هل تحترم الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية استقلالية التنظيمات الجماهيرية؟.....2


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7803 - 2023 / 11 / 22 - 10:25
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

مفهوم التنظيم الحزبي:

إن التنظيم الحزبي، هو الذي يعمل على تنظيم طبقة معينة، ليصير معبرا، سياسيا، عنها، معتمدا أيديولوجيتها، التي تختلف من حزب إلى آخر، بسبب اختلاف الطبقات الاجتماعية، المنتظمة في مختلف الأحزاب السياسية, المعبرة عن وجود تلك الطبقات، تنظيميا، وأيديولوجيا، وسياسيا، على أساس، أن تنفرز تلك الأحزاب، بذاتها، ولذاتها، انطلاقا من الوعي بالذات، الذي يتكون عند طبقة اجتماعية معينة، بالإضافة إلى الوعي الطبقي، المتكون عندها، مما يدفعها إلى الانخراط في حزب سياسي معين، يعبر عن وعيها بالذات، وعن وعيها الطبقي، كما هو الشأن بالنسبة إلى الطبقة البورجوازية، والطبقة الإقطاعية، وطبقة البورجوازية الصغرى، وطبقة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وقد تقوم الدولة، بتأسيس أحزاب، لا نستطيع الحكم عليها، بأنها تعبير طبقي، أو تمثل الطبقات، بقدر ما تكون الدولة، قد عملت على تشكيلها من عملائها، لتقوم بالاستفادة من الأوضاع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير إطارا، لصناعة الطبقات الاجتماعية، التي تتحكم فيها السلطة، وتوجهها، انطلاقا من خطتها، العاملة على صناعة بورجوازية معينة، أو إقطاع معين، من لا شيء، بعد تمكين الأعضاء الجماعيين، المنتمين إلى حزب إداري معين، من رئاسة المجالس الجماعية، أو من عضوية البرلمان، أو عضوية إحدى غرفتيه، لينهب ما يشاء، وليرتشي كما يشاء، ليكدس الأموال الطائلة، دون أن يتعرض للمساءلة، في أفق أن يتحول إلى بورجوازي، أو إقطاعي، تبعا لرئاسة الجماعة الحضرية، أو القروية، أو انطلاقا من الامتيازات الريعية، التي يتمتع بها العضو الجماعي، أو الحزبي، إن لم يكن تاجرا في الممنوعات، أو مهربا للبضائع، من، وإلى المغرب، سعيا إلى تحقيق التطلعات الطبقية، بطرق غير مشروعة، ما دامت الدولة تغض الطرف عن الممارسات غير المشروعة، التي تمارس في كل وقت، وحين، وأمام أنظار الشعب المغربي، وأمام أنظار السلطات المسؤولة، والتي تمثل الدولة المغربية، التي لا تحرك ساكنا، آناء الليل، وأطراف النهار، حتى تصير الطبقة البورجوازية، أو الإقطاعية، منظمة بواسطة الحزب، وفاعلة بقيادته، ومتفاعلة مع ما يري في الواقع: تنظيميا، وأيديولوجيا، وسياسيا، متقدما، ومطورا للواقع، ومتطورا به، وساعيا إلى بلورة رؤيا خاصة بالواقع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، للبرهنة على أنه جزء آت من الشعب، ويسعى إلى خدمة مصالح الشعب: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أنه آت من الشعب، ويرتبط بالشعب، ويسعى إلى خدمة مصالح الشعب، في أفق التحول الشامل للواقع، في اتجاه التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

والحزب، عندما يكون منبثقا عن الشعب، ومنبعثا منه، يعود إليه، باعتباره مرجعا، وباعتباره هدفا، في نفس الوقت، يسعى إلى تحرير الشعب، وتحقيق الديمقراطية، لصالح الشعب، والسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

أما عندما يكون الحزب إداريا، أو من صناعة الدولة، فإنه يصير في خدمة أعضائه، الذين يسعون إلى الاستفادة من الشعب، عن طريق الانتخابات، التي لا تتوفر لها شروط الحرية، والنزاهة، مما يجعلها تعرف فسادا متنوعا، يتميز بكونه فساد الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، على رصيف الانتخابات، وفساد سماسرة الانتخابات، أو تجار ضمائر الناخبين، وفساد المرشحين، المراهنين على شراء ضمائر الناخبين، نظرا؛ لأن الشعب المغربي، لا يمكن أن يفرز الباحثين عن الامتيازات، وعن تنظيم السلطات لهم، في أحزاب إدارية، لا تضم إلا الذين ترضى عنهم الإدارة المخزنية، التي تضم إلى الحزب الإداري، كل من رأت فيه وفاء للمخزن، والإدارة المخزنية، وللسلطة المخزنية، في أي مستوى من مستوياتها.

