أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماعيل اخشيوش - الجانب المنطقي في كتاب رسالة منطقية فلسفية لفيتجنشتاين















المزيد.....

الجانب المنطقي في كتاب رسالة منطقية فلسفية لفيتجنشتاين


اسماعيل اخشيوش

الحوار المتمدن-العدد: 3389 - 2011 / 6 / 7 - 09:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


معنى المنطق :
يقر فيتجنشتين منذ مقدمة الكتاب أن منطق اللغة يساء فهمه ، و سوء فهم منطق لغتنا هو الذي أدى إلى وجود مشاكل فلسفية ، و لعل هذا السبب هو الذي أدى به إلى التفكير في حل هذه المشكلات الفلسفية ، مما جعله يربط المنطق بالفكر (- اللغة - . و في إطار تعريفه للمنطق لا يخرج عن ذلك المنحى الذي تبعه منذ البداية في تحديده للمفاهيم المركزية في الرسالة مثل مفهوم العالم ، القضية ، الرسم ... و هو اجتنابه لإعطاء معنى دقيق و محدد للمفهوم ، وهكذا ما نجد في تحديده للمنطق، فيستعمله أحينا بمعنى واسع و أحيانا أخرى يستعمله بمعنى محدود و ضيق . فالمنطق بالمعنى الواسع هو كل ما ينتج عن قواعد استخدام أي جهاز رمزي كيف ما كان ، أما المنطق بالمعنى الضيق نجده يحصره في قضايا تحصيل حاصل . و هذا الاستعمال للمنطق على أكثر من نحو ما جعله مشوبا بشيء من الغموض و الإبهام . و بالرغم من ذلك فالملاحظ أن كلا التعريفين للمنطق يتجهان نحو معنى واحد و شامل ، هو أن المنطق يتعلق بقواعد الجهاز الرمزي و لا يتعلق بالأشياء و الوقائع التي يتم التعبير عنها بواسطة الرموز ، لأن في البناء المنطقي لا يجوز أن يشار إلى معنى [ دلالة ] أي علامة واردة فيه، إذ لا بد أن يكون في مستطاعه إقامة البناء المنطقي دون ذكر معنى [ دلالة ] أي علامة فيه . و كل ما يطلب افتراضه مسبقا هو أن تحدد العلامة نطاق استخدام التعبيرات . كما أن القضايا المنطقية لا تكون منطقية إلا إذا توقفت على حساب الصفات المنطقية التي يتصف بها الرمز ، و القضايا المنطقية تتكون من قضايا منطقية أخرى بواسطة استخدام الرموز ، كتطبيق إجراءات معينة على القضية الأولية ، و القضايا التي تنتج عن القضايا الأولية بواسطة هذه الإجراءات هي تحصيلات حاصل . وبهذا يكون المنطق عند فيتجنشتين لا يخبرنا بأي شيء عن طبيعة الأشياء المادية ، وأن المنطق هو عبارة عن مجموعة من الرموز و العلامات الاتفاقية ، وهنا يختلف عن راسل الذي كان يعتقد أن المنطق يكشف عن بناء العالم الخارجي ، كما يوضح الأخطاء التي وقع فيها راسل أثناء صياغته لقواعد الجهاز الرمزي ، حيث أن راسل لم يقف عند حدود العلامة التي يستخدمها ، بل كان يتكلم عن الأشياء التي تعنيها تلك العلامات ، في حين أن فيتجنشتين يقتصر و يهتم فقط بالعلامات دون المعنى . وهذا الاهتمام بالعلامة دون المعنى هو الذي جعل منطقه منطقا صوريا يهتم بالبحث في صورة الفكر دون الارتباط بالواقع و مكوناته ، و بالتالي فإن ما يتميز به هذا المنطق من قواعد هو الأساس الذي يقوم عليه التفكير المتمثل في ترابط أجزاء القضية على نحو معين . و هذه القوانين لا يمكن أن تكون خاضعة لقوانين منطقية أخرى ، وما علينا أن نقوم به إزاء هذه القواعد إلا المصادرة بحقائقها ، كما نصادر بأي جهاز رمزي آخر . كما أننا ليس في حاجة إلى التجربة لإثبات القضايا المنطقية ، لأن المنطق سابق على كل تجربة، حيث يقول في هذا ، التجربة التي نحن إليها في حاجة لفهم المنطق ، ليس كذا أو كذا من الوقائع ، بل أن شيئا موجودا : لكن ذلك ليس تجربة . المنطق سابق على كل تجربة ... إنه سابق على الكيف ، ليس على لماذا . كما أنه مستقل بذاته وأولي و متعالي . وما يمكن استنتاجه من كل هذه الخصائص التي يتميز بها المنطق ، هو أن عمله يجب أن يرتكز على البحث في الصور المنطقية و في بنيتها و الرموز و القواعد .
و الجدير بالملاحظة في " الرسالة " هو أن الحديث عن المنطق لا ينفصل عن اللغة أو الفكر ، بمعنى أن علاقة اللغة بالمنطق أو الفكر هي علاقة وثيقة جدا و يتجلى ذلك من خلال العديد من العبارات مثلا :
الفكر هو الرسم المنطقي للوقائع .
إننا لا نستطيع التفكير في شيء ما تفكيرا غير منطقي ، و إلا كان علينا أن نفكر بطريقة غير منطقية .
... و القول بأن المنطق أولي ، يقوم على الحقيقة القائلة بأننا لا نستطيع أن نفكر بطريقة غير منطقية.
هذه العلاقة بين المنطق و اللغة – الفكر – هي فكرة أساسية في متن " الرسالة "، فالمنطق هو الذي يحدد طريقة ارتباط الأسماء بعضها ببعض على هذا النحو أو ذاك لتأتي في شكل قضايا التي تكون رسما للواقع ، سواء كان هذا الرسم صادقا أم كاذبا، و الواقع أن المنطق لم يقتصر على رسم حدود اللغة فقط و إنما كذلك حدود العالم ، فكما تدخل في تحديد طريقة تكوين القضايا اللغوية تدخل بنفس الطريقة في تكوين الوقائع الذرية المكونة للعالم . و القضايا المنطقية ليس لها موضوع معين تتحدث عنه ، لأنها لا تخبرنا بشيء ، إنها لا تقول شيئا ، بل ما تقوله هو الشيء نفسه ، لأن النظريات التي تجعل قضية المنطق ذات موضوع هي دائما خاطئة ، و على الرغم من أن قضايا المنطق تبدو أحيانا قضية العلم الطبيعي – لها موضوع – إلا أنها ليست بالقضية العلمية التي يمكن أن تكون صادقة أو كاذبة ، و بهذا تكون قضايا المنطق تحصيل حاصل ، وظيفتها تكمن في وصف هيكل العالم، أو بمعنى آخر تمثله ، و لا تقول شيئا عن الواقع ، و لهذا فهي – القضايا المنطقية – تحليلية تقوم فقط بتوضيح ما جاء في الموضوع ، دون أن تضيف شيئا جديدا ، فالقول مثلا " السماء تمطر أو لا تمطر" فهي قضية تحصيل حاصل – قضية منطقية - لا تخبر بشيء عن حالة الطقس . وقضايا المنطق كلها من هذا النوع - تحصيل حاصل - تشير إلى الصفات الصورية - المنطقية – للغة و العالم .و القضايا المنطقية قضايا صادقة صدقا مطلقا و غير مشروط ، مادامت قضايا تحصيلية ، فهذه الأخيرة تصدق في جميع إمكانات الصدق ، ويمكن وإدراك صدق القضايا المنطقية من مجرد الرمز وحده ، على عكس القضايا اللامنطقية (les proposition non logiques) التي لا يمكن التعرف على صدقها أو كذبها من مجرد التعرف على القضايا وحدها ، ومن ثم فإن القضايا المنطقية لا يمكن أن تثبت بالتجربة ما دامت لا تقول شيئا و لا تمثل الواقع ، كما أنه لا يمكن البرهنة عليها ، لكون كل قضية في المنطق برهانا على نفس ، كما ترد على شكل قياس شرطي ، بمجرد ما يثبت الأول يثبت الثاني حيث يقول في هذا :
…Chaque proposition de la logique est un modus ponens figuré en signes. (et la modus ponens ne peut être exprimé par une proposition .)
وحاصل الكلام إذا كان المنطق في الرسالة عبارة عن قضايا تحصيلية (تحليلية ) لكونها لا تضيف شيئا جديدا إلى معرفتنا ،لأن هدفها هو توضيح اللغة وإزالة كل ما يكتنفها من غموض و لبس ، حتى تكون قادرة على أن تعبر إلا على ما يوافق المنطق و لا يتناقض معه، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن المنطق يقوم على إبراز العلاقة التي تربط الأشياء فيما بينها ، ما دام أنه سابق على إمكان ترابطها في الواقعة الذرية ، وإن كانت الأشياء سابقة عليه في الوجود ، " فالمنطق سابق على السؤال كيف ، و ليس سابقا عل لسؤال ماذا . و لهذا فالمنطق بالنسبة إليه ليس نسقا عقائديا يقوم بتفسير ظواهر الحياة و مشكل الوجود ، بقدر ما هو صورة للعالم ، و بالتالي فهو الذي يضع حدودا للغة – الفكر – كما يضع أيضا حدودا للعالم ، فالمنطق يملأ العالم و حدود العالم هي أيضا حدوده . و من ثم يمكن القول أن المنطق هو القنطرة التي مر منها فيتجنشتين من العالم إلى الفكر . و الفكر لا يكون إلا في الموضوعات الممكنة، التي تستطيع أن نعبر عنها في اللغة ، و ما يمكن التفكير فيه هو ممكن الوجود ، أما ما لا يمكن التفكير فيه فهو مستحيل ، حيث لا يمكننا أن نقول ما لا يمكن التفكير فيه ، وما لا يمكن التفكير فيه يكون بطبيعة الحال غير منطقي ، و ما هو منطقي هو ما يكون قابلا للتفكير فيه . و بتحديد ما يمكن التفكير فيه ، و ما لا يمكن التفكير فيه ، يكون فيتجنشتين يضع حدا للتفكير ، و الذي كان هو بيت القصيد من الرسالة، ومعنى إقامة حد للتفكير ، ليس بمعنى وضع حد للتفكير نفسه ، لأن هذا قد يبدو مستحيلا ، و إنما المقصود بالدرجة الأولى هو إقامة حد على العبارات اللغوية، وبمعنى أوسع على اللغة التي يصب فيها التفكير . و المنطق لا يكمن أن يقع خارج حدود العالم ، حتى يكون قادرا على تحديد أو إدراك ما يوجد ما يوجد خارج العالم و داخله ، لأن في ذلك تجاوز لحدود الاستعمال المشروع للغة ، التي تمثل وقائع العالم ، و التي لا يمكنها أن تمثل العالم ككل ، وإنما العالم الذي تمثله هو العالم باعتباره مجموعة من الوقائع ، كما عبر عن ذلك راسل في مقدمة الرسالة بقوله لأن العالم يمكن أن يكون محددا بالنسبة إلى لكائن أعلى مفارق يمكن أن يشرف عليه من الخارج، أما بالنسبة لنا فهو لا يمكن أن يكون له حد ، مهما بدا متناهيا طالما لم يكن هناك شيء خارجه ، و يمثل فيتجنشتين لهذا بمجال الرؤية ، فهذا الأخير بالنسبة إلينا ليس له حدود بصرية ، و ذلك لأن ليس هناك شيء خارجه ، وهو نفس الحال بالنسبة لعالمنا المنطقي ، ليس له حدود لأن منطقنا ليس له حدود لآن منطقا لا يعرف شيئا عنه .
