غداة قمّة ترامب – بوتن : حقائق حيويّة أربعة
شادي الشماوي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 16:58
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 918 ، 18 أوت 2025
www.revcom.us
إنّ ندوة أعلى قمّة بين ترامب و بوتن يوم الجمعة الفارط في ألاسكا قد هيمنت على الأخبار ، و سننشر المزيد عنها هذا الأسبوع . و موضوع القمّة كان كيفيّة معالجة الحرب الدمويّة و الخطيرة بين روسيا و أوكرانيا . في ما أضحى بسرعة حربا بالوكالة ، وجدت أوكرانيا الدعم القويّ من قبل أوروبا و خاصة – إلى تولّى ترامب الرئاسة – الولايات المتّحدة . عند دخول الاجتماع ، قال ترامب إنّه كان يطالب بأن يقبل بوتن بإيقاف إطلاق نار كخطوة أولى ؛ و عند مغادرة الاجتماع ، كان ترامب قد سحب ذلك المطلب . و منذ الندوة ، صار ترامب يتحدّث بتقدير كبير لبوتن و قال إنّ المسؤوليّة الآن تقع على عاتق القائد الأوكراني زيلنسكي ليعقد إتّفاقا شاملا مع بوتن قبل إيقاف إطلاق النار .
و أبعد من ذلك ، ما من أحد يعرف حقّا عن أيّ مواضيع أخرى تحدّث ترامب و بوتن أو عن أيّ مواضيع إتّفقا و حتّى أقلّ كيف سيتطوّر الأمر . و ستتّضح الأمور أكثر هذا الأسبوع . ما سيجرى من الممكن جدّا أن تكون له تبعات هائلة و من المهم الحصول على معنى للديناميكيّات و الإمكانيّات المحرّكة الأعمق .
أوّلا ، نعيش في عالم منقسم بين القوى الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، و كلّ قوّة من هذه القوى يُحرّكها منطق هذا النظام في القتال من أجل الهيمنة . و الآن ، كلّ قوّة إمبرياليّة تنفق أموالا ضخمة لبناء و عصرنة ذخيرتها بما فيها ذخيرة الأسلحة النوويّة و تشحذ إستراتيجيّتها . و المنافسين الأساسيّين في هذا القتال من أجل الهيمنة هما الولايات المتّحدة و الصين ، و هما أسيرتان لنزاع مرير متنامي . و روسيا ، بذخيرتها النوويّة الكبيرة لاعب كبير في هذا " الخليط " . لكن حربا جديدة بين أيّ من هذه القوى – وهي قد تنفجر عمدا أو عرضيّا – ستكون كارثيّة و قد تفضى إلى حتّى نهاية وجود البشريّة .
" اليوم ، بينما الولايات المتّحدة هي و هي تُعلن بصوت عال أنّها ، القوّة العظمى رقم واحد في العالم ، تنخرها تناقضات حادة ، وهي تواجه تحدّيات متنامية ، في صفوف البلاد و عالميّا ، و قد دفع هذا إلى الواجهة نظاما فاشيّا يمسك الآن بمقاليد السلطة ، و إصبع وحش مجنون على الزرّ النووي – نظام ، دون مبالغة ، يهدّد ليس بعذابات كبيرة لجماهير الإنسانيّة و حسب و إنّما أيضا يهدّد الإنسانيّة ذاتها في وجودها . "
( بوب أفاكيان ، مقتطف من خطاب سنة 2017 ، " يجب على نظام ترامب / بانس أن يرحل ! باسم الإنسانيّة، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة . عالم أفضل ممكن . " )
قبل ثلاث سنوات و نصف السنة ، شنّت روسيا غزوا دمويّا و غير عادل كلّيا على أوكرانيا . فقُتل مئات الآلاف في هذه الحرب ، و العديد الآخرين أُصيبوا بالشلل و الإعاقات . لكن بإستثناء ممكن لفترة قصيرة فلى بداية الغزو الروسي ، لم يكن هذا أساسا صراعا من أجل التحرّر الوطني من قبل الشعب الأوكراني . بدلا من ذلك ، دعّمت الولايات المتّحدة و أوروبا دعما كبيرا أوكرانيا و حوّلت تلك الحرب إلى حرب بالوكالة - مجال فيه الولايات المتّحدة و روسيا كانا يتنازعان حول تقسيم العالم و نهبه . ( من أجل توثيق كيف و لماذا الأمر كذلك ، عليكم بالرابطين التاليين :
www.revcom.us/en/bob_avakian/ukraine-world-war-3-real-danger-not-repeat-world-war-2
www.revcom.us/en/bob_avakian/war-ukraineand-interests-humanitya-scientific-revolutionary-approachvs-harmful )
في ظلّ بايدن ، زوّدت الولايات المتّحدة أوكرانيا بمليارات الدولارات سلاحا و مخابرات بشأن القوّات الروسيّة و " نصائح " إستراتيجيّة من أعلى المستويات . و صار أفق حرب نوويّة تقضى على الحضارة الإنسانيّة في منتهى الراهنيّة . و لم تقم القوّتان النوويّتان الأعظم بمعارضة بعضهما البعض بخصوص الغزو ، في لحظات مختلفة القائد الروسي بوتن ، أو أحد توابعه ، ذكّروا العالم أنّ روسيا تملك أسلحة نوويّة . و في لحظة معيّنة ، إعترف بايدن حتّى بأنّ مثل هذه الحرب أضحت مرجّحة أكثر من زمن أزمة الصواريخ الكوبيّة في ستّينات القرن الماضي – أزمة كان خلالها العالم تماما على حافة حرب نوويّة بين الولايات المتّحدة و روسيا ! (1) و الآن بعد 60 سنة ، تخاطر القوّتان الإمبرياليّتان مرّة أخرى بوضع نهاية للحضارة الإنسانيّة في قتالهما حول كيفيّة تقسيم العالم !
خلال حملة انتخابات سنة 2024 ، قال ترامب إنّه يعارض الحرب في أوكرانيا . و زعم إنّها لم تكن لتقع أبدا لو كان هو الرئيس و وعد بأنّه سيتوصّل إلى إتّفاق سلام في اليوم الأوّل من رئاسته . و بداهة أنّه إلى الآن لم يستطع القيام بذلك . فما هو محلّ رهان هو مصالح معقّدة و إستراتيجيّة ، ، ليس لها علاقة بما إذا و إنّما بكيف يجرى التنافس ضد المنافس الأساسي للولايات المتّحدة ، الصين – بما في ذلك في النزاع العسكري الذى يمكن أن يؤدّي إلى حرب . ( و قد تذمّر ترامب في المدّة الأخيرة على قناة فوكس نيوز من أنّ إستراتيجيا بايدن دفعت روسيا إلى أن تقترب أكثر من الصين – و هناك أكثر من القليل من الحقيقة في ذلك ) . و مختلف القوى حول ترامب لا ترغب في أن تعرّض للخطر هذه المصالح في زمن فيه التنافس بين الإمبرياليّين يغدو أحدّ بشكل متنامي ؛ و من الممكن جدّا أنّ توجد نزاعات ضمن النظام حول كيفيّة تحقيق ذلك . و بوجه خاص، نظرة روسيا إلى أين تكمن مصالحها – و ما الذى يجب عليها القيام به لبلوغ هذه المصالح – يمكن أن لا تتماشى مع ما ترغب إدارة ترامب أن تراه يحدث .
بإختصار ، هذه مقامرة حسّاسة إلى أقصى حدّ – مقامرة يمكن عمليّا أن تعني نهاية الإنسانيّة !! هذه الديناميكيّة شيء يتّفق عليه في الأساس كلّ من الفاشيّين و الذين ضمن الطبقة الحاكمة و يعارضونهم . و بالنسبة إلى هؤلاء الوحوش ، بقاء نظامهم على قيد الحياة – و مكانتهم فيه – يعنى أكثر من الحياة ذاتها ! لكن ما هي مصالح الجماهير الشعبيّة عبر العالم في مثل هذا النزاع ؟ لا شيء – فضلا عن منع ( أو إيقاف ) هذا هي وضع نهاية لهذا النظام الذى يُفرز بصفة متكرّرة هذا الصنف من الأشياء !
ثانيا : هيمنة الفاشيّين على جهاز حكم الولايات المتّحدة يجعل من كلّ هذا الوضع أخطر حتّى :
تقلّب ترامب – أي هذا المزيج من الإنفجاريّة و عدم ثبات مواقفه المندفعة – إلى جانب عبوديّة أتباعه لكلّ الإلتواءات و المنعرجات – مبنيّ في فاشيّة ترامب / الماغا . و هذا يجعل من المرجّح أكثر أن تحدث حرب بفعل سوء التقدير ، أو حتّى تماشيا مع غرور ترامب . و هذا يجعل حتّى أكثر إستعجاليّة أن يتجمّع الناس في مقاومة جماهيريّة غير عنيفة لترحيل هذا النظام الفاشيّ ... الآن !
ثالثا : نحتاج إلى عالم جديد تماما و نظام مغاير جوهريّا – عالم و نظام بوسعهما أن يحرّرا الإنسانيّة من هذه الديناميكيّات القاتلة المبنيّة في أسس النظام الرأسمالي – الإمبريالي :
تحتاج الإنسانيّة إلى عالم خال من الإستغلال و الإنقسامات بين الناس ... عالم يعمل فيه الناس معا لإيجاد وفرة للجميع و لتجاوز الإستغلال و الإضطهاد و الحروب و تدمير البيئة غير الضروريّين مطلقا و الناجمين عن النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى نعيش في ظلّه . و قد تقدّم بوب أفاكيان بنظرة شاملة و أساس راسخ و خطّة ملموسة لإنشاء مثل هذا العالم و هذا المشروع مجسّد في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا ". و قد طوّر بوب أفاكيان إستراتيجيا للثورة التي نحتاج إليها لبلوغ ذلك . و فوق ذلك ، و كأساس لذلك ، طوّر الشيوعيّة الجديدة – طريقة علميّة أتمّ لفهم العالم و تغييره من شيء كان لدي الإنسانيّة قبلا . و توفّر الشيوعيّة الجديدة أملا – على أساس علميّ راسخ .
رابعا : الآن زمن نادر – فيه مثل هذه الثورة صارت عمليّا ممكنة أكثر من ذي قبل :
التهديدات بالحرب و تدمير البيئة و منتهى الفوضى و الدمار و الغلق الفاشيّ الوحشيّ للمجتمع في آن معا فظيعة و واقعيّة جدّا . و لا مجال لتجنّب ذلك طالما كنّا نعيش في ظلّ هذا النظام . لكن الحدود القصوى التي يتّجه نحوها العالم تجعل من الثورة ممكنة أكثر .
لماذا و كيف أنّ الأمر كذلك – طبيعة المشكل و طبيعة الحلّ – مضمّنة في العديد من أعمال بوب أفاكيان . بوسعكم الإنطلاق هنا من " 2025 : سنة جديدة – تحدّيات جديدة عميقة – و طريقة إيجابيّة بعمق بإتّجاه للتقدّم إزاء الفظائع الواقعيّة جدّا ". و هذه ليست حقيقة من اليسير مواجهتها ؛ لكن عندما تتمّ مواجهتها ، يمكن أن تكون حقيقة تحريريّة . إتّصلوا بهيئات الشيوعيّين الثوريّين لتحرير الإنسانيّة لمزيد التعرّف على كلّ هذا، و لتلتحقوا بالناس الذين يعملون ليل نهار لبناء و الإعداد لقوى الثورة الشيوعيّة – الجديدة .
و على ضوء كلّ هذا ، التالي من بوب أفاكيان يسطع جليّا بأكثر حدّة :
" لم نعد نستطيع السماح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . و إنّه لأمر علميّ أنّه ليس على الإنسانيّة أن تعيش على هذا النحو ".
هوامش المقال :
1- سنة 1962 ، عندما ركّز الإتّحاد السوفياتي 36 صاروخا مجهّزة نوويّا في كوبا بطلب من الحكومة الكوبيّة، أقام رئيس الولايات المتّحدة حصارا بحريّا على كوبا و جعل القوّات النوويّة للولايات المتّحدة بأعلى مستوى من التأهّب لحرب نوويّة . طوال 13 يوما ، كان العالم يعيش على وقع إمكانيّة حدوث محرقة نوويّة .