برنامج يلبي طموح الاكثرية / الشيوعي فالتر باير المرشح الرئيس لحزب اليسار الأوربي


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7963 - 2024 / 4 / 30 - 14:41
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

استضاف حزب اليسار السلوفيني في العاصمة ليوبليانا، أيام 24 – 25 شباط الاجتماع العام لحزب اليسار الأوربي، الذي أقر برامج الحزب للمشاركة في انتخابات البرلمان الاوربي التي ستجري في 24 حزيران المقبل. وبناء على مقترح سكرتارية الحزب السياسية، انتخب رئيس الحزب الحالي فالتر باير مرشحا رئيسيا، والدكتور فالتر باير هو اقتصادي وقيادي شيوعي والرئيس الاسبق للحزب الشيوعي النمساوي (1994 – 2006)، ورئيس مؤسسة «ترانسفورم» للبحوث التابعة لحزب اليسار الأوربي لسنوات طويلة، وباحث وكاتب بارز في اليسار العالمي.

وتتضمن الوثيقة المعتمدة، والتي تم وضعها بالتشاور مع الأحزاب الأعضاء خلال الأشهر القليلة الماضية، خمس أولويات انتخابية: تكلفة المعيشة والسكن، وأزمة المناخ، والحقوق المدنية والتنوع، والسلام والديمقراطية، والخدمات العامة والحقوق الاجتماعية.

وخلال مؤتمر صحفي عقده بايير بمشاركة وزير الثقافة في جمهورية سلوفينيا ومنسق حزب اليسار السلوفيني، شكر فالتر باير جميع الرفاق على دعم ترشيحه. وفي مساء اليوم نفسه أعلن في فعالية عامة عن افتتاح حملة الحزب الانتخابية واثناء عرضه للبرنامج الانتخابي قال باير: ”علينا أن نستعيد السياسة الأوروبية كأولوية رئيسية بالنسبة لنا. وهذه هي اللحظة المناسبة بالنسبة لنا لبناء اتحاد أوروبي يخدم سكانه». ويركز البرنامج على تكريس جملة من الأهداف في القوانين الاوربية: الحق في سكن لائق وبأسعار معقولة، وتثبيت سقف قانوني اعلى للإيجار، معاقبة مرتكبي جريمة قتل النساء، وكذلك تخصيص 7 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي الأوروبي للتعليم والبحث والابتكار و2 في المائة للقطاع الثقافي.

ودعا إلى تعزيز جدية التعامل في النضال ضد أزمة المناخ، وخصوصا الظروف المعيشية للطبقة العاملة، وبالتالي إشراك اتحاد نقابات العمال الأوروبي في عملية انتقال عادل إلى نظام اقتصادي مختلف: «ان من يريد تعافي إيكولوجي، عليه كبح سياسات الليبرالية الجديدة».

وانتقد باير ميثاق الاستقرار والنمو الاوربي الذي أقر أخيرا. وانه لا يمكن الحد من سياسة التقشف إلا من خلال ميثاق جديد يركز على إعادة هيكلة اجتماعية وايكولوجية، تمكن من انتهاج سياسة توسعية ومضادة للدورة الاقتصادية: «نحن نريد المضي قدما من أجل أوروبا التضامن والمساواة والأمل».

ودعم رئيس حزب العمال السابق والنائب البريطاني اليساري جيرمي كوربين هذه التوجهات في رسالة مماثلة. وخلال طاولتي حوار، ناقش باير مع كل من الرئيس الاكوادوري الأسبق، اليساري رافائيل كوريا، وناتاكا سوكيتش، نائبة رئيس الجمعية الوطنية السلوفينية (حزب اليسار)، الحقوق المدنية والتنوع والسياسة الدولية. وفي طاولة حوار مماثلة ناقش باير مع الناشطة المناخية، ومرشحة الرئيسية المشاركة في قائمة حزب اليسار الالماني كارولا راكيت ووزير «المستقبل التضامني» السلوفيني سيمون ماليفاتش، موضوعات الخدمات العامة والبيئة. وفي حوار مع إيزابيل شومان، نائبة الأمين العام لاتحاد نقابات العمال الأوروبي، تمت مناقشة دور النقابات في النضال من أجل فرص العمل الجيدة وفي التعامل مع ارتفاع الأسعار.

