناء مسجد، مع ملاحظة أن عملية البناء ستتم في الغالب دون سيوف الكذب التي أشهرها المسلمون في كل مكان، وهم يحاربون طواحين الهواء تماماً مثل سلفهم دونكيشوت في تلك الرواية المشهورة.

ملاحظة: يمكن التأكد من بعض عنواين المواقع الداعية إلى التزوير ( الكذب المقدس) بالبحث عن طريق غوغل باستعمال الكلمات: كولن تصويت مسجد ألمانيا. ستجد الكثير من المواقع الجهادية التي حللت التزوير والكذب



#ايلين_فضول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايلين فضول - الكذب ملح العرب