أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - انطوان ع. نصرالله - ريــاض الـتـــرك فـي الاعــــلام الـســــوري















المزيد.....

ريــاض الـتـــرك فـي الاعــــلام الـســــوري


انطوان ع. نصرالله

الحوار المتمدن-العدد: 194 - 2002 / 7 / 19 - 00:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مـحـمـد عـلـي الاتـاسـي

لـيــكـن تـحـــت شـــمــس الـوطــن لا فــي غـيــــاهـــب ســـــجـــونـــه

ريــاض الـتـــرك فـي الاعــــلام الـســــوري

 

بعد جلسات عدة مُنع الصحافيون والمواطنون من حضورها، أصدرت محكمة أمن الدولة السورية بتاريخ 26/6/2002 حكمها غير القابل للطعن على المعارض السوري رياض الترك بالسجن سنتين ونصف سنة بعد ادانته بتهم منها "جناية الاعتداء الذي يستهدف تغيير دستور الدولة بطرق غير شرعية"، وتم حجره وتجريده من حقوقه المدنية لمدة سبع سنوات تبدأ من تاريخ الافراج عنه. وكان رياض الترك قد التزم الصمت منذ الجلسة الثانية لمحاكمته احتجاجاً على منع حضور الصحافيين والديبلوماسيين والاهالي جلسات المحكمة. ثم عاد وأكد موقفه هذا في جلسة لاحقة: "إن موقفي السابق بالصمت ما زال صحيحاً، لكنه يحتاج الى توضيح، هذا التوضيح يتلخص في ان هناك فتنة يراد لها ان تشتعل وتتسع وانا في موقفي هذا أكون قد ساهمت مع أبناء وطني العقلاء في أن تخمد هذه الفتنة". وعندما سأله القاضي فايز النوري توضيح ما قصده بـ"الفتنة"، اجاب الترك: "إني أوجه كلامي الى السلطة فقط. إن في فمي ماء وهل ينطق من في فمه ماء؟".

لم ينطق من في فمه ماء، وتسامى مرة اخرى على جروحه ولم يصبّ الزيت على النار في هذه اللحظة الحرجة. لكن صمته هذا لم يكن ضعفاً ولا خوفاً ولا تراجعاً عن أقواله كما حاول البعض ان يصوّر ذلك. أوليس هو القائل في مقابلة أجريناها معه في حياة الرئيس الراحل حافظ الاسد ونشرتها صحيفة "الحياة" بتاريخ 17/1/:2000 "لم يبق للمجتمع الا الصمت ليعبّر من خلاله عن وجوده وعن رفضه للوضع القائم. اذاً، الصمت هنا موقف، لكن هذا الصمت لا يمكنه ان يدوم الى ما لا نهاية. ولا بد للمجتمع بقواه الحية من ان يفرز تعبيرات جديدة تنتمي الى عالم البيانات والمواقف العلنية والفعل".

فضّل رياض الترك الصمت تسجيلاً لموقف، لكونه ادرك انه في غياب الصحافة والمواطنين عن مجريات المحاكمة فإن لا شيء يستطيع ان يضمن له وصول كلامه بدون تحريف او رقابة الى خارج جدران المحكمة، وخصوصاً ان الوكالة السورية للانباء (سانا) التي استثني مراسلها من قرار المنع، صارت المصدر الاعلامي الوحيد المخوّل نقل وقائع الجلسات من الداخل. يضاف اليها المحامون الذين وجدوا انفسهم منذ بداية المحاكمة عرضة لضغوط شتى بدءاً من اعتقال محامي رياض الترك الاول حبيب عيسى، مروراً بتوقيع عقوبات نقابية على ثلاثة منهم وانتهاء بمنع المحامي أنور البني من دخول مبنى المحكمة. وأدى هذا الامر الى الحد من قدرتهم على التكلم بحرية، وحتى إن هم فعلوا فإن مراسلي الصحف ووكالات الانباء العربية والاجنبية، وجلهم من الصحافيين السوريين، اصبحوا بدورهم يجدون صعوبة في نقل تصريحات المحامين خوفاً من عدم تجديد بطاقاتهم الصحافية التي تمنحهم اياها وزارة الاعلام والتي تمكنهم من ممارسة مهنتهم، كما حدث اخيراً مع مدير مكتب وكالة الانباء الفرنسية في دمشق، الصحافي الفرنسي من اصل لبناني ماهر شميطلي.

في هذه الاجواء فضّل رياض الترك الصمت. لكن حتى الصمت لم يشفع له لدى وكالة الانباء السورية. ففي اليوم التالي لصدور الحكم نشرت الصحف السورية على صفحاتها الاولى خبراً لوكالة "سانا" جاء فيه الآتي: "أصدرت محكمة أمن الدولة العليا قرارها امس في قضية المتهم رياض الترك فدانته بالجرائم المنسوبة اليه في قرار الاتهام وعقوبتها 5 سنوات. الا ان المحكمة منحته الاسباب المخففة التقديرية لكونه اعترف بما نسب اليه وصرح في شكل علني امام المحكمة انه قال كلاماً قاسياً وانه لا يريد ان يكون رأس فتنة ولا يريد ان يصبّ الزيت على النار حيث ان هذا البلد محاصر من الولايات المتحدة واسرائيل ونتيجة لذلك منح الاسباب التخفيفية التقديرية وتم تنزيل عقوبته من 5 سنوات الى سنتين ونصف السنة".

