حان وقت العمل المشترك بين اليسار العراقي


رزكار عقراوي
الحوار المتمدن - العدد: 3722 - 2012 / 5 / 9 - 00:08
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

مقدمة

- القوى الدينية والطائفية ( السنية والشيعية) ، والقومية ( العربية والكردية) الحاكمة ، التي برهنت بشكل عام في السنوات الماضية من خلال نهجها غير الديمقراطي وتنامي روح الاستبداد لديها، إلى ابتعادها الواضح عن ممارسة الديمقراطية، وتقييدها للحريات، والتجاوز على حقوق الإنسان ومصالح الكادحين وعموم الجماهير، ونرى ذلك بوضوح في ممارسات حكومة المالكي في بغداد وحكومة الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان.
- تقوم ألان بإعادة تنظيم صفوفها وإجراء تحالفات جديدة لتقوية مواقعها في السلطة وخاصة بعد فشلها الكبير في إدارة الحكم وعجزها عن تقديم ابسط الخدمات للجماهير من اجل إبقاء نفوذها ومكانتها السياسية، واستمرار سياسات الاستبداد والفساد ونهب المال العام، وتغطي ذلك بإبراز وتعزيز الصراعات القومية والدينية مثل ما يجري الآن بين المالكي والبارزاني.
- توضح بشكل كبير لساكني العراق زيف ادعاءات هذه القوى وسياساتها ومواقفها إزاء قضايا المجتمع من خلال تجربة الناس المباشرة معها في الحكم والمعارضة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
- وقد انعكس ذلك بوضوح في حالة التذمر والاستياء الكبيرين اللذين انعكسا في حملة الاحتجاجات والمظاهرات الجماهيرية والإضرابات العمالية والحركات المطلبية المتصاعدة يوميا، والتي شملت قطاعات مختلفة وفي مختلف المدن في العراق بما فيه إقليم كردستان والتي تم قمعها بشكل كبيرة وتم اعتقال العشرات، وأطلق سراحهم تحت الضغط الجماهيري.
- الظرف الموضوعي في العراق مهيأ الآن لأن يلعب البديل اليساري دوراً أفضل وأكبر، إن تعامل بعقلانية أكثر مع هذا الواقع، وحسن وقوى من الظرف الذاتي الذي تمر به حركة اليسار، إذ سيكون في مقدوره ملء جزء كبير من الفراغ الذي أحدثه تراجع الأحزاب الإسلامية والقومية الحاكمة، حيث اعتقد انه لا بد من التعامل بمسؤولية اكبر من اجل حشد كل الطاقات من اجل بناء دولة ديمقراطية علمانية مدنية في العراق.
- يمكن التحول إلى قطب يساري معارض، فاعل في الساحة السياسية العراقية، ومثل هذا التوجه لن يتم بجهد حزب يساري واحد!!
- حيث أثبتت تجارب السنوات السابقة ضرورة وأهمية وقوة التحالفات السياسية حيث كانت القوى والأحزاب الدينية والقومية سباقة وأكثر ذكاء ونضجا في تشكيل تحالفات سياسية كبيرة ومؤثرة، من اجل ترسيخ نفوذها ونصيبها في السلطة السياسية، رغم خلافاتها الفكرية والسياسية الحادة وأحيانا الدموية والعنيفة وكانت تلك التحالفات احد الأسباب الرئيسية في قوتها ونفوذها وسيطرتها على مراكز النفوذ والسلطة في الدولة في العراق وإقليم كردستان.




لماذا كان التنسيق والعمل المشترك بين فصائل اليسار العراقي ضعيفا او شبه غائب ؟


اعتقد ان ذلك يعود إلى أسباب موضوعية وذاتية ومن أبرزها:

1. الخلافات السياسية والنظرية في الأمور التكتيكية وقليل ما في الطرح الاستراتيجي.

2. تشتت العالمي لليسار والهجمة الشرسة على قيمه التقدمية، وانعكس ذلك أيضا على الوضع العراقي.

