أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نبيل طاهر - حالة الإرتياب عند المسلم















المزيد.....

حالة الإرتياب عند المسلم


نبيل طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 23:17
المحور: كتابات ساخرة
    


أنا ياصديقتي متعب بعروبتي ***** فهل العروبةُ لعنةُ وعقابُ (نزار قباني)

قرأت قصة في جريدة المصريون عن سيدة مصرية أشعلت سيجارة في مطار القاهرة فرآها أحد الملتحين وقال: "إن شاء الله تكون آخر سيجارة في حياتك". وقبل أن تقلع الطائرة أظطر الكابتن الى تأجيل الإقلاع لإن أحد الركاب مصابا بالذعر ويطلب النزول من الطائرة. وعند التحقق من الحادث وجدوا أن السيدة كانت مذعورة من دعوة الرجل فخافت أن يحقق الله دعوته خصوصاً أنه صائم. القصة ذكرتني بالحالة النفسية للمسلم والتي تعيش دائماً في جوٍ من الإرتياب والترقب والخوف. تلك النفسية التي تتفتح طفولتها على ملائكة غِلاظ شِداد يراقبون كل صغيرة وكبيرة يقوم بها المسلم وإلاه عفريت متكبر جبار يفقئ العيون ويضرب بسلاسل من حديد ويشوي الجلود بالنار.

إن تلقي المسلم لذلك الكم الهائل من الوعيد بالانتقام وبالإحباط في الدنيا والتهديد وبعذاب القبر وبجهنم الآخرة إن هو خالف أمر الله يخلق منه إنساناً غير متزن يشعر بأنه مستهدف من الآخرين ويترقبهم, خصوصاً اولئك الذين يختلفون عنه. والمسلم أيضاً يعيش طوال حياته مقتنعاً أنه مراقب من عفريتين او ملكين يجلسان على كتيفيه, احدهما يكتب حسناته والآخر يكتب سيئاته وهذا الاعتقاد بحد ذاته كفيل بأن يولد حالة الارتياب المزمن.

وقبل عام تقريبا حدثت لي مع قريبتي المتدينة قصة ذكرتني بتلك الحالة النفسية للمسلم والمسلمة. والقصة هي أن ابنتي أشترت لنفسها حذاءً وحين عادت إلى البيت صرخت وندمت ندماً شديداً لإنها اكتشفت أن الحذاء صُنع في دولة إسرائيل. وبما أن الحذاء كان جميلاً وبسعرٍ معقول فقد أقنعت نفسها وقررت الاحتفاظ به رغم انه من صناعة دولة اليهود المغضوب عليهم حسب إعتقاد قريبتي. وفي اليوم التالي ذهبنا إلى مدينة الألعاب القريبة وقبل أن نركب إحدى الألعاب (Roller Coaster) قررت قريبتي, خلافاً عن كل العالم, أن تخلع الحذاء حيث أن ثقافة خلع الحذاء هي أيضاً سِمة خاصة بالمسلم مستوحاة من التراث الصلعماوي. وعندما بدأت "اللعبة" بالحركات السريعة وقع الحذاء تحت الماكينة المحركة للعبة فاضطر المشرفون إلى توقيف اللعبة واستدعاء الميكانيكيين واستمرت المسرحية حوالي نصف ساعة كانت قريبتي المحجبة البطلة الرئيسية فيها. المهم أنه بعد طول الانتظار وبعد أن استعدنا حذاء قريبتي فاجأتني بالتعليق بأن الجزمة الإسرائيلية كانت سبب المشكلة فقد عاقبها الله على فعلتها ثم بدأت تلعن اليهود وتدعو عليهم. عندها تذكرت حكاية الطلاب العرب الذين درستُ معهم في إحدى دول الكفار. فقد كان معظمهم يضيعون اوقاتهم في طلب الجنس والكحول ليعوضوا ما حٌرموا منه في مجتمعاتهم وعندما يفشلون في الامتحانات يتهمون المدرس باليهودية وبكراهية العرب حتى لو كان المدرس لايمت لليهودية بأي صلة بل حتى لو كان متعاطفا مع "القضية العربية" . وكانت عبارة “يهودي يازلمة, بيكره العرب" التي يتفوه بها الطالب العربي حالما يخرج راسباً من قاعة الامتحان مألوفة جداً. حتى أن قصة "المدرس اليهودي" أصبحت نكتة نستخدمها في وصف كل من لم يلبي لنا طلباً مهما كانت عدم شرعية ذلك الطلب. فكنا نطلقها على المدرس وعلى الشرطي وعلى سائق الباص وعلى صاحب الشقة وحتى على بعضنا البعض.

