أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مي أحمد - قصخون رشيد خيون















المزيد.....



قصخون رشيد خيون


مي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1976 - 2007 / 7 / 14 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




# فجيعة كبيرة يتعرض لها دارسوا التاريخ بعد إنهاء دراساتهم وهي إيمانهم أن لا أحد يتعض من حكم ومواعظ ودروس التاريخ , وان الحتميات التاريخية الكبرى حين تقع فهي على الأغلب تقع بمعزل عن الإتعاض من عبر الزمان في كل مكان وعلى كل انسان .
أما الفجيعة الأخرى عند الدارس الحقيقي للتاريخ , فهي التساؤل عمن يقرأون أو يكتبون التاريخ !!؟
يقرأ التاريخ ويكتبه : مستفيد منه , فيحول كالحه الى بياض وسخامه الى لبن حليب .
ويقرأ التاريخ ويكتبه : متضرر منه , يعتبر كل بياض فيه نقطة سوداء وكل بشارة خير شؤما وتطير .
ويقرأ التاريخ ويكتبه : بشر أسبابهم شتى , التاريخ عندهم مثل عصا موسى يتكؤون عليها , ويهشون بها الغنم , ولهم فيها مآرب أخرى .
ومن لايعنى بتسجيل التاريخ فهو شخص لا علاقة له بذاك التاريخ .
ومن هنا جاءت بعض التنظيرات في هذا البلد او ذاك لإعادة كتابة التاريخ وتقييمه بنظره موضوعية بعيدة قدر الإمكان عن ميزان الربح والخسارة أو الميل والهوى , من أجل أن نفهم كبشر حقيقة الحقب التاريخية التي سببت صورة حياتنا الحالية ومجتمعاتنا المعاصرة .

الأستاذ ( ي . الوتري ) صديق غالي جمعتني وإياه معرفة محددة حين كنا في العراق , ثم فرقتنا صروف الدهر وألاعيب الزمان , وفجأة تلاقينا على هذه الشبكة العجيبة التي اسمها الأنترنت ... هو في قلب أوربا النابض ... وانا في المحروسة كانبيرا في استراليا , فرق التوقيت بيننا يوم , حين يصحو أحدنا ينام الآخر في البقعة التالية من الأرض .
سألني قبل فترة عن كتابات رشيد خيون فقلت له أنني قرأت له لكن كتاباته لا تعجبني , فيها قابلية جيدة على جمع المعلومات لكن الكاتب يكتب عن الأشياء بضغينة مسبقة ولابد أن تبدر منه هناك أو هناك كلمات تكشف عما بداخله والذي يتنافى أحيانا مع حيادية البحث العلمي . فقال لي : حرام عليك أن تظلمي الرجل وكتاباته سأرسل لك الطبعة الثانية من كتابه المذاهب والأديان بالعراق وستجدينه يعترف بنفسه بمشقة البحث وصعوبة الكتابة .
في الحقيقة كنت قد قرأت هذا الكتاب قبل سنتين عند صديقة تسكن معي في نفس المدينة ومن خلال تلك القراءة كونت رأيي , غير أن صديقي ذكر لي أن الطبعة الثانية منقحة ومزيدة فوافقت على استلامها .
# باديء ذي بدء يجب أن نقرر أن الدين أي دين هو صورة أو شكل العلاقة الروحية التي تربط الفرد بالكون الذي نعيش فيه , تصوره عن الوجود والمصير , ولذلك لا يجوز إغفال الحديث عن أي شكل من اشكال هذه العلاقة باعتبار أنها من وجهه نظر المؤلف لا تعتبر دينا . وأجد قصورا كبيرا في الكتاب أنه أغفل الحديث عن العلمانية باعتبارها شكلا من أشكال الوثنية .

المجتمع العراقي القديم وثني نشأت فيه ديانات آشورية وبابلية وسومرية وأكدية . وعلى هذه الأرضية الوثنية انتشرت أديان أخرى توحيدية وغير توحيدية لكن الجذور الوثنية أو الميول الوثنية لم تختف تماما من المجتمع العراقي , فكان العراقيون ينطلقون من هذه الوثنية الى ديانة جديدة يدعون اليها بالترغيب أو القوة , ثم سرعان ما يتراجعون عن تلك الديانة لأي سبب من الأسباب لينطلقوا من تلك الوثنية من جديد الى ديانة جديدة أخرى , وهكذا عاشت في العراق عشرات الأديان التي كان العراقيون يتحولون اليها ومنها حسب إملاءات زمانهم ليعودوا الى وثنيتهم .
حين التقت هذه التوجهات أو الميول الوثنية بالفكر الشيوعي أنتجت لنا نوعا من العلمانية التي تنسب الوجود الى الطبيعة وتنسب الخلق الى التراكم الكيفي والنشوء والإرتقاء ولا تؤمن بوجود رب أو خالق بالمعنى الذي عند البشر خصوصا الموحدين منهم .

نوع آخر من العلمانية التي يؤمن أتباعها بوجود خالق عظيم للكون والإنسان , لكنهم يؤمنون أن الخالق منحنا عقولنا وعن طريق التجربة والخطأ وتراكم الخبرة يستطيع الإنسان تلمس علامات دربه في الحياة , وأن الله لم يبعث نبيا ولا كتابا وأن من العبث التقول على الله بمثل هذا الكلام ... وما الأديان إلا أحزاب معارضة قديمة استمدت فكرها من السماء أيام كان الملك القديم يستمد سلطته الدينية والدنيوية من السماء أيضا , وبتجريد الديانة ( أية ديانة ) من قدسيتها ومناقشتها بموضوعية وتجرد تكشف كم من ( المهازل أو الأحاجي ) التي وقعت فيها , وعندما تسأل عن سبب وقوعها يقال لك : لإثبات عظمة الخلق وقدرة الخالق . وكأن الخالق من بعد ابداعه الكون محتاج الى حركة إضافية للبرهنة على قدرته .
من ناحية ثانية لو جردنا حياة الأنبياء من قدسيتها ونظرنا اليهم كبشر فسنجد كلا منهم وقد ارتكب العديد من الأخطاء التي ما كان عليه الوقوع فيها .. ولكن من يجرؤ على مناقشة ذلك ؟

النوع الثالث من العلمانية هي علمانية انتهازية ,, تؤمن فقط بسياسة فصل الدين عن الدولة , تنتهزها الأكثريات الدينية في المجتمع لتجريد الأقليات من حقوقهم الدينية وبعضا من حقوقهم المدنية , يحتفظ هذا العلماني بدينه ومذهبه وفروقه الفردية لكنه يريد دولة علمانية يستمد دستورها من روح وأحكام ديانته , معمما هذا الدستور على أبناء الطوائف والديانات الأخرى باعتباره قانونا مدنيا لا دين له , في الوقت الذي يرفض اقتباس فقرات قانونية من ديانات أخرى باعتبارها تتعارض مع معتقده هو . ناهيك عن فصل تشريعات الأحوال الشخصية وقوانين حماية الأسرة بين أتباع الديانات المختلفة , واذن : ماذا تبقى للدين غير متصل بالدولة ؟؟؟

إن الإقرار بالعلمانية والإقرار بوجود روح وثنية في المجتمع تساعدنا كثيرا على فهم بعض الظواهر التي ستبدو غريبة وغير مفهومة عند انكارهما . لكن الكتاب لم يتطرق الى هاتين النقطتين لا من قريب ولا من بعيد .