اذاً، وبحسب وكالة "سانا"، فإن رياض الترك اعترف بما نسب اليه، بل ان مصدراً قضائياً ذهب الى أبعد من ذلك وصرح لجريدة "الحياة" ان الحكم خفض على الترك "لاعترافه بأقواله وتراجعه عنها".

لكن هل اعترف رياض الترك بأقواله، وهل تراجع عنها، مثلما حاولت المصادر القضائية و"سانا" ان تصوّر الامر؟

لا شيء من هذا، ولنقرأ على لسان رياض الترك ما قاله في احدى الجلسات، واورده محاميه خليل معتوق في البيان الذي اصدره تصحيحاً لخبر "سانا" المشوّه. يقول الترك: "إن القول الذي ورد في قرار الاتهام وفي مطالبة النيابة العامة بأني ايضاً اعترفت، هذا التعبير غير دقيق. الدقيق ان ما جاء في الوثائق التي وقّعتها وفي التحقيق امام النيابة لم يكن اعترافاً وانما الحقيقة، وان المقال والمحاضرة والحديثين الصحافيين والمداخلة على "الجزيرة"، هذا الكلام أقر به وأعتبره كدفاع يقدَّم امام محكمتكم ولا اريد ان اتنصل من اي كلمة او جملة، وأتحمل المسؤولية ولا اطلب الرحمة. اطلب الحكمة والوصول الى الحقيقة".

اما قول وكالة "سانا" إن رياض الترك "صرح في شكل علني امام المحكمة إنه قال كلاماً قاسياً، فإن هذا التعبير جاء في الحقيقة في اطار اعتراض الترك على كيفية صوغ قرار الاتهام الذي وجهته النيابة العامة. واليكم السياق الذي جاء فيه كلام رياض الترك، ودائماً بحسب محاميه خليل معتوق: "أنا لا أنكر انه قد صدر عني كلام قاس، واذا سلّمنا جدلاً أنه موضوع ادانة، فإن المحاسبة عليه لا يمكن ان تصل الى حد الجناية، بل يدخل في باب القدح والذم".

اذاً، رياض الترك لم يتراجع عن اقواله، كما أنه لم يعترف بشيء كان يخفيه اصلاً، فكل الاقوال التي حوكم من اجلها هي مجموعة من المقالات والمقابلات الصحافية والمحاضرات العلنية التي كان سبق له ان وقّعها باسمه الصريح، وهو لم يفعل شيئاً بعد توقيفه سوى الاقرار بها والتأكيد انها دفاعه الوحيد امام المحكمة قبل إلتزامه الصمت كموقف وكمبدأ، ما لم تتوافر شروط العلنية في محاكمته. وحتى لا نُتهم بالتحامل على الصحف الرسمية وعلى وكالة الانباء السورية (سانا)، التي اعتبر البعض ان نشرها وقائع المحاكمة ولو مجتزأة، هو بمثابة تقدم وانفتاح اعلامي اذا ما قيس بالماضي القريب وسياساته الاعلامية القائمة على التجاهل والكتمان ودفن الرأس في الرمال، فإننا سنكتفي بإعطاء مثال آخر على هذا "الانفتاح الاعلامي" الجديد. فقبل صدور الحكم في قضية رياض الترك بأيام معدودة، أصدر البرلمان الاوروبي بياناً عنونه بالآتي: "حقوق الفرد: حالة رياض الترك"، جاء فيه وعلى امتداد صفحتين: دعوة الحكومة السورية الى التزام المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والاعراب عن قلق النواب الاوروبيين على مصير رياض الترك في وجه خاص والطلب من السلطات اطلاق سراحه الفوري والافراج عن زملائه التسعة المتبقين وفي مقدمهم النائبان رياض سيف ومأمون الحمصي، ودعا النواب المفوضية الاوروبية الى تكثيف الحوار مع السلطات السورية بقصد عقد اتفاق الشراكة الاوروبية المتوسطية مع ضرورة التدخل لديها بغية اطلاق سراح رياض الترك.