ومن علامات الارتياب أن "المريض" يفسر الأحداث بطريقة "مؤامراتية" ويتشكك بأن الآخرين يحيكون المؤامرات لينالوا منه وهذا بالضبط ما يشعر به العرب والمسلمون كمجتمعات وكأفراد. وما عليك إلا إن تتصفح الشبكة المباركة وستجد كيف يصرخ المسلمون ويمزقون قمصانهم متباكين أنهم ودينهم ونبيهم مستهدفين من جميع أمم الأرض. والمعروف أن نظرية المؤامرة تنتشر بشكل وبائي بين العرب والمسلمين فغالبيتهم لايزالوا يؤمنون بأن أحداث أيلول الإرهابية هي "مؤامرة صهيونية". وقبل الغزو الأمريكي للعراق ناقشت رجل سلفي فقال إن الحرب مؤامرة بين صدام وأمريكا وإسرائيل, أما صديقي القومي فقد فسّر الغزو بأنه إتفاق امريك إيراني.

والمصاب بمرض الارتياب او البارانويا يفسر أحياناً أن ما يملكه هو شيء ثمين ولذلك يحسده الآخرون ويتآمرون على ذلك الشيء. فالمسلمون يشعرون بأن دينهم ونبيهم أعظم ما وجد في هذه الأرض وأن بقية البشر يحاولون النيل من هذا الدين ونبيه. وفي بعض الحالات فإن المصاب بهذه الحالة يتوهم أشياء غير منطقية مثل العظمة أو المعرفة التي تفوق معرفة الآخرين أوالأفضلية عليهم. والمعروف أن العرب يؤمنون أنهم "خير أمة أخرجت للناس" وأنهم من أهم الناس وأشجعهم وأشطرهم وأنظفهم وأكثرهم قوة حتى من الناحية الجنسية. وقد تصل البارانويا إلى حد إيمان المصاب بقوة ربانية خفية والإستعدا للتضحية بالنفس من أجل تلك القوة.

ولكن برأيي ما يدعو إلى الضحك هو مسألة "الإسرائيليات" وهي آخر موضة في بارانويا العرب والمسلمين حيث يتهم المسلمون إسرائيل بدس أحاديث ونسْبها إلى النبي صلعم. فهل ياترى قام اليهود بدس كل تلك الأعمال المشينة التي قام بها نبي الإسلام؟ هل حرّف اليهود السيرة وأضافوا الغزوات وقتل الأسرى؟ هل أضافوا حكاية الشاعرة عصماء بنت مروان؟ هل أضاف اليهود آيات العبيد والإماء والنكاحات والجِزية؟ إنني حقيقة أتمنى ان يرمي المسلمون تلك التصرفات والأحاديث والآيات في مزبلة التاريخ بدعوى انها من مكايد إسرائيل. إذا كانت هذة هي الطريقة الوحيدة التي ستخلص المسلمين من تعاليم الظلمات وتنقلهم إلى عوالم الحضارة, فلا بأس، حتى وإن كان في ذلك إفتراءً على اليهود.

أخيراً, لابد من وقفة عند بعض الآيات التي تحض المسلم على الإرتياب وعدم الثقة بالآخر:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).


سلامي ومودتي

نبيــــــل طــــــاهر



#نبيل_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يتبلى الملحدون على الإسلام بالذات؟
- وماذا عن عشيق عائشة؟
- رسالة عتاب الى النبي محمد
- من خواطر النبيل الطاهر
- سلوك المُتًنورِين العرب ** بين العقلية المتنورة وبقايا نرجسي ...
- نداء عاجل جداً إلى جميع الأحرار .... تضامنوا مع حميد العنزي
- هل يمكن إنقاذ الإسلام ؟ آخر فتوى للإمام الجليل النبيل الطاهر
- هوليود وحياة محمد: نفاق أم مبدأ إحترام ام إستراتيجية مُتعمدة ...
- إنحطاط المُسلمة وطهارة المُلحدة
- القرضاوي يرد على شبهة الإفك
- ماذا لو استنسخنا صلعم او صلعمين؟
- إعادة محاكمة عائشة


المزيد.....




- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نبيل طاهر - حالة الإرتياب عند المسلم