أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - العباس الفراسي - سارق النور














المزيد.....

سارق النور


العباس الفراسي

الحوار المتمدن-العدد: 1953 - 2007 / 6 / 21 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


استوى سارق النورعلى ظهره منتشيا بآخر قطرة من كاس المدام, جبينه الفاحم ينز عرقا, واصابعه بالكاد تلتئمان على القنينة الفارغة, اشتم رائحتها التي اختلطت مع نتانة ابطيه, اطفأ المصباح والقى بالقنينة بعيدا عنه, ثم انطلق شخيره يملأ الحجرة المعتمة.

في نفس الليلة كان الطفل مسعود في المشفى مستلقيا على سريره, يعيش ظلاما دامسا, كان الضماد يملأ محجرا عينيه. للتو استفاق, ولا يزال مفعول المخدر يربك حركة يديه النحيلتين, لا أحد يؤنسه في وحدته غير دقات الساعة الكبيرة المعلقة على الجدار, فهي آخر ما احتفظت به ذاكرته الصغيرة قبل ان يدخل غرفة العمليات. هو ايضا وجه وردة ذو الابتسامةالبريئة, لا زال يتذكره, فتاة قروية في عمر الزهور, رمت بها الاقدار هنا بعد معاناة مع المرض, لا يعرف كيف حالها الآن, وهل سيستطيع رؤيتها بعينيه مرة اخرى, ام انه سيفقد نورهما الى الابد.
اشتعل الحي بالصراخ والعويل, خرج الجميع الى الشارع, ام مسعود تبكي, اخوه الصغير يصرخ, الجيران يملأون البيت صخبا.
ماذا هناك يا ام مسعود؟ ماذا حدث؟
الفتيات ينظرن من الأسطح ورؤوس تشرئب من النوافذ, عيون تسترق النظر بفضول, همهمات هنا وهناك, كلام خافت, مسعود قتل!! مسعود خطف, مسعود سرق مسعود مات.

يا عالم اسمعوا انتقموا لمسعود, اهدروا دم من تجرأ على مسعود, التفت الجمع جهةالمنادي, كان الصوت ينبعث من قرب الحديقة, من خلف كوخ سارق النور, هرول الكل الى هناك , كسروا الباب الأزرق الحديدي, وجدوا سارق النور نائما, وكزوه بقوة, لم يشأ الاستيقاض, ضربوه لم يشأ الاجابة ,كان ممددا على بطنه, ورائحتة الكريهة تزكم الانوف, قلبوه على ظهره, ترنح فجأة و انطلق في نوبة هستيرية من الضحك, ثم صرخ كخنزير جريح, انا لم اقتل احدا لم أجهز على مسعود انا سرقت نظارتيه الجميلتين فقط, استوليت عليهما لاشتري النبيذ.
لن أخفيكم قولا انني حينها نسيت كل شيء, نسيت المبادىء نسيت القيم نسيت الافكار التي قرأتها في الكراس أياما خلت,.... ربما لأني اصبحت مدمنا على الشراب على بيع الذمم على نهش لحم الرفاق, استرخصت مسعودا.
لم تكن خطيئتي هي الأولى, ابونا آدم كان أول الخطائين, يهوذا الاسخريوطي خان المسيح قبل صيحة الديك, انا لست آدم ولست يهوذا ولست آخر من خان او سرق.

اندهش الجميع لونه الاسود تغير اصبح ابيضا ناصعا كالثلج, انتفض كشاة مذبوحة, نقلوه الى الساحة الشرفية, قبالة المحكمة, نظر اليه أحد الصبية مشدوها, سال امه من يكون هذا المخلوق؟
قالت وهي تجرطفلها من تلابيبه, انه سارق مسعود يا بني, عفوا سارق النور.
في الطابق العلوي من المستشفى, كان مسعود يضحك وهو يمسك بأنامل وردة ويلعبان ويشربان اللبن.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية والارهاب بالمغرب


المزيد.....




- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - العباس الفراسي - سارق النور