حيال هذا البيان كان يمكن وكالة الانباء السورية ان تتبع سياساتها السابقة وتتجاهله بالكامل، بيد ان الوكالة وفي ظل سياستها الاعلامية الجديدة، فضلت التعامل مع البيان في شكل انتقائي، فلم يقرأ مراسلها في بروكسيل من مقدمة البيان ومطالبه العشرة، وأغلبها يتعلق بحالة رياض الترك، سوى بندين اثنين يؤكدان في شكل محق دور سوريا المركزي في المنطقة ويعربان عن تعاطف النواب الاوروبيين مع ضحايا سد زيزون. اما خبر وكالة "سانا" الذي نشرته صحيفة "تشرين" على صدر صفحتها الاولى بتاريخ 26/6/2002 وهو اليوم نفسه الذي صدر فيه الحكم على رياض الترك، فقد جاء على الشكل الآتي: "بروكسيل: اصدر البرلمان الاوروبي بياناً يؤكد فيه الاهمية السياسية لدور سوريا في تحقيق السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة واشار البرلمان الى كارثة سد زيزون في شمال سوريا، وقدم التعازي لأسر الضحايا والشعب السوري، داعياً المفوضية الاوروبية الى تقديم مساعدة عاجلة للمتضررين جراء هذه الكارثة". وحين نعلم ان جزاء الصحافي السوري الذي اشار قبل فترة طويلة من انهيار السد الى مشاكل حقيقية في بنيته وطريقة تشغيله، كان منعه من الكتابة، يحق لنا ان نقلق من وقوع كوارث فردية او جماعية اخرى على المستوى السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي. لا لشيء سوى ان العقلية القديمة في العمل وادارة شؤون البلاد  لا تزال تجد صعوبة في اصلاح نفسها وتغيير اسلوبها. واحدى هذه الكوارث الممكنة الحدوث على مستوى المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي، هو ان يصاب رياض الترك ابن الـ72 عاماً بمكروه وهو ينتظر في سجنه قراراً بالعفو قد يتأخر في الصدور.

ترى، هل نأتي بجديد اذا قلنا ان سوريا اليوم هي في أمس الحاجة الى رجال من امثال رياض الترك، قادرين على التسامي عن جروح الماضي والعمل من اجل ان يكون للجميع مكان تحت شمس هذا الوطن، لا في غياهب سجونه؟


--------------------------------------------------------------------------------

الـحـــــــريـــة لـــه

لم اسمع من قبل بسجين سياسي اسمه رياض الترك ولكني كنت اعرف ان السجون العربية مليئة برجال لا اعرف اسماءهم، جريمتهم الوحيدة انهم يخالفون رأي الطغمة الحاكمة. سجناء ينادون بالحرية لشعوبهم ويعملون في سبيل قيام ديموقراطية حقيقية فلا تعود كلمة جوفاء تستعمل في اجتماعات الطاعة والخضوع، بل طريقة حكم والسبيل الوحيد لخروج العرب من تخلفهم وتشتتهم.

لم اقرأ لرياض الترك او عنه الا القليل، وفي مناسبات متفرقة، لكني اعترف اليوم بأني لم ادرك اهمية الرجل الا عندما صدمتني الارقام، والارقام تمثل دائما الواقع خير تمثيل.

17 سنة في معتقل انفرادي من دون محاكمة، ورغم ذلك لم ييأس ولم يتعب ولم يستسلم: هذه المسّلمات الثلاث قادته الى سجن جديد يختلف في الشكل فقط عن الاعتقال الاول كونه ارتكز على حكم صادر عن محكمة امن الدولة في دمشق بسجنه سنتين ونصف سنة. اي ان الرجل، وبلغة الارقام ايضا، سيمضي الجزء الاكبر من حياته في السجون، وجريمته الوحيدة شوقه للحرية.

في ذاكرتي عن رياض الترك صورة له نشرها "الملحق" في عدده ما قبل الاخير (30/6/2002) تحمل الكثير من الغموض، على عكس الوضوح الذي جسده الرجل في حياته. فالصورة لا تعبّر عن حالة واحدة يمر بها صاحبها، فكأنه من خلالها يبكي ويبتسم ويفكر ويهم بالكلام. عيناه تنظران الى الافق البعيد وتركّزان على شيء حاضر امامه. صورة تعكس التناقضات في حياة سجين انتصر على سجّانه، باعثا حوله مساحة من الحرية تفوق الحرية المسموح ان يتمتع بها معظم الشعوب العربية .

 

An-Nahar Newspaper



#انطوان_ع._نصرالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اكتشاف ثعبان ضخم من عصور ما قبل التاريخ في الهند
- رجل يواجه بجسده سرب نحل شرس في الشارع لحماية طفلته.. شاهد ما ...
- بلينكن يصل إلى السعودية في سابع جولة شرق أوسطية منذ بدء الحر ...
- تحذير عاجل من الأرصاد السعودية بخصوص طقس اليوم
- ساويرس يتبع ماسك في التعليق على فيديو وزير خارجية الإمارات ح ...
- القوات الروسية تجلي أول دبابة -أبرامز- اغتنمتها في دونيتسك ( ...
- ترامب وديسانتيس يعقدان لقاء وديا في فلوريدا
- زفاف أسطوري.. ملياردير هندي يتزوج عارضة أزياء شهيرة في أحضا ...
- سيجورنيه: تقدم في المحادثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- تواصل الحركة الاحتجاجية بالجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - انطوان ع. نصرالله - ريــاض الـتـــرك فـي الاعــــلام الـســــوري