3. تغييرات كبيرة على بنية الطبقة العاملة العراقية وعموم الفئات الكادحة، والحروب المستمرة والسياسات الاقتصادية الفاشلة، الحصار الاقتصادي، الحملة الإيمانية ،شبه انهيار للدولة ومؤسساتها، مما انعكس على ضعف الوجود الاجتماعي لمعظم فصائل اليسارية في العراق وكذلك نتيجة الاغتراب ألقسري عن المجتمع العرقي بسبب ممارسات القمع والإرهاب، التي تسببت في خروج عدد كبير جدا من قيادات وأعضاء أحزاب اليسار إلى الخارج.

4. قوة التقاليد ذات ألأرضية الفكرية الشمولية غير الديمقراطية، التي ما تزال مسيطرة بهذه الدرجة او تلك على غالبية الأحزاب والمنظمات اليسارية العراقية، وبنسب مختلفة، مثلا الشللية، البيروقراطية الوظيفية، التنظير الفارغ وترديد الكليشات، الشخصنة، حب القيادة او الولاء الأعمى لشخصية قيادية معينة، النرجسية والغرور، التبجح والاستعلاء على القواعد الحزبية وعموم الجماهير، التباهي، الانعزال عن الواقع الاجتماعي وضعف التفاعل معه، و حتى الفساد الشخصي والسياسي، وهي بشكل عام صفات لمعظم - قادة- اليسار المتعصبين و المعادين للقوى اليسارية الأخرى، والذين يعيقون كل أنواع العمل المشترك فيما بينها وينظرون لذلك تحت حجج مختلفة، وهم موجودين في كل أحزاب اليسار العراقي وبنسب مختلفة، واعتقد إنهم يرون ان اي انفتاح ل - حزبهم وكتلتهم - والعمل المشترك والتحالفات والواسعة مع القوى اليسارية الأخرى سيكون له تأثير سلبي على مكانتهم القيادية!! التي بشكل عام وصلوا إليها بطريقة ديمقراطية ضعيفة.

5. التعصب التنظيمي الشائع بين اليسار في بقايا المدرسة السوفيتية اي اليسار التقليدي الذي يتبني بشكل عام مقولة (حزب شيوعي - يساري في البلد الواحد والآخر تحريفي او مشبوه أو.... او....)، اما اليسار المختلف عن المدرسة السوفيتية، أي القوى اليسارية الأخرى فكانت تبرر وجودها في تسقيط الحزب الشيوعي التقليدي ونفي صفة اليسار عنه وتقييمه كله بشكل سلبي، من دون التطرق الى الايجابيات. التعصب التنظيمي و-الانا- التنظيمية المفرطة كان معيقان كبيران للعمل المشترك، وأدى إلى انشغالها بالصراعات الداخلية والعلاقات التناحرية!، التعصب التنظيمي برأيي تدعمه وتغذيه القيادات النخبوية، والانا والتعصب الشخصي.

6. بعض القوى اليسارية كانت تعتقد وتطرح نفسها على إنها الحزب اليساري الوحيد في العراق وحسب، بل ان البعض منها كان يتصور انه الجهة العلمانية والديمقراطية الوحيدة، وتقوم بتقديس وتمجيد وتهويل دور كل منها على حساب الآخرين، في حين أنه بعيد عن الواقع. و ابتعدت عن عقد اللقاءات وإجراء الحوارات الفعلية مع قيادات القوى والأحزاب اليسارية الأخرى في العراق، تكفير الآخر ماركسيا ويساريا كان سائدا على نمط - التكفير الديني !- ، لقد شاعت الصراعات والحملات الفكرية والسياسية ضد الآخر بشكل معلن وغير معلن، وتم عكسها على عموم القواعد الحزبية و حتى على المنظمات الجماهيرية، وللأسف يندر ان ترى حالات للحوار البناء بين اليسار العراقي، مثلا الحوار على برنامج الآخر او على نقاط الخلاف بحيث يصلح المقابل ويشخص النواقص، ولا يسقطه!!.

7. البعض كان يقوم بنفي وجود اليساري الآخر بمختلف الإشكال، وممارسة سياسة التعتيم الكامل على كل نشاطات الأحزاب والمنظمات اليسارية الأخرى. وحتى كنا لا نتبادل التهاني والتعازي في أفراحنا وأحزاننا بما فيها إدانة استشهاد واعتقال الكثير من رفاق مختلف الفصائل.

