أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - الحج: متعة أم فريضة؟














المزيد.....

الحج: متعة أم فريضة؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحج ركن من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً. وكأي ركن عبادي، هناك حكمة في أداء هذه الفريضة، تتمثل في أمور كثيرة منها أن يأتي المسلمون إلى الحج من كل فج عميق، ومن مختلف الشعوب والأقوام والطبقات، يقف الجميع في بيت الله وبين يديه تعالى خاشعين متساوين دون تمييز، لا فرق بين الفقير والغني، بين الحاكم والمحكوم، بين الأسود والأبيض...الخ.
كذلك من المعروف أن الحج مطلوب من المسلم المقتدر أن يؤديه مرة واحدة، أما إذا استطاع تكراره فيما بعد فمستحب ولن يعاقب إذا لم يعيده ثانية. فالحج ليس العمل الوحيد الذي يستفيد منه العبد الصالح في التخلص من ذنوبه والتقرب إلى الله، بل هناك مجالات عبادية أخرى يمكن أن يكسب بها المسلم رضاء الله في تحقيق هذا الهدف إذا ما توفرت لديه النية الحسنة والقصد السليم. وأهم هذه الأعمال الحسنة أن يقوم المسلم بأداء واجباته الوظيفية بأمانة وإخلاص لخدمة المصلحة العامة. ولكن في زماننا هذا صار البعض ينظر إلى هذه الفريضة نظرة سطحية ويهتم بالشكليات دون الاهتمام بالجوهر والمضمون والحكمة منها، وبالتالي يؤدي إلى نتائج معكوسة. إذ صار البعض يستغل هذه المناسبات للدعاية لنفسه واستغلال منصبه للتهرب من واجباته ومسؤولياته التي يتقاضى عليها الراتب، من أجل التظاهر بالتدين المفتعل جرياً وراء الموضة لركوب الموجة، وليعطي انطباعاً بأنه من المؤمنين الحريصين على أداء الفرائض الدينية، ومآرب أخرى على حساب واجباته الأخلاقية. ففي العراق أهزوجة شعبية تقول: (حج بيت الله وصار نهيبي)، أي صار نهاباً، ثم يحج ثانية ليتخلص من آثامه الجديدة، وهكذا، وكما قال الدكتور علي الوردي: (أنهم يعبدون الله وينهبون عباد الله.)

مناسبة هذا المقال هي ما نسمع من تذمر المواطنين العراقيين من المسئولين الحكوميين، وزراء ومحافظين وعدد كبير من نواب البرلمان وأعضاء مجالس المحافظات، الذين تركوا واجباتهم الرسمية وذهبوا إلى الحج رغم توصيات المرجعيات الدينية لهم بالبقاء في العراق لخدمة الشعب النازف. كما ويبدو أن هناك منافسة شرسة بين هؤلاء المسئولين في الذهاب إلى الحج. فكما طاعون المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع المناصب، هناك أيضاً حصة لكل مسئول، وزير ونائب برلماني وغيرهما من المتنفذين، في ترشيح من يرغب في أداء فريضة الحج، وهذا يدل على مدى الدرك الأسفل الذي هبط إليه هؤلاء في العراق الجديد في استغلال مناصبهم للمنافع الشخصية، ولكن في هذه المرة يستغلون اسم الله والفرائض الدينية. فهؤلاء لا يكتفون بحصتهم من الغنائم في هذه الدنيا بل ويتسابقون فيما بينهم حتى على الآخرة أيضاً!!!

