أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - وسام سعادة - النقابية المستقيلة والنقابية المستقلة















المزيد.....

النقابية المستقيلة والنقابية المستقلة


وسام سعادة

الحوار المتمدن-العدد: 77 - 2002 / 2 / 28 - 10:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    





مضيّ جزء أساسي من الحركة العمالية والنقابية بقرار الاضراب والتظاهر اليوم الخميس هو أمر يعيد طرح السؤال عن موقع هذه الحركة وعن علاقة ما تعانيه في داخلها (هذا ان كانت لا تزال تحتفظ بداخل وخارج) بما هو مزمن او مستجد على الساحة السياسية وبالارتباط مع أشكال تعبير الازمة الاجتماعية عن نفسها وعن درجة استفحالها (او عدمه).
يأتي قرار الاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين والروابط التعليمية والتجمع الوطني للانقاذ والتغيير بعدم التوقف عند ((الاتفاق النقابي الحكومي)) والاستمرار في التحضير للتحرك لكي يبرز حقيقة حرص يجري التعبير عنه بين آونة واخرى على اطلالة الوجه المستقل وغير المستقيل للحركة النقابية التي تنوجد اليوم في وضع بات فيه أقصى ما تطالب به وبالتالي أقصى ما تتفاوض عليه من أساسيات حقوقها، من دون ان يبرر ذلك للبعض ممن سهروا او يسهرون على النشاط النقابي ان يوقفوا هذا النشاط على الحديث بالعموميات.
قد لا يتجاوز تحرك اليوم حدود الرمزية او يأتي ليطابق دائرة فئته من أهل اليسار، وقد يدخل التحرك في مضمار الفعل السياسي او التأثير عليه، لكن الأهم أنه مناسبة ومؤشر يحيل الى حاجة وطنية معينة تقضي ببروز لاعب نقابي قولا وفعلا يمكنه ان يخرج اشكال تعبير الازمة الاجتماعية والاقتصادية عن نفسها من اللعبة الدائرة رحاها اليوم بين رئاسة الحكومة ورئاسة الاتحاد العمالي العام ولفيف الهيئات الاقتصادية.
هل ينبغي اذاً ان يصار الى تكريس الانقسام في الجسم النقابي بوصفه فضيلة تيسر الفاعلية النضالية؟ كلا. لا الوحدة ولا الانقسام هما الهدف في ذاته. وأيا يكن من شيء تبقى الوحدة خيرا من الانقسام، وفي الوضع اللبناني فان وحدة الاتحاد العمالي العام هي الشرط الذي يجعل منه تلك المؤسسة المتميزة في المجتمع المدني. ولكن ليس أي وحدة، ذلك ان انقسام الحال بين نقابية مستقلة واخرى مستقيلة من دورها يفضل على توحد أساسه الزغل.
بيد ان الحال ليست كذلك اليوم، فإيثارنا هذه الجهة النقابية المعروفة بتقاليدها النضالية وبربطها المطلب الاجتماعي بالمطالب الوطنية والديموقراطية الاخرى، على الجهة الاخرى التي ليست سوى مكاتب سلطوية، لا يعني ان الوضع في الجهة الاولى كناية عن جسم نقابي سليم معافى يمكن التأسيس عليه.
كذلك، فان تسجيل التمايز عن تجربة رئاسة الاتحاد العمالي العام في ظل غسان غصن لا بد لها من ان تنطلق من نقاط اخرى غير تلك التي تجتر مسائل تتصل بالشرعية والصورية وما اليهما. يكون تظهير العنصر الاساسي للاختلاف عن قيادة غصن بتأكيد الافتراق بين رأي يخال ان الحركة النقابية لا شأن لها بعلاقة المعارضة بالسلطة وبين رأي مخالف يعتبر ان الاتحاد العمالي العام هو حكما في موقع المعارضة ولكن شرط الا يضيع أساسه النقابي. ما حصل في الاتفاق النقابي الحكومي الاخير وإلى جانب الموافقة على تصحيح بدل النقل ومنحة التعليم واعادة النظر في القيمة المضافة لجهة المواد الغذائية والدواء وحماية اليد العاملة اللبنانية هو ان رئيس الحكومة ساهم في إغناء الصفة الاستشارية التي يحظى بها الاتحاد العمالي العام. صحيح ان ذلك كان كفيلا وحده، وبمعزل عن المترتبات المالية التي تمليها البنود الاخرى من الاتفاق، ان يثير حنق الهيئات الاقتصادية التي سارعت الى اشتراط ((التشاور المسبق معها)). بيد ان الاتحاد العمالي العام لا ينبغي ان يكتفي بصفة الهيئة الاستشارية تماما كما انه لا ينبغي ان يكون مجرد اداة تعبوية في الشارع لخدمة احد أركان الصراع الرئاسي الرئاسي. ان اتحادا عماليا يكون في صف وزارة العمل ليس باتحاد، تماما كما ان اتحادا ينصب نفسه وزارة عمل ليس باتحاد.