أما الشعب المغربي، فلم يفرز إلا من يرغب في إيجاد حزب، يقف إلى جانب الشعب، ويناضل من أجل الشعب، ومن أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن أجل الجماهير الشعبية الكادحة، ومن أجل الشعب المغربي الكادح، من أجل تحريرهم جميعا، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية.

وظهور توجهات يمينية متطرفة، ويسارية متطرفة، له علاقة بما يجري في الكليات، بين الشباب، على اختلاف توجهاته الفكرية، التي تنقل الأفكار، إلى الميدان الشعبي، الذي يحتضن منها ما هو يميني متطرف، ويتجنب التفاعل مع ما هو يساري متطرف، حتى شاع المحتضن، باعتباره يمينيا متطرفا، موظفا للدين بصفة عامة، وللدين الإسلامي، بصفة خاصة، ليتحول إلى مجموعة من التوجهات، منها من تحول إلى حزب سياسي، يدعي حمايته للدين الإسلامي، ومنه من بقي في حدود التوجه الديني، الموسوم بسمة معينة، عرف بها على المستوى الوطني، وعلى المستوى القومي، وعلى المستوى العالمي، ومنها من بقي يراوح مكانه، لا يستطيع أن يتطور، ولا يستطيع أن يعرف بسمة معينة، بين المغاربة. إلا أن هذا التوجه، يكاد يدخل عالم النسيان، بذوبان المعروفين به في المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، إلى درجة: أن الأجيال الصاعدة، لم تعد تعرف عن تلك التوجهات، أي شيء.

وبالنسبة للتوجهات اليسارية، التي تمت محاصرتها، بتهمة اليسراوية، أو الشيوعية، أو أعداء الحكم القائم في المغرب، كما يسمون ذلك على المستوى الشعبي، ولا يقولون: بأن من مصلحة الحكم في المغرب، تكريس التخلف، الذي يخدم مصالحه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يصير التقدم، بمفهوم الحكم المخزني المغربي، وليس بمفهوم اليسار، الذي ذابت كل توجهاته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في مسارب الحياة، التي لم تعد تذكر فيها: إلا حاجيات ما هو يومي.

فجميع الأفكار المستنيرة في المغرب، أتت عن طريق المقتنعين بالديمقراطية الحقيقية، وباليسار الحقيقي، بما فيه اليسار المقتنع بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، كما سماها الشهيد عمر بنجلون، شهيد الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ليصير المخزن، ومعه كافة مكونات الرجعية، في الشرق، وفي الغرب، وفي الشمال، وفي الجنوب، من داخل المغرب، ومن خارجه، في مواجهة الأفكار المستنيرة، التي لم تعد أفكارا مستنيرة، في نظري، بقدر ما تعتبر أفكارا مشوشة على المخزن، وعلى الرجعية، وعلى كل من يستفيد من الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي المتخلف، الذي يريدون له أن يبقى كذلك، حتى تستمر استفادتهم من الواقع، على مدى عمرهم، وعلى مدى عمر النظام المخزني.

وإذا استفاد الواقع، من التوجهات اليسارية، التي كانت قائمة، إما في إطار حزب سياسي قائم، وإما كتوجه مستقل عن الأحزاب اليسارية، أو المحسوبة يسارية، وعن الحكم، مما يجعل تلك التوجهات، تتحول إلى أحزاب سياسية يسارية، غير مقتنعة بالاشتراكية العلمية، ويسارية، مقتنعة بالاشتراكية العلمية، كما هو الشأن بالنسبة للنهج الديمقراطي، الذي أعلن نفسه حزبا للطبقة العاملة، ويعتبر نفسه ماركسيا لينينيا، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي كان يحمل اسم الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية الوطنية، المنبثق عن حركة 08 ماي 1983، والذي يعتبر نفسه امتدادا للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية، الذي استمر على اقتناعه بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، منذ المؤتمر الاستثنائي، المنعقد في يناير 1975، الذي اقتنعت فيه الحركة الاتحادية الأصيلة، بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين.

وبذلك، نكون قد وقفنا على أن التنظيم الحزبي: إما أن يكون متحررا ومنبثقا من واقع الشعب المغربي، وإما صناعة مخزنية، لتكون الطبقات التي تدعم الحكم المخزني، وتعضده، سواء كانت هذه الطبقات: إقطاعية، أو بورجوازية. والتنظيم الحزبي المشروع، هو المنبثق عن الشعب المغربي، بعيدا عن استغلال الدين الإسلامي، الذي هو دين جميع أفراد الشعب المغربي، ولا يحق لأحد استغلاله: لا أيديولوجيا، ولا سياسيا.