مبدعون في الغربة ضفاف سرحان عالمة عراقية الأصل مفخرة للعراق
محمد الكحط
الحوار المتمدن
-
العدد: 8267 - 2025 / 2 / 28 - 00:12
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
مبدعون في الغربة
ضفاف سرحان عالمة عراقية الأصل مفخرة للعراق
محمد الكحط –السويد-
ضفاف سرحان عالمة عراقية الأصل، غادرت العراق مع عائلتها وهي طفلة صغيرة، واستقرت في السويد سنة 2000 حيث كان عمرها 15 سنة، بعد رحلة طويلة ومعاناة وانقطاع عن سير الدراسة بشكل منتظم بسبب التنقلات مما سبب خسارتها سنتين دراسيتين، وبعد أن استقرت في السويد بدأت تحديها للحياة ومن أجل تحقيق طموحاتها ولتعوض ما فاتها من زمن، واستطاعت خلال فترة وجيزة وبالجهد المثابر والدراسة الجدية من اكمال مراحل دراسة اللغة والدراسة ومن ثم المرحلة الاعدادية في الفرع العلمي والذي يعد أصعب فرع دراسي في السويد، ولتكون من المتميزين بين أقرانها السويديين، مما دعا أساتذتها لمد يد العون لها ودعمها كون البلد يدعم طموح الطلبة المتميزين.
تم قبولها في أعرق جامعة سويدية، هي جامعة أوبسالا UPPSALA University، والتي تعد ضمن الجامعات المتميزة في العالم وأكملت تخصص في البيولوجيا الجزيئية Molecular Biology، وواصلت دراسة الماجستير في تخصص الطب الاحيائي من كارولينسكا، ومن يعرف معهد أو جامعة كارولينسكاKarolinsk Institutet ، فهي المكان الذي يقرر فيه منح جائزة نوبل في الطب لمن يستحقها، وبإصرار المحارب العتيد ولشغفها الشديد بالعمل المخبري ولطموحها في العمل في بحوث علاج السرطان واصلت عملها بنجاح للتحضير للدكتوراه، وكانت رسالة الدكتوراه التي ناقشتها بخصوص محيط الكتلة السرطانية فيما يتعلق بـكل من الأنسجة وكريات الدم البيضاء الموجودة داخل الكتلة السرطانية، ولاختيارها العمل والبحث في مجال مرض السرطان حكاية تبلورت في ذهنها منذ طفولتها عندما توفيت زوجة عمها في عمر مبكر لا يتجاوز الـ32 عاماً، بسبب سرطان الثدي، فطمحت ضفاف اختيار البحث في الأمراض السرطانية في المستقبل وهكذا كان. فزوجة عمها كانت قريبة منها، فأثر موتها فيها كثيراً وكان الدافع لها لتختار اختصاص محاربة السرطان، وتقول الدكتورة ضفاف: ((زوجة عمي توفيت بسبب سرطان الثدي وكان من الممكن أن تنجو لكن للأسف تم اكتشاف المرض متأخراً...))
واليوم بعد أكثر من عشر سنوات من الدراسة والبحوث العلمية داخل السويد وخارجها توصلت الى نتائج تعتبر الأولى من نوعها في مجال عملها وهو مكافحة أمراض السرطان، فقد استمرت ضفاف بحوثها في أمريكا أيضا، وعند عودتها إلى السويد اكتشفت من خلال أحد بحوثها على سرطان الرئة شيئا جديداً، وهو الربط بين تأثر مريض السرطان بالعلاج المناعي وجنس المريض (أي هنالك فرق بين الذكور والإناث للإصابة بالمرض)، وطبعا العمل مع فريقها البحثي، حيث توصلوا إلى ((أن هناك بروتينا معينا يؤثر على النساء المصابات بسرطان البنكرياس في حال وجوده بنسبة عالية ويكون تأثير هذا البروتين نفسه شبه معدوم في حال وجوده عند الرجال)).
وواصلت ضفاف البحث لتتوصل إلى أن هذا البروتين تحمله خلايا معينة من كريات الدم البيضاء والمعروفة بالبلاعم ((والبلاعم phagocytes هي نوع من الخلايا التي تقوم بابتلاع وقتل وتخريب الميكروبات وهي كائنات حية دقيقة غازية، وخلايا أخرى والفضلات الخلوية))، ودور هذه البلاعم هو القضاء على الخلايا المصابة بالبكتريا أو المسرطنة في الحالة الطبيعية أي في حال عمل جهاز المناعة، ولكن بالنسبة للمصابين بالسرطان تقوم البلاعم بدور عكسي، أي تكون متعاونة مع الخلايا السرطانية، هذا الاكتشاف هو أن هذه المتعاونات مع السرطان هي من تحمل هذا البروتين الذي يؤثر على النساء فقط.
فهو يتأثر بالهرمون النسائي أي (الاستروجين Estrogen الهرمون النسائي) الذي يؤثر في عمل هذا البروتين.
هذا الاكتشاف أدى الى تشكيل مجموعة من الباحثين من جامعات مختلفة للعمل مع ضفاف على إيجاد مضادات حيوية تساعد في علاج النساء المصابات بسرطان البنكرياس، لكن عمل الباحثة ضفاف وفريقها لا يقتصر على المرضى من النساء، بل هم يعملون أيضاً على علاجات تخص الرجال أيضا.
وتوضح ضفاف: أن البحث يفسر ميكانيكية الربط بين نوع الخلية البلاعمية ونوع السرطان وتأثيره على العلاج المناعي، وهناك ثلاثة دراسات أخرى نشرت توضح اختلاف عدد خلايا كريات الدم البيضاء عند الجنسين، لكن من حيث اكتشاف السبب والعملية وطريقة تعاون الخلايا مع السرطان، فالفريق البحثي الذي أقوده يعتبر رائداً في هذا المجال، وتعبر عن فرحتها كون البحث نشر في مجلات معروفة عالمياً، وسيكون هذا حافز لنا والى الآخرين للتركيز على الفرق بين جهاز مناعة الجنسين، مما يساعد على معرفة الأسباب وبالتالي ايجاد علاجات دقيقة.
وتوصي بأن خطورة الإصابة بسرطان البنكرياس كان هو أعلى عند الرجال من النساء، لأن هذا النوع من السرطان يتأثر كثيراً بالتدخين، ونسبة التدخين في صفوف الرجال أعلى كثيرا من النساء في الماضي، لكن في الوقت الحاضر تساوت نسبة التدخين بين الرجال والنساء وبالتالي تساوت نسبة أمراض سرطان البنكرياس عند الجنسين، لذا تدعو الى عدم التدخين.
اليوم يتم دعوة ضفاف للعديد من دول العالم لحضور مؤتمرات أو محاضرات ونقاش البحوث المختلفة في مجال السرطان، وتواصل الباحثة ضفاف سرحان أبحاثها في السويد بخصوص الأمراض السرطانية، وحلمها بأن تنجح في التوصل الى علاجات تنقذ الآلاف بل الملايين من الذين يتعرضون للإصابة بالسرطان.
تحية للدكتورة صفاف وكلنا أمل بأنها ستحقق طموحها وتحيي الأمل للبشرية من أجل القضاء على الخوف من أخطر مرض خبيث عرفته البشرية حتى اليوم.
صور للعالمة العراقية ضفاف مع بعض أعضاء فريقها
المصدر:
Fei He et al. Cancer Res. 2023
Åretsberättelse, Radiumhemmet, Stockholm, Sweden