وهذا كله ما أدى بصاحب الرسالة إلى تلك النتيجة العجيبة - على حد تعبير راسل - إلى القول "بالأنا وحدية " " solipsisme " و التي تعني أنا وحدي في هذا العالم ، أو أنا هو عالمي . ليصبح معنى العالم ضيق جدا يقتصر فقط على ما تدركه " الأنا " ، و ما يكون بالإمكان التعبير عنه باللغة ، و يوازي ضيق معنى العالم ضيق مفهوم اللغة ذات المعنى ، لتصبح مقصورة على ما تقوله الأنا من قضايا تعبر عما يقع في خبراتها ، ليصبح حدود اللغة هي أيضا حدود العالم، و هذا يبدو واضحا في قوله : " معنى العالم هو عالمي يتبدى في الحقيقة القائلة : بأن حدود اللغة (اللغة التي أفهمها ) تعني حدود عالمي " لتكون بذلك الذات أو الأنا العارفة هي التي تضع حدا للعالم ، و إن كانت هذه الأنا لا تنتسب إلى العالم و لا تنتمي إليه . و الأنا وحدية تصبح عبارة عن نقطة التي لا امتداد لها ، فالأنا التي ترد في الفلسفة من خلال الحقيقة التي تجعل " العالم عالمي " و الأنا الفلسفية ليست هي الإنسان ، و لا الجسم الإنساني أو الروح الإنسانية التي يتناولها علم النفس ، إنما هي ذات ميتافيزيقيا ، إنها حد للعالم لا جزء منه.
فالقول بالأنا وحدية كان نتيجة لفكرته عن القضية من حيث هي رسم يصور الواقع الخارجي ، مادام أن الوجود الخارجي يقارن بالقضايا ، و يصرح فيتجنشتين بأن ما تقوله أو تعنيه الأنا وحدية هو أن ما لا يمكن التعبير عنه إنما هو يتبدى لنا فقط ، والأنا وحدية هو ذلك الاعتقاد القائل ، بأني وحدي موجود و على ذلك فكل ما أعرفه أو أدركه هو ما يوجد أيضا بالإضافة إلى وجودي ولذا فالأنا وحدية هي تلك النظرة القائلة بأنني لا أستطيع أن أعرف شيئا على أنه موجود باستثناء ما يقع في خبرتي أنا .
و الملاحظ أن فيتجنشتين بالرغم من حرصه الشديد في تأليفه للرسالة على أساس منطقي محض ، مستلهما الموقف التجريبي في تصوره للمعرفة ، و تأثره بالنزعة الفيزيائية التي لا تعترف إلا بالظواهر ، فإنه قد انقاد إلى نتيجة حتمية دون وعي منه ، خاصة في الفقرات الأخيرة من رسالته إلى نزعة ميتافيزيقية واضحة ، و التي تظهر في مواضع متعددة من الرسالة ، و التي تظهر بوضوح في قوله " أنا هو عالمي " فالأنا تكون هنا منغمرة في الموضوع و هذا ما يفصح عن شعور الذات بالتعالي لأنها ذات ميتافيزيقية ، إنها حد للعالم لا جزء منه ، كما أن الذات توجد بجانب العالم ، و بالتالي فإن الذات العارفة تحدد موضوع المعرفة وهو ما يقع في حدود الخبرة الذاتية . وإذا كانت الذات تدرك فقط ما يوجد في حدود خبرتها ، فهل هذا يعني أن ما لا يوجد في مجال خبراتها و ما لا تستطيع اللغة التعبير عنه غير موجود ؟
إن كانت مهمة اللغة هي تمثيل الوقائع ، فإنها في الرسالة لا تستطيع التعبير عن الحقائق الأصلية للأشياء ، لأن المنطق يأتي بعد وجود الأشياء و ليس قبلها ، بمعنى أن المنطق ليس سابقا على السؤال لماذا ، و بالتالي فإن المنطق لا يمكن أن يعرف شيئا عن جوهر العالم، عن جوهر الأشياء ، أي لا يعرف شيئا عن الشيء في ذاته بتعبير كانط . فكل من المنطق و الفكر و حتى اللغة لا يمكن أن يتناولوا الشيء في ذاته ، فالأول يحدد فقط العلاقة التمثيلية بين اللغة و الواقع ، و الثاني لا يمكن أن يتناوله لأنه مجرد رسم منطقي للوقائع ، و اللغة هي بدورها لا يمكن أن تمثله في طيات ألفاظها و حدودها ، فكل ما تستطيع القضايا أن تقوله هو كيف تتشكل الأشياء لا ماهيتها ، وما لا يمكن قوله أو تمثيله فيتم التعرف عليه عن طريق المشاهدة و الكشف ، وهذا يعني الخروج عن حدود اللغة ، و هو المجال الذي لا تستطيع اللغة أن تعكسه ، و إنما هو ما يكتفي بالإشارة إليه ، كما أن الفكر لا يمكن أن يكون له رسما محددا ، كما هو الأمر بالنسبة إلى القضايا الأخلاقية التي يصنفها فيتجنشتين في المجال الصوفي الذي يكتفي بالإشارة إليه ، ولا يمكن التعبير عنه، و بالرغم من ذلك فهو يعتبر أن القضايا الأخلاقية يمكن نقلها و الدفاع عنها ، وإن كانت لا معنى لها ، إلا أنها لها أهمية.
