الكتابةُ زهرةُ الصحافة


عبدالله خليفة
الحوار المتمدن - العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


تفجروا بلغات صارخة غاضبة، جاؤوا بصخب الفتيان إلى المسرح، ملأوا الخيام بادعاء الثقافة، فجروا النيران في القص والشعر حتى مُسخا.
كانت هناك في العمق، تحت التراب، مضامين التسول وعبودية الأسلاف، تاريخ العبيد الذين جاؤوا من مراكب التجارة.
صرخات لتفجير اللغة والأدب والفن وإطلاق النار على الأدباء الذين عكفوا على التحليل.
بين الفرقة المغنية الشعبية الجميلة وبين ثلة المهووسين بالتقاليع والاستعراض هوة كبيرة.
الذوات الفردية المنتفخة غير قادرة على الصدق وتحليل الحياة وكشف القوى الاجتماعية واتخاذ موقف تاريخي، فهي هزة مراهقة، ولعبة جامعة، وهل هذه الجماعات الصاخبة عن اللباس والقشور والناشرة للعداوات سوى صيغ مستمرة من المراهقة السياسية؟
أجروا ذواتهم للدعاية لا للكتابة، ففسدت المطبوعات التي كان يمكن أن تكون حديقة تجعل مائة زهرة تتفتح، لكن الشعار التطبيقي صار (دع مائة ثعبان يتحرك)!
الطبال الدعائي لا يُحبس، فهو حشرة زاحفة، وكاتب عن بلدان أخرى، ويستأجر خدماً للتضحية بدلاً عنه.
التراكم الروحي غير ممكن في ذبائح مسلخ متعفن، وسوف تظهر الشخصية اللامعة أكمل انحطاطها، سوف تتعرى قطعة قطعة حتى يقذف الجمهور الحجارة على المسرح، أو على الجريدة، أياً كان موقع الفضيحة.
عروض السلخ والانهيارات مدوية في وطن رومانتيكي حالم بشبيبة وردية، يضج صراخاً أن أحداً لم يبق، وقد سرقوا ذاكرت الوطن وشبابه وشعره ونثره.
يقوم الشخص بتقديم زحفه اليومي للحصول على الكرسي، يظهر فضيحة جيل لم يصمد إلا في الاستثناء البطولي، شحاذ يقف في عرض الطريق متسولاً.
هل له علاقة بتاريخ الغواصين والقرامطة والخوارج؟
مع اختفاء دور التجار الليبراليين واليسار الديمقراطي وغياب مطبوعاتهم صارت سموم الحروب الدينية تـُنقل كل يوم، من كونهم يعيشون في أوكار وكهوف إلى أن يكونوا نجوماً اجتماعية.. فروق كبيرة.
هل يمكن أن تستعاد صحافة الليبرالية بدون تنوع في الآراء وصراعات فكرية؟
لا بد من تغيير النظرة للكاتب من كونه طبالاً إلى كونه مبدعاً.
الأنظمة بهذا تكسب تطورات واسعة وتغييرات بدون طلقة واحدة.
الكلمة لا تجرح وتدمي بل تداوي الجروح.
تغير الحياة تطور الأنظمة.
كبار الصحفيين يخلقون أنظمة تنشأ منها ثورات وصغارهم يهوون بالأبنية ثم يهربون حين تتساقط على الرؤوس!