أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد الحليم حافظ - أهمية أن نتمرد ... ياناس















المزيد.....

أهمية أن نتمرد ... ياناس


عبد الحليم حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2285 - 2008 / 5 / 18 - 07:34
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


( كان هناك أمران لى الحق فيهما :
الموت .. أو الحرية
فاذا لم أحصل على أحدهما.. حصلت على الآخر )
* هارييت تابمان

ربما تمر العقود من السنوات حتى يدرك الصارخون أن الأمل فى تغيير مجتمعاتنا ماهو الا وهم كاذب وسراب خادع ، وأن المستبدون قد قيدوا الواقع بأغلال فولاذية يصعب التمرد عليها ، و ينطبق ذلك على الصرخة التى أطلقها الراحل الكبير الدكتور يوسف ادريس منذ مايقرب من ربع قرن ، وبالتحديد يوم 9 سبتمبر عام 1984 ، فى مقالتة الشهيرة (أهمية أن نتثقف ياناس ) ليدشن بها واحدة من أشهر معاركه الفكرية آنذاك ، وهاأنا ذا أستعيد الصدى وأستعير بعض العنوان ، فلأن احتاجت الثقافة يومها لمن يطالب باصلاح خللها ، فان الوطن المطحون و الأفق السياسى المسدود فى مصر اليوم بات بحاجة ماسة لمن ينقب فيه ثغره ، لينفذ منها النور الى المواطن المقهور .. مرة ، ولن يتأتى ذلك سوى بتضافر جهود المخلصين لهذا الوطن على اختلاف انتماءاتهم .

ولايختلف اثنان على أن ماتمر به مصر الآن هو ( لحظة فارقه ) بكل ماتعنيه تلك الكلمة ، واللحظات الفارقة فى أعمار الشعوب قليلة لكنها مؤثرة ، وثقيلة بيد أنها معمرة تتبدل على أثرها الأحوال ، وتنكمش مع ارهاصاتها ملامح منظومة سياسية بالية اهترءت وشاخت وتوقف أمد العطاء لديها ، وأصبحت عبئا على الوطن وأبنائه ، لتتبدى على أثرها الماعة فجر جديد يدشنه وجوه جديدة عامرة بحب الوطن وذاخرة بكل فكر خلاق ، وكما قا ل جرامشى (يموت العالم القديم..والجديد لم يولد بعد..وبين العتمة والنور ترتع الشياطين) وهذا هو عين حالنا فى تلك اللحظة الفاصلة ... مناضلون جدد فى عمر الزهور تتفتق أذهانهم نحو ابتكار أساليب جديدة من المواجهة و النضال تؤدى فى أوقات وجيزة الى هرع النظام الحاكم هو وحلفائه من أبالسة المال والأعمال.

وكالعادة تبقى الاشكالية الكبرى التى تعتبر سر الأسرار فى عالمنا ، كامنة فى ظاهرة الصمت المطبق على شارعنا السياسى ، فلم يعد مقبولا أن نرى تلك الأحداث المفجعة ، والقرارات الطائشة ، و الخروقات الكبيرة ، و الجنايات القاتله ، التى ترتكب بين لحظة وأخرى بحق الأنسانية ..ومع كل ذلك يبقى الشارع السياسى صامتا متخشبا ، لاتهزه تلك الأحداث ولاتحرك مشاعره ، فالأغلبية الصامته من شعوبنا قد تدجنت على الهلع من السلطة أيا كان مصدرها أو نوعها ، وربما كان الشارع السياسى بصمته وسكونه هو مصدر الخذلان لكل الطامحين فى التغيير ، ومالم نواجه أنفسنا بهذه الحقيقة برسم العمل على تغييرها فسيكون مآل جهود المخلصين كسابقتها .

