أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعود عبدالله الجارح - تحرير المرأة في السعودية حتم وليس خيار















المزيد.....

تحرير المرأة في السعودية حتم وليس خيار


سعود عبدالله الجارح

الحوار المتمدن-العدد: 596 - 2003 / 9 / 19 - 02:10
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



** حراس الفضيلة طلبوا من الزهاوي ان يرافقوا نساءه بسبب مقالة كتبها.

** علماء الدين حاربوا الأطباق اللاقطة ثم تسابقوا في الظهور على قنواتها.

** حالات رفض الجديد ثم الانسياق وراءه في المجتمع السعودي جديرة بالدرس.

** قالت في تبريرها لقيادتها للسيارة: فعلت ما فعلته لأنني أريد من حفيدتي أن تقول اني كنت موجودة.

يقول الدكتور علي الوردي ان أول من دعا الى تحرر المرأة في العراق هو الشاعر المعروف جميل صدقي الزهاوي وذلك في عام 1910 م .

وأسهب الوردي في ذكر الحادثة التي خلدت الزهاوي في تاريخ المنافحين عن حقوق المرأة في عالمنا العربي، حيث كتب الزهاوي مقالاً بعنوان المرأة والدفاع عنها في مجلة "المؤيد" المصرية، وأعادت مجلة "تنوير الأفكار" العراقية نشر المقال على صفحاتها، مما أدى الى حصول حالة هياج عامة في بغداد، حيث خرجت المظاهرات الصاخبة مطالبة بإنزال العقوبة الرادعة على الكاتب الزنديق، بل ان احد رجال الدين ذهب الى والي بغداد في ذلك الحين , وأوضح له ما يترتب على هذه المقالة المكتوبة- من احد المارقين عن الدين- من مفاسد مخلة بالشريعة. فلم يكن من الوالي إلا ان أصدر أمره بعزل الزهاوي من وظيفة التدريس التي كان يشغلها في مدرسة الحقوق .

ونظراً للسخط العارم الذي رافق صدور المقالة، فقد أضطر الزهاوي الى الاعتزال في بيته خوفاً من اعتداء العامة عليه , إلا ان اعتكافه في منزله لم يغنه شيئاً، فيروى ان مجموعة من حراس الفضيلة ذهبوا إلى داره ليلاً , وطلبوا منه أخراج زوجته لتذهب معهم الى المقهى , ولما استنكر الزهاوي ذلك منهم , قالوا له : كيف إذن تطلب من بنات الناس ان يرفعن الحجاب ويختلطن بالرجال ! وفي نهاية الأمر تركوا شاعرنا الكبير وشأنه بعد ان أخذوا عليه العهود والمواثيق بأنه لن يعود الى مثل هذه الكتابة الفاسدة , وهددوه بالقتل في حال عودته اليها .

عراق اليوم تبدو فيه المرأة صنواً للرجل، حذو القذة بالقذة، تمارس فيه حقوقها، كعضو كامل الأهلية في المجتمع. باتت المرأة تشارك في الحياة العامة بشكل تقليدي، لا يقلق أحداً، ولا يدعوا الى هياج العامة ، ولا يستدعي صدور فتاوى التكفير. وليس غريباً أن نجد حفيدات من خرجوا مطالبين بشنق الزهاوي، جراء نفاحه عن حقوق المرأة، هن من غير المحجبات، ولا تثريب عليهن اجتماعياً، وربما كان من أصلاب حراس الفضيلة اولئك من يشيد بمقالة الزهاوي السابقة، ويعتبرها فتحاً لحالة لا يستطيع المجتمع الانفصال عنها.

في السعودية، لا يبدو تاريخ التعاطي مع قضايا المرأة بعيداً عن الحالة العراقية، بل هو شديد الشبه به حد التطابق أحياناً، لكن الفارق هو التاريخ، مع أسبقية عراقية بطبيعة الحال.