# الفصل الأول من الكتاب تحدث عن الصابئة المندائية وفي عدة مواقع من هذا الفصل يرجع المؤلف أصل الصابئة الى ( الكلدانيون وهم البابليون ) صفحة 34 و( الكلدانيين أي البابليين ) صفحة 36 . الكلدان ليسوا بابليين .. والبابليون ليسوا كلدان , بل هما قومان مختلفان وهذه هي تفاصيلهما : الكلدان من الأقوام السامية ويتحدثون باللغة الآرامية يعيشون شمال العراق وجنوب شرق تركيا وشمال غرب ايران وقد عاشوا قديما قرب عاصمة الآشوريين نينوى .
الأسم كلدي وكلدو وكلداني وكلدان ظهر منذ سنة 900 قبل الميلاد وقد نجح الكلدان سنة 625 قبل الميلاد في فتح بابل وتأسيس امبراطورية كلدانية عظيمة عاشت لغاية عام 539 قبل الميلاد حيث سقطت على يد كورش الفارسي .
الكلدان من أول الذين اعتنقوا الديانة المسيحية حيث بقيوا لغاية القرن السادس عشر جزءا من الكنيسة الشرقية الآشورية وبعدها انفصلوا عنها ليأسسوا الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية .
الدولة البابلية الحديثة أسسها والد نبوخذ نصر واسمه نبوبلاسر وهو من عشائر آرامية صعدت من الخليج العربي الى جنوب العراق , وهو زعيم قبيلة كلدو , اعلن استقلاله عن السيطرة الآشورية سنة 626 قبل الميلاد وأسس ( الإمبراطورية الكلدية ) وليس الكلدانية ولا توجد أي رابطة أو آصرة ما بين الإمبراطورية الاولى وهذه الثانية .... واذن من أين صار الكلدانيون بابليين ؟؟
في الصفحة 41 يذكر المؤلف عند حديثه عن الكنزاربا الكتاب الصابئي المقدس هذه الجملة (( حرص المندائيون على ترك ترجمته مرة أخرى حتى العام 1997 , ليظهر في ترجمة جديدة صدرت في بغداد , شوهتها صياغة الشاعر المندائي عبد الرزاق عبد الواحد . أخبرني الريش أمة الشيخ عبد الله نجم : كانت كفر في الدين , وهي جريمة بحق ديننا ومقدساتنا , وأضاف في لقاء خاص معه : أن لديه ترجمة بالعربية يحتفظ بها عند ولده الشيخ رافد )) انتهى . لست بصدد الدفاع عن عبد الرزاق عبد الواحد , ولكن في محضر الدفاع عن الحق , رشيد خيون ذكر في الطبعة الأولى من الكتاب انه التقى بالشيخ رافد في لندن ولم يذكر انه التقى بالمرحوم الشيخ عبد الله نجم ... فمتى وأين كان هذا اللقاء قبل فتح بغداد أم بعدها ؟؟
من ناحية ثانية الشيخ عبد الله وابنه الشيخ رافد , أي منهما لم يبدي اعتراضه أمامي على ما كتبه عبد الرزاق عبد الواحد من ترجمة للكنزاربا ... وقد كنت التقيت بهما عدة مرات في معبد الطائفة الواقع على نهر دجلة في الكرادة _ بيوت الوزراء , وإن كانا يبديان بعض الضيق من قصيدة عبد الرزاق عبد الواحد التي طلب فيها الشاعر من صدام حسين أن يعامل الصابئة كجنود مثل كل العراقيين الآخرين ولذلك ألغي قرار استثناء أبناء الطائفة من التجنيد للحرب مع ايران , بعد أن كانوا معفيين من المشاركة فيها .
ولنفترض أن عبد الرزاق عبد الواحد أنجز نصا لا يطابق المفهوم الأصلي للكتاب المندائي المقدس كنزاربا... اذن ما هي السلطة الدينية والروحية للريش أمة المرحوم عبد الله نجم اذا لم يتمكن من فعل شيء لوقف ما يسيء الى الديانة عن طريق نشر نصوص محرفة لتعاليمها ؟؟ نية الإساءة الى عبد الرزاق عبد الواحد باعتباره قد لقب من قبل صدام بشاعر العرب الأكبر , قد أسأت الى الطائفة كلها بتصوير أن زعيمها الروحي رجل لا كلمة له ... وفي ماذا ؟ في وقف نشر نسخة مشوهة من كتاب ملته المقدس !!!؟ أليست الموضوعية مطلوبة ؟ في كثير من الأحيان الضغينة المسبقة تفقد المرء موضوعيته في الحديث وتسيء الى بشر من المحبذ ذكر اسمائهم بما يليق بها من توقير وحقا وصدقا المرحوم عبد الله نجم رجل يستحق كل تبجيل لما يملكه من كريم الصفات .
# الفصل الثاني من الكتاب تحدث عن الأيزيدية وقد تناول المؤلف تاريخ ديانتهم من نواحي مختلفة في الصفحة 83 يذكر الكتاب أن السلطات العثمانية أصدرت أوامر مشددة بشأن اتباع الطائفة باعتبارهم طائفة اسلامية مرتدة وانهم كفار أصليون يخيرون ما بين العودة الى الاسلام أو الموت .
من المؤكد أن الدولة العثمانية لم تكن لتستحي لو أرادت قتل اتباع هذه الطائفة لأي سبب كان .. ولا نظنها بحاجة الى تبرير فعلها والظلم متفشي في كل مكان . ولكن كونها تمتلك أدلة على ما إدعت فقدمت للأزديين هذا الإتهام . ولننظر الى الأمر من زاوية أخرى .
العراقيون والعرب أمة من عبدة الأوثان لمدة آلاف من السنين . وعبادة الأوثان عادة متأصلة في تفكيرهم من المستحيل زوالها بمجرد ظهور دين جديد ودخولهم فيه بل يحتاجون الى مئات السنين كي يتخلصوا من وثنيتهم فعلا وليس كلاما أو ادعاء .
جاء الاسلام فدخل فيه آلاف منهم ... وكانوا عريقين في الوثنية حديثين في الإسلام والدين والتدين لم يكن تقليدا عندهم وأنما موجة حديثة تبعها أغلبهم بحد السيف , ولم تمض إلا سنوات قليلة حتى وقعت المشاكل السياسية بسبب الخلاف على الحكم , رهيبة فترة الإضطرابات السياسية التي رافقت تأسيس الدولة الأموية ... وظهور حركة الاعتزال , وسنجد عامة الناس وكعادتهم في فترات الاضطراب ... انهم ينكصون اجتماعيا بالتخلي عن الجديد الذي اعتقدوا به والعودة الى مزاولة عادات درج عليها آبائهم وأجدادهم , لأن ذلك يشعرهم بالأمان الاجتماعي .
عدي بن مسافر وجماعته وحسب مصادر تاريخية كثيرة كانوا من أفراد الجيش الأموي الذي جهز لمقاتلة الحسين في موقعة الطف , بعدما رأوا ما حصل للإمام الشهيد وعائلته ورهطه , أصابهم أشد الندم وخافوا على أنفسهم إن عادوا بندمهم الى الشام لئلا ينكل بهم فتوجهوا الى مناطق سنجار واعتكفوا مع أهلها الذين لم يكونوا مسلمين . ومن مزيج كل العقائد والأفكار التي وجدت في تلك البيئة نشأ الفهم الأيزيدي للدين . اذا رفضنا الاعتراف بوثنية المجتمع ورفضنا فكرة التراجع عن الاسلام ( الذي دخله حتى أهل مكة بحد السيف , والآن صار خطرا بسبب الخلاف الناشب ) فكيف سنفهم ماذا حصل وكيف حصل ؟ هل يعتقد حقا أن أنسانا عبد أباؤه وأجداده الصنم آلاف السنين , ثم أسلم هو بحد السيف وبعد عشرين أو ثلاثين عاما , نشبت حرب كتلك التي رافقت نشوء الدولة الأموية , سيبقى على إسلامه ؟ أعتقد أن هذا ضرب من المحال , خصوصا لأولئك الذين يكونون قادرين على الإبتعاد عن عامة المسلمين وسطوة السلطة الحاكمة .
أهل الكوفة الذين بايعوا أبا عبد الله ثم خذلوه بنكث عهدهم معه وتركه مع سبعين شخصا من عائلته لقمة بيد الجيش الأموي عبروا عن ندمهم بشكل آخر . ظلوا مسلمين لكنهم أحيوا عادة عراقية قديمة كان يحتفل بها كل عام في موسم نزول عشتار الى العالم السفلي وما يصاحب ذلك من قراءة أدعية طويلة وبكاء وعويل ولطم , أحيوا هذه العادة رغم أن بعضهم وخصوصا أهل الحيرة كانوا قد تركوا الوثنية الى المسيحية منذ مئات السنين , ثم غادروا المسيحية الى الاسلام قبل حين . وهذه هي الخلفية التاريخية الإجتماعية لما يحصل كل عام في احتفالات عاشوراء .
في الصفحة 99 يعود رشيد خيون الى عادته في كيل الإتهامات فيقول (( الأيزيديون موزعون بين حكومة اقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد , والأمير مقيم في سنجار ولم – كذا - يأت الى لالش إلا في المواسم . عند ظهور تمثال طاووس ملك والسناجق فهي أيام مربحة فهو- كذا - موسم النذور والتبرعات , ولعله ينظر الى الأمور بمنظار آخر فهدية اقليم كردستان – 40 الف دولار أمريكي - وتأسيس دائرة الشؤون الأيزيدية وتعمير البناء والحياة في المعبد التي سيتولاها الشباب الأيزيدي المتنور ستهز مكانته وقد تضعف من سطوة الأمير في المناطق التابعة للحكم المركزي مثل سنجار وبعشيقة وقسم من الشيخان ورغم العوائق التي يحاول الأمير وضعها أمام شباب ملته .... )) انتهى .
أمير الملة وحتى يضمن معاملة طيبة لملته فهو مضطر الى التعامل مع الحكومة المركزية حتى لو كانت أتعس حكومة على وجه الأرض . فهل المطلوب منه أن يتقاطع مع الحكومة المركزية كائنة ما كانت ليجلب الويل والتنكيل لطائفته .. ومديح الكتاب والمؤلفين لنفسه !!!! ؟
مله صغيرة مغلوبة على أمرها صارت عرضة للحكومة المركزية وحكومة الكرد الذين أتيحت لهم فرصة الانفصال عن العراق , فمد الطرفان يديهما للطائفة الأيزيدية ليس حبا وكرامة وانما دفعا الى الهاوية ... ما المطلوب من أميرها أن يفعل غير محاولة التوفيق في المواقف الى أن تمر الأزمة ؟؟ وهل يستحق أمير طائفة وهو زعيمها الروحي أن يقال بحقه هذا الكلام ؟
السلطة المعنوية التي يملكها الكتاب _ أي كتاب _ هي في صدق معلوماته وليس في إطلاقه للأحكام خصوصا حين تكون جائرة وتفتقر الى النظرة الموضوعية .
يعود رشيد خيون في ص 100 الى الطعن بشخص آخر هو الأمير بايزيد الأموي , حين أعلن انه عربي أموي الأصول في نهاية الستينات من القرن الماضي . اليد الحكومية الخفية لتشكيل هذا الموقف واضحة بشدة . المنطقة تغلي كرديا والحكومة المركزية تضع الترغيب والترهيب على هذه الفئات الأقلية من أجل دفعها لعدم التحالف مع الكرد ... من يعرف ما هي الخلفيات التي أوصلت الى هذا الإعلان وما دار فيها ؟؟
# الفصل الثالث من الكتاب يتحدث عن اليهودية يقول في صفحة 118 (( ما يعترض عليه أهل الأديان السماوية هو محاولة اثبات انحدار موسى من الأسرة الفرعونية بمصر )) . وكان الأصح أن يقول الكتاب ( ما يعترض عليه اليهود ) لأن لا المسيحيين ولا المسلمين , يهمهم بشيء من أين ينحدر أصل موسى .
ول ديورانت مؤلف الكتاب الرائع ( قصة الحضارة ) والذي أفرد فيه فصلا كاملاعن النبي محمد ( ص) معتبرا إياه أعظم شخصية أنجبها التاريخ , ديورانت ليس وحده الذي يثير التساؤلات حول أصل موسى الفرعوني , ولكن عالم النفس فرويد يتحدث في مقالة له عنوانها ( موسى والتوحيد ) عن نفس الموضوع وبسبب هذه المقالة تدمرت علاقة فرويد مع ابناء ملته من اليهود ولذلك شوهوا سمعة نظريته في التحليل النفسي حتى بدت كأنها نظرية عن الجنس , مع ان النظرية تتكلم عن كل المكبوتات .. والمكبوت الجنسي جزء من المكبوتات وليس كلها .
قام المصريون بترجمة هذه المقالة الى العربية عام 1956 في فترة العدوان الثلاثي عليهم , ووزعت على شكل كراس به حوالي 30 صفحة وتوجد نسخة منها في مكتبة الجامعة المستنصرية في بغداد لمن يريد الإطلاع عليها .
في الطبعة الأولى من كتابه ذكر رشيد خيون انه سمع من السيد مير بصري رئيس الطائفة اليهودية العراقية أن الأستاذ الجليل الدكتور أحمد سوسة قد غير دينه اليهودي الى الإسلام من أجل أن يصير مديرا عاما . لكنه في الطبعة الثانية في صفحة 117 يقول (( وحسب يهود عراقيين أنه فعل ذلك من أجل منصب مدير عام )) ولا أدري سر هذا الإصرار على ايذاء الرجل في عقيدته ؟؟ وأحسب أن تغيير اسم الشهود الذين ذكروا في الطبعة الأولى .. فيه دسيسة طبخت بليل . واصرار وتعمد على إلحاق الأذى بالرجل دون مبرر يذكر .
قد يكون من حق اليهود أو رئيس طائفتهم استنكار اسلام أحمد سوسة ومحاولة إلصاق كل التهم النفعية بشخصه الكريم لأنه أنكر دين آبائه وأجداده وصار مسلما , ولكن ما هو مبرر رشيد خيون !!!!؟
نطلع على المعاملة التي يلقاها بعض النفعيين من مسلمينا حين يتوجهون الى بلاد الغرب مدعين رغبتهم في اعتناق المسيحية وكيف تتبناهم الكنائس بالترحيب والدلال علما أن بعضهم لا يساوي سعر الحذاء الذي ينتعله ... فلماذا نستكثر الاسلام على عراقي ابن عراقي التصق بأرضه وتعلم وخدم فيها .. وحين قرر اعتناق الاسلام فانه لم ( يذهب الى الجامع ويفض الشغلة ) كما فعل بعض من تحدث كتاب رشيد خيون عنهم ... لكن الرجل أعلن اسلامه وتشيعه بوثيقة صادرة من الجامع الأزهر , والجامع الأزهر ليس أي جامع عند المسلمين إنما يمثل واحدا من مرجعياتهم .
وأظن لو أن ألاستاذ أحمد سوسة أسلم ليصير مديرا عاما فما كان سيعلن تشيعه في دولة حكومتها سنية ... هل يكفي هذا لإسقاط الطمع عن الدكتور سوسة ... أم ستجدون لها مخرجا آخر؟
هل يستحق منصب مدير عام كل التضحيات الجسام التي قدمها أحمد سوسة ؟ قلة هم الذين يدرون بالكمد الذي قتله به العراقيون في آخر سنوات عمره ؟ لأنهم يغارون من علمه وعبقريته ويعرفون أنه أفضل منهم جميعا فصاروا يحوكون ضده المكائد ؟
ومن هو الذي يعرف الظروف الغامضة التي مات فيها علي أحمد سوسة وهو جندي في ايام قادسية صدام ( المجيدة ) ؟ ومن يدري شيئا عن معاناة الإنسانة الفاضلة الدكتورة عالية أحمد سوسة مع فيلق الدكاترة وكلاء المخابرات في الجامعة المستنصرية حين حاكوا لها الدسائس كما حصل مع والدها وأرغموها على مغادرة الجامعة منذ ثمانينات القرن الماضي ؟
من يعرف عن الحرب الشعواء التي شنتها اسرائيل لجمع مؤلفات الدكتور أحمد سوسة من المكتبات الخاصة والعامة لإتلافها حتى لا يبقى للرجل أثر , وكتبه دائمة الإختفاء من المكتبات رغم كل محاولات ابنته الدكتورة عالية لطبعها وإعادة توزيعها .
هل يظن أحد لو أن أحمد سوسة كان قد سافر مع بقية أهله الى اسرائيل فأنه لم يكن يتحصل على منصب مدير عام هناك . لذلك غير دينه وبقي في العراق حتى يحصل على المنصب هنا!!؟ هل هذه هي سماحة المسلم وهو يستقبل أخا جديدا له في الدين ؟ صدقا ان الكلام هذا بحق الرجل الفاضل هو تشويه لما تبقى منه والذي لم تستطع اسرائيل شراءه وحرقه .