. لذا فان من أهم البدائل المطروحة فى هذا الصدد .. هو احياء ارادة التمرد واشاعتها ، لأن الحرية لاتنفصل عن ارادة التحرر على حد قول" ليسين " .. والتمرد هو أحد السبل التى لابديل عن سلوكها لكسر القيود والخروج من المأزق الراهن ، ولن يحدث ذلك من دون خلق حالة من التحريض عليه سياسيا وشفويا وكتابيا بما يؤثر فى وعى الجماهير ومزاجها بهدف حثها على أهمية الرفض والحراك السياسى ، بعدما عملت أنظمة الحكم الشمولية على اغتيال الشخصية المصرية ووأد سمعتها ومكانتها مما أدى الى تجريدها من مقومات الحياة وحوافزها.

. وأود أن أؤكد على حاجة التمرد لأن يكون مترافقا بوعى وحكمة وشفافية وتأنى ، ومرتبطا بأدراك لمعنى الحياه وعواقب الأمور ، مفرقا فى ذلك مابين التمرد وبين العنف السياسى الذى تعرفه الباحثه السياسية المعروفة (حنا آرندت ) بأنه : منهج نزاع عنيف يتخذ من الترهيب وسيلة ترمى الى تغليب رأى أو توجه سياسى ، أو الى فرض السيطرة على المجتمع .

- ماأعنيه هو التمرد الأيجابى الذى ينير الأذهان وينطوى على رؤية تغييرية تأتى بأصباح جديد للدنيا و للحياه ..انه تمرد غاندى و ألبير كامو و فرانز كافكا و محمد الماغوط و صامويل بيكيت وجيفارا و صادق هدايت وأحمد مطر ومارتن لوثر كنج و برتولد بريشت وهارولد بينتر و مظفر النواب وكثيرون ممن أناروا درب البشرية نحو الخلاص من المستبدين ، انه التمرد بأفقه الروحى وبعده الأنسانى كما أوضحه كامو فى كتابه " الأنسان المتمرد " حين قال ( التمرد يحقق للحياة قيمتها وعظمتها لأنه يحرض على التفكير واعتزاز الأنسان بأمور عدة لحقيقة تتجاوز ذاته ) .

. انه التمرد بمعنى رفض ماينبغى الألتزام به من أوامر و قرارات ، بسبب رفضنا للسلطة التى تنادى بذلك ويصدر عنها ، فهو سلوك ناتج عن سوء العلاقة بين الفرد والسلطة ، ومالم تقم السلطة باتخاذ وسائل وتدابير نحو اصلاح هذه العلاقة المأزومة ، فلن يطول أوان عصمتها من التمرد عليها وعصيانها .

. ان التمرد يطمح الى التغيير واعادة التكوين ويأخذ شكله من الزمن الذى يظهر فيه والمكان والمجتمع الذى ينبثق بين جوانبه ، فهو ( أى التمرد ) يعد أمرا نسبيا ففى مجتمع ما يعتبر ماهو تمرد على الأوضاع ..يعتبر فى مجتمع آخر شكلا مستهلكا وتم تجاوزه ، وهذا هو ما عناه جوزيف هيف وأندرو بوتر (بالتمرد المستهلك ) فى كتابهما الذى يحمل نفس العنوان ، لذلك يلزم ألا يكون التمرد فى حد ذاته هو فقط المستهدف بل ينبغى التجديد والأبتكار فى وسائل وأساليب وأشكال التمرد التى تبادر تيار الأعاقة و الممانعة بعنصر المباغته والصدمة ، ونستطيع أن ندلل على ذلك بالخطوة الناجحة التى ابتكرها مجموعات شباب الفيس بوك تحريضا على اضرابى أبريل ومايو الماضيين.

- وان الذى يدفعنا للدعوة الى احياء ارادة التمرد واشاعتها...هو التلازم الواضح لمسارى التقدم والازدهار الحضارى مع التمرد ، فالمتأمل لدورة الحضارات المختلفة عبر التاريخ يجد أن أعداء الأنسان فى المجال الأنسانى ، وأعداء الوطن فى المجال الوطنى ، وأعداء العلم فى المجال العلمى ، وأعداء الأبداع فى المجال الفكرى..هؤلاء هم الذين كانوا ( ومازالوا ) يشهرون سلاح الواقعية فى وجه التمرد ، وهم لايقصدون بتلك الواقعية سوى الأستسلام والرضوخ ، والألتزام بتعبيد طريق الخضوع لتسير عليه حافلات السادة والمستبدين ، واذا نظرنا الى أهم أسباب تطور ورقى البشرية عبر حلقاتها المختلفة ، فلن نجد سوى محرك واحد فقط يدفع العقل البشرى بقوة وعنفوان نحو التغيير بدون تردد..هذا المحرك هو دافع ( التمرد ) ، فالتمرد هو الحدث الأكبر تأثيرا على مستوى الوعى البشرى والأقوى دفعا للحضارة والتقدم، فهو المحفز للخروج عن المألوف ، والنظر خارج سياق القطيع للظفر بحياة أفضل ، وان تاريخ الكون منذ سيادة الأسطورة حتى أجيال الأنترنت لم يكن سوى سلسلة من التمردات التى كان فى طليعتها الأنبياء والمصلحون والمفكرون والأدباء المبدعون .

. وقد أكد علماء التاريخ أن المجتمعات التى يحرم أبناؤها من ارادة التحرر والتمرد يجتاحها الغزاة دون مقاومه ، ولعل فى ذلك اجابة عن سؤال شائك وهو .. لماذا كان تاريخنا عبارة عن سلسلة مستمرة من غزو الآخر لنا واغارته علينا واحتلالنا سياسيا وفكريا وجغرافيا ؟

.اننا بحاجة ماسة لأن تتعلم الجماهير أن التفريط فى حقها من الحرية نظير بعض الأمن لن يؤدى سوى الى تكريس الاستبداد ، ومن ثم ضياع الأمن بعد ضياع الحرية ..فلن نستطيع أن نزحزح طاغية عن عرشه ، مالم نهدم صرح الخوف الذى أقامه فى جذورنا على حد قول "جبران" ، فالحرمان المطلق الذى يعيشه أغلب المصريين أدعى لأن يكون حافزا للتمرد لا للجزع والاستكانة ، فما الذى يخشاه الناس بعدما عجزت الدولة عن توفير الخبز لهم ولأولادهم ؟!..

. و يصبح التمرد أمرا حتميا عندما يتجسد القهر والعنت السياسى واقعيا وتاريخيا ، وتتبدى ملامحه فى الأداء اليومى للسلطة الحاكمة ، ومن أهم تلك الملامح :

- ممارسة السلطة وتمركزها فى جهاز واحد ، فصانع القرارهو المشرع والقاضى والمنفذ والكاهن الأكبر.
- السيطرة على خيرات الوطن وثمرة عمل الشعب بحيث لاتعود ثمرة عمل الشعب الى الشعب.
- معاملة أفراد الشعب كأداه ، وحرمانهم من كرامتهم كأشخاص .
- ازدياد حدة التغول السلطوى كلما حاول المقهورين تحرير ذواتهم من ضغوط النظام .
- التخصيص المسبق للأنصبة والأدوار الأجتماعية حسب النشأة أو الجاه أو الثروة أو القرابة .
- توسيد ثقافة الخضوع واقصاء ثقافة المشاركة .
- ضآلة قدرات النخبة الحاكمة وضعف أداؤها ، وفشلها المتكرر فى ادارة أزمات الوطن .
- تغليب السلوك الانفعالى واللاعقلانى فى وجه أى عمل سياسى مشروع مهما كان .

فهل نجافى الحقيقة اذا قلنا أن كل ماذكرناه أعلاه بات يمثل واقعا متجسدا فى طبيعة النظام الحاكم الحالى ، وسلوكا يوميا تجاه شعبه ، بما يؤكد حتمية التمرد والعصيان قبل فوات الأوان ؟ !

وللحديث بقية .....

م. معمارى / عبد الحليم حاف
مدير تحرير مجلة المسكن السعودية



#عبد_الحليم_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا ...
- مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا ...
- زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
- شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك ...
- الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك ...
- غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته ...
- محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
- خبير ألماني: بوتين كان على حق
- فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
- فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد الحليم حافظ - أهمية أن نتمرد ... ياناس