فكما يفيد مراسل راديو (سوا) أن غادر بغداد 140 عضوا في مجلس النواب يرافقهم نحو عشرة وزراء متوجهين إلى الديار المقدسة في السعودية، إضافة إلى سفر ثلث أعضاء مجلس محافظة البصرة المؤلف من 40 عضوا، و13 عضوا من مجلس محافظة ميسان و15 عضوا من مجلس محافظة الديوانية وعدد من أعضاء من مجلس محافظة الناصرية. (الرابط أدناه). لا شك أنهم سيتغيبون عدة أسابيع عن وظائفهم خلال السفر، وأكثر من أسبوع لاستقبال الزوار المهنئين لهم بسلامة العودة، وهكذا يبقى هذا الشعب ينزف بين الإرهابيين وغياب المسئولين.
فلو كان العراق حقاً يعيش أوضاعاً طبيعية من الأمان والاستقرار وتقديم الخدمات، ونجح هؤلاء المسئولون في أداء واجباتهم على أفضل وجه، لقلنا أنهم كغيرهم من المسلمين في العالم، من حقهم أن يتمتعوا بحقوقهم في أداء هذه الفريضة. ولكن الله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) وهناك مسألة الأولويات، كما ونصحتهم المرجعية بالبقاء في العراق لخدمة المواطنين. فهل هذا هو جزاء الشعب الذي انتخبهم وتحدى تهديدات الإرهابيين في إيصالهم إلى مواقع المسؤولية دون غيرهم؟
إن ما يقوم به هؤلاء المسئولون قد خيبوا آمال الشعب الذي جازف بحياته وتحدى تهديدات الإرهابيين وانتخبهم ووضعهم في موقع المسؤولية وأثبتوا له أنهم دون المستوى المطلوب. والدليل على ذلك هو الإهمال المتعمد في الواجب وتفشي الفساد الإداري على جميع المستويات إلى حد أن اضطرت الدولة تشكيل لجنة النزاهة لملاحقة الفاسدين. كما وهناك أنباء تفيد أن عدداً كبيراً من نواب البرلمان لن يحضروا الجلسات حتى في الأيام الاعتيادية، خاصة عندما غابت الكاميرات التلفزيونية من مجلس البرلمان. وهناك عدد لا يستهان به من النواب صاروا مقيمين دائميين في عمان مع حراسهم الشخصيين يقبضون الرواتب دون أي خدمة يقدمونها للشعب.

كما وتجدر الإشارة إلى مسألة أخرى أراها مهمة بهذه المناسبة، وهي تكرار البعض إلى الحج لأكثر من مرة وحتى للمرة العاشرة ويعاملون الحج في هذا الخصوص كما كانت الكنيسة تبيع صكوك الغفران في القرون الوسطى. فإذا كان قصد هؤلاء مرضاة الله وغسل ذنوبهم وآثامهم، فيمكن تحقيق ذلك بأساليب أخرى دون أي تغيب عن الواجب أو تكرار الحج. فكما أخبرني صديق أثق به، نقلاً عن عمه الذي كان مرجعاً دينياً في كربلاء، أنه بدلاً من صرف الأموال في السفر إلى الحج، يمكن صرفها على الفقراء وهو أفضل عند الله. وما أكثر الفقراء في العراق هذه الأيام. وهذا الكلام أوجهه ليس إلى المسئولين السياسيين العراقيين فحسب، بل وحتى إلى العراقيين في الخارج الذين أدوا فريضة الحج أكثر من مرة، أليس من الأفضل دفع الخمس والزكاة وتكاليف السفر إلى فقراء العراق ومساعدتهم في هذه الظروف القاسية؟ أليس هذا أقرب إلى مرضاة الله من الشكليات التي لا يمكن أن تخدعوا بها أحد؟
ــــــــــــــ
التفاصيل من راديو سوا http://www.radiosawa.com/article.aspx?id=1100576



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس عملي في التسامح للمسلمين من البابا بنديكت
- حول تقرير بيكر- هاملتون
- المشروع الديمقراطي في العراق والأوضاع الراهنة*
- هل سيعلن نصر الله ندمه ثانية؟
- في البَدء كانت الكلمة.. حوار مع القراء -3
- عن ندوة الأكاديميين العراقيين في فيينا
- حول دعوة إيران وسوريا في حل المحنة العراقية
- حاميها حراميها...!!
- تأثير نتائج الانتخابات الأمريكية على العراق
- مفارقات في العقل العربي
- ماذا يعني إصدار الحكم على صدام حسين؟
- مسؤولية أمريكا الاخلاقية في العراق
- حرية الأديان
- كما تكونوا يولى عليكم...!
- حول دراسة مجلة -ذي لانست- عن ضحايا العنف في العراق
- دعوة لتأجيل الديمقراطية في العراق
- الخراب البشري في العراق (4) محمود المشهداني نموذجاً
- هل هي بداية حكم ولاية الفقيه في العراق؟
- ليس دفاعاً عن البابا - 2
- ليس دفاعاً عن البابا بندكتوس السادس عشر


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالخالق حسين - الحج: متعة أم فريضة؟