أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابو المنذر - اجمل امتحان في حياتي















المزيد.....

اجمل امتحان في حياتي


ابو المنذر

الحوار المتمدن-العدد: 1969 - 2007 / 7 / 7 - 12:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 1975 وقبل الاحتفال بعيد ميلاد الحزب ( 31 آذار ) بايام قليلة كنت اعمل في ( المصب ) وهو مكتب بغداد الصحفي التابع لمنظمات الحزب المنتشرة على مساحة مدينة الكاحين مثل الرياض المزهرة وسط كل الجوع والتخلف والحرمان . كان الرفيق ابو مريم مسؤول المكتب الذي اعمل فيه صديقا مقربا ورفيقا حميما للجميع غير ان علاقتي به كانت اكثر قوة لسبب بسيط مفاده اني كنت متحررا من الالتزام والتزمت الذي كان مفروضا علينا من قيادة الحزب فيما يخص التعامل مع المراكز القيادية وهذا امر كان رفاقنا الاحبة يلتزمون به حد التقديس باستثنائي حيث كنت متمردا نوعا ما ( في نظر الحزب بالطبع ) الامر الذي سبب لى الكثير من الاشكالات اللذيذة مع من عملت معهم من الرفاق الاحبة الذين غادرونا دون وداع .
كانت الاحتفالية الاربعين ...... وكان البرنامج المعد في المقر العام زاخرا بالاسماء اللامعة وكبار الفنانيين والمسرحيين والادباء والشخصيات العالمية والاقليمية وهذه قضية في غاية الخطورة بالنسبة لنا حيث ان وجودك في الاحتفالية كان يعني انك قد اصبحت من اعضاء المكتب السياسي هذا الاسم المرعب الذي لم نكن نجرؤ على التلفظ به امام المسؤولين , هكذا كانت مخيلتنا البسيطة تصور لنا الامور , وبما ان التواجد هناك يعني تحديا لاحدود له ويشكل لك علامة فارقة تتباهى بها على رفاقك اذن لابد من وجود طريقة ما للنفاذ الى هذا الحصن الفولاذي باية وسيلة ممكنة .
كنا باعتبارنا اعضاء المكتب الصحفي الذي ذكرته نملك حق الدخول الى المقر العام الواقع في منطقة / الكرادة خارج / قرب احدى الكنائس التي لا اتذكر اسمها الان وذلك بحكم مسؤوليتنا عن البريد الحزبي وكان المكتب الذي نجتمع فيه عبارة عن حجرة صغيرة فوق حجرة تماثلها بالمساحة في حديقة المقر الامامية بحيث تطل على الشارع العام وكانت الحجرة – المكتب منخفضة السقف بشكل غير معقول اذ لا يتجاوز ارتفاعها اكثر من مائة وسبعين سنتمترا ولكنها كانت بالنسبة لنا اكثر فخامة من منتجعات مونتي كارلو او سويتات البلازا الشهيرة.
وتفتق ذهن مسؤولي ابو مريم عن خطة في غاية العبقرية والذكاء ( في حينها طبعا ودون حساب للنتائج الوخيمة ) وكانت في غاية البساطة , خلاصة الفكرة جاءت من تزامن موعد اجتماعنا الاسبوعي في المقر العام لتقديم البريد الحزبي مع يوم الاحتفالية وبالتالي فان احدا لن يعترض على دخولنا ومن ثم نحاول قدر الامكان تأخير الاجتماع او اطالته تحت اية ذريعة حتى يحين موعد الاحتفالية وتغلق ابواب المقر بحيث لايسمح بدخول او خروج احد ومن ثم نجد منفذا للمشاركة في الاحتفال , هكذا كانت فكرة الرفيق المسؤول العبقري ولكن يبدو ان الحظ كان نكد المزاج يومها حيث توالت ( النكبات ) دون توقف او بعض من شفقة على حالنا المسكين .
اول الغيث .... كنا نجتمع بالرفيق ابو يوسف ونقدم له البريد الاسبوعي وابو يوسف هو احد الاصدقاء المقربين والجيران القدامى اضافة الى انه من الشيوعيين الرواد الذين يهتمون للغاية بالكوادر الشابة لذلك كانت الاجتماعات سهلة وغير متكلفة وعندما يزورنا احد المراكز احيانا فان ابو يوسف يغنينا عن ( الاشتباك ) معه بلباقته المعهودة ودماثة خلقه وتشجيعه المتواصل لنا ولكن ما حدث اليوم كان امرا آخر , بل كان طامة كبرى وقعت علينا وقع الصاعقة , لم يحضر الرفيق ابو يوسف في الوقت المحدد وهو المعروف بالانضباط والدقة بل حضر رفيق آخر نعرفه ليخبرنا ان الرفيق ابو يوسف مكلف بمهمة اخرى وان رفيقا آخر سيحضر الاجتماع.