أهداف مرجوة

تجري انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في زمن مضطرب. يرى 80 في المائة من الأوروبيين أن الفقر والحرب والأزمة الاجتماعية والبيئية تشكل تهديدًا وجوديًا. ونتيجة لذلك تركز الحملات الانتخابية لأحزاب اليسار على: الدفاع عن المصالح الاجتماعية والاقتصادية للأجراء. وتسعى قوى اليسار إلى إحداث فرق في السياسة البيئية، على النقيض من الصفقة الخضراء التي أقرتها المفوضية الأوروبية ومعظم أحزاب الخضر. ولهذا لا يوفق البرنامج البيئي لحزب اليسار بين الرأسمالية والبيئة، بل يهدف إلى التغلب على الرأسمالية والنظام الأبوي

ولكن في نهاية المطاف، فإن كل المقترحات، والمشاريع، والسياسات الاستراتيجية، بل وحتى حياة الناس، تخضع لشرط النجاح في تجنب خطر اندلاع حرب عالمية. وهذا هو المحور الآخر للحملة الانتخابية.

فالتر باير

يعتبر فالتر باير، المولود في فيينا، من مرجعيات اليسار الأوروبي. وتولى عبر مسيرته النضالية الكثير من المهام التي يمكن للمرء أن يؤديها في الأحزاب والحركات اليسارية، ومن أبرزها: كان رئيسا للحزب الشيوعي النمساوي في سنوات 1994 – 2006، وأحد مؤسسي حزب اليسار الأوربي في عام 2004، وفي سنوات 2007 – 2022 وترأس مركز أبحاث «تحول» التابع لحزب اليسار الأوربي.

وشارك الخبير الاقتصادي في الحوار بين الماركسيين والمسيحيين الجاري منذ عقود والمعروف بـ « ديالوب «. لقد شهدت فعاليات الحوار لقاءات مع البابا راتسنغر، والبابا الحالي فرنسيس، كان آخرها في كانون الثاني الفائت.

تم انتخابه رئيسًا لحزب اليسار الاوربي في مؤتمر الحزب، الذي استضافته فيينا في كانون الأول 2022. وربما يكون هذا هو التحدي الأكبر في حياته السياسية، فحزب اليسار الاوربي يضم ما يزيد عن 40 حزبًا شيوعيا ويساريًا ويسار أخضر (27 حزبًا عضوًا، و10 أحزاب تتمتع بصفة مراقب و9 منظمات شريكة)، تتباين في المواقف من هذه القضية او تلك.

وفي 25 شباط، انتخبت الجمعية العامة لحزب اليسار الأوروبي في ليوبليانا عاصمة سلفينيا الرجل البالغ من العمر 70 مرشحا رئيسيا للانتخابات الأوروبية في 24 حزيران. وجاء انتخابه منفردا وليس مشاركا مع رفيقة اخرى كما هو متوقع في حزب اليسار الاوربي، لدعم وحدة عمل الحزب التعددي بطبيعته ولتعزيز الوحدة في هذه الانتخابات المفصلية.

ينحدر باير من عائلة شيوعية، وكان والده معتقلا في معسكر الاعتقال النازي. وفي سن الثامنة عشرة، انضم إلى الحزب الشيوعي النمساوي. وقاد الحزب في سنوات صعبة، شهدت ازمة بعد إعادة توحيد الحزب الكبرى، وكذلك عانى الحزب خلال هذه الفترة من انخفاض العضوية، والصراع الذي دار بشأن عملية تجديد مفاصل عمل الحزب كافة، التي ساهم باير بدور رئيسي فيها، والتي بدونها، ضمن أسباب اخرى، ما كان بإمكان الحزب ان يحقق في العامين الأخيرين سلسلة من النجاحات التاريخية. وتراس باير أيضًا تحرير جريدة الحزب الشيوعي «فولكز شتمه» (صوت الشعب)، والتي خضعت هي الأخرى لتغييرات عميقة في السنوات الأخيرة.

أسباب صعود اليمين المتطرف

يتمتع اليمين المتطرف بأفضلية في نقطة الانطلاق: فهو لحم المؤسسة الرأسمالية. على الرغم من النظر إليه، في الغالب، باعتباره «الخروف الأسود» فيها، إلا أنه جزء منها. ويتلقى الدعم المالي والإعلامي من أجزاء من النخبة. وخطابه ليس نقيضا لليبرالية الجديدة، بل هو تكثيف للأنانية الجماعية، التي تعبر عن نفسها في الشوفينية والعنصرية. ولهذا السبب فإن الحدود بين اليمين المحافظ او التقليدي واليمين المتطرف هشة. وليس من الصعب على الأحزاب المحافظة أن تتبنى الخطاب اليميني المتطرف وتشكل معه الائتلافات. وهذا ما يجري اليوم بمستويات مختلفة في العديد من البلدان الأوربية.

