|
الأستاذ هوشيار زيباري تفاؤل مشوب بالحذر
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 08:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأستاذ هوشيار زيباري كردي عراقي يشغل منصب وزير الخارجية في الحكومة العراقية ، وهو يمثل العراق في المحافل الدولية ، ويرى المراقبون ان الأستاذ هوشيار زيباري قليل الظهور في الوسائل الأعلامية ، لكن حينما تقتضي الضرورة يظهر في المؤتمرات الصحفية متكلماً لبقاً بلسان عربي فصيح واضح . يمتزج بين ثناياها حديثه نفسية الأنسان الكردي المتسمة بالبراءة والصراحة . ويتحدث زيباري عن وزارته فيقول : وأشعر بالحماس ، بصفة خاصة ، من التزام الدبلوماسيين والشباب في وزارة الخارجية ، فهم مجموعة مختلطة من السنة والشيعة والمسيحيين والعرب والأكراد والرجال والنساء الذين يخدمون وطنهم بدون الأرتباط بالأنقسامات الطائفية او العرقية . إن مصداقية العراقي وتفانيه وأخلاصه تتجسد في وضع الهوية العراقية في المقام الأول ، قبل الأنتماءات الطائفية والدينية والحزبية ، نذكر ذلك ونحن نرى وزارات مغلقة لا تقبل سوى من الطائفة الفلانية ، او الحزب الفلاني . لقد سطر الأستاذ زيباري في جريدة الشرق الأوسط اللندنية يوم 6 / 5 المقال الموسوم : لا تتخلوا عنا . لقد جاءت دعوة زيباري للمجتمع الدولي عبر مؤتمر شرم الشيخ : بأن المجتمع الدولي مدعو لاستمرار مشاركته في مساعدة العراق على تحقيق أهدافه المتعلقة في الأمن . إن هذه المناشدة كانت بالدرجة الأولى ، تعني الحاضرين من الدول الأقليمية والعربية المجاورة ، وفي الحقيقة كان يفترض مناشدة دول الجوار في ان تكف عن دعم الميليشيات وعمليات الأرهاب بالمال والسلاح والرجال ، إنها صورة جلية واضحة بأن دول الجوار تحمل كثيراً من مفاتيح الحل للوضع الأمني المتردي في العراق . إن آلاف الجهاديين والأنتحاريين والميليشيات التي تعبث بأمن المواطنين كلها تصل وتمول من أو عبر الدول المجاورة وتمر عبر حدودها وأراضيها ، ويقوم هؤلاء بعملياتهم الأنتحارية وسط التجمعات السكانية من العراقيين المساكين ، طامعين في جنة جنسية مشحونة بفاتنات حور العين . إن الأستاذ زيباري يحمل في قلبه هموم شعبه ، وهو يبشره بأن بصيصاً من النور يضئ في آخر النفق الغارق في دامس الظلام . إنه يدعو الى عدم الأكتفاء برؤية آثار السيارات المفخخة والنيران المتصاعدة من البنايات وبرك الدم للناس الأبرياء واعمال خطف البشر ، بخلاف هذا المنظر الكئيب القبيح ، ينبغي رؤية الجانب الآخر المشرق من الحياة ، فأمامه طابور كبير للسيارات تحمل الأسر في طريقها الى الحديقة المركزية للأستمتاع بحياتية اعتيادية ، وهناك المطاعم والمتاجر والفنادق تزدهر بها الحياة ، وهناك المدارس والمعامل والشوارع المكتضة بالحافلات . إن سيرورة الحياة تبقى قائمة في مدن العراق وفي بغداد التي يقطنها قرابة 7 ملايين عراقي . بطبيعة الحال فإن وزير الخارجية في أي بلد تعكس رؤيته خلاصة الرأي العام في بلده ، وإن الأستاذ هوشيار زيباري يمثل الرأي العام المعتدل في العراق ، وهو قطاع كبير في الساحة العراقية ، وهو الوجه العلماني الليبرالي للعراقين الذين يستنكرون الأصطفافات الدينية والعرقية والمذهبية الطائفية . لكن هذا التيار الكبير المبثوث في العراق ، غالباً ما يخفت صوته أمام تعالي الأصوات في المنابر التي تحشد للتكتلات الطائفية والدينية ممتشقة سلاح التهديد والوعيد لكل من يرفع صوته من الأعتدال العراقي . إن تحذير الزيباري في محله هنا