أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جلال الصباغ - الشيوعي العراقي _ ستة وثمانون عاما على التأسيس















المزيد.....

الشيوعي العراقي _ ستة وثمانون عاما على التأسيس


جلال الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 14:46
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


تمثل الذكرى السادسة والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، فرصة لتقييم سريع لعمل الحزب ورسالته ومنهجه في التعاطي مع الأزمات الداخلية في العراق خصوصا مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي.

بقي الحزب على مدار تاريخه غير متطلع للوصول إلى السلطة خصوصا في ايام ازدهار الحركة الشيوعية في كل أنحاء العالم، ووجود قاعدة شعبية واسعة له، وارضية مناسبة للغاية لاستلام السلطة، وارتضى خلال هذه الفترة والفترات اللاحقة من اخذ دور التابع وفي بعض الأحيان دور المعارض غير الفاعل والمتخبط.

الجميع يعلم الدور الذي لعبه الحزب في الحياة السياسية والاجتماعية قبل وبعد الملكّية، وخصوصا عقب استلام عبد الكريم قاسم للسلطة، فمنذ تشكيل اول حكومة في عهد عبد الكريم قاسم، عمد على أبعاد الشيوعيين عنها بشكل شبه تام، بل إنه زج بالكثير من كوادر الحزب وقيادته والناشطين فيه في السجون، وحتى أثناء الانقلاب عليه ومحاصرته من قبل حزب البعث وبقية الأحزاب القومية، رفض بشكل قاطع تسليح جماهير الحزب الكبيرة من أجل صد الانقلاب! ولا نستطيع تفسير سلوك الحزب التبعي الذي يحاول تجميل صورة قاسم الى اليوم رغم كل ما فعله به.

جاء البعثيون إلى السلطة ورغم الخلاف الجوهري بين فكر البعث ومنهجة وسياسته وبين الفكر الشيوعي الا ان الحزب قد وافق في ١٩٧٣ على الدخول مع البعثيين بجبهة سميت بالجبهة الوطنية آنذاك، والتي انقلب عليها البعثيون وطاردوا واعدمو واعتقلو الشيوعيين.

بعد عقود من العمل السري والمنافي والاعتقالات والسجون، وبعد قرار امريكا وحلفاؤها غزو العراق قرر الشيوعي العراقي وضع يده بيد، القوى الإسلامية والقومية الرجعية التي تحالفت مع امريكا، ودخلوا ضمن النظام الطائفي المحاصصاتي القومي الذي جر البلاد إلى الاحتراب الداخلي ومزق بنية المجتمع على الأسس التي وضعها الاحتلال، وتناغمت ولا تزال خطابات الشيوعي العراقي مع لغة القوى المسيطرة في هذا النظام، فهم دائما ما يتحدثون بلغة المكونات والطوائف والحصص حتى أن سكرتير اللجنة المركزية دخل مجلس الحكم على اساس طائفي!

وبعد أن انطلقت الحركة الاحتجاجية في العراق عام ٢٠١١، واستمرارها لحين انطلاق انتفاضة اكتوبر عام ٢٠١٩، عمل الحزب على التحالف مع جزء مهم من السلطة وهو التيار الصدري المتهم بجرائم تطهير طائفية وجرائم اخرى كثيرة معروفة للقاصي والداني، وكان هدف هذا التيار هو القضاء على اية حركة جماهيرية ثورية تهدف إلى إسقاط النظام، فهو إحدى أدوات السلطة والمنقذ لها في كثير من الأزمات من هذا النوع، ووصل بالشيوعي العراقي الحال إلى دخول الانتخابات الأخيرة في ٢٠١٨ مع التيار الصدري بقائمة واحدة وهي تحالف سائرون!

استطاع الحزب الشيوعي العراقي على مدار تاريخه من القضاء على اية حركة جماهيرية ثورية او على الاقل انه كان أحد الأسباب الرئيسية في القضاء عليها، عبر تحالفاته المشبوهة وافقه السياسي المحدود والمصالح الشخصية لقادته.

ان النقد الموضوعي لحركة الحزب ونشاطه السياسي، ليس الهدف منه المزايدة او الانتقاص، إنما عرض الحقائق امام الجماهير التواقة للتغيير الثوري، فهذا الحزب في حقيقته ليس إلا حزب إصلاحي براغماتي، وهو أحد الأسباب في تعويق وكبح النضال الثوري للجماهير الراغبة بالحرية والعدل والمساواة.

