بعد مأربٍ قالوا حذار ((تداعيات لهذا الزمان حيث تعدد التكرار، من إخفاقٍ الى آخر، ومن انتكاسة الى أخرى)).


محمد الكحط
الحوار المتمدن - العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 06:37
المحور: كتابات ساخرة     

بعد مأربٍ قالوا حذار
((تداعيات لهذا الزمان حيث تعدد التكرار، من إخفاقٍ الى آخر، ومن انتكاسة الى أخرى)).

بَعْدَ مَأْرِبِ قَالُوا حَذَارِ، وَكُلَّ يَوْمٍ مَأْرِبٌ يَنْهَارُ، يَا لَلْهَوْلِ قَدْ حَلَّ فِي الأُفْقِ الدَّمَارُ، وَمَا بِنَا أَنْ نَرُدَّ الرِّيحَ إِذْ عَوَتْ وَهَاجَ الْمَوْجُ، نَقُولُ يَا لَيْتَنَا كُنَّا نَمْلِكُ النَّارَ وَالنَّارُ أ ُوَارُهَا نَحْنُ، وَأَضَعْنَاهَا فِي يَمِّ الْبِحَارِ، أَيْنَ سُفُنُنَا...؟ غَرِقَتْ... فَمَأْرِبُ قَدْ انْهَارَ، لَا الْجِدَالُ يَنْفَعُ وَلَا الْأَحْلَامُ تُسْعِدُ وَالرِّيحُ تَعْوِي وَاشْتَدَّ الْحِصَارُ، لَمْ يَعُدْ قُتَيْبَةُ مِنْ غَزْوِهِ مَسْرُورًا لَقَدْ كَذَبُوا، فَجِدَارُ الصِّينِ صَدَّهُ وَلَوَّحَ جَيْشُهُ بِالْانْكِسَارِ، هَهْ هَهْ هَهْ أُقَهْقِهُ... فَكَمْ تَوَغَّلْنَا بِدِمَاءِ بَعْضِنَا، وَكَمْ تَبَجَّحَ قَادَتُنَا بِالْمَرَاجِلِ لَكِنَّهُمْ أَخْفَوُا الْأَسْرَارَ، وَبَاعُوا حَتَّى دِثَارَ الْأَطْفَالِ وَلَمْ يَبْقَ لَنَا شَيْءُ، حَتَّى الْأَحْلَامُ ضَاعَتْ وَانْدَثَرَتْ، وَمَا عَادَ عُرْوَةُ أَبِي الْوَرْدِ مِنْ صَحْوَتِهِ لِنُعِيدَ أَمْجَادَ الصَّعَالِيكِ، وَنَنْتَظِرُ جَنَاحَ خَيْمَةٍ مِنْ حَاتِمٍ لَعَلَّنَا نَسْتَظِلُّ فِيهَا مِنَ الْأَشْرَارِ، فَالشَّمْسُ لَا تُخْفِينَا وَلَمْ نَعُدْ نَخْشَى سَعِيرَ النَّارِ، فَانْكَوَيْنَا مِرَارًا وَلَمْ يَنْفَعْ بَعْدَ الْيَوْمِ الْحَذَارُ، وَالسَّيْلُ جَرَفَ كُلَّ الْأَشْيَاءِ الْجَمِيلَاتِ، حَتَّى الْمِلْحُ ذَابَ وَالدِّيدَانُ انْجَرَفَتْ، وَحَدِيقَةُ أُمِّي أَمْسَتْ بِلَا أَزْهَارِ، لَمْ يَعُدْ فِي الصَّحْرَاءِ نَبْعٌ نَرْتَوِي مِنْهُ، وَلَمْ يَعُدْ فِي الْجِبَالِ كُهُوفُ نَأْوِي إِلَيْهَا، وَمَا نَرْتَدِيهِ مِنْ أَسْمَالٍ بَاتَتْ تَكْشِفُ عَوْرَاتِنَا، وَطَمَعُ الْأَوْغَادِ فِينَا فَلَرُبَّمَا مِنْ عِظَامِنَا يَصْنَعُون الْمَحَارَ، تِلْكَ السُّهُوبُ وَتِلْكَ الضِّفَافُ لَنْ نُدْرِكَهَا فَمَا دُونَهَا السَّيْلُ وَالْاِنْدِثَارُ، لَمْ يَعُدْ يَعْنِينَا مَنْ يَقُودُنَا إِنْ كَانَ قِرْدًا أَمْ حِمَارُ، مِنْ أَيْنَ نَسْتَجْدِي نَاقَةً نَقْطَعُ فِيهَا رِحْلَةَ الصَّحْرَاءِ إِلَى نَجْدٍ أَوْ ظَفَارِ، فَكُلُّ الطُّرُقِ أُغْلِقَتْ وَقَدْ صَدَرَ الْقَرَارُ، فَلَا سُفُنٌ سَتَرْحَلُ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَلَا قَوَافِلُ لِطَرِيقِ الْحَرِيرِ سَتُدَارُ، أَيَّ حَرْبٍ نَخُوضُ وَلَيْسَ لَنَا لَا مَاءٌ وَلَا بُرُّ، وَأَلْقَوْنَا بِذِي مَرَخٍ نَنْتَظِرُ الْحُطَيْئَةَ لِيَنْجُوَ مِنْ وَرْطَتِهِ لَعَلَّهُ يَحْمِلُ لَنَا الدِّثَارَ، لِنُفِيقَ مِنْ كَبْوَتِنَا، وَلَعَلَّ الرِّيحَ تَسِيرُ مَعَ سُفُنِنَا وَنَنْشُرُ السِّتَارَ، وَنُعِيدُ مَأْرِبَ لِيَشْمَخَ مِنْ جَدِيدٍ بِوَقَارِ....!!!!