8. كان بعضها يطرح موضوعة العمل المشترك من اجل مجتمع مدني علماني، ولكن من خلال واجهته التنظيمية وتجميع التيار العلماني واليساري تحت رايته ولائحته، ودعوة الآخرين الى الانضمام إليها، وليس كاتجاهات مختلفة تعمل من اجل أهداف مشتركة تتفق عليها.

9. او عدم قبول الحوار او العمل المشترك مع المنظمات اليسارية الأخرى تحت حجة انها منظمات صغيرة، ومتطرفة، او انها تعادينا! وتطرح نفسها بديلا لنا، او غير موجودة او انها على الانترنت فقط، واعتقد إننا في هكذا ظرف حساس جدا نحتاج حشد كل طاقات، ولابد ان نجمع قوانا حتى لو كان مع تنظيمات بخمس أشخاص! .

10. حذر بعض القوى اليسارية من بعض - الأحزاب الحاكمة المتنفذة - التى لهم نوع من التحالفات معهم ولمعظم القوى اليسارية الأخرى مواقف مضادة لهم.

11. وأسوؤها وهو بنسبة قليلة جدا كان شخصنة الصراعات والمهاترات للأسف، والتركيز على مسائل شخصية وتشويه سمعة اليساري الاخر بمختلف السبل .
12. .......



تطوير وتحديث آليات التحزب والعمل التنظيمي بشكل ديمقراطي وتأثيرها على العمل المشترك



اعتقد ان احد أهم معوقات ضعف التنسيق والعمل اليساري المشترك كانت في سيادة التعصب التنظيمي والنخبوي، وحتى الشخصي المستند الى قوة تقاليد ذات أرضية فكرية شمولية الى حدا ما، و ما تزال مسيطرة بهذه الدرجة او تلك على قوى اليسار العراقي وبنسب مختلفة. ومع انه ألاحظ تطور كبير في اليات التنظيم والتحزب ودمقراطتها لدى معظم فصائل اليسار العراقي، ولكن اعتقد ان يمكن عمل المزيد من خلال :

1. إشراك أوسع للقاعدة الحزبية والجماهير في تقرير السياسة العامة للحزب، من خلال فتح الصحافة ونشر الآراء المختلفة، تعزيز العمل والتحاور من خلال الفيسبوك والتويتر وخاصة مع الشباب، وعقد الاجتماعات المفتوحة واللقاءات المباشرة.

2. والتعامل الايجابي بشكل اكبر مع الانتقادات ، بل وتشجيعها، واعتبارها نوع من التغذية العكسية من اجل التطوير نحو الأفضل.

3. ضرورة احترام التنوع والاختلاف، بقبول مبدأ تعدد منابر اليسار داخل وخارج الحزب نظريا وعمليا.

4. المزيد من لامركزية في التنظيم على صعيد المدن، والمنظمات التخصصية والمنظمات الجماهيرية، وحتى تشكيل نوع من التتظيم الحزبي الفيدرالي.

5. إرساء علاقات تنظيمية متحضرة وشفافة بشكل اكبر بين القيادة و القاعدة، الشفافية المالية، والابتعاد عن التعامل الاستعلائي، وفرض ألقسري للأفكار والسياسات على القاعدة الحزبية، وأساليب الطرد والتوهين والعزل والتخوين...... الخ بسبب الاختلاف في الرأي او آليات العمل والتنظيم .

6. كيسار لدينا تجربة سيئة جدا في تداولية القيادة، وبعض المناصب القيادية تحتكر الى القبر او الى العمر 70 او 80 ،لابد من تحديد مدة معينة لتبوء المناصب القيادية كدورتين مثلا وخاصة لسكرتير الحزب، ومحاولة تقليل السلطات الشخصية في كافة الهيئات وحتى المنظمات الجماهيرية لليسار، وتحويلها الى قيادة جماعية وتقسيم التخصصات، والغاء منصب السكرتير، والاستعاضة بالمنسق الذي يتغير بشكل دوري، إشاعة تداولية الكادر القيادي على كل المستويات وتشجيع القيادات النسائية والشبابية.