على كل الأحزاب والقوى والشخصيات الشيوعية الصميمية الطامحة للتغير الثوري ان تستمر في نضالاتها وان تفضح كل من يرتدي ثوب الشيوعية وهو ليس إلا راعيا ومجملا لصورة القوى البرجوازية الرأسمالية.
ان معرفة الأسباب التي أبعدت الحزب عن المنهج الماركسي اللينيني، المؤمن بالصراع الطبقي والمدافع عن العمال والفئات الكادحة والمهشمة عن طريق العمل الثوري، وتحوله إلى واجهة تحمل اسم الشيوعيين، هو الذي عمل على الإساءة لهذا الفكر والمنهج اشد الإساءة، وصنع صورة مشوهة للماركسية لدى عامة الناس.
إن تبني المنهج الماركسي في تفسير الواقع وبالتالي العمل على تغييره، تحتم على الأحزاب الماركسية، دراسة ومعرفة الواقع وفق الصراع الطبقي الذي يحصل داخل المجتمع، وما ينتج عن هذا الصراع من ظواهر سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وعلاقة هذا الصراع بالقوى الرأسمالية والظروف الموضوعية التي تؤثر في الواقع، وعلى مدار تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، لم يستطع في اغلب الأحيان ان يقود هذا الصراع باعتباره القوة الرئيسية الممثلة للتيار الشيوعي في العراق.
لماذا لم تتغير مواقف الحزب وسياسته تجاه التحولات التي حصلت على الساحة السياسية في العراق؟ ولماذا لم يستلم السلطة رغم القاعدة الجماهيرية الكبيرة وحجم التأييد الشعبي الواسع في مراحل تاريخية معينة؟ وما هو السر في تحالفات الحزب المشبوهة والانتهازية مع البعثيين والقوميين ومن بعدهم الإسلاميين؟ ولماذا لم يستطع الحزب وكوادره من إفراز قيادات تعود بالحزب إلى المنهج الماركسي اللينيني؟ كل هذه التساؤلات بحاجة إلى إجابة حتى تصبح الصورة واضحة ومكتملة عن واقع الحزب في ذكرى تأسيسه السادسة والثمانين.
إن غياب النقد الموضوعي داخل أية حركة سياسية واحدة من الأسباب التي تجعل الجمود في التعاطي مع الأزمات والمشكلات التي تواجه هذه الحركة هو النتيجة الحتمية لسياسة الحزب وقدرته على التأثير، ورغم تحاور الحزب وتحالفاته في عدة فترات مع قوى مختلفة اختلافا جذريا عن توجهاته وسياساته، الا انه ابتعد عن النقد الحقيقي البناء بين أعضاءه وقياداته وتجمعاته حول مختلف القضايا، ونحن نشاهد اليوم الكثير من المنتمين للحزب معترضين على سياساته وعلاقاته، الا إن هذا الاعتراض لا يصل إلى القياديين في الحزب او لا يؤخذ به.
لا يمكن تفسير مواقف الحزب دون معرفة الدوافع الانتهازية للكثير من قياداته، وعملهم بالدرجة الأولى على مصالحهم الشخصية، وتحولهم لشخصيات ورموز بعيدة عن الانتقاد، وكل من يحاول أن يصحح، أو ينتقد سياسات الحزب أو تحالفاته، أو موقفه من قادة الحزب يتعرض للطرد كما حدث في المؤتمر الرابع للحزب في اربيل عام ١٩٨٥ حيث طرد ٢٠ شخصا من قيادات الحزب بسبب مواقفهم من سياسات الحزب.
وحول عدم تسلم الحزب للسلطة في فترات زمنية مهيأة للقيام بذلك، فأن تبعية الحزب العمياء للحزب الشيوعي السوفيتي وسياساته المبنية على المصالح مع القوى الرأسمالية في النظر إلى المنطقة ومنها العراق، جعل من الشيوعي العراقي أداة مطيعة بيد السلطة السوفيتية، دون أي موقف حقيقي من قبل كوادر الحزب وقادته، ما افقده فرصة تاريخية لاستلام السلطة، كذلك فأن مواقف الحزب التبعية والذيلية، تجاه ما حصل في العراق بعد احداث 2003 جعل منهم حلفاء لرجعية الإسلام السياسي وشركاؤه، وهو دليل على أن الحزب لا يفكر مطلقا باستلام أية سلطة، بل فقط المشاركة الانتهازية التي تضفي مشروعية على جرائم السرقة والقتل التي تتعرض لها الجماهير.
لم يستطع الشيوعي العراقي خصوصا ما بعد 2003 أن يكون حزبا اجتماعيا بسبب تخليه عن تبني قضايا العمال والكادحين والمعطلين عن العمل، رغم شعاراته التي تتغنى بذلك، فقد انفصل عن جماهير هذه الطبقة بشكل فعلي، وحتى النقابات والمنظمات التابعة له، دائما ما تكون في صف السلطة واستراتيجياتها في الخصخصة والتعامل مع صندوق النقد والبنك الدوليين، وهذه السياسة تكشف لنا فشل الشيوعي العراقي وابتعاده التام عن الشيوعية، بل ان الحزب قد تحول إلى حزب مجموعة من المثقفين المنعزلين عن المجتمع وهمومه.
لم يعد الشيوعي العراقي حزبا شيوعيا، بل انه منذ بداياته يعد حزبا إصلاحيا، يدعوا إلى تحسين ظروف الجماهير عن طريق ذات الأساليب التي تدعوا لها مختلف التيارات والأحزاب الليبرالية، وهذه الرؤية الإصلاحية أوقعت الحزب، بتناقضات صارخة وجعلته يفقد البوصلة وكيفية التعاطي مع الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
إن الغرق في القضايا المحلية وما يسميه الشيوعي العراقي بالوطنية مبتعدا عن تأثير القوى الرأسمالية العالمية وعملها في الهيمنة على البلدان، جعل تفسيراته تتماثل مع قوى إسلامية وقومية وليبرالية في الرؤية للمشكلات التي يعاني منها المجتمع العراقي، كالنظر الى مشاكل البلاد على انها الطائفية والقومية والعشائرية وغيرها من الأمراض التي ساهم الشيوعي العراقي في ترسيخها، باشتراكه ودفاعه عن هذه المنظومة بعد 2003، متناسيا ان القوى البرجوازية التي جاءت مع الاحتلال عملت على هذه المفاهيم وتعميقها ودعمها من اجل مزيد من السيطرة، ومحاولة تحويل الصراع من طبقي إلى صراع قومي أو طائفي أو ما شابه.
إن أعضاء وجماهير الشيوعي العراقي مدعوين لمراجعة نقدية موضوعية، يطرح عن طريقها أسئلة جوهرية وتجرى خلالها نقاشات جدية تتعلق بإخفاق الشيوعي العراقي بتمثيل الشيوعية والمنهج الماركسي الحقيقي، والتي كان من نتائجها تشكيل عائق حقيقي أمام تطور الحركة النضالية الثورية في العراق.



