أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الهيموت عبدالسلام - فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال















المزيد.....

فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 12:59
المحور: المجتمع المدني
    


ليس غريبا في زمننا المغربي الرديء أن يتصدر المشهد السياسي كل هدا الجدل الكبير حول الحمار
،جدل كبير بين التوظيف المغرض والسياسوي كما حصل في المسيرة الأخيرة بالرباط التي نظمه
حزب الاستقلال وشارك فيها الاتحاد الاشتراكي وملحقاتهما وبين من تجند ملوحا باستعمال كل ما
يملك للدفاع عن الحمار وعدم استغلاله في المسيرات والتظاهرات والحملات الانتخابية.
المسيرة الأخيرة التي تقدمتها الحمير تعييرا و نكاية في رئيس الحكومة شكلت درجة الصفر في
النضال السياسي والخواء الفكري والانحطاط الأخلاقي.
ففي زمن تشتغل فيه الماكينة السلطوية لطمس الفكر والثقافة والفن والإبداع وحشر قامات
كبيرة في زاوية ضيقة أمثال عبدالله العروي والراحلين محمد عابد الجابري وعبدالكبير
الخطيبي والمهدي المنجرة ...وفسح المجال مشرعا لقيادات سياسية كارتونية لاتجيد سوى قاموس
السباب ومفردات قنوات الصرف الصحي وفنون التجييش وشراء الدمم وتنظيم الولائم والتمسح
بتلابيب السلطة.
نعم الحمار كائن صبور وخدوم ،قدم ولايزال خدمات جليلة للبشرية جمعاء طيلة العصر الوسيط
وخاصة في المجتمعات الزراعية ،كان وسيلة نقل وحارث للأرض وحامل للأثقال إنه بلغة أحد علماء
الاجتماع إنه بروليتاري الحيوانات ،لدلك نجد الحضارات الفرعونية والإغريقية تعلي من شأن هدا
الحيوان في رسوماتها ،وحظى برضى وعطف الآلهة أبولون وخوفو... على خلاف ثقافتنا العربية
الإسلامية التي كرست قيم تحقيرية لهدا الحيوان المكافح "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" و"مثل
الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله
والله لا يهدي القوم الظالمين".

ليست سابقة إدن أن يستعمل المغاربة كلمة حمار للتنابز والتحقير والتعيير والحط من مستوى الدكاء
الإنساني إلى غير دلك ودلك راجع أساسا لرواسب ثقافية واجتماعية متكلسة لا تقيم الاعتبار للإنسان
فبالأحرى للحيوان في شخص الحمار.
،لكن السابقة والغريب أن ندافع عن الحمار وأن نقيم له مهرجانا،وأن نخصص الجوائز للحمار أكثر
جمالا والأحسن رشاقة وقدا واعتدالا والأكثر سرعة في حين أن سباق الحمير تقتضي الركوب والوخز
وغيرها من أشكال التعنيف ،فإما الدفاع عن الحمار بمرجعية حقوقية كونية وشمولية وإما فلندع
الحمار وشأنه لأن هده العملية تجعلنا نستغله نحن كدلك بطريقتنا في الركوب والوخز فيما يسمى
سباق الحمير وبالتالي ندور في حلقة مفرغة كيف دلك لنر المسألة من زاوية أخرى ؟
كيف نطلب ممن يستعمل الحمار ألا يعنفه وألا يحتقره وألا يوخزه وهو نفسه أي الإنسان محتقر
ومهمش ومقصي؟
كيف ندافع عن الحمار ونطالب المجتمع بتصحيح تصوراته النمطية حول هدا الكائن الصبور والخدوم
والإنسان نفسه يعيش كل أشكال القهر والفقر والحكرة؟
ففي كتاب "سيكولوجية الإنسان المقهور ل"مصطفى حجازي" أن الحيوان والجماد هم آخر من يتم
تفريغ فيهم شحنات الغضب والقهر الدي يعانيه الإنسان في سلسلة هرمية نازلة تبتدىء من رجل
السلطة أو رب المعمل أو "السيد" إلى الأدنى منه عبر الأب الدي يقهر الأم التي بدورها تنفس عن
قهرها في أطفالها ثم الأطفال على الحيوانات والجماد، الحمار إدن الحلقة الأضعف في مسلسل القهر
هدا بحكم عيشه إلى جانب الإنسان فكيف إدن نفسر هده الحماسة الزائدة في الدفاع عن الحمار
ونسيان صاحب الحمار؟
أما فرانز فانون في كتابه "معذبو الأرض" الدي سبق له أن عمل مستشارا نفسيا لفرنسا
في الجزائر مرحلة استعمارها وانتهى إلى خلاصة عكس ما أرادته فرنسا وهي أن سبب جميع المعاناة
والاضطرابات النفسية التي يعيشها المواطن الجزائري هي الاستعمارالفرنسي وأن أحسن علاج نفسي
يمكن أن تقدمه فرنسا للشعب الجزائري هي خروجها من الجزائر .
القصد من ضرب هدين المثالين أنه يجب تغيير الأسباب وليس النتائج وإبراز أن الدفاع عن الحيوان
في مجتمع لازال الإنسان فيه مجرد رقم يستخدم في الحملات الانتخابية والاستفتاءات والإحصاءات
،مجتمع لم يعد خافيا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعيشها الإنسان المغربي فكيف
يطلب من حرم حق الولوج إلى المستشفى ومن لم يجد مقعدا في المدرسة ومن يعاني من بطالة
مزمنة وإجمالا من يعاني امتهان لكرامته بشكل يومي وخاصة في القرى النائية التي تعاني من العزلة
وانعدام المرافق الاجتماعية وتسلط السلطة والإقصاء والانغماس في الظواهر الاجتماعية الخطيرة
كيف يطلب من هؤلاء التعامل السوي واللبق والوديع وغير العنيف مع الحمار؟؟