تبدو صلة فيتجنشتين بكانط من خلال الرسالة واضحة في العديد من المواقف ، فكانط في إطار تأسيسه للمعرفة استخدم فكرة النقد ، إلى درجة نعتت فلسفته بالفلسفة النقدية ، كذلك نجد فلسفة فيتجنشتين-خاصة فلسفته الأولى- قامت على نقد اللغة . و في إطار تناوله لعلاقة القضايا الأولية بالوقائع الذرية ، حيث لا يمكن تصور قضايا أولية بدون وقائع ذرية و لا وقائع ذرية بدون قضايا أولية ، نجد عند كانط موقفا مماثلا حيث يعتبر الحدوس الحسية وحدها عمياء و التصورات فارغة ، بمعنى أن الحدوس الحسية بدون تصورات تصبح عمياء ، و التصورات بدون حدوس حسية تظل جوفاء ، و من ثم فإن المعرفة هي تظافر العقل و الحس ، و بالتالي يمكن القول أن اللغة مع كانط لا تعبر إلا عن ظواهر الأشياء لا عن الأشياء في ذاتها . وما عبر عنه فيتجنشتين بما يمكن قوله وما يكتفي بالإشارة إليه، هو ما نجده عند كانط في إطار تمييزه بين عالم الظواهر (phénomène) و عالم النومين (Noméne) ، أي الأشياء في ذاتها . و معنى النقد الذي اعتمده كانط في تأسيسه للمعرفة هو نقد سلطة العقل ، وهذا ما جعله يهاجم الميتافيزيقا ، لأنها تدعي إدراك موضوعات خارج عن التجربة . ومن هنا جاء تمييز كانت بين ما هو ترنسندنتالي (transcendental) و ما هو ترنسندنت (transcendent) . فالترنسندنتالي هو ما يكون بإمكان التجربة و في حدودها ، أي ما هو ممكن . أما الترنسندنت ، فهو الذي يقع خارج كل تجربة ممكنة ، و هو بالتالي ما لا يمكن أن يعرف أبدا عن طريق الفكر أو العقل ، فهو المجاوز للتجربة و الذي يخرج عن حدودها فنحن لا نستطيع أن نتصور الأشياء في ذاتها لا كما ندرك الظاهرات ، ونستطيع أن نلمح من بعيد عالما معقولا ، وهو مخالف للعالم المحسوس ، تمام المخالفة .و بعد أن أقم كانط الأسس التي يمكن أن تقوم عليها المعرفة ، قام بمحاولة تأسيس الإيمان بالأشياء في ذاتها .
وفيتجنشتين يقرر في الفقرات الأخيرة من الرسالة " أن معنى العالم خارج عن العالم، ولو كانت هناك قيمة لكان عليها أن تقوم خارج نطاق جميع الأحداث والوقائع، لأن الأحداث والوقائع جميعا عرضية، وتبعا لذلك فإن علم الأخلاق، وعلم الجمال لا يقبلان التعبير، مثلهما في ذلك كمثل علم ما بعد الطبيعة، وكل محاولة من أجل النطق بشيء ذي معنى عن الأخلاق ، أو الجمال أو الميتافيزيقا، لا بد من أن تبوء بالفشل".
ومنشأ الميتافيزيقا، ناتج عن رغبة الناس في الامتداد باللغة، للتعبير عن عواطفهم، وانفعالاتهم، إلى ما وراء حدودها المشروعة، وهي كونها لا تعدو قضايا نطلقها على أشياء ، أو أحداث تتجاوز حدود العالم ، وكل "ما لا يستطيع الإنسان التعبير عنه، ينبغي له أن يصمت عنه" .



#اسماعيل_اخشيوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماعيل اخشيوش - الجانب المنطقي في كتاب رسالة منطقية فلسفية لفيتجنشتاين