وفي دفاعه عن حقوق الإنسان والديمقراطية، يوحد اليسار جهوده مع جميع القوى الديمقراطية. ومع ذلك، فإن الثقافة والقيم ليست ساحات النضال الوحيدة التي يواجه فيها اليمين المتطرف. ومن أجل هزيمة الأخير، يجب على اليسار قيادة النضال من أجل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للطبقة العاملة اليوم، حيث يمكن أن ينمو تضامن الجميع: الرجال والنساء، السكان الأصليين والمهاجرين على أساس المصالح الطبقية. ويتمتع نضال المرأة هنا بأهمية خاصة. ويظهر مثال الانتخابات الأخيرة في إسبانيا وتشكيل الحكومة التقدمية أنه يمكن كسب هذه المعركة حتى ضد أجنحة اليمين المشتركة: المحافظ والفاشي الجديد.

بالإضافة إلى حالة عدم اليقين والقلق من تدهور الوضع الاجتماعي. وإذا كان الناس لا يتأثرون بالتدهور بشكل مباشر، فإنهم يخشون أن يؤثر عليهم أو على أطفالهم في المستقبل.

إن السياسة السائدة، للمحافظين والديمقراطيين الاجتماعيين والليبراليين، لا تعالج حالة عدم اليقين هذه.، ولهذا يبحث الناس عن طرق للتعبير عن احتجاجهم. وهنا يلعب الخطاب الشعبوي، خطاب الحقائق البسيطة، وجعل حلول للأزمة على حساب كبش فداء يبدو واضحا. ولهذا السبب من الأهمية بمكان أن يعتني اليسار بالمصالح الاجتماعية للناس. لكل فرد الحق في حياة كريمة، وتدفئة منزله في الشتاء، والحصول على غذاء صحي وبأسعار معقولة. ولابد من مناقشة هذه التساؤلات الأساسية في إطار الحملة الانتخابية. وقال فالتر باير تعليقا على البرنامج الانتخابي: «بهذه الطريقة، يتعين علينا أن نستعيد أوروبا من اليمين. إنها لحظتنا».

الوحدة والتنوع

يجمع حزب اليسار الأوربي بين طابع الحزب والتحالف اليساري الواسع، وكلما اتسعت عضويته كلما بدت اللوحة أكثر تعقيدا، لكن نظرة على البرامج الانتخابية للأحزاب العاملة فيه، تؤكد أن هناك تطابقا بين هذه البرامج يصل إلى 99 في المائة، ويركز فالتر باير في حملته الانتخابية على التعبير عن هذه القواسم المشتركة، ويدعو إلى تأجيل مناقشة أي حجج تبرز خلال الحملة الانتخابية إلى ما بعد اجراء انتخابات البرلمان الاوربي.

في 4 نيسان، انعقد المؤتمر الأوروبي «أوروبا من أجل الشعب» في بروكسل، والذي كان إلى حد ما خارج نطاق الحملة الانتخابية، وهو مبادرة شارك في تنظيمها حزب اليسار الأوربي، وحزب العمل البلجيكي وحزب اليسار السلوفيني وحزب أكيل القبرصي. وكان هدف الفعالية توحيد كافة الأحزاب اليسارية، سواء الأحزاب الاعضاء في حزب اليسار، أو مشاركة في كتلة اليسار في البرلمان الأوربي، أو خارج هذين الاطارين، اي تأكيد أن ما هو مشترك يفوق بكثير ما يفرق.

افتتح مارك بوتنغا، ممثل حزب العمل البلجيكي في البرلمان الأوروبي المؤتمر بكلمة. واستمع الحضور إلى مساهمات تناولت مكافحة التقشف، ومن أجل السلام وتحول مناخي عادل. وتبادل المشاركون الرؤى مع قادة أكثر من 25 حزب شارك في المؤتمر، بالإضافة إلى نقابيين وناشطين من جميع أنحاء أوروبا، من قبرص إلى المملكة المتحدة، ومن إسبانيا إلى إيرلندا، ومن سلوفينيا إلى النمسا.