# في الفصل الرابع يتحدث الكتاب عن المسيحية لكنه في الصفحة 178 يقول ( ولا نعرف ديانة خديجة بنت خويلد قريبة ابن نوفل وزوجة النبي الأولى , فربما كانت قبل الاسلام مسيحية ايضا ) انتهى .
منذ الدراسة الإبتدائية ونحن ندرس في درس الدين ومن ثم درس التاريخ أن السيدة خديجة كانت نصرانية وهو ليس سرا بعيد المنال على باحث جمع كل هذه المعلومات فلماذا تجاهل ديانة السيدة خديجة قبل الإسلام ؟
لفهم العلاقة بين الأديان التوحيدية الثلاثة علينا معرفة مبرراتها ودوافعها وهي كالتالي : لاحظ الفرعون أخناتون أن الأمم الداخلة تحت حكمه كثيرا ما تتنازع فيما بينها بسبب اختلاف أربابها واختلاف تعاليم أربابها . لذلك فكر في توحيد الأرباب كلها في رب واحد ونبذ تعدد الأرباب . كهنة المعابد لم يرقهم هذا الحال خصوصا حين عرفوا انه ينظم لدعوتهم الى حفلة ويتم إقفال الأبواب عليهم حال وصولهم و قتلهم جميعا دفعة واحدة , دبروا مكيدة قتلوه فيها قبل أن يتمكن منهم , واحد من قواده أو أفراد عائلته أو ابن له اسمه رعموس تمكن من جمع الموحدين والفرار بهم من مصر الى فلسطين وتمت تسميتهم بالعبرانيين .
المشاكل التي تعرض لها العبرانيون في التيه وانقسامهم الى أسباط , وعبادة قسم منهم للعجل الذي نحته السامري , أخرجتهم عن ديانة التوحيد ..... فجاءت النصرانية التي نبيها يسوع الناصري , آمن به اليهود الذين كانوا ما زالوا على التوحيد كما آمن به غيرهم من الناس , لذلك تجد النصارى يؤمنون بالعهدين القديم والجديد أي بالتوراة والإنجيل , ويحرمون أكل الخنزير وشرب الخمر . بالضبط مثلما فعل الإسلام الذي جاء بعدهم داعيا الى العودة الى دين التوحيد .
بمرور الوقت خرج بعض النصارى عن ديانة التوحيد بتأليه المسيح عيسى ابن مريم واعتباره ابن الرب , وتقديسهم للأقانيم الثلاثة الأب والأبن والروح القدس وتبدل اسمهم من نصارى الى مسيحيين وهم يؤمنون بالإنجيل دون التوراة .
السيدة خديجة كانت نصرانية متزمتة ولم تكن مرتاحة لما صار اليه حال النصرانية بعد هذه التطورات , لذلك حين عرفت بأمر نبوة زوجها محمد كانت هي أول من آمن به وتبعها من أهلها ابن عمتها ورقة بن نوفل وكان عالما متبحرا بالدين وجمع من الرهبان آمنوا بالإسلام وصدقوا النبي وكانوا عونه على نشر تعاليم دينه الجديد .
اليهود والمسيحيون والمسلمون يعبدون نفس الإله الواحد الأحد وهم ثلاثة وجوه لدين واحد هو دين التوحيد . الذي يعيش في المنطقة العربية أو أوربا يظن أن ديانة التوحيد هي كل ما على الأرض ... لكن تجربة العيش في الشرق الأقصى تغير هذا الأنطباع تماما حين نجد دياناتنا التوحيدية مثل نقطة في بحر من السيخ والبوذيين والهندوس .
في الصفحة 188 يذكر خيون ( ... يضاف الى ذلك أن معاوية لم يكن متيدنا فيتعصب دين آخر , ولو كان هناك خطر من المسيحيين لعاملهم بالقسوة التي عامل بها الشيعة , ومن رفض خلافته من شخصيات الاسلام الأول ) انتهى .
معاوية بن أبي سفيان يخاطب ولده وولي عهده يزيد بن معاوية بقوله :- يا ولدي الملك عقيم .. لو نازعتني عليه لقتلتك .
حرص معاوية على الملك لا علاقة له بالتدين من عدمه , انه حب السطوة وحب المال , والمسيحيون من أهل الشام لم يكونوا خطرا على ذلك الملك لذلك لم يتعرض لهم بغض النظر عن كونه كان متدينا أم لا ... ثم هل يحق لمتدين أن يعتدي على أتباع الديانات الأخرى بسبب تدينه .. أي منطق هذا ؟ وأي تعصب ؟
# الفصل الخامس من كتاب رشيد خيون الأديان والمذاهب في العراق بطبعته الثانية هو فصل مخصص للحديث عن الشيعة .
في الصفحة 246 يقول رشيد خيون (( مع أن اليمنيين , حيث عملت هناك طيلة أحد عشر عاما , وهم شيعة زيدية وسنة شافعية , تمكنوا من توحيد الجامع ؟ رغم تقدمنا الحضاري والثقافي عليهم . وان درجة الطائفية لديهم أقل حدة من التي عندنا )) انتهى .
من هم الشيعة الزيدية ؟ هم أتباع الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن على بن ابي طالب . اذا بحثنا عنه بين الأئمة الإثني عشرية فلن نجده , والأئمة الإثني عشرية هم على التوالي :
الامام علي بن ابي طالب / الكرار إمامته 30 سنة
الامام الحسن بن علي/ المجتبى إمامته 10سنوات
الامام الحسين بن علي /الشهيد إمامته 11 سنة
الامام على بن الحسين ( زين العابدين ) / السجاد إمامته 35 سنة
الامام محمد بن علي بن الحسين / الباقر إمامته 19 سنة
الإمام جعفر بن محمد الباقر / الصادق إمامته 34 سنة
الامام موسى بن جعفر / الكاظم إمامته 35 سنة
الإمام علي بن محمد / الرضا إمامته 20 سنة
الامام محمد بن علي / الجواد إمامته 17 سنة
الامام علي بن محمد / الهادي إمامته 33 سنة
الامام حسن بن علي / العسكري إمامته 6 سنوات
الامام محمد بن حسن / المهدي المنتظر يعتقد الشيعة الإثني عشرية ان إمامته ممتدة لأنه حي ومرتقب الظهور .
ما هو تسلسل الامام زيد بين هذه الأسماء ؟ هو الخامس بينهم تم خلعه عن الإمامة وعن العصمة بعدما اقر ببيعة أبو بكر وعمر . أتباعه الذين قبلوا هذه البيعة الى يومنا هذا اسمهم شيعة زيدية , والذين رفضوا بيعته وهذا من حقهم تمت تسميتهم بالروافض او الرفضة لهذه البيعة والكلمة ليست سبة بل هي توصيف موقف , ولا تدري لماذا يتعامل معها البعض بحساسية شديدة . المهم كان للإمام زيد 50 ألف حليف من اهل الكوفة , ولكن بسبب بيعته لأبي بكر وعمر وجد نفسه مع 300 مقاتل فقط حين التقى الجمعان فكان نصيبه سهم في جبينه ألحقه بركب شهداء اسرته . عندها خلفه على الامامة اخوه محمد الباقر .
بتسامح الشيعة الزيدية استطاع اليمنيون أن يوحدوا الجامع ... هل يحق لرشيد خيون ان يتساءل مثل التساؤل الذي اقتبسناه أعلاه ؟ أم أنه لا ينظر الى الشيعة الزيدية كفكر وتاريخ , ويتعامل فقط مع مظاهر الغلو التي بدأت تظهر عند بعضهم ؟ بعدما مدت لهم إحدى القوى الإقليمية في المنطقة لتدفع فرقهم للغلو تحقيقا لأهدافها متجاهلين أي أذى قد يلحقونه بأنفسهم وبغيرهم نتيجة هذا الغلو , وفرق الزيدية كما عدها المسعودي هي : الجارودية والمرئية والابرقية واليعقوبية والعقبية والابترية والجريرية واليمانية , قوام كل فرقة لا يزيد على عدة آلاف شخص وما أسهل دفعهم الى الغلو بتقديم بعضهم على بعض .
في مبحث ( مذاهب وفرق ) الذي يبدأ من الصفحة 256 ينكر رشيد خيون وجود الشيعة السبأية باعتباره أن شخصية عبد الله بن سبأ شخصية وهمية تم نسج الحكايات حولها وهي حكايات ملفقة وغير صحيحة من وجهة نظره ... كما ينكر وجود الكيسانية , لكنه لم يخبرنا ولا كلمة واحدة عن الشيعة الغرابية الذين تعيش طائفة كبيرة منهم في العراق والذين يختمون صلاتهم بضرب أفخاذهم ثلاثا بعد كل صلاة والهتاف ( خان الأمين , فصدها عن حيدره ) هل هؤلاء ايضا وهم لا علاقة له بالواقع ؟ وعوائل كثيرة منهم موجودة في البصرة ومدن جنوب العراق وبغداد ... ولنا معرفة شخصية وعلاقات طيبة مع بعض من هذه العوائل !!؟
ولم يحدثنا شيئا كافيا عن الإنشقاق الذي وقع بعد وفاة محمد الباقر حيث ادعى قسم من الشيعة أن الامامة انتقلت الى عبد الله بن الحسن بن علي وابنه محمد المعروف بالنفس الزكية , فيما أصر آخرون على أمامة ابن محمد الباقر وهو جعفر الصادق ليكون الامام السادس ضمن الأئمة الإثني عشرية . أعقبه بعده ابنه الإمام اسماعيل الذي يصر كثير من الشيعة أنه مات في حياة ابيه ولذلك لم يورث الإمامة , وحقيقة الأمر أنه لم يمت ,, بل ورث الامامة عن ابيه لكنه انشغل بأمور الإفتاء في ممالك وسط آسيا التي وصلتها جيوش المسلمين حديثا مما دفع الى عزله عن الامامة وتعيين أخيه موسى الكاظم . وطائفة الشيعة الإسماعيلية هي اليوم اكبر الطوائف الشيعية قاطبة في العالم وينتشرون في العالم من أواسط آسيا حتى مصر .
يتجاهل الكتاب أكبر طوائف الشيعة وهم الاسماعليون , لكنه يفرد خمس صفحات لدراسة النصيرية ويسميها العلوية مع أنهم فئة صغيرة لا تتعدى كم ألف شخص , ولا تدرى اذا كان الكتاب قد اتسع للحديث بتوسع عن النصيرية فلماذا تم إهمال الشيعة الحاكمية والشيعة الدروز من مجرد حتى الإشارة الى اسمائهم , علما أن النصيرية والحاكمية والدروز جميعا ليسوا من عامة شيعة العراق !!! ؟
وأظن كان الأجدى من الدخول في هذه التفاصيل لو أن الكتاب تناول جوانب أخرى من المذهب الشيعي تفيد القاريء على سبيل المثال أركان ومباديء المذهب الشيعي وإختلافها عن المذاهب الأخرى , خصوصا والمذهب الشيعي يضم أركانا متفردة جديرة بالتوقف عندها والتعريف بها كمبدأ الإمامة والعصمة , أو مبدأ الغيبة والرجعة , ومبدأ ولاية الفقيه , ومبدأ التقية , كيف ينظر الشيعة الى الخروج على إمام جائر أو أسلوب التعايش مع الغير في مجتمع مختلط .
في الصفحة 284 هناك إشارة الى اسم أبو الفرج الأصفهاني دون الإشاره الى اسم الكتاب المقتبس منه القول , ومن المؤكد أن الكتاب المعني هو كتاب ( مقاتل الطالبيين ) , أبو الفرج الأصفهاني أموي من الفرع المرواني من بني أمية ولد في أصفهان ومنها أخذ لقبه , وكان يشتغل بتأليف كتاب مقاتل الطالبيين في نفس الفترة الزمنية التي اشتغل فيها بتأليف كتابه الاخر الأكثر شهرة ( الأغاني ) . وقد قرأت المقاتل أو ما تحول اليه الكتاب بنسختيه المحققة ايرانيا والمحققة مصريا حيث يتحدث الكتاب عن أولاد أبو طالب بن عبد المطلب ابتداءا من جعفر الطيار الى سبعين قضوا أثناء الحكم الأموي والعباسي , لكن صورة الكتاب الحالية وبعد أن دخلت عليها الحواشي والإضافات بسبب استعمال صفحاته في قرايات عاشوراء أضافت للكتاب بعض التعليقات و المصطلحات الغريبة غير المفهومة وبعض الكلمات الفارسية وكان ذلك قبل اختراع الطباعة , وحين جاءت الطباعة طبع الكتاب مثلما هو منسوخ بحواشيه التي عدت جزءا من متنه , مما يجعل القاريء متشككا في تحريف الكتاب ولا جدوى أو لا علمية الإقتباس عنه .. لغة الكتاب ليست لغة أبو الفرج الأصفهاني التي نقرأها في كتاب الأغاني .. والرجل من الممكن أن يغير موضوع كتابته ولكن من المستحيل أن يغيير اسلوبه .
# في الصفحات من 353 ولغاية 461 يتحدث رشيد خيون عن المذاهب السنية في العراق , تحدث عن أتباع المذهب الحنفي والمذهب الشافعي بتفصيل على اعتبار أن غالبية أهل العراق السنة من اتباع هذين المذهبين , ثم تحدث عن المذهب الحنبلي باعتبار أن مؤسسه أحمد بن حنبل البغدادي كان عراقيا رغم أن جل أتباع المذهب هم خارج العراق .
في الصفحة 422 يحدثنا الكتاب عن انتشار المذهب الشافعي بين كرد العراق وظهور فرق المتصوفة في التكايا والخانكات , وتتبع هذه الفرق طريقتين رئيسيتين في تصوفها هما الطريقة القادرية الكسنزانية والطريقة النقشبندية , موضحا الكتاب أن الطريقة النقشبندية هي الأقرب الى الوسط الثقافي لما تتجرد به عن الطريقة القادرية من ابتلاع سيوف وخناجر وملاعبة أفاعي وما الى ذلك من مخاطر .
الشيء بالشيء يذكر , أن هذه الأفعال الخارقة لا علاقة لها البتة لا بالدين ولا بالتصوف , بل هي تدريب لبعض القابليات الجسمية لتتمكن من تأدية ذلك حتى لو كان المرء بلا دين .. هاهم الهنود يمشون على حجر مجمر وينامون على المسامير ويدخلون بيوت الأفاعي و يأكلون الزجاج .. ناهيك عما يحصل في ماليزيا والفلبين وأندنوسيا من خوارق تفوق حد الخيال لا مجال للكلام عنها هنا ... وكل هذه الأقوام لا تملك ربا ( الله ) بمفهومنا التوحيدي فكيف توصلت الى ذلك ؟ لمن يرغب الإستزادة من هذا الموضوع العودة الى كتاب ( المسرح في الشرق ) تأليف ( فابيون باورز ) .
الطرق الحديثة في البحث التاريخي تحدد أن على الباحث أن يحدد موضوعه البحثي وفي أي اتجاه يراد له ان يسير , ثم يذهب الى جمع معلوماته , وسيجد أن قسما منها يتفق مع أهدافه ويدعمها ,, والقسم الآخر يعارضها وينفيها , فيقبل الباحث المعلومات التي تدعم رأيه ويبرزها ويناقش الأفكار التي تخالفه اذا كانت مهمة , ويهملها اذا كانت غير ذات أهمية .
لكني أحترت كيف أفسر ما قام به السيد رشيد خيون بعد استعراضه للمذاهب الإسلامية شيعية وسنية , أنه أورد في الصفحة 377 رأيا لمؤرخ يقول فيه : إن المالكية كانوا يستحلون اللواط والشافعية يجيزون القمار والحنفيه يجيزون شرب الخمر والشيعة يجيزون متعة النساء . وهذه كلها كبائر ومحرمات في الدين لا ندري لماذا لم يتم التوقف من قبل المؤلف لمناقشتها بتروي لدحضها أو إثباتها , لكنه يروي شعرا نقله (( نشوان الحميري لأبي المعري _ كذا , ما لم نجده في اللزوميات , في نبذ التمذهب , مع تقديره لشخص أبي حنيفة :
الشافعي من الأئمة واحد ولديهم الشطرنج غير حرام
وأبو حنيفة قال وهو مصدق فيما يفسره من الأحكام
شرب المنصف والمثلث جائز فآشرب على أمن من الآثام
وأجاز مالك الفقاح تطرفا وهم دعائم قبة الإسلام
وأرى الروافض قد أجازوا متعة بالقول لا بالعقد والإبرام
فافسق ولط واشرب وقامر وأحتجج في كل مسألة بقول إمام ))) أنتهى .

