أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الكتاب الشهري 4: دور المرأة في عراق ما بعد التغيير, حرية ومساواة المرأة بالرجل جزء أساسي من قيم المجتمع المدني الديمقراطي - نبراس الابيض - جرائم اليوم تجتر جرائم الأمس : شهادات عن واقع المرأة العراقية















المزيد.....

جرائم اليوم تجتر جرائم الأمس : شهادات عن واقع المرأة العراقية


نبراس الابيض

الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 13:41
المحور: الكتاب الشهري 4: دور المرأة في عراق ما بعد التغيير, حرية ومساواة المرأة بالرجل جزء أساسي من قيم المجتمع المدني الديمقراطي
    


الحديث عن المستقبل لابد من أن يكون له صلة بالماضي، سواء كان الماضي القريب أم البعيد وللحديث عن المرأة لابد من الحديث عن المجتمع بصورة عامة فالمرأة هي جزء من المجتمع وإنها أيضا مولد الجزء الآخر فيه.

لذا فالمرأة العراقية التي تعيش اليوم هي ذاتها التي تحمل ماضيها فوق كتفها بكل تفاصيله البسيطة و المعقدة فهي التي عاشت في ظل الحروب المتكررة وما جلبت عليها هذه الأخيرة من إفرازات ونتائج وتغيير في المناخات السياسية والاجتماعية كلها أسباب أتاحت للمرأة فرص عديدة للتغير و لو بجزء بسيط على مدى الحقب الزمنية الأخيرة.
و ربما يثار تساؤل مفاده، هل آن للمرأة العراقية أن ترمي همومها القديمة التي تكبدتها نتيجة الظرف السياسي الذي كانت تعاني منه و وطأة هذا الظرف كون أغلب النساء كن مثقلات بهموم المجتمع وما كان يعانيه من نقص في الغذاء والدواء والإهمال الصحي والتربوي والتعليمي وعلى حد سواء لكل أطياف المجتمع. لكن معاناتها البشعة كانت مستفحلة أكثر في النواحي الصحية كونها تكبدت العديد من الأمراض السرطانية قياسا ببقية نساء العالم وهذا ثابت في الكثير من التقارير الطبية ذلك أن نسبة 25 % من نساء وسط وجنوب العراق اللاتي يتراوح أعمارهن بين 35-45 سنة قد ابتلين بداء السرطان والعديد منهن له استعداد لهذا المرض أكثر من غيرهن من نساء العالم وهذا بسبب الحروب المتكررة وقلة الغذاء والتوعية الصحية وعدم الاهتمام بالمرأة والطفل بصورة خاصة.

غير أن هذه الأمور كان قد آن لها أن تتبدد و ترميها خلف ظهرها مع أول صنم سقط في ساحة الفردوس و هي تزغرد وتتأمل في الانفراج المرتقب،لكن ما كان في الأمس كان له امتداد لحياتها اليوم في ظل التغيير، هل تغيرت حال العراقيات مع سقوط الصنم وتبددت ظلمه 35 سنة من حياتهن؟ .

المحامية سهام، مكنتها فراستها و حبها لمهنتها المحاماة، من أن يكون لها مكتب محاماة يحظى بسمعة جيدة بين المحامين الزبائن على حد سواء قبل تاريخ 9-4-2003.كان قد تم اسر والدها المهندس في الحرب العراقية الإيرانية لمدة 14 سنة في إيران الذي كان على أمل أن يرى بغداد كما عرفها و كما ساهم في بناءها، و بناء صروحها و رموزها الحضارية، كان احد العراقيين الذين ساهموا في بناء "نصب الجندي المجهول" و هو معلم عراقي مهمل، كان بالأمس شاهداً لصوت خطى الجيش العراقي المنحل أيام النظام السابق، و ها هو الآن أبو سهام تطلب شهادته من جديد من قبل قوات الاحتلال، هذا الأب الذي طالما انتظرته سهام هي وأخوتها الصغار أصبح اليوم سبباً لتشتيت الأسرة وتهجيرها، حيث تم تهديده هو وعائلته من قبل إحدى الجماعات المتطرفة، فكان على سهام بعد أن شاهدت معانات والدتها بغياب الأب والمعيل أيام الأسر أن تشاهد المعانات تعيد نفسها من جديد عليها و على أخوتها الآن.