صحيح أن الحزب الديمقراطي الأمريكي يتخد الحمار شعارا له ربما ليس تقديرا لخدماته ولكن تحديا
للرئيس الأمريكي "أندرو جاكسون" سنة 1828 الدي كان يخوض حملة انتخابية تحت شعار "لتكن
السيادة للشعب" فنعته خصومه بالحمار والشعبوية والسطحية فراقت "أندرسون" فكرة الحمار
واتخذه شعارا لحملته الانتخابية وهزم خصمه الجمهوري الدي يتخذ الفيل شعارا له، لكن اتخاد
الحزبين الديمقراطي والجمهوري للحمار والفيل شعارين لايعني أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد على
هادين الحيوانين بل هو اقتصاد يعتمد على الإنسان والتكنولوجيا الحديثة والمعرفة والبحث العلمي في
مناخ تسوده الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
الدفاع عن الحمار وباقي الحيوانات يليق بالمجتمعات الغربية والمتقدمة عموما أي المجتمعات التي
تضمن الكرامة البشرية والحدود الدنيا للحياة الكريمة من عمل لائق وتعليم وصحة وشغل قار وتقاعد
مريح ،وليس في مجتمعاتنا المتخلفة مجتمعات الفقر والتهميش والبطالة والتسلط ،يبدو لي أن
الأولوية يجب أن تعطى للإنسان وأنه أوتوماتيكيا كلما ارتفع وعي المواطن وتمتع بحقوقه كاملة فإنه
يتصالح مع نفسه ومع بني جلدته ومع محيطه العام بما فيها باقي الحيوانات.
لايستقيم الفهم أن القرية العريقة بني عمار والتي نشطت بها أعرق جمعية قروية والتي نظمت العديد
من الأنشطة الثقافية والفنية والتربوية الهادفة إلى التوعية والمعرفة والترفيه ،الجمعية التي
استقطبت إيقونات ورموز الفن والفكر والإبداع ،الجمعية التي طال إشعاعها إلى القرى والمدن
المجاورة وتشكلت بها جمعيات ثقافية استرشادا بهده الجمعية ،الجمعية التي شكلت لوحدها مدرسة
في التطوع والحوار ونكران الذات والعمل الجماعي والتماهي مع مشاكلها حد الانصهار ، الجمعية
التي شكلت طرازا خاصا يمكن اعتماده كمرجع في تاريخ العمل الجمعوي بالمغرب، إنها إدن
إنجازات معنوية كبيرة تلك التي راكمتها هده الجمعية لفائدة الساكنة ،فلا يستقيم أن جمعية بهده
العطاءات والتضحيات الجسام تتحول من مدافع عن الإنسان ومجاله إلى مدافع عن الحمار في هدة
القرية التي تتراكم فيها الأزبال وطريقها الرابطة بزرهون كلها محفرة وتتوقف عن ربط الساكنة
بمدينة زرهون ومكناس كلما سقط رداد خفيف من المطر،المركز الصحي شبه فارغ يضطر فيه
السكان للتنقل للحصول على خدمات بسيطة كالحقن وقياس الضغط وغيرها،عدم جودة الماء الصالح
للشرب وانقطاعه المستمر،حرمان الفتيات من متابعة الدراسة خارج القرية،ابتزاز أعضاء التعاونيات
وغيرها من المشاكل التي تعيشها القرية.
على سبيل الختم
* قد يقال أن مشاكل القرية من طرق وصحة وخدمات اجتماعية وهدر مدرسي تدخل في صلاحية
السلطات المحلية والمنتخبة ،هدا صحيح المسؤولية المباشرة تتحملها الدولة ولكن الجمعية تتحمل
مسؤوليتها أيضا في التعريف بهده المشاكل لدى الجهات المعنية والتحسيس بخطورتها خاصة مع
دستور 2011 الدي يعطي صلاحيات كبيرة للمجتمع المدني في تقديم العرائض والملتمسات والتشكي
والانتصاب كأطراف مدنية دفاعا وتحسيسا بمشاكل الأوساط التي تشتغل فيها هده الجمعيات .
**الحماسة التي ندافع بها عن الحمار ونرفض استغلاله لم لا نوظفها في الدفاع عن صاحب الحمار
ونكون بدلك قد ضربنا عصفورين بحجرة واحدة .
***مادا كسبنا لهده القرية إن ماديا ومعنويا مند اختزلت الجمعية في مهرجان الحمير وهده لعبة
إعلامية خطيرة ،أي أن ليس كل ما يتناوله الإعلام فهو بالضروري مفيد خاصة الإعلام الرسمي الدي
يتسابق على الظواهر الهامشية والغرائبية التي تزيد في صرف انتباه المجتمع عن المشاكل الحقيقية
****الحمار ليس هما للساكنة وليس أولوية لهده القرية التي ترزح تحت مشاكل عويصة يفترض في
أبنائها وبنائها العمل بروح التطوع ونكران الذات وطبعا ليس حلها نهائيا ولكن التخفيف من حدتها .