حديث غريب يتعارض مع نواهي الإسلام التي يقام من أجلها الحد .. معزز بأبيات لأبي العلاء المعري لم يكتب في تصنيفها اسمه بشكل صحيح بل كتب ( ابي المعري ) وهي باعتراف رشيد خيون غير موجودة في ديوان أبو العلاء ( اللزوميات ) أما كان بالإمكان تجاهل كتابه هذه المعلومة التي لا تزيد المسلمين شرفا بل تصنفهم أنواعا من الفسقة والعاصين ؟ هل هناك أسلوب بحث علمي لهذا الكتاب ؟ أم أنه قصخون ؟؟
# عنوان الفصل التاسع هو الكاكائية , وحيث أن المؤلف لم يعطينا معلومة موثقة باعترافه عن هذه الملة التي يشبه جمع المعلومات عنها (( جمع حطب بليل )) صفحة 462 , ثم تحدث بهدوء واقتضاب عن ( أهل الحق ) و ( العلي إلاهيين ) الذين يرون أن لله سبحانه وتعالى عدة صور , وأن الإمام علي هو صورة من صور الله وبذلك فهم يؤلهون علي بقولهم ( علي إلهي ) ومن هنا جاءت تسميتهم , الفصل لايحتوي غير العناوين التي لا تندرج تحتها معلومات تستحق القراءة وكان ينبغي رفعه الى الطبعات اللاحقة من الكتاب عند توفر ما يستحق تصنيفه ونشره من معلومات جيدة .