7. تغيير نمط الصحافة اليسارية من صحافة تقريبا أحادية الاتجاه تعكس رأي قيادة الحزب فقط الى صحافة متعددة الاتجاهات تعكس الرأي العام للحزب وجماهيره، و عموم الحركة اليسارية والتقدمية بشكل عام، والاستناد الى المفاهيم العلمية الحديثة في الإعلام واستخدام اكبر وافضل لشبكات التواصل الاجتماعي .

8. الاعتراف بالحق التنظيمي للأقلية الحزبية ( كتل ومنابر ) وحقها في إصدار إعلامها الخاص واستخدام اعلام الحزب وإمكانياته المختلفة لترويج سياستهم.

9. عقد مؤتمرات منتظمة وعلنية ان كان ذلك ممكنا، يسبقها تحضير تنظيمي وسياسي كبير، بحيث يشارك العقل الجماعي في تقرير السياسة العامة للحزب، وطرح تقييم انتقادي لسياسة الحزب بين كل مؤتمرين. وأشير هنا إلى تجربتين متميزتين، الأولى: التحضيرات الديمقراطية والعلنية التى سبقت المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي، والثانية: البث الحي للمؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العمالي الكردستاني عبر الانترنت، مما عكس ديمقراطية و شفافية وتفاعل كبير مع الخارج.

وفق مفهوم - اليسار الالكتروني - أرى من الضروري جدا التوجه نحو أحزاب يسارية حديثة عصرية شفافة، تؤمن بتعدد المنابر والاجتهادات والكتل الفكرية والتنظيمية المختلفة داخل الحزب الواحد، أحزاب تعمل في إطار ومن اجل حركة اجتماعية واسعة متجاوزة للأطر الحزبية وترفض التعصب التنظيمي والمؤسساتي والكتلوي والشخصي، وبقيادة جماعية شفافية ذات تداولية دورية.
يجب أن نعمل من اجل أن تكون أساليب إدارة وتنظيم أحزابنا اليسارية مثالاً راقياً وحضاريا وديمقراطيا في أسلوب إدارة اليسار للدولة والمجتمع اذا ما استلمنا السلطة! .



تقييم مختصر للتجارب السابقة للعمل المشترك بين فصائل اليسار العراقي


كانت هناك مشاريع قيمة للعمل المشترك، واعتقد إنها كانت خطوات مهمة رغم نواقصها. ومن هذا المنطلق لا بد ان نقيم هذه التحالفات للاستفادة من التجارب ولكي نتجاوز أخطاءها في المستقبل، ونستطيع بناء تحالفات امتن وأوسع و تستمر لفترات أطول، سأتطرق بشكل مختصر إلى ابرز تلك المشاريع.

- مدنيون

من خلال تجربتي وعملي مع "مدنيون" كانت هناك نواقص أوجزها بـ:
1- كان في الأساس تحالف انتخابي فوقي هش بين ثلاثة أحزاب الاثنان منهم لهم وجود محدود جدا في العراق، ولم يوضحا برنامجهما بشكل دقيق، ولا اعتقد انه كانت لديهم الرغبة الفعلية لانضمام أحزاب أو منظمات جديدة إلى التحالف وتوسيعه.
2- لم تكن لـ "مدنيون" قيادة معلنة واقتصرت على ممثلي الأحزاب الثلاثة، وكان من الضروري أن تكون هناك شفافية اكبر في إدارة التحالف.
3- أهمل دور المستقلين بشكل كبير، بل تم استخدامهم من دون أن يكون لهم دور في القرار أو القيادة.
4- لم تكن هناك استجابة ايجابية لمبادرات ورغبة بعض الجهات والشخصيات اليسارية والديمقراطية للانضمام إلى "مدنيون" وقد أعلن الكثير منهم دعمهم لها بشكل علني ورغبتهم للانضمام اليه، مثل اتحاد الشيوعيين وحركة اليسار الديمقراطي - حيد - كما طرح مؤتمر حرية العراق موقفا واستعدادا للعمل المشترك بدون شروط مسبقة، ولكن بشكل عام وجدت موقفا سلبيا من محاولاتي توسيعه.

- مؤتمر حرية العراق - الحزب الشيوعي العمالي العراقي

1. انفتاح وطرح ايجابي للحزب، وكانت خطوة مهمة وضرورية في الطريق الصحيح، ولكن طريقة تطبيقه لم تكن موفقة.
2. كان له الكثير من النشاطات الفاعلة والمؤثرة، ومنها بيوت الأمان وفضائية سنا، وان كان التخطيط بعيد المدى لعملها ضعيفا.
3. الطابع الحزبي الصارخ عليه مما أعاق المرونة، او انضمام إطراف يسارية أخرى إليه.
4. أطروحاته المناهضة للاحتلال، حفزت الكثير من اليسار القومي والقومين الى الانضمام اليه مما اثر على بعض مواقفه السياسية ونشاطاته.
5. في السنوات الأخيرة طرح مواقف ناضجة وواقعية للعمل المشترك وابدي استعدادا غير مشروطا لذلك.
6. حل المؤتمر قبل اشهر وتوقفت كافة نشاطاته.


-التيار الديمقراطي

يعتبر التيار خطوة مهمة ومتقدمة في بناء تحالف ديمقراطي علماني واسع في العراق، وهو في طور التكوين والتطوير ويمكن أن يشكل الإطار الجامع لكل القوى اليسارية والديمقراطية ، اذ يعتمد على :
1- مدى تبنيه للمطالب الجماهيرية والعمل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات وحقوق الإنسان وفضح الفساد والاستبداد وتوفير الخدمات.
2- توسيع قوى - التيار - وقاعدته ليشمل اكبر عدد ممكن من القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية على قاعدة التكافؤ، ومن دون ان يكون لقوى او حزب معين صلاحيات، او امتيازات خاصة، او - فيتو- لاي سبب كان.
3- إدانة مواقف وسياسات كافة القوى السياسية المشتركة في الفساد والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان دون أي تمييز أو استثناء لأي سبب كان، وإلا ستكون هناك ازدواجية في المواقف وسينعكس ذلك سلبا على مكانة - التيار - في المجتمع العراقي.
4- لابد من إضفاء المزيد من اجواء الديمقراطية والشفافية والجماعية بصورة اكبر على عمل وآليات التيار الديمقراطي وعلى القوى المنضوية تحت لوائه.
5 - توسيع تجربة التيار الديمقراطي لكي تشمل إقليم كردستان، حيث إن الفساد والاستبداد السياسي واحتكار السلطة واضح ومعروف وبشهادة منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، لذلك لابد من تعزيز العلاقة مع القوى اليسارية والتقدمية الكردستانية.
6- للأسف الى الآن لا ارى تطورا كبيرا في عمل التيار الديمقراطي وتوسيعه، وحسب علمي لم توجه دعوة للحوار او الانضمام للفصائل اليسارية الأخرى!!، وهنا ابدي تحفظي الكبير على محاولته ضم قوى مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، فهي كما معروف قوى متنفذة وفي الحكم، و فاسدة ومستبدة، وشاركت مع الاسلام السياسي في ترسيخ الوضع المأساوي في العراق وإقليم كردستان وإدامته، وهي معادية للتوجهات التى يطرحها التيار نفسه، واستمرار ذلك سينعكس بشكل كبير على تطور التيار وآفاقه، وحتى من الممكن سلبيا على استقلاليته ومصداقيته بين الجماهير.


