ماذا بعد طوفان الأقصى...؟؟؟


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 7764 - 2023 / 10 / 14 - 18:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

التاريخ اليوم ليس تاريخ الأمس ليس تاريخ سبعينات وثمانينيات وتسعينات القرن المنصرم...
التاريخ تغير والمقاومة تغيرت والعدو الصهيوني أيضا تغير والأنظمة العربية تغيرت
تحرير فلسطين وحده بقى قضية تبحث عن حل... عن استراتيجيا تحرير قادرة على فرض نفسها على الأرض الواقع.
المسألة اليوم في غزة اليوم لم تعد انتصرنا وقصفنا ودمرنا العدو الصهيوني بل صارت كيف يمكن المحافظة على الوجود الفلسطيني.
لقد مررنا من تحرير فلسطين إلى المحافظة على الوجود الفلسطيني لا بل على جزء منه وعلى جزء من فلسطين.
ترى هل تدرك المقاومة الفلسطينية أننا حقيقة في هذا المربع ولسنا في غيره؟؟؟
وهل يدرك كل مساندي اقضية الفلسطينية ذلك وأيضا كيف السبيل إلى الخروج من هذا المربع والعودة للمربع الأول؟؟؟
ولمن لا يعلم تكونت منظمة فتح في ستينات القرن الماضي من أجنحة اسلامية وبالطبع لم تكن لا على شاكلة حماس ولا على شاكلة الجهاد ولا على شاكلة حزب الله ويمكن القول إنها كانت منظمة تشبه كثيرا الأنظمة العربية الحاكمة ولكنها كانت وعبر تاريخها كله تبحث على أن تكون مستقلة عن الأنظمة ومحاور الأنظمة. مستقلة عن القذافي وعن بومدين وعن صدام وعن حافظ الأسد وعن غيرهم...
بعد حرب بيروت ورجوع عرفات لفلسطين واستقراره في رام الله وبعد اتفاقات أوسلو ظهرت حماس وظهرت منظمات أخرى يمينية ويسارية مناهضة لمسار أوسلو... ولكن كانت فتح هي الأقوى وهي التي تدير اللعبة وحدها داخليا وخارجيا...
حماس تكونت في غزة في هذا الوضع وكان يروج وقتها أن الموساد وبعض مخابرات الدول الامبريالية كانت وراء تكوينها في سعي لخرق ما يسمى منظمة التحرير الفلسطينية وإضعافها وتشتيت صفوف التمثيل الفلسطيني.
مالا نعلمه كثيرا أن أغلب الفصائل الفلسطينية المقاومة تعتبر أن المعركة مع العو الصهيوني معركة دينية فمعركة ضد دولة دينية لا تكون إلا بمقاومة دينية كان هذا موقف حتى بعض الفصائل الفلسطينية اليسارية المقاومة.
في بداية تسعينات القرن الماضي ارتفع عاليا اسم الشيخ ياسين واسم حماس واسم الجهاد في ساحة المقاومة الفلسطينية كذلك بدا ظهور حزب الله في الساحة اللبنانية وعلاقته بالنظام الإيراني لا تخفى على أحد...
انتفاضة الحجارة الأولى والثانية كان بإمكانهما نسف مسار أوسلو لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن...
انحصرت المقاومة أكثر فأكثر بعدهما وظهرت للوجود السلطتان سلطة رام الله وسلطة غزة. وبصورة أو بأخرى يمكن القول أن الاستراتيجيا الصهيونية في اضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتشتيت صفوف التمثيل الفلسطيني قد نجحت بدرجة ما.
صحيح أن المقاومة نجحت أيضا ولكن نجاحها كان في مستوى الشعار بينما نجاح الصهاينة كان نجاحا على الأرض.
وتتالت ضربات العدو الصهيوني على غزة وفي نفس الوقت تتالت ضربات المقاومة حتى وصلنا يوم 7 أكتوبر 2023 حيث برهنت المقاومة الفلسطينية أنه باستطاعتها الذهاب بعيدا ونسف كثير من الأساطير التي بنيت في علاقة بالدولة الصهيونية وفضحت أكثر فأكثر الدول الامبريالية التي ظهرت عارية أمام العالم في دعمها للغطرسة والإجرام الصهيوني الذي تدعمه دون قيد أو شرط. فحتى رئيس دولة أكرانيا التي تحتلها روسيا وتدمرها أغمض عينيه وعبر بكل وقاحة عن صهيونيته حين قال "...أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد الارهابيين..." ولن نذكر هنا لا موقف فرنسا ولا موقف المانيا ولا بريطانيا ولا أمريكا فتلك دول بان بالملموس أنها دول تكيل بمكيالين ولا ترى حقوقا للإنسان ولا حرية ولا حقوقا إلا إذا تعلق الأمر برعاياها أو بالعدو الصهيوني.
أخيرا وربما ما لم تعره الاهتمام الكبير مقاومة 7 أكتوبر هو أنها لم تكن واقفة على استراتيجيا تعرف إلى أين يمكن أن توصل المعركة... مقاومة بضرباتها تتقدم وتمنح الشعب الفلسطيني ما يمكنه من التقدم في معركته من أجل تحرير كل فلسطين.
لقد حققت المقاومة سبقا كبيرا ومباغتة حربية وأنجزت ما عجزت عنه كل مقاومات الشعب الفلسطيني سابقا ولكنها جعلت الشعب الفلسطيني في غزة ظهره إلى الحائط وهو ما سيسمح في قادم الأيام للخروج كمقاومة نهائيا من فرض أي حل. وفي تقديري هذا ما بحثت وتبحث عنه الدولة الصهيونية حيث أنه سيتسنى لها دفع فلسطينيو غزة للجنوب لتفريغ مساحات كبيرة من شمال غزة بعد عمليات قصف كبيرة ومركزة بتعلة تحرير الأسرى الصهاينة وبالتالي تغيير جغرافية غزة وإبعاد جزء كبير من الغزاويين لسيناء وتوطينهم هناك في مخيمات لاجئين مثلما فرضت خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان سابقا وبالتالي يتفادى ضربات المقاومة وترحيل المفاوضات إن كانت ستقع مفاوضات ليس مع حماس أو المقاومة بل مع النظام المصري الديكتاتوري العميل ومع جميع الأنظمة العربية المطبعة.
ـــــــــــــــــــ
14 أكتوبر 2023