# الفصل العاشر عن البابية والبهائية ... وأظن هذا الدين الجديد الذي كان يوما مذهبا من مذاهب الشيعة في ايران ... اليوم صار ديانة جديدة لا علاقة لها بالإسلام ولا بالتشيع لا من قريب ولا من بعيد .. أحتضنه البريطانيون ومن بعدهم الأمريكان وله اليوم معابد حول العالم ,, ونشاهد برنامجه التبشيري الغنائي الراقص الذي يبثه التلفزيون المحلي عندنا اسبوعيا ,, يظهر فيه شبان وشابات أنيقون جميلوا المحيا يتحدثون عن حيرتهم الروحية الى أن قابلتهم عقيدة ( بهايولاه ) فانتشلتهم من بؤسهم وبشرتهم بالمحبة وساعدتهم على تأمين متطلبات حياتهم بعد أن تخلى عنهم الكل .. وهكذا ينتشر هذا الدين بين الشباب إضافة الى ( عوامل مساعدة أخرى ) لا نرغب الحديث عنها .
ونحن ندري أن البهائيين في العراق كانوا أقلية قليلة جدا .. في سجلات نفوسهم كانوا يتركون خانة الديانة فارغة أو يكتبون فيها ( بلا ) لأن نظرة العراقيين لهذه الملة لم تكن فوق مستوى الشبهات .
بداية السبعينات ومع مشكلة ايران مع دول الخليج حول الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى .. وشعور دول الخليج ... والعراق من ضمنها بالتغلغل الفارسي في أراضيها .. عندها سعت كل هذه الدول الى دفع الفرس لمغادرة أراضيها , وفي تلك الفترة قررت الحكومة العراقية أن على كل من لم يسجل ديانته في سجل نفوسه أن يسجل ديانة يختارها ( أي ديانة تعجبه ) أو يغادر العراق .. فقام هؤلاء بمغادرة العراق بمحض إرادتهم , ولم يسفرهم أحد ,,, لو لم يكن موقفهم مشبوها لماذا ارتضوا الرحيل على تثبيت موقفهم من الدين ؟
وإذن هل يعدون ديانة أو مذهبا من ديانات أهل العراق , كي يضم هذا الكتاب الحديث عنهم !!؟
ونعود الى رشيد خيون في هذا الفصل وهو يقول في الصفحة 491 (( تذكر المصادر البهائية أن بهاء الله , بعد وصوله بغداد بعام واحد , هام على وجهه وحيدا لمدة سنتين , في رحلة صوفية , الى فيافي السلمانية . ولعلها صحراء السماوة المشهورة بسجنها الرهيب / نقرة السلمان / . ولم ياخذ معه سوى بدله واحدة )) إنتهى .

