حين تصير المعرفة انفجارات


عبدالله خليفة
الحوار المتمدن - العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 08:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     



هناك مستويات لتطور المعرفة والثقافة والسياسة بين الغرب والشرق.
الغرب غالبٌ دائماً في تطوره الاجتماعي الذي يتجسد تطوراً معرفياً.
ولهذا فإن قراءاته للعصر والتراث متقدمة ويجيءُ الشرقُ بعد عقود وربما بعد قرون ليكرر نفس الأفكار والمقولات وربما بأشكال متعددة من التسطيح.
هذا يحدث لسببيات، فهياكل الإنتاج الغربية الرأسمالية متقدمة على هياكل الشرق الإقطاعية، تحرر الفئات الوسطى الغربية يكون عبر عدة قرون منذ الاكتشافات الجغرافية العالمية، ومن فهم متقدم موضوعياً في كشفه لقوانين التطور وتوظيفها، فالاختراعات وتطور مباني الحياة متقدمة، ينسخها الشرق بسطحية وتشوه أولاً حتى يتقارب معها حين يتغرب هو الآخر، أي حين يصير متقدماً.
يونج العالم النفساني الغربي يقرأ العصر والتراث عبر النصوص القديمة، يحلل العصاب الفكري التراثي الذي يؤزم البشر ويجعلهم أسرى لعقد ماضوية وأوهام فكرية اجتماعية.
لهذا فإن قراءات الشرق للحرية والديمقراطية والاشتراكية ملونة بعوالمه الاستبدادية ورؤاه التقليدية، وكذلك في خصوصيات العلوم كتحليل التراث. فالشرق يقف متعصباً للقراءات أو تظهر نزعات فيه متطرفة تلغي التراث عاجزة عن تغييره الحقيقي.
حين يرفض الشرق التنويم المغناطيسي والتحليل النفسي وانتزاع الحقائق الباطنية العميقة من المرضى وعلاجهم يطلق الكهرباءَ في أجسام المرضى وتتحول مستشفيات الصحة النفسية إلى زنزانات تعذيب وسلخ جلود!
حين يتابع عمليات التحليل النفسي والعلاج المطول الذي يحتاج إلى أبنية ومصروفات كثيرة تستنزف دخله الضائع، يبدأ في مقاربة العلاج الحقيقي.
أما مسائل التراث المعقدة التي تنشب حولها الصراعات الاجتماعية الضارية فهي ممنوعة ومبعدة عن الدرس الموضوعي بسبب تداخل نصوصها وحياة البشر الاجتماعية الحميمة.
في القرن الثاني عشر الميلادي كانت قضايا التراث والمعرفة تسبب حروباً أهلية ضارية وفي القرون الحديثة صارت ثروات معرفية تنشر الكتب والمدارس والمنافع!
استطاع يونج العالم النفسي الدخول في تراث أوروبا الديني وتحليله من دون أن تحدث أية ثورة عليه، فقد غدت تلك المسائل قديمة تقليدية رغم أطروحاته الجديدة التي تعالج قضايا علم النفس والدين بصور فذة.