ليس الحل في ((الابتعاد عن السياسة)) كما أنبأنا غصن عشية ترأسه الاتحاد، ولا الحل يتأتى على طريقة الياس ابو رزق من خلال ((الاحتراف السياسي)). الاجدى يكمن في وعي الحركة النقابية لدورها في تسييس المطالب أي جمع شملها وبلورتها في إطار برنامجي وربط طرحها بوسائل الضغط والفرص المتاحة. الاحتراف السياسي في حالة ابو رزق أوصلنا الى التفرد والاستعراضية. وادعاء اللاسياسة هو الآخر يوصلنا الى انعدام حضور الاداة النقابية الاتحادية. والاشكالية برمتها، المتعلقة بعلاقة المسائل النقابية بالسياسة لا بد لها من ان تبحث في ضوء ما تعيشه النقابات العمالية بعد الحرب من مجموعة أزمات عبرت عنها معارك رئاسة الاتحاد. تعبّر معارك رئاسة الاتحاد منذ 1993 عن اتساع وتيرة الصراع في ما بين التلاوين البيروقراطية النقابية بالارتباط مع تصدع البنية الكونفدرالية للاتحاد بعامة. كما توضح هذه المعارك كيف انعقد على هذا التنازع البيروقراطي صراع من نوع آخر هو تصارع رئاسات الدولة من أجل الامساك بورقة الشارع و((التفجير الاجتماعي)) (باعتبار نموذجية 6 أيار في هذا المقام).
وعلى هذا المنوال فقد برزت الانقسامات بطريقة دورية عام 1994 استنهض انطوان بشارة رخصة سابقة وأقام ((الاتحاد القطاعي)) وفي 24 نيسان 1997، وفي ظل تدخل حكومي وأمني جرت في مقر الاتحاد ببدارو عمليتان انتخابيتان، فانقسم الاتحاد بين ((الرسمي)) الذي يرأسه غنيم الزغبي وبين ((المستقل)) برئاسة الياس ابو رزق. وبالرغم من ان فترة 1996 1998 قد حفلت بفرص كثيرة بالنسبة الى الاتحاد العمالي العام أهمها تحوله الى جامع لشمل المعارضات كما عشية استحقاق 29 شباط 96 (الذي انتهى او ((تكلّل)) بقرار المؤسسة العسكرية منع التجول) والتحركات من أجل الحريات وحرية الاعلام، وصولا الى ما حققه ابو رزق في انتخابات 1996 في مواجهة وزير العمل حردان على المقعد الارثوذكسي بمرجعيون، الا ان الاتحاد، كجسم نقابي، لم يعنَ بما من شأنه انتشاله من التشرذم والترهل وباتجاه اتباع سياسات تنسيب واعداد وتدريب نقابية فبقيت النقابات المنضوية في الاتحاد تعبر عن 8،7 من الاجراء الذين يمكنهم الانتساب اليها (وفعليا أقل من نصف هذا العدد) وبقي الترهل البيروقراطي سيد الموقف (ففي مقابل الانحسار النقابي برز ارتفاع عدد أعضاء مجلس المندوبين والمجلس التنفيذي) وبقيت بنية الاتحاد الكونفدرالية تعادل بين متحدات نقابية فعلية وأخرى عرضية او وهمية.
كل ذلك ساهم في تضييع الأساس النقابي ولا يعني هذا انه بتضييع هذا الاساس يصبح الجميع سواسية. لقد كان الاتحاد يضيع هويته النقابية لكن السلطة ما فتئت تحاربه بسبب شبح هذه الهوية النقابية ان لم نرد المجازفة والقول بسبب كونه مؤسسة الاستقلال القانوني الرسمي للطبقة العاملة اللبنانية فعلى امتداد تجربته سيبقى الاتحاد مرتبطا بتناقض داخلي بين صفته هذه وبين كونه هيئة تمثيلية لها علاقة مباشرة في تكوين مجالس ادارة وهيئات ومؤسسات عامة ورسمية يتمثل فيها، وعلى امتداد هذه التجربة تحاول السلطة إلغاء كونه أداة استقلال طبقي وتطويع كونه هيئة تمثيلية ((عامة)).
تميزت الفترة الاولى من رئاسة الياس ابو رزق (اي حتى 24 نيسان 1998) بالجمع بين تصدّر النضال من أجل الحريات وبازاء حكومة الحريري لكنها استبعدت الاصلاح النقابي الداخلي. انتهت هذه الفترة بتدخل فظ في الشأن النقابي وجرى اعتقال ابو رزق بتهم انتحال صفة واغتصاب سلطة مدنية والتشهير بسمعة لبنان الدولية. أما المرحلة الثانية لرئاسته، التي جاءت عقب استقالة غنيم الزغبي ((نتيجة فشل جهوده في التوحيد))، فقد جاءت بأبو رزق رئيسا لاتحاد آخر وبدعم من الرئيس بري في سياق الخلافات التي كانت تستعر يومها بين الرئاستين الثانية والثالثة من سلسلة الرتب والرواتب الى الاستحقاق الرئاسي، ومع العهد اللحودي كان أبو رزق يضيع مهاراته التي اكتسبها من خلال النضال النقابي ضمن التلفزيون لصالح هواه التلفزيوني فكانت استقالته في نيسان 1999 مثلا بعد ابعاده من رئاسة مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ثم كانت استقالته الثانية بعد فشله في انتخابات 2000 النيابية التي أسس أخصامه عليها فجهزوا خلعه، الذي تم، هذه المرة ايضا، بتوجيه من رئيس المجلس.
وبعد، فقد كشف ((الاحتراف السياسي)) على طريقة ابو رزق قبل اختفائه عن عجز في حماية الاداة النقابية، اما تنقل القيادة الحالية بين مناورات الضغط على رئيس الحكومة حينا ومهام الاستشارة فهو يبقي النضال النقابي، كما اضراب الخميس، في موعد مؤجل دائما.

©2002 جريدة السفير



#وسام_سعادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصول الحوار... والفصل!


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - وسام سعادة - النقابية المستقيلة والنقابية المستقلة