وبعد تسعة اسطر من هذا الكلام يكتب رشيد خيون (( وفي رواية ينقلها حفيده شوقي أفندي أن بهاء الله غادر بغداد بمفرده متجها الى الشمال , وهو في زي درويش يحمل كشكولا , وسمى نفسه درويش محمد . وعند وصوله الى السليــــــمانية اعتكف في جبل سركلو , الذي يقع على مقربة منها . ثم أنتقل بعد فترة وجيزة الى البلدة نفسها , فنزل في تكية الخالدية حيث امضى فيها سنتين . وحين اهتدى أفراد اسرته الى مكانه أرسلوا اليه يرجونه أن يعود , ويلحون في رجاءهم عليه . وذهب الشيخ سلطان الكربلائي الى السليـــمانية ليقنعه بالعودة , فعاد بهاء الله الى بغداد في 19 آذار من العام 1885 )) إنتهى .
بقيت أدير برأسي .. اذا كان البهاء قد ذهب الى السلمانية ومنها الى السليــــمانية فكان ينبغي توضيح ذلك , لماذا نزل جنوبا ثم طلع شمالا ؟ ما السبب ؟... لكني قدرت أن بين كلمة السلمانية وكلمة السليـــمانية فرق بسيط هو سقوط حرف الياء .... عندها عدت ودققت تاريخ دخول البهاء الى العراق (( 1853 )) كما يذكر رشيد خيون صفحة 489 . وأن عائلة البهاء قد أعادوه الى بغدا د من السليـــمانية بعد عامين من ذهابه اليها كما ذكر حفيده .....
عندها يكون رشيد خيون قد قرأ التاريخ مثلما قرأ الحاج راضي في ( تحت موس الحلاق ) رسالة واصلة من الهند بادئا القراءة بكلمات : أمسي الفريزة .... ويقصد بها ( أمي العزيزة ) .
لكني حين عدت وقرات قول رشيد الخيون (( ولعلها صحراء السماوة المشهورة بسجنها الرهيب / نقرة السلمان / . ولم ياخذ معه سوى بدله واحدة )) . عندها صفقت كفا بكف على دقة البحث التاريخي ..!!! يا له من قصخون ... فقط لو أفهم علاقة نقرة السلمان بكل هذا !!؟ ألا يضحككم الكتاب وهو بهذا الحال ؟ لله في خلقه شؤون .

