أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ماهر الشريف - أضواء على تجربة اليسار في فنزويلا















المزيد.....

أضواء على تجربة اليسار في فنزويلا


ماهر الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 1770 - 2006 / 12 / 20 - 09:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


جرت يوم الأحد قبل الماضي في فنزويلا الانتخابات الرئاسية، واسفرت النتائج عن فوز الرئيس هوغو شافيز بولاية رئاسية ثالثة، وذلك بالاستناد إلى الدعم الكبير الذي حظي به من جانب الفئات الشعبية والفقيرة.
ومما لا شك فيه أن إعادة انتخاب شافيز، التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس البرازيلي لولاية ثانية وانتخاب رئيس يساري في الإكوادور، وعودة اليسار الى السلطة في نيكاراغوا، ستعزز ظاهرة تزايد دور اليسار في أمريكا اللاتينية، التي تعبّر، في المقام الأول، عن الفشل الذريع لعقدين من تطبيق السياسات النيوليبرالية، التي اقترحها كلٌ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كما تعبّر عن تنامي مشاعر العداء بين شعوب القارة للسياسات التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش.
ويجمع هذا اليسار، من خلال مطالبه وأطر تنظيمه، بين أشكال وحركات جديدة وقديمة في آن معاً: حركات سكان الأحياء الفقيرة في المدن، وحركات الفلاحين المحرومين من الأرض، وحركات العمال العاطلين عن العمل، وحركات النساء وحركات سكان البلاد الأصليين. وكان لهذه الحركات الأخيرة دور بارز في نجاح اليسار في الوصول إلى السلطة في عدد من بلدان القارة، وبخاصة بعد أن نجحت في الجمع بين النضال من أجل الاعتراف بالحقوق الكاملة للسكان الأصليين وبين النضال من أجل الدمقراطية والتخلي عن النمط النيوليبرالي للتنمية.
لقد طرحت حكومة هوغو تشافيز، بعد وصولها إلى السلطة في كانون الثاني 1999، مشروعاً مناهضاً للهيمنة، بقي مفتقداً إلى أساس نظري يستند إليه، الأمر الذي دفع المحللين إلى التساؤل عن طبيعة هذا المشروع: هل يعني البحث عن هامش أوسع من الاستقلال الوطني، ولا سيما تجاه الولايات المتحدة الأمريكية؟ أم يعني العودة إلى سياسة تنموية قائمة على أساس الإحلال محل الواردات؟ أم يعني إقامة دولة رفاه اجتماعي؟ أم ينطوي على مشروع مناهض للنيوليبرالية من داخل الرأسمالية، أم على مشروع يسعى إلى القطع مع منطق الرأسمالية؟ ومما أعطى مشروعية لكل هذه الأسئلة أن الرئيس شافيز اكتفى بإعلان تبنيه (البوليفارية)، نسبة إلى محرر أمريكا اللاتينية سيمون بوليفار، علماً بأن هذه (البوليفارية) لا تمثّل عقيدة ولا تنطوي على استراتيجية، بل هي تحيل فقط إلى رمز.
وشيئاً فشيئاً بدأت تتوضّح سياسة شافيز، الذي دعا إلى تغيير الدستور، وإلى تنظيم استفتاء شعبي لالتئام جمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد. وقد ضمن هذا الدستور الجديد الحرية الاقتصادية والملكية الفردية، لكنه أعطى للدولة دوراً مركزياً في تحديد السياسة التجارية والدفاع عن الصناعة الوطنية. إذ فرضت الحكومة سيطرتها على القطاع النفطي وعلى قطاعات أخرى ذات طابع استراتيجي، كما تكفلت بتطوير القطاع الزراعي وضمان الأمن الغذائي. وفي 22 تشرين الثاني 1999، صدر قانون تشجيع الاستثمار الأجنبي وحمايته، كما صدر، في 28 آذار 2000، قانون ينظم قطاع الاتصالات.
ومن جهة ثانية، أكد الدستور الجديد الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وبخاصة في مجال الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وطرح، على الصعيد السياسي، صيغة جديدة للمشاركة الشعبية تجمع بين أشكال من الدمقراطية التمثيلية، من جهة، وأشكال من الدمقراطية التشاركية، من جهة ثانية.