ما كان على الأب إلا الهجرة خارج البلاد ليلتحق مع الملايين الذين سبقوه، للحفاظ على ما تبقى من حياته، وما كان منها إلا أن تقف في صف والدها وان تصبح له أنيس وحدته و أن تفقد مهنتها و عملها و ماضيها و ما كان للعائلة إلا أن تتجه جنوبا في إحدى المحافظات التي تشهد اليوم استقرارا امنيا و لو بسيطاً تاركين ذكرياتهم متأملين مستقبل يحنو على شملهم المشتت.

أما حوراء فهي فتاة مراهقة مدللة عمرها الآن 17 سنة تعلقت بوالدها كثيراً، فهي قد شاهدت مصرعه و هو بين يديها و رأت من قتله بأم عينها، حيث تم اغتياله على يد جماعة مسلحة اعترضت طريقهما عندما كان والدها يوصلها إلى المدرسة فقد استهدفوا هؤلاء القتلة والدها وحاولوا إلحاق الأذى بها غير انه استطاع إنقاذها منهم بان ركن سيارته وانزلها قال لها " اهربي ولا تلتفتي إلي" ولكنها لم تستطع أن تهرب بل انتظرت كي تترجى القتلة أن يتركوه لكن دون جدوى فقد أطلقوا الرصاص عليه و عليها وكم تتمنى لو أن الرصاص استطاع أن يقتلها كما فعل بوالدها لكنها الآن تعيش مع أقسى و أقوى ذكرى لها مع التغيير الجديد وتتأمل لو أن الماضي يعود دون دماء دون أن تكن لها ذكرى مروعه .

و هكذا الحال مع فاطمة التي وصفت حالها " إنني لم اعرف الراحة أبدا طوال حياتي و أنا أعيش المعاناة والألم "، منذ أن تزوجت فاطمة وخرجت من منزل والدها إلى منزل زوجها الذي أحبها وأنجبت منه أولادها الثلاثة، بدأت رحلة المعاناة، و ذلك بشروع النظام السابق بإعدام زوجها أمام عينها في الساحة العامة بالقرب من منزلها، و كانت مثل تلك الأفعال معروفة لدى الشارع العراقي بتهمة انه عضو في حزب الدعوة العدو الأول لحزب البعث، فحين تم إعدامه صادرت الثورة كل ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة وتقول إنها حمدت الله لعدم مصادرة أولادها. و استمرت قصتها المشابهة للكثير من قصص العراقيات بخصوص النضال من اجل توفير لقمة الطعام لأطفالها و الوقوف إلى جانبهم لإكمال دراستهم و عملت خياطة لمدة 20 سنه ولم تكل ولم تمل على بانتظار أن يكبروا أولادها فيعينونها على الحياة، لكنهم حين كبروا كبرت ماساتهم مع النظام، لكونهم دائما تحت المجهر، فكانت قضية إعدام والدهم نقمة عليهم، فلا يستطيعون العمل لهذا السبب.

لكن فاطمة تنفست الصعداء و كانت كل همومها قابلة للزوال حيث انقلب الميزان وأصبح موضوع إعدام زوجها اكبر أمل لتوظيف أبنائها وتكريمها، فقد استطاع أولادها الثلاثة أن ينخرطوا في الشرطة والجيش إلا أن سخرية القدر عادة لتضحك على فاطمة وتبكيها من جديد فقد تم إيصال جثمان اثنين من أولادها إليها في نفس اليوم حيث أن احدهم قد انفجرت عليه سيارة مفخخة أثناء أداء واجبه والثاني تم ذبحه على يد الإرهابيين، أما فاطمة فهي لا تزال تجلس على ماكنتها القديمة وتنتظر ابنها الأخير من دون لهفة و توجس، فلم يعد يفرق عندها وجودة وعدمه لان الأمل لم يعد موجود كما تقول.

