أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزيف حنا يشوع - النافذة قصة قصيرة














المزيد.....

النافذة قصة قصيرة


جوزيف حنا يشوع

الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 05:15
المحور: الادب والفن
    


كان المطر يتساقط حزيناً مبللاً باحة المنزل، معانقاً زجاج النوافذ بهدوء ومودة. ثمة ضوء خفيف كان يزيل العتمة والغموض عن اجزاء المنزل الداخلية.. واكتستْ الحديقة والسور الخارجي وكل الأشياء لوناً رمادياً بفعل المطر.. واتشح كل شيء بحزن وقور بفعل عتمة الغمام.. من خلف الزجاج، كانت تبين وهي تخلع عنها سترتها ببطء شيخ أثقلتْ كاهله السنون.. كانت تتطلع الى اللاشيء، وعيناها تدوران في متاهة لا تقوى على التقاطهما منها. قذفت السترة على حافة السرير الخلفية بتعب ولا مبالاة. ومدتْ يديها لتنزع عنها بلوزتها.. رفعتها حتى أعلى الخصر بقليل وسرعان ما تخلتْ عن الفكرة، لقد بدت البلوزة وكأنها منسوجة من خيوط فولاذية وتزن مئات الأطنان وثقيلة حد عدم الرغبة في بذل كل ذلك الجهد لخلعها.

ارتمت على حافة السرير واستمرت بالتحديق الى اللامكان.. في اللازمان وكانت غيمة كأبة تعربد على محياها الرقيق ـ كنرجسةـ.. الشفاف ـ كعصير الورود ـ وقبل أنْ تقاوم ثقل احزانها وتنهض كانت لؤلؤة ساخنة تكونت لتوهها قد انحدرتْ من احدى مقلتيها على حقل وجها تشُريني التعابير.

لَمْلَمتها بسبابتها وانطلقتْ الى المطبخ.. كان لابد من فنجان قهوة كبير بعيد لرأسها الصغير الصواب، رأسها الذي كان لا يزال يحتضر من ذكرى حديثه الدافئة ـ كدم الاحرار ـ

بدت تحركاتها واضحة من خلف الزجاج لأن الأنوار كانت قد غزت كل أجزاء المنزل تقريباً.

انطرحت على الأريكة ورشفتْ جرعة من العلقم الذي اعدته لتوها.. عاودت عيناها الدوران في اللامكان، واللازمان. سرت مرارة الرشفة الأولى في بلعومها ومعها برقت أول ومضة رضى في رأسها "إنه، بالتأكيد يستحق كل مرارات الكون".. ما تزال حقول مخيلتها تطفح بملامحه القوية، الجادة، اللذيذة.. تلك التي ميزته عن كل المهرجين الذين تقافزوا حولها. لا زالت تيارات صوته الحادة تخترق طبلتيها، صوته الدافئ، المحب، رغم كل خشونة الرجال فيه.. وكلماته المؤلمة ـ المتألمة ـ تستعمر مدن الحب والذكرى بداخلها. وكان سؤال لا يزال يدور في ذهنها المجهد يمزقه بهدوء وقور. "هل سيظلّ ـ كما وعد ـ يحبني الى الأبد؟".

تسللت احدى القطرات الباردة التي ضاعفت من وزن ملابسه الى ظهره.. وبعد قليل ازدادت حشود قطرات المطر مكتسحةً ثيابه الخفيفة وجسده المتعب.. واصبح غير مكترث بها ولا بالبرد الذي صاحبها.. سمّر عينيه الى حيث كانتا، فقد كان ما يزال واقفاً يتلصّص من خلف السياج، يراقب بألم عينيها التائهين في اللامكان، واللازمان، من خلف زجاج النافذة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سرديات العنف والذاكرة في التاريخ المفروض
- سينما الجرأة.. أفلام غيّرت التاريخ قبل أن يكتبه السياسيون
- الذائقة الفنية للجيل -زد-: الصداقة تتفوق على الرومانسية.. ور ...
- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة
- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...
- افتتاح معرض -قصائد عبر الحدود- في كتارا لتعزيز التفاهم الثقا ...
- مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالج ...
- بقي 3 أشهر على الإعلان عن القائمة النهائية.. من هم المرشحون ...
- فيديو.. مريضة تعزف الموسيقى أثناء خضوعها لجراحة في الدماغ


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزيف حنا يشوع - النافذة قصة قصيرة