حالة المعارضة لمقالة الزهاوي تطابقها حالة الرفض القاطع لتعليم المرأة في السعودية -كما نجد هذا التشابه في حالات أخرى- . ففي عهد الملك فيصل رحمه الله برزت فكرة تعليم المرأة الى الوجود باعتباره حقاً أصيلاً لها، وكانت المعارضة وكما هي العادة من قبل التيارين الديني والتقليدي على أشد صورها , وأستطاع الملك فيصل رحمه الله بحزمه وجرأته ان يمرر القرار رغم كل المعارضة . يقول أحد الذين عاصروا تلك المرحلة : ان حالة الامتعاض سادت اغلب أرجاء البلاد بسبب هذا القرار , وتسابق الناس في التنديد بكل من يقوم بإدخال بناته للمدارس النظامية .اليوم , نجد ان الناس في السعودية يتسابقون على إدخال بناتهم للمدارس والجامعات , بل إن الكثير منهم يستجلب الوسائط في سبيل توظيف ابنته أو زوجته كي تساهم معه في أعباء الحياة . لقد أصبح تعليم المرأة في السعودية حقاً مكتسباً، وأصبحت المطالبة بمنع تعليم البنات تخلفاً عند الجميع، حتى بين أبناء الرافضين الأوائل.

حالة تصنيم القديم والخوف من الجديد ليست غريبة علينا في العالم العربي، فالنموذج المثالي في العقلية العربية دائما هو النموذج القديم، والسائد في هذه العقلية ان الناس لن تأتي بمثل ما أتت به الأوائل , فقد أكمل السابقون كل شيء، ولم يبقى للاحقون إلا ان يعيشوا كما عاش من قبلهم.

ويرى الدكتور محمد عابد الجابري ان الحاضر مرفوض في الفكر العربي المعاصر , لان حضور الماضي قوي الى درجة جعلته يمتد الى المستقبل ويحتويه في سبيل تأكيد الذات ورد الاعتبار اليها , والسبب بذلك كما يقول : ( التحدي الحضاري الغربي بجميع أشكاله وكافة أبعاده . وكما يحدث دائماً , سواء على المستوى الفردي أو المستوى المجتمعي , فلقد اتخذت عملية تأكيد الذات شكل نكوص الى مواقع خلفية للاحتماء بها والدفاع انطلاقا منها . )

وفي الحالة السعودية, فإن الرجعية تجد لها سبباً أضافياً قد لا يتوافر في بعض البلدان العربية , وهذا السبب يرجع الى الوضعية الجغرافية والتاريخية الخاصة فيها , فهي بصفة عامة أرض صحراوية كانت في أغلب أجزائها منعزلة وبعيدة عن ما يحدث في العالم من تطورات وتغيرات , وهذا مما زاد من غلو التيار الرجعي فيها .

ان حالات رفض الجديد، ثم الانسياق وراءه كأنه لم يرفض يوماً في المجتمع السعودي كثيرة، وجديرة بالدرس.

خذ مثلاً ما يتذكره الكثير من السعوديين من آراء محافظة صدرت دون تحفظ في بداية التسعينات , و تدور حول تحريم الأطباق اللاقطة " الستالايت " ، بل ولا تتورع عن وصف من يُدخل الدش الى بيته بـ"الديوث" أي الذي لا يغار على محارمه ! , كانت نشرات الفتاوى المتشددة حيال هذه القضية تنتصب بشموخ وبطبعات زاهية على بوابات المساجد، وفي فصول الدراسة، وباحات الجامعات، كما وزعت على نطاق واسع في مدارس البنين والبنات، وفي القطاعين الحكومي والخاص، بل لقد نشرت بعض الصحف السعودية شيئاً من هذه المنشورات.

( ومن الطرائف ان الشيخ الراحل محمد الصالح العثيمين سئل في اللقاء المفتوح عن الدش في العام 1992 , فقال مازحاً : بان الدش الذي يصب الماء ويستخدم للاغتسال استخدامه جائز، ثم لما شرح التلاميذ للشيخ الدش، أجاب بأن حكم الدش تبع لما يعرض فيه ان كان مباحاً أصبح جائزاً، وان كان محرماً فهو غير جائز، ثم بعد ان هاج المحافظون تجاه الدش، وصوروه عيناً للشرور وجالباً للغزو الفضائي، كان الشيخ العثيمين ممن أصدر فتوى قاطعة بالتحريم . )

واليوم نكاد لا نجد منزلاً في السعودية يخلو من هذه الإطباق , بل اننا نجد ان المشائخ الذين حرموا شراءها ووصموا من يضعها في بيته بأبشع الألفاظ , يتسابقون في الخروج على شاشة القنوات الفضائية , حتى أصبحنا نراهم فيها بقدرٍ يوازي القدر الذي نشاهد فيه مذيعات الفضائيات ومطرباتها .