إذ يقول : إن وجود عراق محطم في الشرق الأوسط سيقدم للأرهاب الدولي مرفأ ويضمن استمرار الفوضى بالنسبة للأجيال القادمة . اجل ! إنه تحذير في محله فالنار المشتعلة في العراق يمكن ان تنتقل الى الجيران حينما تواكبها الرياح ، فالأرهاب لا وطن له ، إنه يعصف كالرياح نحو المناطق ذات الضغط الواطئ ، وحينما وهنت السلطة في العراق ، ملأ فراغها الأرهاب ، وسيبقى كذلك طالما غاب سيف القانون ، وبقيت الحكومة تحت سطوة الميليشيات ، وطالما بقيت أجهزتها الأمنية مخترقة من قبل الخارجين على القانون . إن الرؤية التفاؤلية التي طرحها الأستاذ هوشيار زيباري تكشف عن ماهية الروح العراقية عموماً في الرغبة والأرادة الأكيدة في قطع دابر الأرهاب والعنف على الأرض العراقية ، ولكن هذا الهدف لا يتحقق دون مساعي مشتركة تبذل من قبل جهات متعددة كل منها يحتفظ في جعبته مفتاحاً لهذه الخزانة التي تنفتح بمشاركة هذه المفاتيح . ويبقى المفتاح الرئيسي في جعبة الشعب العراقي ، فالأرهاب لم يكن له وجود في العراق لو لم يجد أرضية صالحة وملائمة لنموه . والجيران من الدول العربية وأيران يمسكون بأوراق كثيرة قادرين على المساهمة الفعالة في بسط الأمن في ربوع هذا البلد الجريح . إنها جهود مشتركة أشار اليها وزير الخارجية العراقي الأستاذ هوشيار زيباري بصريح العبارة . بقي ان نشير الى مسألة مهمة وهي أن الحاضرين والمؤثرين في مؤتمر شرم الشيخ هي بالدرجة الأولى الدول الأسلامية في المنطقة ، وإن هذا المؤتمر لم يتعرض لا من بعيد ولا من قريب الى مسألة الأقليات الدينية العراقية وما يتعرضون له من أفعال التهجير والتصفية والأختطاف في ظل الدولة الأسلامية العراقية ، وباسم الدين الأسلامي ، كان على مؤتمر شرم الشيخ ان يستنكر هذه الحالة اللاأنسانية التي تدور أحداثها على أرض العراق وسط صمت الدول العربية الأسلامية والمجتمع الدولي قاطبة .
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحوال الأقليات الدينية في العراق من سيئ الى أسوأ
-
هل نتوقف عن الكتابة في الشأن القومي الكلداني
-
العراقيون في سورية وخيارات أحلاها أمَرْ من العلقم
-
العراقيون في سوريا .. اين المفر ؟
-
هل يحمل البيشمركة مفاتيح المشكلة الأمنية في بغداد ؟
-
نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية
-
رابي يونادم كنا .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
-
المؤتمر الآشوري في السويد وأوهام في الرؤية السياسية
-
الشئ الذي لم أشبع منه طول عمري !
-
يا عقلاء الأسلام صافحوا هذا الرجل إنه إنسان عظيم
-
حكومتنا .. لأنها تؤمن بالديمقراطية فعليها ان تستقيل
-
لماذا يسكت عقلاء الأسلام على ذبح الأقليات الدينية العراقية ؟
-
الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية 4
-
يشوع مجيد هداية شهيد الوطن العراقي
-
حتى أنت يا قس عمانوئيل يوخنا!
-
نعم نعم لوحدة شعبنا ولمشروع الحكم الذاتي
-
منصور أودا استاذ في الرياضيات والتراث الألقوشي
-
مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية -3
-
أحبائي الشيعة .. الأسلام السياسي الشيعي فشل في حكم العراق
-
وبعد مبايعة كنائسنا للسيد سركيس آغاجان .. ما العمل ؟
المزيد.....
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
-
إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
-
دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با
...
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|