# الفصل الحادي عشر عن الشبك .. في عشر صفحات يورد رشيد الخيون معلومات متنائرة عن هذه الملة وكلها معلومات يعترف انها غير موثقة تماما وغير أكيدة , ونظن لو أن هذا الفصل كان قد رفع من الكتاب الى أن يتكامل بناؤه في طبعات مقبلة لكان أفضل .

حين تنتهي هذه الفصول يضم الكتاب ملحقا من مديرية الأمن العامة العراقية / مركز الإعداد والتطوير الثقلفي / مكتب العلوم النفسية والإجتماعية , ويتضمن الحديث عن التوزيع الديني للسكان العراقيين مستمدة من نتائج التعداد السكاني لسنة 1977 , أدرجه المؤلف رشيد الخيون دون اي تعليق .
حكومة البعث متهمة أنها غيرت الطبيعة الديموغرافية للسكان العراقيين , فرحلت كردا الى الوسط والجنوب , وحملت أهل العمارة والناصرية الى كركوك وأعداد كبيرة من الكرد الفيليين رحلوا الى النجف وكربلاء .... وكل هذا ليس معناه فقط تأثير في البنية العرقية للسكان ,,, لكنه تأثير في البيئة الدينية لهم ,,, شيعة العمارة والناصرية يؤثرون في خارطة كركوك الدينية والمذهبية , مثلما تتأثر بيئة الكاظمية والمناطق المحيطة بها حين تسكنها أعداد كبيرة من كرد نزحوا من مناطق قتال قبلي بين أربيل وسليمانية , أين تعليق الكتاب أو رأي الكاتب في هذا الملحق ؟؟؟؟ ... لا يــوجد .

