دمعة ودعوة وأسئلة عن تشرين
محمد يعقوب الهنداوي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 21:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أسئلة (تشرين) الصعبة...
لست حديث السن وأزعم اني لست قليل خبرة، ولكني لم أفارق المراهقة وأصر على ملازمتها في كل حال ومجال,
طوال خمس سنين وأكثر، أكثر بكثير في الواقع إذ لم أكف يوما عن متابعة الحركات الشبابية في العراق وفورات التوترات السياسية حتى أيام هيمنة العصابات الارهابية المعروفة، اذ كثيرا ما نمت وصحوت على أزيز الرصاص وهدير الانفجارات المرعبة سنين كنت في بغداد، وحاولت دائما أن أتتبع خيط الثورة الصافية البريئة في خضم دوامات الدم والوحول وسمسرة الشعارات والقتل الجماعي، وبعد غربتي الثانية لا زلت أتابع بدأب كل ما يمكن أن أصله من معلومات وتفاصيل.
لكن تشرين كانت محطة متميزة لأسباب كثيرة ليس أقلها اتساع رقعتها زمانيا ومكانيا وهيمنة الفئة الشابة الواضح والظهور المبهر العظيم لبنات العراق، بنات المدارس والجامعات نساء الغد وربات البيوت والطبيبات والطاهيات حبيباتنا جميعا في كل مواقعهن ومراحلهن، وبساطة المطالب والشعارات المعلنة وعفويتها وبدائيتها، مع انها لم تحافظ على بساطتها وبدائيتها ونقائها لاحقا على الدوام طبعا، وكذا لما سال من دماء وما خسرناه من أرواح ومن عذابات الأمهات ودموعهن ومعاناة ذوي الشهداء والمعوقين والجرحى وقلوب أحبتهم التي لا تزال واجفة تنتظر عودة قد لا تكون!
صفقت لتشرين بحماس ووضعت بصمة حب على كل منشور كان يؤيد من قام بها وشارك فيها ومن ساندها ودافع عنها، لكن هذا لم يكن كل شيء، فلتشرين توابع ومترتبات وأثمان رهيبة وجروح عميقة لا زلنا كمجتمع وكثائرين ضد الفساد والظلم نئن منها، وخاصة تلك التي استوطنت قلوب الأمهات.
وكنت دائما منحازا ومنجرفا مع تيار الثورة وحب الثورة وشباب الثورة وخاصة لو كانت ثورة للنساء دور بارز فيها يليق بهن وبالمجتمع، فمن دونهن لا معنى للثورة أصلا،
فسألت نفسي عن صحة موقفي ومبرر حماستي وسلامة انحيازي وشعرت أن لابد من وقفة تأمل ووعي ومراجعة وحساب على الأقل استعدادا للجولة المقبلة من ثورتنا.
وأعددت نفسي للبحث في أوراق السنين الخمس الماضية آملا أن استعين باصدقائي الذين أفخر بقلة عددهم ورقيهم فلست مهووسا بقوائم أصدقاء لا أعرف عنهم ولا يعرفونني، فالصداقة بعمق تناغم المواقف والفهم .
وتواجهني في مسعاي هذا أسئلة بسيطة شائكة بريئة وقاسية:
* ما هي تشرين ولماذا قامت وماذا حققت وأين وصلت وأين فشلت وما هو وأين حساب المكاسب والخسائر وما هي الخطوة المقبلة؟
* من دعا لها ومن خطط ونظم وقاد وقرر شعاراتها وعلى أساس أي فهم واية منطلقات ودوافع وما هي تقييمات الفاعلية والجدية والجدوى والغاية والمعنى وواقعيتها وصلتها بمرحلية الثورة؟
* من أشرف وقرر ونظم إخلاء مدارس ومؤسسات تعليمية معينة وتوقيت ذلك ولماذا وكيف جرى حساب الخسائر المحتملة من أرواح وسلامة طالباتها وطلابها ومستقبلهم؟ ولماذا هذه المؤسسات بالذات وليس سواها؟
* ما أهدافها ومن الجهة التي أشرفت عليها وتحكمت بمساراتها وتوقيتاتها وقراراتها وتنظيم مساراتها؟
* من وكيف وعلى أية أسس وغايات وحسابات قررت تلك الجهة المشرفة تحديد الأهداف والمواقع وخطوط التماس وحجم التضحيات المشروعة والمقبولة والمحتملة، أو العكس، وعلى أي أساس؟ ومتى تصبح تلك النتائج خارج المقبول وتستلزم التراجع وكيف؟
* كانت هناك تحركات خطيرة وحاسمة وخارج نطاق الحياة اليومية للمحتجين وتسببت في حسائر فادحة للثوار مثل حرق القنصليات التي سقط بسببها قتلى وجرحى، فمن قرر ذلك ولماذا ولتحقيق أية أهداف؟
* لماذا جرى استهداف سفارات أو أهداف دبلوماسية معينة بينما جرى اغفال أخرى تماما رغم أدوارها الواضحة جدا في دعم منظومة الفساد والقمع والجريمة وحمايتها والتنسيق العلني معها، بما في ذلك مؤسسات الأمم المتحدة وأمريكا؟
* كانت هناك تحركات خطيرة مثل قطع طرق الموانيء وشركات النفط فمن قررها ولماذا ولتحقيق أية أهداف؟
* كانت هناك توقيتات حاسمة في حركة الجموع مثل الزيارات المذهبية وفتراتها فمن قرر ذلك ولتحقيق أية أهداف؟ وما علاقة ذلك بالثورة؟
* لماذا انحصرت مناطق حيوبة الثورة ونشاطاتها وفاعليتها بين البصرة والفرات الأوسط ولم تبلغ المنطقة الغربية ولا الموصل وكردستان؟
* من أبرز المشاهد وأعقد المواقف كانت عملية التصويت على (رفض) أو (قبول) فلان أو علان كرئيس وزراء بديل لعادل عبد المهدي بعد استقالته، فمن الذي كان يقرر التصويت وعلى أية أسس ولماذا وما هي المعايير والاشتراطات المتبعة في تلك القرارات؟
* لماذا جرى السكوت (والموافقة) على اختيار الكاظمي رئيسا للوزراء بينما جرى رفض (محمد علاوي مثلا) بينما كان الكاظمي في الواقع أكثر اجراما وقذارة ودورا في قمع الثوار وثورتهم فهو كان مدير المخابرات وله يد في كل الجرائم المرتكبة والتواطؤ معها والصمت عليها؟ وسيكون له دور أقذر لاحقا في تمرير الفساد والسكوت على عادل عبد المهدي وجرائمه وتزوير الانتخابات المقبلة؟
ثمة أسئلة أخرى لابد من طرحها وأدعو الجميع للمساهمة.
أرجو ان تناقشوا هذه الأسئلة في أوساطكم الخاصة، مع الامتنان.