أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طلال سلمان - على الطريق بوش .. خير خلف لصدام















المزيد.....

على الطريق بوش .. خير خلف لصدام


طلال سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 534 - 2003 / 7 / 5 - 04:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


قد يكون من نعم الله على الشعوب المستضعفة أن الإدارة الأميركية بزعامة جورج و. بوش تتميّز بغباء نادر المثال من شأنه أن يقصّر في عمر هذه الإمبراطورية التي يدفعها غرور القوة لأن تكون إمبريالية جديدة تطمع بأن تضع يدها على العالم بشرقه وغربه وشماله وجنوبه جميعاً.
بفضل هذا الغباء المعزز بتضخم عقدة القوة المطلقة فقدت الإدارة الأميركية أقرب حلفائها إليها واصطدمت بالكثير من أصدقائها المحتملين واستعدت المحايدين فلم يتبقّ إلى جانبها إلا <<بيت الخبرة>> البريطاني، يبيعها بالثمن من كنوز معرفته <<بالعالم القديم>>، بدءاً من أوروبا العتيقة إلى هذه المنطقة التي فيها بدأ التاريخ الإنساني.
وبفضل هذا الغباء الذي يستولد التبسيط الفاضح للمسائل المعقدة، ويغري بالاستهانة بالآخرين، أمماً وشعوباً وأدياناً وعقائد ومصالح، فليس من المبالغة في شيء أن يجري الحديث عن الاحتلال الأميركي للعراق على أنه أمر عارض وطارئ على تاريخ هذا البلد العربي العريق، وعلى أنه <<مغامرة عسكرية>> باهظة الكلفة سياسياً، وثقيلة الخسائر بشرياً، وقصيرة الأمد زمنياً.
لنترك حديث <<المقاومة الشعبية الشاملة>> للاحتلال الأميركي إلى موعد آخر، ولنركّر على بعض الأمثلة الفاقعة عن هذا <<الغباء البوشي>> النادر المثال:
1 في الطريق إلى الحرب التي لم تستطع هذه الإدارة تبريرها، جدياً، ولا هي استطاعت أن تشرّعها دولياً، استعدى جورج بوش شعوب العالم جميعاً واستفزها، فتجاوزت مقتها لنظام صدام حسين الدكتاتوري، ووقفت ضد <<الإمبريالية الأميركية>> بأعلى صوتها وبأكثف جماهيرها التي كانت قد غادرت الشوارع منذ عقود طويلة، ربما منذ حرب فيتنام.
2 ومع النصر العسكري السهل الذي تحقق لهذه الإدارة بفضل تهاوي ذلك النظام الدكتاتوري، الجبار على شعبه المهزوم في كل مواجهة عسكرية، تصرف جورج بوش وإدارته برموزها الإمبريالية الأشد بشاعة (رامسفيلد، مثلاً) بغرور الفاتح القاهر، بل لقد أعطى نفسه التفويض للنطق باسم شعب العراق بينما دباباته تقتحم مدنه وقراه وعسكره يعتقل الآلاف من الرجال ويرميهم في معسكرات صحراوية كأسرى حرب، بينما الملتحقون بعسكره من الرعاع والمأجورين ينهبون المتحف الذي يضم أغلى كنوز التاريخ الإنساني ويحرقون دار الكتب الوطنية التي تحتوي على ابدع نتاج العبقرية العربية، علوماً وشعراً وأدباً، فضلاً عن الوثائق الرسمية للدولة العراقية.
3 بغرور الفاتح القاهر أحلت هذه الإدارة نفسها محل الطاغية المخلوع وعاملت العراقيين وكأن لا رأي لهم في شؤون حاضر بلادهم ومستقبلها، فمن اطاع سلم والسيف لمن عصى!
وكان بديهياً ان يرفض العراقيون <<صدام الأميركي>> كبديل من صدام التكريتي، وان يحاولوا وبوسائل التعبير المتاحة ان يؤكدوا رفضهم للوصاية، خصوصاً ان غباء الإدارة البوشية جعلها تفضح طمعها بسرعة الضوء فإذا نفط العراق هو الهدف وليس <<الحرية لشعب العراق>>، وإذا تمكين الشركات الأميركية العملاقة من احتكار عقود <<إعادة إعمار العراق>> هو الغاية وليس بناء مؤسسات الدولة الحديثة في أرض الرافدين.
