الفساد في الدول النامية و المتطورة

محمد موسى شاطي

الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

((الحلقة الاولى ))
الفساد المستشري في الدول النامية لا يعني بالضرورة انه غير موجود في الدول الصناعية او المتقدمة, بل على العكس من ذلك تماماً فنحن نجد لدى دراسة تاريخ العديد من الدول الصناعية انه كان منتشراً فيها ًو بشكل كبير جداً , فمنذ عصر النهضة الصناعية في القرن التاسع عشر في امريكا وفي فترة حكم الرئيس الامريكي (كرانت) كان الفساد مستشرياً و بشكل كبير جداً , و في كافة مفاصل الدولة و مما ساعد على استشرائه , النهضة الصناعية الكبيرة لامريكا في ذلك الوقت , كماو لا يخفى على احد ان اهم الاسباب التي ادت الى ظهور (علم الادارة) على يد العالم الامريكي ودور ولسون في العام 1878 كان ارتفاع وتائرالفساد داخل الجهاز الاداري . اذ كانت الاحزاب السياسية التي تفوز في الانتخابات تقدم مرشحيها على غيرهم من اجل اشغال المناصب الحكومية و تقوم بذات الوقت بأستبعاد منافسيها و خصومها السياسين من اشغال اي منصب من المناصب الحكومية من اجل فرض سيطرتها على كافة مفاصل الدولة , الا ان الحال لم يبق على ما هو عليه بل قامت الكثير من الدول الاوربية بتطوير وسائلها من اجل كبح جماح الفساد , فنجد في السويد على سبيل المثال لا الحصر في العام 1802 أُسس جهاز لمكافحة الفساد و هو( الامبودسمان ) و هو جهاز مهمته مكافحة الفساد الاداري و من ثم تلت السويد العديد من الدول الاوربية في ذلك . و مع مرور الوقت استطاعت هذه الدول ان تطور اساليبها في مجال مكافحة الفساد , لذا فأن خبرات هذه الدول ما هي الا خزيناً من الخبرات المتوارثة مع مرور الوقت , و لكن هذه الخبرات لا تعني بالضرورة انها كانت كفيلة بالقضاء على الفساد قضاءاً تاماً بمعنى انها لم تتحول الى مدن فاضلة فالفساد هو نسبي و هناك العديد من العوامل التي تتحكم بظهوره او اضمحلاله , وذلك حسب خصوصية كل دولة و نظامها السياسي و الظروف الداخلية و الخارجية المحيطة بها , لذلك حين نقول بأن الدول الصناعية دول خالية من الفساد نكون قد اغفلنا الحقيقة , فنجد ان العديد من الدول المتقدمة صناعياً مثل روسيا قد استشرت فيها هذه الظاهرة و بشكل كبير, ولعل اهم الاسباب التي ادت لذلك هو التحول السياسي الكبير المتمثل بأنهيار الاتحاد السوفيتي و تحوله الى مجموعة من الدويلات او ما اطلق عليه فيما بعد تسمية الدول المستقلة , و تحول هذه الدول و منها روسيا من نظام الحكم الاشتراكي الى نظام الحكم الراسمالي او اقتصاد السوق .
و في الولايات المتحدة الامريكية و بالرغم من مرور عشرات السنين لا تزال فضيحة (ووتر كيت ) ماثلة في الاذهان , و كذلك الحال بالنسبة الى فضائح تمويل الحملات الانتخابية للاحزاب السياسية , و لكن بالرغم من ذلك فأن نسبة الفساد و درجته تختلف عما هو موجود في الدول النامية, و لا يخفى على احد ان الفساد في الدول النامية منتشر و مستشري في كافة مفاصل الدول حتى اصبح عائقاً لفرص التقدم و الازدهار في شعوبها .
من خلال ما تقدم نخلص بالنتيجة التالية و هي ان الفساد موجود في كافة المجتمعات الا ان الفرق يكمن في نسبيته و درجته , و بطبيعة الحال هناك مجموعة من المسببات المؤدية الى استشراء الفساد في هذه الدول , و من اجل ان يكون التحليل اكثر دقة و موضوعية سوف نتناول بالذكر الدول العربية , و على العموم فأن اسباب ظهور الفساد و انتشاره فيها واحدة , و من الممكن ان نحيط بهذه الاسباب من خلال تقسيمها الى اسباب اجتماعية و سياسية و خارجية و اقتصادية , مع الاخذ بنظر الاعتبار انها متداخلة فيما بينها .

#محمد_موسى_شاطي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات