لست أدري لمن يوجه هذا الكلام وبحسب سلّم الاولويات، لا يوجد أي نظام في العالم يتصرف كما يتصرف حكام اسرائيل بشكل وحشي همجي فاشي يتناقض مع كل الأعراف السائدة في العالم، وآخر هذه التقليعات تصفية او ابعاد ياسر عرفات الموجود في رام الله المحتلة، والمحاصر بالدبابات - الحرامي يقول لصاحب البيت: ويش الزّول!! وترى وزيرًا او نائب برلمان أتى من خارج البلاد، وهو ليس مواطنًا هنا إلا بسبب القانون العنصري - قانون العودة - يقول بلا حياء ولا مسؤولية، يجب التخلص من رئيس منتخب، يوافق على السلام العادل وحتى المنقوص - ويكافح كفاحًا مشروعًا اكثر من 100% لتحقيق هذا السلام الناقص. والقضية ما هو الأفضل تصفيته او نفيه!! اما مجرد التفكير والتساؤل بمدى مصداقية وحقوقية واخلاقية هذه الجريمة فأمر ليس واردًا في حسبان هذه السياسة.
ولنبدأ بدول العالم والهيئات الدولية.
في سنوات سابقة كان عدد المعترفين بمنظمة التحرير الفلسطينية اكثر من المعترفين بدولة اسرائيل، فماذا عدا مما بدا!! عرفات ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية لهم اليوم مواقف أفضل من السابق بمفهوم تلك الدول العديدة فيما يتعلق بموضوع السلام العادل والطريق للوصول اليه. والسياسة الاسرائيلية من الناحية الاخرى انحدرت الى درك أخطر بكثير وقامت وتقوم بجرائم لا يتصورها العقل، فأين موقف هذه الدول والهيئات الدولية مثل مجلس الامن وغيره؟؟ وكيف تتحسن العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع هكذا نظام في اسرائيل!! ان الاكتفاء بالقول ان هذا هو الواقع وعلينا التعامل معه هو ما تريده اسرائيل وامريكا، وهذا الموقف من هذا الواقع يدفع بهذا الواقع ليصبح اكثر سوءًا وخطورة بالاستسلام له. والادعاء بأن السبب هو نضال الشعب الفلسطيني والعمليات المرفوضة هو ادعاء سخيف، فكيف يكون ابن نابلس وغزة المحتلتين وهو يدافع هناك في بيته ضد التصفية والاحتلال مخربًا بينما الاحتلال وآلياته الذي يقتل الناس في بيوتهم المحتلة ليس إرهابيًا ولا مخربًا ولا معتديًا!! ماذا نطلق عليه؟؟ هل هو محرّر!! تحت أية معايير وموازين يندرج هذا التزييف والصلف والاستهتار؟؟ هل صارت معظم دول العالم أسوأ في مواقفها اليوم في هذه القضية!! لا شك في ذلك.
او نتوجه الى الشعب في اسرائيل؟ نحن لا ندين شعبًا، ولا نتكلم ضد الشعوب، لكن أين مسؤولية هذا الشعب، فإذا كان لا يعرف ان ما يجري هو احتلال واستيطان وجرائم ووداع لإمكانية سلام منقوص على حساب الشعب الفلسطيني، فيا عيني على هكذا شعب وهكذا منطق، خاصة وانه وبسبب هذه السياسة الاجرامية لحكّامه هو الذي يدفع وسيدفع الثمن، أليس من واجبه ان يفكر بانه مقبل على أخطار كارثية اذا استمرت هذه السياسة؟
ان مخاطبة امريكا المجرم الاكبر ورأس الحية كما قال الحزب الشيوعي الصيني مرة - هو ضرب من المحال.
ويتردد القلم في كتابة كلمات عن النظم العربية لانه لا توجد في المعاجم لغاية الآن نعوت وصفات وكلمات تليق بهذه النظم النباتية المعاقة والمخصيّة، وهذه نظم لديها وسائل اعلام تمجدها ولها ألقاب من كل ما هب ودبّ وحكومات وشرطة وجيوش وغاز مسيل للدموع والدماء، وتخطب وتصرّح وتصدر بيانات وتعقد مؤتمرات ولديها جامعة عربية - لها تاريخ حقير نذل بمعظم صفحاته من حيث مسؤوليتها واداؤها فيما يتعلق بقضية الشعوب العربية وخاصة القضية الفلسطينية، ودزينة السنوات الاخيرة فقط مثال على هذا التاريخ العريق في النذالة.
بعضها لا يستقبل وفدًا شبابيًا من اسرائيل بل يستقبل وزيرًا من اسرائيل. وفي السنة الاخيرة تزداد التجارة مع اسرائيل. اما في الكلام والتشدق والكذب والرخص والحقارة فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وحتى دعوات الى المقاطعة، وحتى مزايدات قومية على أمثالنا نحن الحزب الشيوعي والجبهة، خسئتم انتم وأتباعكم. أخمص قدمنا أعالى من قمة رأسكم.
المعركة تفتقد الوزن الحقيقي للقوة الحقيقية، للشعوب، ومنها الشعوب العربية، بالرغم من السجون والدكتاتوريات والشرطة والمخابرات وأقبية التعذيب.
ألا يعطيكم الشعب الفلسطيني وقيادته مثلاً في التضحيات والصمود والكرامة والبطولات الخارقة بالرغم من الأنف الفاشي الصهيوني المحتل!!
ألا تستطيعون البصق على كل الدجّالين الرخيصين وإعلامهم الممجّد لهم!!
انا لا أطرح مثاليات فارغة وفجّة وغير مدروسة وغير واقعية!! أعرف مثلكم العديد من الحيثيات والتراكمات والدبلوماسيات والعوائق والصعوبات. ألا ترون أننا في حالة طوارئ وعلى مفترق طرق أخير فيه ما يؤدي الى جهنم العمالة والنذالة والتبعية والاستعباد، وفيه ما يؤدي الى تجسيد قيم انسانية وطنية قومية سامية نصبو اليها وجوهرها التحرر والحرية!! وهي ليست كلمات وهمية معنوية بل هي واقع ممكن الوصول اليه!! ولها ثمن، وقد يكون الثمن باهظًا ولكنه ليس اكثر من الثمن المدفوع اليوم في هذه الاستكانة والصمت الرهيب، والقيام بدور المطية الطيّعة للاستعمار والصهيونية.
على كل القوى العقلانية والواعية في العالم بقاراته الست، ومنها او بالأساس في اسرائيل والاقطار العربية ان ترفع صوتها ويدها ضد هذه الفاشية التي قد توقد نارًا مستعرة اكثر تأتي على الكثير الكثير. ونقدّر هذه الأصوات في الناحية اليهودية التي تقع عليها مسؤولية هائلة اليوم للجم هذا الوحش المتمثل بحكومة اسرائيل.
وتحيات الإكبار والاعتزاز والاخوة النضالية الى ياسر عرفات جبل الجيل الذي قد يستشهد وقد يستشهد وقد يستشهد، فهو شاهد جبّار على العصر، كرجل سلام حقيقي، وهو اهل للاعتزاز كإنسان، كقائد، كرمز، كعربي، كفلسطيني مناضل.
نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/