ما الذي يمكن أن يجمع فصائل اليسار العراقي الآن


لكافة أحزاب ومنظمات اليسار العراقي بغض النظر عن حجمها وعمرها، دور مشهود ونزيه في النضال من اجل العدالة الاجتماعية، ومواجهة الاستبداد ،والإسلام السياسي وقوى التعصب القومي، والتبني والدفاع عن مطالب العمال والكادحين وعموم المجتمع والدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها ..... الخ، واعتقد انها الآن تقترب من بعضها في الكثير من المواقف والسياسات، وان كان هناك بعض الاختلاف في طريقة الطرح ومن ابرز النقاط التى يلتقون حولها برأيي:
1. تبني الماركسية، وان وجدت اختلافات في طريقة ملائمتها مع الواقع العراقي، وهو طبيعي جدا فلتكن لدينا عشرات بل مئات الحلول لالوف المشاكل التى تواجهنا.
2. تبني حقوق العمال والكادحين وسن قانون عمل تقدمي، وضمان حق التنظيم والإضراب، ضمان البطالة ، الحد الأدنى من الأجور، دعم الأنشطة المطلبية وقيادتها، بكل الاليات والوسائل المشروعة كالتظاهرات الاحتجاجية السلمية ،والإضرابات العمالية.
3. نبذ المحاصصة الطائفية والقومية ومواجهة التعصب القومي والديني والمذهبي،
4. مناهضة الاستبداد والفساد وسلطة الميليشيات.
5. توفير الأمان للجماهير، ومناهضة العنف والإرهاب والقمع من كافة الجهات سواء في الحكم او ما يسمى بقوى المقاومة.
6. العمل من اجل مجتمع مدني ديمقراطي.
7. العدالة الاجتماعية واكبر قدر ممكن من المساواة.
8. تحديد وتقييد دور الدين والمؤسسات الدينية في الدولة والقوانين.
9. حقوق الإنسان، حقوق الأقليات الدينية والقومية استنادا الى مواثيق حقوق الإنسان الدولية.
10. تعديل الدستور العراقي لصالح تكريس الديمقراطية وبناء الدولة المدنية.
11. فصل السلطات والقضاء المستقل والعادل.
12. حقوق المرأة والمساواة الكاملة ومناهضة كافة أنواع العنف ضدها، حقوق الأطفال والشبيبة.
13. الحريات السياسية والاجتماعية. مثلا حرية التعبير، حرية العقيدة الدينية والدنيوية، حرية الممارسة الاجتماعية، حرية التنظيم الحزبي... حرية الصحافة، حرية النقد ... الخ.
14. منظمات جماهيرية تقدمية وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني واستقلاليتها.
15. وأخيرا الأفق الاشتراكي الشيوعي.
16. ........................... الكثير من المشتركات الاخرى
الخلافات الموجودة برأي لاتتجاوز 25% بين كل الفصائل، ومن الممكن الحوار عليها وهو موجودة حتى في اكثر الاحزاب انسجاما.



المواقف والتغييرات الايجابية لمعظم فصائل اليسار العراقي تجاه العمل المشترك والتحالفات

تزامنا مع ما يسمى ب -الربيع الثوري- الذي عم العالم العربي انطلقت احتجاجات جماهيرية واسعة في العراق وإقليم كردستان، شاركت فيه معظم الفصائل والأحزاب اليسارية، كان لتلك الاحتجاجات، والعمل الجماهيري المشترك على ارض الواقع، مثلا في مظاهرات ساحة التحرير في بغداد وفي ساحة ازادي في السليمانية وفي الكثير من مدن العراق وإقليم كردستان الأخرى، وضغط القواعد ودورها البارز، في إقناع الكثير من قيادات تلك الأحزاب بضرورة التنسيق والعمل المشترك وخاصة إننا الآن في الدقائق الأخيرة من الوقت الضائع، - إذ حسب قواعد كرة القدم كنا فريق غير منسجم حيث كان (الدفاع والهجوم والوسط يلعبون بشكل منفصل ومشتت !!وحارس المرمى كان نائما!) ، و لسنوات كان كل منا يود التهديف دون التنسيق مع زملائه في الفريق – لقد تأخرنا كثيرا

مواقف ايجابية لأحزاب اليسار العراقي الآن:

1. الحزب الشيوعي العراقي - الرفيق العزيز رائد فهمي عضو المكتب السياسي للحزب، اشار من خلال حواره المفتوح في الحوار المتمدن - تموز 2011 :
((لقد اوضحت في اجاباتي توجه الحزب وعمله من اجل استنهاض التيار الديمقراطي ووحدة القوى الديمقراطية، كما ان منفتح للحوار مع القوى التقدمية واليسارية على اساس الاحترام المتبادلة ووجود رغبة جادة لا يجاد صيغ عمل مشتركة قائمة على المشتركات .))

2. الحزب الشيوعي العمالي العراقي - الرفيق العزيز سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب، اشار الى استعدادهم للعمل المشترك وفق نقاط الالتقاء من خلال حواره المفتوح - تشرين الاول 2011 - و ايضا من خلال اتصالاتي مع الرفيقات والرفاق في قيادة الحزب.
((نحن حاضرون لاي عمل مشترك مع الحزب الشيوعي العراقي الاجابة اقول لك ايها العزيز نحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي مستعدون لعمل مشترك حول النقاط التى طرحتها اعلاه ))

3- اتحاد الشيوعيين - الرفيق العزيز نزار عبدالله سكرتير اللجنة المركزية في حواره مفتوح - حزيران 2011-.
طرح مواقف صريحة داعمة للعمل المشترك، بل واعتقد انها كانت من افضل وانضج المواقف نسبيا.

4- الحزب الشيوعي العمالي العراقي اليساري - عصام شكري سكرتير اللجنة المركزية للحزب في حواره مفتوح - تموز 2011:
((اعتقد ان من الاجدى في العمل السياسي هو الاتفاق على لوائح مشخصة والعمل عليها بدلا من جبهات عامة.))

5- القيادة المركزية والتيار اليساري الوطني والتيار اليسار الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي - اليسار
مواقف ايجابية وداعية للعمل المشترك

وقبل شهر تقريبا ولأول مرة ومنذ سنوات، يتضامن معظم اليسار العراقي مع بعضه، حيث اصدر الحزب الشيوعي العمالي العراقي، اتحاد الشيوعين، الحزب الشيوعي العراقي- القيادة المركزية بيانات تدين الاعتداء القذر على جريدة - طريق الشعب- وقام الحزب الشيوعي العراقي بنشر تلك البيانات في موقعه على الانترنت.



مالعمل؟ الخطوات العملية نحو عمل وتحالف واقعي


لقد كان لتحالفات قوى اليسار نتائج إيجابية في الكثير من الدول، واستطاعوا تحقيق الكثير وخاصة في ظرف عالمي تراجع فيه دور اليسار وتمكنوا من مواجهة قوى اليمين والاستبداد بدرجات مختلفة .
مع هذه المواقف الايجابية لليسار العراقي الآن تجاه العمل المشترك، والوضع العراقي المتأزم ، يتطلب منا جميعا وبإلحاح التصعيد الكبير والعمل الجدي، من اجل بروز تحالف يساري على ارض الواقع، يستند الى نقاط التقاء التى أشرت اليها اعلاه ، وهي كثيرة بين الاتجاهات المختلفة. وأود هنا تقديم بعض والأفكار والمقترحات المتواضعة في هذا المجال:

1. أولا الدعوة إلى لقاء تشاوري، كخطوة أولية للحوار وتبادل وجهات النظر من قبل الحزب الشيوعي العراقي، او مجموعة من الاحزاب اليسارية.

2. تشكيل لجان لدراسة المشتركات التي تجمع الإطراف المختلفة، ولابد من المرونة ومراعاة التكافؤ والواقعية وعدم وضع مصالح تنظيم معين فوق مصالح عموم اليسار والحركة الاجتماعية التى يمثلها.

3. من الممكن أيضا تشكيل إطار تنظيمي - جبهة او أي نوع من التحالفات او حتى حزب يساري حديث متعدد المنابر يضم كل تنظيمات اليسار، كما جري في بلدان كثيرة.
4. إصدار بيانات ومواقف مشتركة حول الوضع العراقي على مختلف الصعد وفق نقاط الالتقاء، واتخاذ مواقف مشتركة داعمة اذا تعرض اي فصيل يساري لاي إشكال من التضييق او التقيد او الاضطهاد.

5. تشكيل لجان للعمل والتنسيق المشترك على صعيد المدن والخارج.

6. التحضر والاستعداد للانتخابات القادمة بقائمة يسارية موحدة، متحالفة مع القوى العلمانية والديمقراطية الاخرى او توسيع وتطوير - التيار الديمقراطي - لكي يمثل تلك القائمة.

7. تشكيل لجان للحوار الفكري حول الاختلافات الموجودة، ومحاولة التقريب فيما بينها، والعمل المشترك من اجل تطوير الخطاب اليساري والعلماني لكي يكون اكثر ملائمة مع الواقع العراقي وفق موازين القوى الطبقية والسياسية، ومن الضروري جدا الاستفادة من الشخصيات والمؤسسات البحثية والعلمية .

