ليس دفاعا عن الاسلام، بل من أجل الحقيقة!


سلام عبدالله
الحوار المتمدن - العدد: 516 - 2003 / 6 / 12 - 20:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

لقد أتاحت لي مقالة الاخت أيتان خليل و ضجيج و تكهمات الاخوة الاعزاء د.احمد النعمان و الدكتور علي حمزة و باسم بلداوي وشاكر جاووش الكربلائي الفرصة لمشاركة جدية لاتخاذ موقف واقعي و علمي لتحديد(سبب كل مشاكل المرأة).
ان الاخت ايتان أرادت التعبير عن القاء مسؤولية أضطهاد المرأة على الدين الاسلامي، وهذا الطرح لاتنسجم مع الحقائق المادية التاريخية الدامغة و بعيدة عن الفهم الناضج للنضال ضد الارهاب و قمع و اضطهاد المرأة ولهذا وقعت في خطأ فادح، ولكن من منا لايخطئ؟ ان الاستماع و قراءة قناعات بعضنا هي الارضية السليمة للمضي نحو نار الحقيقة من أجل التغير. لماذا؟
!/ أين كان الدين الاسلامي لا بل التورات و الانجيل عندما كتبت أسطورة(أنانا و البستاني)التي تعتبر أول نص حول هول و بشاعة جريمة الاغتصاب في تاريخ البشرية وأول صرخة و أحتجاج و رد فعل المرأة ضدها :
(وذات يوم، بعد أن عبرت سيدتي السماء و قطعت الارض
انانا، بعد أن عبرت السماء و قطعت الأرض
بعد أن قطعت أرض عيلام و بلاد شوبر
بعد أن قطعت>...<
دخلت الكاهنة انانا البستان و غلبها النوم تعبا.
فرآها شوكا ليتودا من طرف بستانة.
فقبلها و ضاجعها و عاد الى طرف بستانه.
فلما صار الصبح و أشرقت الشمس
تلفتت الفتاة حولها خائفة
تلفتت انانا حولها فزعة
فانظر الاذى الذي اوقعه الفتاة من اجل فرجها
انانا من اجل فرجها ماذا فعلت
لقد ملأت جميع ابار البلاد بالدم
ففاضت كل الغابات و البساتين بالدم....
لقد قالت سأجد الذي ضاجعني في انحاء البلاد
ولكنها لم تجد الذي ضاجعها...)-مغامرة العقل الاولى-فراس السواح، ص198-
ولاطرح سؤالا ساذجا: هل كان هذا البستاني السومري، من أهل البيت؟
 و ماذا جاء في أعظم ملحمة في تاريخ الانسانية(ملحمة كلكامش):
العمود الثاني: ...
لم يترك جلجامش عذراء لامها
ولا ابنة المقاتل و لا خطيبة البطل. –ملحمة كلكامش، طه باقر، ص78-
وتأكيدا لذلك أشير الى ما كتبه اوغست بيبل في كتابه(المرأة و الاشتراكية)التي طبعت اكثر من خمسين خلال فترة مايقارب15عاما: (ان المرأة لها أسبقية واحدة في مقابل العمال: انها أول وجود أنساني تعرضت للعبودية و أصبحت عبيده حتى قبل وجود العبودية...)-ص45بالالمانية-
2/ لقد ورد في التورات كيف خلق الله المرأة: (...فأوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعة ولأ مكانها لحما وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من ادم امرأة و أحضرها الى ادم...). ان ظلم المرأة و الانتقاص من قيمتها الانسانية وارت على طول و عرض التورات!
3/ وقد ورد في الانجيل مايلي: ( أيها النساء أخظعن لرجالكن كما للرب، لان الرجل هو رأس المرأة كما ان المسيح ايضا رأس الكنيسة...)-عن رسالى بولس الرسول الى اهل أفس!
3/ لايمر يوما في المانيا دون أخبار القتل و اغتصاب العديد من النساء(نشرت عشرات المقالات حول هذه الجرائم في المانيا باللغة الكردية مع الصور المنشورة للضحايا: المرأة في الصورة على اليمين قتلت مع أطفالها بالفاس من قبل زوجها المهندس و الصبية(على اليسار) أغتصبت وبعد ذلك قتلت.

بالاضافة الى تحويل مئات الالاف من النساء الى داعرات في ظل نظام ينادي ليل نهار بالحقوق المتساوية بين الرجل و المرأة. ان القيام بزيارة(بيوت النساء) في البلد التي تعيش فيها ايتان كافية كي ترى و تسمع بنفسها الهموم و المظالم التي تحيق بالمرأة في ظل الانظمة"الحضارية و المتطورة"!!
ولهذا أقول لافرق، ففي كل البلدان بأختلاف قومياتهم واديانهم(مسيحية، يهودية، اسلامية، بوذية أو يزيدية، براهماتية) تتعرض المرأة يوميا تحت ذرائع و قوانين و أحكام و دوافع و معايير و مسميات وايات و شرائع و اجتهادات مختلفه لاشكال القهر و الحرمان و القتل و الاغتصاب و الاستغلال وسلب ارادتها. لهذا يجب فهم واقع المرأة في البلدان الاسلامية كجزء لايتجزء من تلك الجرائم وتشكل نصوص القرآن و الشريعة الاسلامية(لاحاجة لي لذكر النصوص، فهي لاتعد و لا تحصى)بدور وقدر أساسي في تبرير و تنظير و تنفيذ اضطهاد و سفك الدماء و الحط من قدر المرأة.
5/ وهذا يعني ان السلطة و العقلية الابوية السائدة في كل الانظمة القائمة هو المسؤول عما تلاقيه المرأة من مختلف أشكال الاضطهادات ولكي يتم بالفعل الغاء هذا العار في جبين البشرية، يجب النضال من اجل الوصول الى نظام أجتماعي و أقتصادي و ثقافي أخر ! فلا النظام الليبرالي، ولا حكم التيوقراطي ولا الديمقراطي...الخ قادرين على تحرير المرأة من براثن الهمجية السائدة!
واخيرا فانني آسف لاختيار الاخت ايتان لعنوانا غير منطقيا بالكاد وحصر قضية أضطهاد المرأة فقط في حدود الاسلام(لقد طرح بعض الصغار قناعة مفادها ان الفكر القومي مسؤول امام تلك الجرائم!!) ، وهذا مخالف و مناقض ومؤذي للتطرق الى تحديد الاسباب الحقيقة لاضطهاد المرأة. وما اود ان أقوله للاخوة د.احمد النعمان و الدكتور علي حمزة و باسم بلداوي و شاكر جاووش الكربلائي هو:
1/ ان اسلوبهم في الرد لم يؤدي الى الارتقاء بالجدل نحو المستوى الافضل.
2/ قبل مايقارب 200عام ساد صراع عنيف بين الفلاسفة و المفكرين و الكتاب الماديين و المثاليين على الساحة الالمانية. واعتقد ان الوقت قد نضجت من جديد لمواصلة الخوض في هذا الصراع على ساحة البلدان الاسلامية رغم كل المخاطر!