#جلال_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواقف الشيوعي العراقي وفق التفسير المادي لعلم النفس 
- حول مستقبل الانتفاضة
- مرحلة جديدة للانتفاضة
- مئة وخمسون عاما على ولادة لينين
- أنا وجدتي وكورونا
- مصير الانتفاضة بعد نهاية الحظر الوقائي
- الأيديولوجيا الرأسمالية بوصفها أداة للهيمنة


المزيد.....




- اصطدمت بسيارة أخرى وواجهته بلكمات.. شاهد ما فعلته سيدة للص س ...
- بوتين يوعز بإجراء تدريبات للقوات النووية
- لأول مرة.. دراجات وطنية من طراز Aurus ترافق موكب بوتين خلال ...
- شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية: العرب عموما ينتظرون من الرئي ...
- بطريرك موسكو وعموم روسيا يقيم صلاة شكر بمناسبة تنصيب بوتين
- الحكومة الروسية تقدم استقالتها للرئيس بوتين
- تايلاند.. اكتشاف ثعبان لم يسبق له مثيل
- روسيا.. عقدان من التحولات والنمو
- -حماس-: اقتحام معبر رفح جريمة تؤكد نية إسرائيل تعطيل جهود ال ...
- مراسلنا: مقتل 14 فلسطينيا باستهداف إسرائيلي لمنزلين بمنطقة ت ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جلال الصباغ - الشيوعي العراقي _ ستة وثمانون عاما على التأسيس