8. تنسيق العمل على صعيد المنظمات ( الحزبية !) الجماهيرية ومحاولة دمجها، أو تشكيل منظمات جماهيرية مستقلة وتنشيطها نحو الدفاع عن حقوق الجماهير بكل فئاتها، ولابد من تغيير سياستنا مع المنظمات الجماهيرية والتركيز على استقلاليته ودمقطرتها، مثلا قوى اليسار العراقي لها اكثر من عشرة اتحادات ونقابات عمالية ومعظمها متصارعة، واعتقد انه تشتت كبير للطبقة العاملة وقادتها، ولابد من دمجها جميعا في اتحاد عمالي موحد.

9. العمل المشترك في قيادة المظاهرات والإضرابات الجماهيرية من خلال اللجان والاحتفال بشكل مشترك بالمناسبات التقدمية مثل 1 ايار، عيد المرأة..... الخ . في عيد العمال العالمي هذه السنة وفي عز هجمة سلطة المالكي على الحريات السياسية والنقابية، احتفل اليسار العراقي بالعيد بشكل منفصل ومتشتت، وكان من الافضل احياء احتفال مركزي لكافة الفصائل اليسارية والاتحادات العمالية والجماهيرية بعيد طبقي يجمعنا جميعا.



هل التحالف بين القوى اليسارية كاف في الظرف الحالي للعراق؟ الجواب كلا.

إن خطر إعادة دكتاتورية أخرى في العراق وبمسميات مختلفة، وتشديد الصراعات الدينية والطائفية والقومية، سيطرة الاسلام السياسي واسلمة والمجتمع، يحتم تشكيل جبهة واسعة بين التحالف اليساري المقترح مع كل التنظيمات المؤمنة بالفكر العلماني الديمقراطي والمدافعة عن المجتمع المدني من ديمقراطيين وليبراليين وإسلاميين متنورين. جبهة يمكنها على الأقل خلق نوع من التوازن السياسي في المجتمع العراقي، تمهيدا لنضال مضاد من اجل إقامة مجتمع مدني إنساني متحرر وبعيد عن كل أنواع التمييز والاضطهاد والمحاصصة المذهبية والقومية. المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى مشروع مشترك كبير يتجاوز الأطر التنظيمية الحزبية الضيقة او الأنانية الحزبية نحو العمل في حركة اجتماعية أوسع لقوي اليسار والديمقراطية في العراق .

أتمنى ان تكون المداخلة المتواضعة مفيدة ....... ومن المؤكد ان العمل الواقعي يعود للقوى اليسارية التي تعمل بجد وصدق وتفاني في المجتمع العراقي ذو الوضع المعقد جدا ، وأتمنى ان أرى ان هذه القوى تقترب من بعضها، تتحاور، تعمل وتتحالف معا وحتى الاندماج في حزب يساري موحد متعدد المنابر، واقول بصراحة للجميع لنستفد من تجربة - أعدائنا - في موضوع التحالفات والعمل المشترك فهم يبدعون في ذلك، الا ترون ذلك رفاقي ورفيقاتي الأعزاء!!.


جزيل الشكر للجميع .

*********************
مداخلة قدمت في غرفة بينابيع العراق - غرفة الانصار الشيوعين - على البالتوك يوم السبت المصادف 5-5-2012
***********************



روابط ذات الصلة
*********************

رائد فهمي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: قضايا سياسية وفكرية امام المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=266665

سامان كريم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي في حوار مفتوح حول: الطبقة العاملة من يقرر مصير الثورات في العالم العربي والعالم لصالح المجتمع.
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=284140

نزار عبدالله سكرتير اللجنة المركزية لاتحاد الشيوعيين في العراق في حوار مفتوح حول: مستقبل الحركة الشيوعية واليسارية وأحزابها في العالم العربي والعراق في ظل المتغيرات الراهنة.
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=263846

عصام شكري سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الشيوعية العمالية والاحتجاجات في العراق والمنطقة
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=267611