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ينتصر منطق حرب الكل ضد الكل
- الصحافة مهنة من لا مهنة له
- لشكر في -90 دقيقة للإقناع- ونهاية حزب عتيد
- حقيقة الصهيونية ومخاطر التطبيع
- رسالة مفتوحة من تازة إلى عبدالإله بن كيران حول أحداث تازة
- حتى لاننسى فنان الشعب المغربي أحمد السنوسي -باز-
- مهداة إلى حركة 20 فبراير
- لمحات حول الثقافة والمثقفين
- رد ومحاورة الصحافي عبد الكريم الأمراني
- ياسمينة بادو وزيرة الصحة في برنامج نقط على الحروف


المزيد.....




- اعتقال اثنين من ضباط حرس الدولة الأوكراني.. كييف تعلن إحباط ...
- العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة ...
- الأقليات والسياسة في بريطانيا.. تقدم محفوف بمخاوف
- الأونروا تحذر من استمرار توقف دخول المساعدات إلى غزة
- الأمم المتحدة: المساعدات محجوبة عن غزة والمخزون لا يكفي لأكث ...
- ذوي الأسرى الاسرائيليين يضغطون على نتنياهو للوصول الى إتفاق ...
- أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين بالقضارف شرقي السودان ...
- مطبخ تضامني في العاصمة السودانية الخرطوم لمساعدة السكان المه ...
- أمين الأمم المتحدة: غلق معبري رفح وكرم أبو سالم أمر مدمر للو ...
- يونيسف: الهجوم الإسرائيلي على رفح يعقد إيصال المساعدات لقطاع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الهيموت عبدالسلام - فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال