بعد فوز اليمين بالانتخابات الرئاسية / نقاش عام في صفوف جبهة التحرر الوطني في السلفادور


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7953 - 2024 / 4 / 20 - 23:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في السلفادور في 4 شباط، والانتخابات المحلية التي جرت في 3 آذار، عن فوز اليمين وهزيمة حزب جبهة التحرير الوطني اليساري.

تداعيات الهزيمة
وأثارت نتائج الانتخابات نقاشات داخلية واسعة، ضمن أمور أخرى، بشأن سياسة الجبهة وضرورة إعادة تنظيم صفوفها، وكذلك للبحث عن إجابات على الانشقاقات التي طالت صفوفها.
لقد أدت نتائج الانتخابات إلى احتلال أحزاب اليمين الأربعة جميع مقاعد البرلمان، وخلو البرلمان من المعارضة اليسارية، وكذلك هو الحال في الإدارات المحلية. ولم تجد نفعا مطالبة أحزاب المعارضة بإلغاء نتائج الانتخابات، التي جاءت بسبب تغيير النظام الانتخابي والكثير من الانتهاكات، حتى للقوانين الانتخابية المقرة. وقد أكدت منظمة الدول الامريكية التي تتزعمها الولايات المتحدة حدوث مثل هذه الانتهاكات.
وجاءت هزيمة اليسار، في جانب منها، نتيجة للتفسير الانتقائي للدستور، وتعديل المنظومة القانونية لصالح معسكر اليمين والرئيس نجيب بو قيله، لاستبعاد قوى المعارضة من مركز القرار السياسي. لكن أسباب سوء الوضع داخل الجبة لا تنحصر بهذا الامر.

مواجهة الازمة
ومنذ سنوات يشتكي كثيرون من مناضلي جبهة التحرير الوطني من تخلي الجبهة، بمرور الوقت، عن مواقفها الأصيلة التي عرفت بها، في سياق التحول إلى حزب انتخابي، ودخولها صالون الأحزاب التقليدية.
يتركز النقد بعد الانتخابات الأخيرة، على تجنب الجبهة خوض صراع مباشر مع معسكر رئيس الجمهورية اليميني. وتقول نورما جيفارا، عضو البرلمان منذ فترة طويلة عن جبهة التحرير الوطني: «من المثير للقلق أن الجبهة هي الحزب الوحيد الذي ظل صامتاً بعد الانتخابات».
وفي 7 تموز المقبل، تنوي الجبهة إجراء انتخابات داخلية، لتجديد قيادة التنظيم على كافة المستويات، كجزء من عمليات المراجعة الجارية. وقد عبر مرشحها المهزوم في الانتخابات الرئاسية، عن رغبته في قيادة التنظيم في الخمس سنوات المقبلة، في حين يطالب منتقدوه بضرورة اختيار فريق قيادي أكثر شبابا.
صرحت زيرا نافاس، المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، أخيرا في مقابلة مع جريدة «يونغه فيلت» الألمانية اليسارية، أن هناك حاجة ماسة إلى تغيير الأجيال داخل الحزب. لقد فشلت القيادة الحالية في إدراك «الحقائق الجديدة التي يواجهها السكان الذين يتزايد شبابهم بشكل مستمر». وان الجبهة لم تقدم على الإجراءات المطلوبة خلال عهد حكومتها (2009-2019)، نتيجة للسياسات الحذرة واللجوء إلى توافقات، حرصا على البقاء في السلطة.
ويرجع محللون محليون عملية الانشقاق التي عاشتها الجبهة إلى تشبث قيادات في الجبهة بمناصبهم الحزبية.

خلفيات الحدث
وكانت الجبهة قد نجحت في عام 2009 مع مرشحها موريسيو فونيس بإنهاء 20 عاما من حكم اليمين المتطرف. وتعيش السلفادور حاليا حالة من الاستبداد تزداد سوءا. عندما ترشح الرئيس اليميني الحالي لأول مرة عام 2019 طرح برنامجا لتغيير سياسي جذري، وتحالف مع منظمات حقوق الإنسان والحركات الاجتماعية التقدمية، بما في ذلك منظمات الحركة النسوية. وفي سياق الممارسة، اتضح ان ذلك ليس سوى تكتيك لكسب اصوات الناخبين. لقد استغل استياء الأكثرية من سياسات الأحزاب التقليدية، جراء انعدام الأمن وانتشار العنف. ووظف لهذا الغرض ماكينة إعلامية، تسمع الناس ما يريدون سماعه. ووظف الرئيس أموال المكتب الرئاسي لشراء جماعات الضغط التي تعمل على تبييض صورته. ولأن أعمال العنف والعصابات الإجرامية تسببت في أضرار جسيمة للسكان، كانت هناك رغبة شديدة في إجراءات فورية نفذها الرئيس ولكن وسائله كانت غير شرعية.
بعد شهر من توليه مهام منصبه، وفي تموز 2019، بدأ التفاوض مع العصابات الإجرامية، فانخفضت جرائم القتل. لقد استفاد من تجربة سابقة في عهد الرئيس موريسيو فونيس في عام 2012، الذي عقد صفقة مع المجرمين، وعندما انكشف الأمر، دفع فونيس ثمن فعلته، الا ان بو قيله لم يتعرض للأذى بعد انكشاف هذه الحقيقة. وفي اذار 2022 أعلن حالة الطوارئ في البلاد، بعد أن قطع المفاوضات مع العصابات.
وتؤكد منظمات حقوق الانسان ان الأوضاع في السجون سيئة للغاية، وغالباً ما تنطوي على معاملة قاسية وغير إنسانية وحفلات تعذيب. ووفق معطيات هذه المنظمات، فان أكثر من 183 شخصًا ماتوا في السجن. وهناك أدلة على تعرضهم للتعذيب، أو أنهم لم يتلقوا رعاية طبية، بعد مرضهم في السجن. وعندما تصل هذه المعلومات إلى السكان، فإنها تحفزهم على التفكير وادراك الحاجة للتغيير..