الإهداء....


وفاء سلطان
الحوار المتمدن - العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 11:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

عزيزي شهريار….
أتقدم إليك بكتابي هذا الذي يضم بين دفتيه ألف قصة وقصة….
علها تُطفئ جذوة الحقد لديك وتخمد الرغبة في الإنتقام…
أنا شهرزاد، ملكة هذا الكون وسيدته بالمطلق…
بل أنا الكون ذاته…
لن يصلح لك حال، مالم تكون جزءا مني، لا جزءا متجزأا عني….
حبلك السريّ يربطك برحمي، وليس لك ضلع إلا ماخرج من ذلك الرحم…
لقد قزّمك غرورك، ولن تستعيد قامتك مالم تتواصل مع الأصل….
لم تكن يوما قوّاما، لأن القوّام على الحياة يحترمها ويصونها من كل خطر…
بل أتيتها بلطجيّا وشبيحا وذبيحا حتى جفّ فيها كل أثر للخير والعطاء…
القوّام الحقيقي هو الرحم الذي تنبع منه الحياة، والساقية لم تكن يوما أغزر من المنبع….
لست ضدك، وأنا أحبك، ولذا جئت لك بألف قصة وقصة، علّك تكون قادرا على أن تسمح لحكمة ذلك
الكتاب أن تشق طريقا في صحراء عقلك….
ألف قصة وقصة لم تتشكل حتى سلبتني نومي واستنزفت جهدي وسرقت جلّ وقتي…
لكنها في الوقت نفسه عززت هويتي وبلورت حبي لك وزادتني حكمة وتعقلا…
…..
في هذا الكتاب أتقمّص روحي الحقيقية وأنضحُ منها ما فيها…
ستجد فيه مايختلف عمّا وجدته في كتبي السابقة…
لستُ هنا لأنقد ماأنت عليه من ثقافة وتعاليم، فلقد فعلتُ ووفيت، بل لأطلعكَ على ما لستَ عليه من ثقافة وتعاليم..
في كتبي السابقة هدّمت بروجا كانت معفّنة ومن رمال…
بروجا مارس فيها الأشرار كل فنون الغزو والسبي وهتك أعراض الناس…
أمّا في كتابي هذا فسأنظف الركام وأملأ الفراغ!
محاولة أن أعيد إليك حبلك السرّي، وأن أعيد إليّ كونيتي…
….
آثرت أن أقصّ عليك ألف قصة وقصة، وكلي أملٌ أن تنتزعَ كل قصة من عمقك بعضا من قبحه وتضفي عليه بعضا من جمالها…
تذّكر أنني أحبك، فالأصل يتمسك دوما بفروعه ولا يكتمل إلاّ بهم…
عد إلى أصلك، فأنت تعيش اليوم لعنة تجزأك عن ذلك الأصل!
عد إلى أصلك، وسلّم دفة القيادة إلى أقرب شهرزاد في حياتك!
امنحها الفرصة التي منحتها لك بثقة، ولم تكن يوما أهلا لتلك الفرصة ولا لتلك الثقة!
فالرحم الذي يمنح الحياة يعرف كيف يصونها ويعرف كيف يجعلها أفضل وأجمل…
….
منذ القرن السابع وأنت مسكون بكل شياطين الأرض…
عبثتْ خرابا في بيتك، قلبتْ حياتك رأسا على عقب، شوهتْ مفاهيمك وسلبتك آخر ذرة من “الحس العام”، ذلك
الحس الذي أطلقوا عليه “العام” لأن الطبيعة زوّدت به عوام الناس، ناهيك عن الحيوانات…
كلب يهجم على سيدة تضرب طفلا، لأن ذلك الكلب يملك “الحس العام” ويدرك من خلاله أن الضرب ضد الحياة،
بينما تلك الشياطين التي تسكنك قد شيطنتك إلى الحد الذي فقدت عنده ذلك “الحس”، وبرمجتك على أن تؤمن
في القرن الواحد والعشرين بأن ضرب المرأة ، ليس تكريما لها وحسب، وإنما إعجازا علميّا!
هذه الشياطين التي تسكنك صوّرت لك الغزو والسبي والغنائم إعجازا علميّا فعجزت أن تتعلم شيئا غيرها!
هذا غيض من فيض حالة الإنحطاط التي أوقعتك بها تلك الشياطين….
………………
الشرط الوحيد لأن تستفيد من هذا الكتاب هو أن تفتح عقلك وقلبك بدون حقد مسبق وبدون سابق حكم…
الدالي لاما يقول: The mind is like a parachute it works best when it is open
(العقل كمظلة الهبوط لا تستفيد منه إلا إذا فتحته)
وأنا أقول لا تستطيع أن تفتح عقلا مكتظا بقمامة عمرها قرون….
فلقد تكدّست خلف بابه وتكلّست وتحتاج إلى جهود جبارة لإزالتها واستبدالها بثقافة الحياة…
عندما تتبجح بأنك ملحد….ماركسيّ….ليبراليّ….لا ديني….إنساني لا يعني أنك تحررت من شياطينك..
فالأمر ليس مجرد قرار تتخذه بين ليلة وضحاها، بل هو رحلة طويلة وشاقة تقتضي أن ترفع مستوى وعيك كي تنظف اللاوعي المكتظ
بتلك التعاليم الشيطانية!
رغم ثراء هذا الكتاب وسمو ماجاء فيه لا أتوقعه أن يكون مسّا من السحر، بل قوة جبارة كتلك التي تملكها نقطة المطر الواهنة
عندما تحفر مع الزمن شقا في الصخر الصلد!
لذلك، كلّ ما أرجوه أن يحفر كتابي مع الزمن طريقا في صحراء العقل العربيّ
عزيزي شهريار...
تذكر أنني أحبك…
ومن منطلق حبي أهديك روحي التي تفيض في هذا الكتاب…
….
التوقيع
شهرزاد