وتركت كلمات الأكاديمية والناشطة الفلسطينية مها عبد الله أثرا قويا في المناقشات حول فلسطين: «يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضع حداً لنفاقه. فالإبادة الجماعية هي إبادة جماعية. ويجب الاعتراف بها على هذا النحو وتسميتها باسمها».

وأوضح زعيم حزب العمال البريطاني السابق اليساري جيريمي كوربين أن الأمن الحقيقي لا يعتمد على التسلح، ناهيك عن الأسلحة النووية: «الأمن الحقيقي ليس القدرة على قتل بعضنا البعض. إنه الغذاء والماء والبيئة النظيفة والصحة والسكن للجميع».

وشدد بيرناندو بارينا من حزب الباسك على ضرورة أن يتحدث اليسار الأوروبي بوضوح ضد النزعة العسكرية وطبول الحرب وعدم السماح لحلف شمال الأطلسي بإملاء السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وقد أكد الحوار المتبادل بين تي جارك، السكرتير الكونفدرالي للاتحاد الأوروبي للنقابات العمالية، ولين بويلان من حزب شين فين الإيرلندي حول أزمة المناخ، على أهمية البدء من الظروف المعيشة وعمل الطبقة العاملة، والتحديات التي تواجهها واهتماماتها، إذا أردنا إيجاد حلول حقيقية للتغير المناخي. حلول مستدامة وعادلة.

وبعد الملاحظات الختامية التي ألقاها رئيس حزب اليسار الاوربي فالتر باير، جرت مناقشات غير رسمية وثنائية بين الوفود والمتحدثين والمشاركين في المؤتمر، تناولت التعاون المستقبلي لتعزيز وتطوير أوروبا المختلفة تمامًا عن الاتحاد الأوروبي الحالي. أوروبا الشعوب والتضامن.

وعليه يتوقع فالتر باير تحقيق نتائج انتخابية جيدة في البلدان المختلفة، ولكنه يرى أن مهمة تحويل هذه النتائج إلى كتلة يسار أقوى تقع على عاتق قيادات قوى اليسار الأوربي.

وقف الحرب أولا

التباين بين قوى اليسار الاوربي عموما بشأن الحرب في أوكرانيا وغزة يمتد أيضا إلى داخل حزب اليسار الأوربي، لكن زعيم الحزب يقد م رؤية مفادها، التطورات التي عكستها مسارات الحرب، انعكست في تغيير الرؤى. والجدل سيظل مفتوحا حول أسباب الحرب في أوكرانيا، وأهمية الأسباب المنفردة. وربما سيكون من الصعب الاتفاق على هذا الأمر في المستقبل. ولكن الممكن هو الاتفاق على أن هذه الحرب يجب أن تنتهي. وأن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا إذا دخلت الأطراف المتصارعة في مفاوضات مع بعضها البعض بحيث يتم احترام القانون الدولي وسيادة أوكرانيا.

والأمر نفسه ينطبق على الحرب في غزة. يمكن للمرء أن يجادل إلى ما لا نهاية حول ما إذا كانت إسرائيل نظام فصل عنصري، وما إذا كانت عملية قتل جماعي قد وقعت في السابع من تشرين الأول. ولكن الأمر المهم الآن هو ضرورة وقف إطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والسجناء. إن السلام الدائم في الشرق الأوسط يتطلب قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل، ويبدو أن الاتفاق على المستقبل أسهل من الاتفاق على أسباب الأزمات.

في حوار في الأول من شباط الفائت أشار باير إلى إدانة البرلمان الأوروبي عدوان روسيا الاتحادية منذ اليوم الأول وأكد على أن نبذ العنف في العلاقات الدولية، المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، هو أهم تقدم حضاري في القرن العشرين.

وأكد إدانة الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الاول 2023. وذكر بأن الرد الإسرائيلي كلف أكثر من 30 ألف فلسطيني حياتهم وشرد 1.9 مليون آخرين. وإن العنف الذي يمارسه نتنياهو في غزة يتجاوز أي مستوى من مستويات الدفاع المشروع عن النفس. إنه يصل إلى حد التطهير العرقي.

والأمر الأكثر إلحاحا اليوم هو فرض وقف إطلاق النار الإنساني الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى حل طويل الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويجب الاعتراف بحق الشعبين في العيش بسلام وأمن في دولتين مستقلتين.

وفي السياق الجيوسياسي، أكد تراجع النظام العالمي الذي يتسم باغتراب الناس والطبيعة، وإهدار الموارد واستغلال الجنوب العالمي من قبل الطبقات المهيمنة في الشمال العالمي. تدور حاليًا ما لا يقل عن 22 حربًا في العالم. وقد وصف البابا فرانسيس هذا الأمر بحق بأنه حرب عالمية على مراحل.

لذا فإن الحفاظ على السلام يمثل ملفا محوريا، ويتعين على الأوروبيين أن يدركوا أن قارتهم، في ظل المشاكل التي لم تحل بعد والتي خلفتها الحرب الباردة، أصبحت في مركز السياسة العالمية. وإن تجنب الكارثة، يفرض توقف دوامة العنف والتصعيد في أوكرانيا وغزة. وأن يهزم منطق الكتل العسكرية التي تهدد بعضها البعض بالإبادة النووية.

لا تحتاج أوربا إلى أسلحة جديدة، بل إلى نظام سلام يقوم على نبذ العنف. وحزب اليسار الأوربي يدعو إلى أن تتولى أوروبا مسؤولية أمنها بنفسها، ليس من خلال تسليح منظمة حلف شمال الأطلسي أو بناء جيش أوروبي، بل من خلال إقامة علاقات سلمية ومفيدة وقائمة على التضامن مع كافة مناطق العالم. ويسعى الحزب إلى تحول أوربا التدريجي إلى قارة خالية من كابوس الأسلحة النووية. ويطالب الحزب الاتحاد الأوروبي بالتوقيع على معاهدة الأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة النووية، التي تبنتها الأمم المتحدة وصادقت عليها أكثر من 60 دولة، وهي بمثابة قانون دولي.

التحول البيئي

لم يتم القيام بما يكفي، ولم تتخذ إجراءات سريعة لمواجهة الكارثة المناخية ويحذر العلماء من أن هدف 1,5 درجة لن يتحقق. لقد فشلت خطة تنفيذ تحول الطاقة بآلية السوق وحوافز السوق. وهذا يقودنا إلى السؤال الثاني: في أي اتجاه يتم البحث عن مخرج من الأزمة البيئية؟

تؤدي الأكلجة (من الايكولوجيا) والرقمنة إلى تغييرات كبيرة في عالم العمل. وإن إعادة هيكلة الاقتصاد لن تنجح إلا إذا أصبحت الشغل الشاغل لغالبية السكان. ولهذا السبب، من المهم للغاية ما تؤكده النقابات: نحن بحاجة إلى انتقال عادل لا يتخلف فيه أحد عن الركب. ويمكن للتحول البيئي أن يخلق مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة.

يكلف هذا الكثير من المال. والمال متوفر. ولتحقيق هذه الغاية فإن الأمر يتطلب إعادة توزيع الموارد الاجتماعية بشكل أساسي: من التسلح إلى البيئة، ومن الشمال العالمي إلى الجنوب، ومن رأس المال الخاص إلى المجتمع. ولا يمكن ترك التحول البيئي للأسواق، بل يتطلب تخطيطا اقتصاديا ديمقراطيا، وخاصة الديمقراطية الاقتصادية. ومن الضروري عدم الارتباك في طرح المطالبة بتغير علاقات الملكية.

وهذا يعني تحويل الشركات التي تهدف إلى خدمة الصالح العام، صناعة الأدوية، مياه الشرب، إنتاج الطاقة وإمداداتها، النقل العام، ووسائل الإعلام الرقمية، إلى ملكية اجتماعية مشتركة.

الحوار بين قوى اليسار والتقدم

منذ تأسيسه اعتمد حزب اليسار الأوربي سياسة الانفتاح والحوار داخل معسكر اليسار ومع القوى التقدمية، ويقدم الحزب مقترحات تهدف إلى تعبئة الاكثرية، لتحقيق الاغلبية السياسية. ومفهوم ان هذه المهمة لا تستطيع القيام بها مجموعة أحزاب، أو تيار فكري او ثقافي وانجازها، وليس هناك من يزعم أنه قادر على حل المشاكل الكبرى: حفظ السلام، والعدالة الاجتماعية العالمية، والتحول البيئي. لهذا فالحوار والتعاون ضروريان. ان منتدى القوى التقدمية والخضراء هو مبادرة لتنشيط الحوار المشترك.

لكن حتى هذه القوى ة غير قادرة على انجاز المهمة بمفردها. وهذا يؤكد الحاجة إلى مساحات اوسع يمكن أن يتطور فيها الحوار مع الحركات الاجتماعية والنقابات العمالية.