الدار البيضاء: طلبة طب الأسنان يستنكرون ظروف تكوينهم
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 02:36
المحور:
الطب , والعلوم
تعيش كلية الطب بالدار البيضاء حاليا في دوامة من الاضطراب. منذ عدة أيام، بدأ طلبة طب الأسنان في الإضراب احتجاجا على ظروف العمل التي تعتبر غير مقبولة. خصاص في المعدات والمواد الأساسية، علاجات منتهية الصلاحية... وفقا لهم، أصبح الوضع حرجا ويهدد تكوين أطباء الأسنان المستقبليين وكذلك رعاية المرضى. ورغم عدة اجتماعات مع الإدارة، لم يتم التوصل إلى حل ملموس، ما دفع الطلبة إلى تكثيف حركتهم الاحتجاجية.
يتصاعد التوتر داخل كلية الطب بالدار البيضاء. منذ يوم الاثنين الماضي، دخل طلبة طب الأسنان في إضراب لمدة 15 يوما، ما أدى إلى تعليق الرعاية في المستشفيات. كما نظموا، الأربعاء، اعتصاما في بهو مركز العناية بالأسنان التابع للكلية. وتهدف تعبئتهم إلى تسليط الضوء على "ظروف العمل غير المستقرة بشكل متزايد، والنقص الصارخ في المعدات وتدهور البنية التحتية"، مما يعرض للخطر تكوينهم وجودة الرعاية المقدمة للمرضى.
هكذا، يحتج الطلبة على تردي تجهيزات المركز وتردي ظروف العمل، لا سيما غياب "العلاجات" اللازمة لرعاية المرضى. «كراسي المعالجة الكهربائية في حالة يرثى لها، وأغلبها مكسورة". لكن المشكلة لا تنتهي عند هذا الحد. بل إن عددها محدود جداً مقارنة بعدد الطلبة والمرضى، ما يضطرهم إلى الانتظار أشهراً طويلة قبل الحصول على موعد. إلا أن بعض الحالات تحتاج إلى تدخل عاجل، وهذا التأخير لا يؤدي إلا إلى تفاقم أوضاعها الصحية. وهذا ما يجعل هذه الحالات تستدعي علاجا بالجراحة، يوضح معاد الشاذلي، طالب طب الأسنان.
بالإضافة إلى المعدات المعيبة، يؤدي غياب بعض المواد الأساسية أيضاً إلى تأجيج غضب الطلبة. ومن بين هذه العناصر الأساسية الراتنج الضروري لتركيب الأطراف الاصطناعية للأسنان، والمركبات المستخدمة لاستعادة بنية الأسنان. “تخيل مركزا للعناية بالأسنان لا يتوفر فيه طبيب أسنان على مركب! وهذا أمر سخيف بقدر ما هو غير مقبول. نجد أنفسنا في أوضاع شاذة، مجبرين على تأجيل التدخلات العاجلة بسبب نقص المواد. وينتظر بعض المرضى أكثر من ستة أشهر حتى يتم تركيب الأطراف الاصطناعية الخاصة بهم بسبب نفاد الراتنج في المركز. في مواجهة هذا الوضع، يحدث أن يقوم الطلبة بشراء المعدات بأنفسهم حتى يتمكنوا من العمل. إنها كارثية!"، يصرخ الطالب معاد.
ولكن هذا ليس كل شيء. كما يحذر الطلبة من توفير علاجات منتهية الصلاحية، الأمر الذي يعرض صحة المرضى للخطر بشكل مباشر. "اليوم، بعض العلاجات المتوفرة في المركز أصبحت قديمة. أخلاقنا تمنعنا من استخدامها. حتى القفازات التي نستخدمها ليست مناسبة وتسببت بالفعل في الحساسية لدى العديد من الطلبة”، يؤكد إلياس باخبرين، ممثل طلبة طب الأسنان بالدار البيضاء.
بالنسبة للطلبة، يعتبر هذا الإضراب هو الملاذ الأخير بعد عدة اجتماعات غير ناجحة مع إدارة الكلية. ومن بين مطالبهم، يطالب أطباء الأسنان المستقبليون باقتناء كراسي العلاج الكافية وتجديد المعدات وتوفير المواد والعلاجات اللازمة.
قال ممثل الطلبة: "مطالبنا مشروعة. نحن لا نطلب أي شيء غير عادي، فقط معدات كافية وذات جودة، من أجل ضمان سلامة المرضى والممارسين". ورغم انفتاحهم على الحوار، يقول الطلبة إنهم على استعداد لتصعيد حركتهم إذا استمر تجاهل مطالبهم. كما يحملون الجهات المعنية المسؤولية الكاملة عن الوضع الراهن.
يأتي هذا الاحتجاج في إطار جو عام من التوتر داخل كليات الطب، تفاقم بسبب التأخير في دفع تعويضات التكوين في المستشفيات.
وأوضح أحد الطلبة الأعضاء في اللجنة الوطنية، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «اليوم (الخميس)، حصل بعض الطلبة على كامل مخصصاتهم من العام الماضي، أي 5040 درهماً، فيما حصل آخرون على دفعة قدرها 3780 درهماً فقط، أي ما يعادل ستة أشهر من التكوين. أما تعويضات هذا العام، فلم يتم دفعها بعد، رغم أننا في شهر مارس بالفعل”.
هناك نقطة خلاف أخرى تتعلق بمبلغ التعويض المحدد بـ 1200 درهم لطلبة السنوات الثالثة والرابعة والخامسة، و2400 درهم لتلاميذ السنوات السادسة والسابعة، في انتظار نشر النصوص المتعلقة بالإصلاح". ثم أضاف: “وزارة التعليم العالي وعدتنا بدفع الفرق على شكل تذكير، لكن ليس لدينا أي ضمان”.
أخيرا، تدين اللجنة الوطنية أيضا التأخر غير المبرر في دفع المنحة الجامعية "منحتي"، خاصة لطلبة كلية الطب بالدار البيضاء، الأمر الذي يشكل مصدر قلق حقيقي بالنسبة لهم. ويطالبون السلطات بالتدخل بأسرع ما يمكن لتجنب تصعيد التوترات داخل كليتهم. تسلط هذه الحركة الاحتجاجية المحصورة مكانيا والممتدة زمانيا الضوء على أزمة عميقة تتجاوز الإطار البسيط لكلية الطب في الدار البيضاء وتعكس ضعفا عاما في نظام التعليم الطبي. ويجب إيجاد الحلول في أسرع وقت ممكن، وإلا فسيكون هناك خطر المساس بمشروع إصلاح القطاع الصحي الذي يشكل الأطباء أحد ركائزه الأساسية.