شكرا على ثبت المصادر والمراجع فقد حصلت منه على جدول جيد بعدد من الكتب التي تستحق القراءة , والشكر موصول على فهرسي الأشخاص والأمكنة فقد أعاناني كثيرا في العودة الى المعلومات التي بحثت عنها في متن الكتاب .

وتبقى عندي كلمة أخيرة لا بد من قولها
لو كنت أريد الظلم لعملت جدولا بالأخطاء اللغوية التي يزخر بها الكتاب , لكنني إزاء كل ما ورد أعلاه تجاهلت قراءة الأخطاء اللغوية ,
الخطأ اللغوي الوحيد الذي أريد تثبيته هو الخطأ الذي ورد في العنوان .
من الخطأ القول ( الأديان والمذاهب بالعراق )
والصحيح القول ( الأديان والمذاهب في العراق )
الفرق في المعنى والمبنى في الجملة بين حرفي الجر ( الباء ) و ( في ) يبعد بعد السماء عن الأرض , ونعرف أن الباء كحرف جر تأتي لتحقيق ثلاثة عشر غرضا هي :
الإلصاق , التعدية , الإستعانة , السببية , المصاحبة , الظرفية , البدل , المقابلة , المجاوزة , الاستعلاء , التبعيض , القسم , الغاية .
لكن أيا من هذه الأسباب لا يجيز القول ( الأديان والمذاهب بالعراق )
بل هي ( الأديان والمذاهب في العراق )
عتب على دار النشر ( منشورات الجمل ) أن تنشر خطأ لغويا في عنوان كتاب , لم نطلب منهم تصحيح متون الكتب , ولكن هل خلت دار النشر حتى من مشرف لغوي يراجع الأخطاء اللغوية في عناوين الكتب ؟

صدقت العرب حين قالت : الكتاب يقرأ من عنوانه



#مي_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدت يا يوم مولدي
- إماطة اللثام عن مجوهرات العائلة
- يمحقكم الله جميعا بلمحة عين
- الغالي فاروق سلوم
- خلاعة بالألوان والصور المتحركة
- حسن العلوي ,, السكوت من ذهب
- - تراتيل الوأد - رواية سوريالية لجاسم الرصيف
- تراتيل الوأد رواية سوريالية لجاسم الرصيف
- عرض لرواية جاسم الرصيف : مزاغل الخوف / د. مي أحمد


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مي أحمد - قصخون رشيد خيون