إنه التطور الاجتماعي الذي لا سبيل الى دفعه.

يقول الدكتور علي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري معلقاً على رجال الدين الذين لا يفهمون هذه الحقيقة: "والغريب انهم حين يقاومون التيار أول الأمر يرضخون له أخيراً ويستجيبون له. رأينا الكثير من الواعظين يحرمون السفور ثم أسفرت بناتهم بعد ذلك، ورأيناهم يمنعون من دخول المدارس الحديثة ثم أدخلوا أبناءهم وبناتهم فيها زرافات ووحدانا. ورأيناهم يحرمون الاستماع الى المذياع ثم دخل المذياع في بيوتهم كأنه ابليس يدخل الباب بناب الحية. وهم اليوم يحرمون الرقص والتبرج والخلاعة ومن يدرينا لعلهم سيرقصون في يوم من الأيام على أنغام الجاز أو يتحدثون عن الغنج في غنج عفيفة وتهزيز مارلين". ومن الجدير بالذكر ان هذا الكتاب يرجع تاريخه الى عام 1956، ولا أشك في ان من يقرأ الفقرة السابقة سيظن ان الذي كتبها كاتب سعودي يوصف فيه حال السعوديون في أوائل القرن الواحد والعشرين، بينما حقيقة الأمر ان الكاتب عراقي الجنسية يتحدث عن مجتمعه قبل نحو خمسين عاماً! .

في التسعينات من القرن العشرين، قامت مجموعة من النساء في السعودية بقيادة السيارات، وقد حصلت ضجة كبيرة بسبب هذا الأمر، وتسابق التقليديون والدينيون على حد سواء في شجب هذا التصرف، وتلاحقت الفتاوى التي تحرم قيادة المرأة للسيارة، وتسابق خطباء المنابر في التهجم عليهن، ووصموهن ووصموا رجالهن بأبشع الألفاظ وأسوء النعوت .

تقول جير الدين بروكس وهي مؤلفة كتاب الأنوثة الإسلامية , إنها وصلتها رسالة من أحد هؤلاء النسوة تقول فيها: "فعلت ما فعلته لأنني أريد من حفيدتي أن تقول أني كنت موجودة "، لا أشك في ان حفيدتها ستقول هذا، كما لا أشك ان أحفاد أحفادنا سيقولون ان هذه المرأة كانت جدتهم جميعاً، كما يقول أحفاد مسليمة وسجاح - في الوقت الحالي- انهم أحفاد الصحابة! ولعل خطباء المستقبل سيشيدون في موقف رائدات التحرير السعودي من على المنابر التي تسابق أسلافهم بسبهن عليها. هذا ما نستشفه من نواميس التطور الاجتماعي، غير ان المشكلة تتلخص برفض الكثير في ان يفهموا نواميس هذا التطور فضلاً عن قبولها . 


سعود عبدالله الجارح

كاتب سعودي

  [email protected]

 



#سعود_عبدالله_الجارح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رابط التسجيل في منحة منفعة الأسرة بعمان “احصل على 445 ريال ع ...
- لجنة إيرانية ترسل مسودة قانون الحجاب لمجلس صيانة الدستور لمر ...
- “فرحهم وخليهم يتسلوا”.. تردد قنوات الاطفال 2024 “توم وجيري، ...
- في جدة.. هذه السعودية تتولى مسؤولية -أهم يوم- في حياة كل امر ...
- لك ولكل الأسرة: كيفية الحصول على حساب المواطن 2024
- العراق.. السجن 15 عامًا للمثليين والعابرين
- إيه اللون الطبيعي للسائل المنوي؟ تابعونا عشان تعرفوا #الحب_ث ...
- 5 نصائح صحية للنساء للوقاية من خطر السكتات الدماغية
- “اعرفي الخطوات”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في ال ...
- spf.gov.om.. خطوات التسجيل في منحة منفعة الأسرة بعمان 2024 و ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعود عبدالله الجارح - تحرير المرأة في السعودية حتم وليس خيار