ران الوجوم على وجوهنا خصوصا وان الجميع ( كان عددنا ثمانية . خمسة رفاق وثلاث رفيقات نمثل عددا من مكاتب بغداد ) قد اتفق على تنفيذ ( مؤامرة التخفي والبقاء لحضور الاحتفال ) , حاولت تخفيف الموقف ببعض النكات التي اضحكت الرفيقات وفجأة اقنحم الرفيق المبلغ حجرتنا وهو يشير الينا ان نصمت لان الرفيقة الكبيرة ( سعاد خيري ) سوف تحضر الاجتماع ..... ياللهول .... ياللمصبية ... من منكم قد رأى الرفيقة الكبيرة... أُمُ الحزب,, وحاضنة رفاقه,,, من قابلها وجها لوجه ؟؟؟ من يمتلك الجرأة على تلفظ اسمها حتى ؟؟ وماذا سنقول لها ؟؟ كيف نخاطبها ؟؟ ضاعت الكلمات والتصقت الالسن بالحناجر . من ذا الذي يجرؤ على النظر في عينيها ؟؟ انني وبعد مرور اربعين عاما على هذا اللقاء – الحلم اقسم بكل مقدس أؤمن به انني لم استطع ان اتبين ملامح وجهها الكريم او ان اتذكر ما قالته حينها لاني غُصتُ في مقعدي ( لا الوي على شيء ) فقد اصابني خرس مفاجيء لم استطع تفسيره , اتذكر فقظ انها سألت عني مستفسرة ولكن الصمت المطبق الذي غلفني كان قد منعني من الاجابة بل في الحقيقة لم افهم حتى السؤال وكأنها كانت تحدثني بلغة غربية عني لم اسمعها من قبل ولكن ابو مريم كان اكثر شجاعة مني فتولى زمام الامر بينما تركتني .. أمُ الحزب .. اتواصل مع حالة الخرس الذي غمرني اشفاقا منها على حالتي المزرية ولم تشأ احراجي اكثر .
كيف انتهى الاجتماع ؟؟؟ هذا سؤال عويص لايملك اي شخص اجابة له , كم استغرق من الوقت ؟؟ اعتقد انه استغرق اقل قليلا من عشرة سنين !! ولكنه انتهى وخرجت انا سليما لم اصب باذى او اتعرض لخدوش او جروح سوى كبريائي المجروح امام الرفيقات الشامتات الخبيثات , خرجنا اخيرا ونزلنا من ( برجنا ) الصحفي وبينما نحن متجهون الى داخل المبنى اعترضنا { ( ابن عمي ) الرفيق ابو نوري الذي عانى من الغربة والالم بعد هجمة الوحوش المسعورة على الحزب وكوادره واصدقائه } ومنعنا من الدخول والمشاركة في الحفل لاننا لانملك بطاقات دعوة , حاولت معه المستحيل واستعـطـفته وهددته بالزعل واخبار والدي ووالدتي بالامر وهما من الكوادر القديمة ولكن ذلك كله لم يجدِ نفعا معه لذا رضخنا للامر وغادرنا المقر ونحن نجرجر اذيال الخيبة والشعور بالاضطهاد والتمييز الطبقي ( على مستوى التنظيم طبعا ) .
الان ويا للاسف الشديد اجد ... امُ الحزب ... بعيدا عن بيتها واولادها , لقد انتزعوا منها ورقة وظيفية ولكنهم لايستطيعون انتزاع روحها وتاريخها المضيء المشرّف الذي تربينا على مفرداته وتشربنا بمفاهيمه ولست احاول هنا تمجيد شخص او ابراز مواهب خاصة ولكنها شهادة مني وانا من عائلة يشرفها ان تكون عائلة شيوعية لم تنحرف او تداهن , شهادة صادقة موثقة عنوانها هو .....
((سعاد خيري اُمُ الحزب واُمي انا شخصيا رغم انها لم تعرفني او تتذكرني كما انها امنا نحن جيل الخمسينيات والستينيات الذين تربينا على مفاهيم زكي خيري وسعاد خيري دون ان نراهم او نلتقي بهم ونحن مع .. ام الحزب ... في كل الاحوال ))



#ابو_المنذر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متاهات العض . . . نف
- الملائكة لا تبكي
- سفينة ال نوح


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابو المنذر - اجمل امتحان في حياتي