4 و مع اعلان الجائزة المبهرة، خمسة وعشرون مليون دولار لمن يقبض على صدام حسين أو يرشد إليه، وخمسة عشر مليون دولار لمن يقبض على أحد ولديه عدي أو قصي أو يرشد إلى أي منهما، بلغ غباء هذه الإدارة حده الأقصى إذ كشفت كم هي تحتقر شعب العراق وكم تستهين بكرامة العراقيين والعراقيات.
لكأن كل المآسي التي أنزلها الطاغية بالعراقيين، وبين مظاهرها الأولية المقابر الجماعية، وقتل الأحياء نسفاً، وتقطيع الأوصال، ودفن الرجال والنساء أحياءً، والمجازر التي لا حصر لها والتي لم يوفر فيها سلاحاً من أسلحة التدمير الشامل (الكيماوي، والقصف المركز للتجمعات بواسطة الحوامات والمدفعية والدبابات الخ)...
لكأن كل ما الحقه الطاغية من مهانة بالعراقيين في حقوقهم المادية في خير بلادهم، أو في حقوقهم السياسية في إثبات حضورهم ومشاركتهم في القرارات المصيرية التي تتعلق بها سلامة دولتهم وحياتهم كمواطنين،
لكأن ذلك كله لا يكفي لخلع صدام حسين من صدور العراقيين، ولا يمكن لكراهيته في قلوبهم، ولتحرّقهم إلى الشعور بالأمان بعد التخلص منه، بل لا بد من رشوة معلنة، تحول الوطني إلى واش وتشوه سمعة المناضل إذ تجعله مخبراً عند القوة المحتلة للأرض والمصادرة للقرار الوطني..
5 من الطبيعي ان تستخدم الامبريالية الجديدة الاساليب ذاتها التي سبق ان اعتمدها الاستعمار القديم وأشهرها <<فرِّق تسد>>، وهكذا لجأت الادارة البوشية الى التعامل مع العراقيين كطوائف ومذاهب وقوميات واعراق، لم يكونوا ابداً شعباً واحداً، والاخطر انهم لن يكونوا اليوم او بالاخص غداً شعباً واحداً في
دولة واحدة لها هويتها الطبيعية النابعة من ارضها وتاريخ اهلها فيها.
6 ومن الطبيعي، ايضاً، ان تستفز عمليات المقاومة، كائناً من كان من يقوم بها، جورج و. بوش ذاته، فيلجأ الى تعبير <<العدو>> في توصيفها، مما يجعل خيار العراقيين محدَّداً: انت مع الاحتلال ام مع عدوه! وبديهي ان <<اعداء>> صدام حسين انفسهم لن يقرروا بهذه البساطة ان يجهروا بصداقتهم للاحتلال.
المقاومة الجدية للاحتلال في العراق لم تبدأ بعد.
ان العراقيين يحتاجون، اضافة الى الظروف الموضوعية، زمناً يفيقون خلاله من كابوس صدام، ويستعيدون وعيهم بماجرى لهم في بلادهم، ثم يقررون كيف واين ومتى وبأي سلاح يواجهون الاحتلال الذي يتصرف وكأنه <<خير خلف لخير سلف>>!
على ان المقاومة الفعلية حين تولد وتتكامل نمواً وتباشر عملها الجهادي لتحرير وطنها، ستكون <<مدينة>> للاحتلال الاميركي بانه قد عجل في ولادتها، وبانه قد يسر لها اسباباً عملية للتواصل والتكامل واستعادة الوحدة الوطنية التي عمل فيها <<صدام>> تخريباً على امتداد ثلث قرن، والتي قد يقدَّر لها ان تولد على يدي <<داية>> اميركية متميزة بالتقنية العالية والغباء العالي..
لقد اختار صدام حسين وريثه، حقاً..
وها هو الوريث يكمل مهمة المورث.. لكن الزمان اختلف تماماً، والتماثيل المتهاوية تقدم صورة للمستقبل القريب وليس فقط للماضي القريب: فالطاغية هو الطاغية... فكيف إذا كان اسمه جورج و. بوش؟!
 



#طلال_سلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طلال سلمان - على الطريق بوش .. خير خلف لصدام