لكل عراقية قصة خاصة، لم يختلف الظرف، ما جرى عليها من تغيير كان هو الاسوا في حياتها، فالمرأة كانت تتمتع بنصيب و لو قليل من الحرية، أما الآن فإنها قد فقدتها مع الأسف، وبكل جدارة أصبحت من اضعف النساء، فهي لا تستطيع أن تمشي لوحدها في الشارع دون مصاحبة احدهم فان لم يكن فخوفها، الخوف من كل شيء و على كل شيء، فهي تخاف على شرفها و كرامة أهلها من أن تهدر لو أنها خطفت أو قتلت في الشارع، العديد من الطالبات الجامعيات قد تركن دراستهن بإرادتهن أو بالغصب و ذلك بسبب الاضطراب الأمني الذي يشهده الشارع العراقي اليوم والعديد من العراقيات المسلمات أو غير المسلمات ارتدين الحجاب بالغصب ودون اقتناع خوفا من المتطرفين.

الدستور العراقي الجديد رغم تضمينه نصوص للمساواة بين الرجل و المرأة بإعطاء دور أكثر، بان اقر لها بكامل الحقوق السياسية في الانتخاب والترشيح للمجلس النيابي والتمثيل في مجلس الوزراء. إلا أن جميع هذه الحقوق باتت مرهونة بمدى استطاعة النساء العراقيات من بمقاومة جميع المحاولات التي بذلت و التي سيتم بذلها من قبل جميع فئات المجتمع ممن يعارضون وجودها في حلقة السياسة، و هذا ما كان واضحا من خلال أول محاولة انقلابية من ضد حرية المرأة من قبل القوى السياسية الدينية حين قامت بإلغاء قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الذي هو بالأساس قانون دون طموح المرأة العراقية لأنه كان إلى حد ما مفرغا من العديد من الحريات والحقوق والمساواة بين الرجل المرأة، فلو راجعنا هذا القانون نرى انه تم إجراء تعديلات عدة عليه، وفي كل تعديل يراد لهذا القانون أن تفقد فيه المرأة جزءا من حقوقها التي تناشد بها اليوم.

و هنا تعود التساؤلات لتطرح نفسها بصورة ملحة على النساء بشكل عام و البرلمانيات العراقيات على وجه الخصوص كونهن ممثلات عن الشعب "هل من الممكن ان تعدل القوانين بجهود نسائية للارتقاء بواقعها في المجتمع من قبل تشريعات تكون المرأة هي الباعث الدافع و هي التي تقترحها و هي التي تصوت عليها بدعم شعبي لتكون قانوناً جامعاً مانعاً؟"

ليدرك الجميع أن جرائم اليوم بدأت تجتر جرائم الأمس و تبدع بسحق الأمل لدى من وصفن بـ "القوارير" و بـ "الماجدات" و بـ "اللذيذات" و كل الألفاظ الذكورية، لكننا بانتظار أن تصف المرأة نفسها بمنتهى الحرية و الاقتدار، ربما يكون ذلك في الغد؟ و ربما يكون الغد غير منظور؟ لكننا نبقى نتأمل و نتطلع إليه!



#نبراس_الابيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الكتاب الشهري 4: دور المرأة في عراق ما بعد التغيير, حرية ومساواة المرأة بالرجل جزء أساسي من قيم المجتمع المدني الديمقراطي - نبراس الابيض - جرائم اليوم تجتر جرائم الأمس : شهادات عن واقع المرأة العراقية