وفي وثيقة (الخطوط العامة لمشروع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأعوام 2001-2007)، أُعطي النمو المستند إلى التصدير الخارجي الأولية، وأقرت، في تشرين الثاني 2001، عدة قوانين تهدف إلى دمقرطة الملكية والإنتاج، من خلال دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتقديم قروض صغيرة لأصحابها، وإقامة صندوق موحد للضمان الاجتماعي وتقديم الدعم للتعاونيات. وبرزت من ضمن سلة هذه القوانين ثلاثة رئيسية أثارت نقاشات حامية، وهي: قانون الصيد، الذي أكد ضرورة الاستغلال المسؤول والمستدام للثروة السمكية ، بوصفها ملكية للدولة، وإعطاء الأولية لتلبية حاجات السوق الداخلية وتحسين ظروف معيشة صغار الصيادين؛ وقانون الأرض والتنمية الزراعية، الذي طرح مهمة تحقيق تنمية زراعية شاملة ومستدامة في إطار تحديد حجم الملكية العقارية، وضمان توزيع عادل للثروة وحماية التنوع الحيوي وتأمين الأمن الغذائي، وقانون الصناعة النفطية، الذي أكد ملكية الدولة للثروة النفطية وسيطرتها على شركة نفط فنزويلا، التي كانت تمثّل دولة داخل الدولة، وتحديد أسس إقامة الشركات المختلطة في القطاع النفطي. وقد رأى رجال الأعمال في هذه القوانين انتهاكاً لحق الملكية الفردية، وجرت عمليات واسعة لتهريب الرساميل إلى الخارج. ونظمت، في 11 نيسان 2002، أول محاولة للإطاحة بالرئيس، أعقبتها دعوة رجال الأعمال إلى إضراب عام، وبخاصة بين العاملين في القطاع النفطي، لكن هاتين المحاولتين باءتا بالفشل بسبب الالتفاف الشعبي حول حكومة تشافيز.
أما على الصعيد الاجتماعي، فقد وضعت الحكومة أول برنامج لها في عام 2000، استهدف إصلاح البنى التحتية على مستوى المدارس والمستشفيات والمساكن، وتوزيع الغذاء على فقراء المناطق النائية، وزيادة المبالغ المخصصة للتعليم والضمان الاجتماعي. وفي عام 2003، طرحت الحكومة برنامجاً جديداً، استهدف دعم صغار المنتجين والتعاونيات، وإقامة بنك لتقديم قروض صغيرة للنساء. وأعارت الحكومة، في ذلك البرنامج، اهتماماً خاصاً لميداني التعليم والصحة، إذ طرحت خطة للقضاء على الأمية بين مليون شخص وتمكين أبناء الطبقات الفقيرة من مواصلة تعليمهم العالي، وأوكلت إلى عدد كبير من الأطباء الكوبيين مهمة تقديم خدمات طبية مجانية لسكان المناطق الأكثر حرماناً، بلغ عدد الذين استفادوا منها مليوناً وأربعمائة ألف شخص. وفي مجال المشاركة والرقابة الشعبية على الإدارة العامة، أُقر قانون المجالس المحلية للتخطيط العام، الذي هدف إلى إشراك المواطنين في صياغة وتنفيذ برامج الإدارة العامة في إطار نظام وطني للتخطيط التشاركي على المستوى الوطني والمناطقي والبلدي.
وعلى الرغم من كل هذه النجاحات المحققة، بقيت حكومة شافيز تواجه مشكلات كبيرة، من أهمها استنكاف رجال الأعمال والبرجوازية الوطنية عن المشاركة الفاعلة في خطط التنمية، وتراجع إسهام القطاع الزراعي في الاقتصاد وإخفاق محاولات التوجه نحو الاستثمار الإنتاجي في قطاعات أخرى غير قطاع النفط، الأمر الذي قد يعزز الطابع الأحادي الجانب والريعي للاقتصاد الوطني، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من آثار مضرة على مستقبل التنمية.
ومن جهة أخرى، لم ينجح نظام الرئيس تشافيز في تطوير قدرة أجهزة الدولة على الضبط والإدارة وتعزيز الطابع المؤسسي لنشاطاتها، وبخاصة في ظل محدودية الشرعية التي بقيت تتمتع بها السلطة القضائية. وفي ظل المقاومة التي يبديها قطاع واسع من الموظفين، المنظمين في نقابات مناهضة للتوجهات الجديدة، وتواصل النزاع بين الإدارة المركزية وبعض إدارات الولايات والمناطق. كما ظل النظام يعاني انتشار ظاهرة الفساد، وذلك على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل مكافحته. وأخيراً، فإن ظاهرة شخصنة السلطة في مجال اتخاذ القرارات الرئيسية، في غياب أشكال وأطر تنظيمية تلعب دور الوسيط بين الزعيم والقطاعات الشعبية، ما زالت تطبع سيرورة التغيير بطابع الهشاشة وتجعل اندماج الفئات الشعبية، التي كانت مهمشة تاريخياً، في الفعل السياسي يتخذ طابعاً عفوياً.
لقد لعب نظام الرئيس هوغو شافيز دوراً بارزاً في إضعاف نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية التقليدي داخل قارة أمريكا اللاتينية، وطرح مشاريع عديدة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين بلدان هذه القارة، كما أثبت- والانتخابات الرئاسية التي جرت قبل نحو اسبوعين في حضور أكثر من 600 مراقب دولي أكبر دليل على ذلك- تمسكه الحازم بالخيار الدمقراطي وبمبدأ التداول السلمي للسلطة، لكن التحدي الكبير الذي سيظل يواجه نظامه سيتمثّل في نجاحه في إيجاد حلول للمشكلات المشار إليها أعلاه وفي بلورة استراتيجية للتنمية تقوم على أساس تنويع الاقتصاد، وتحد من أشكال اللامساواة في تملك الثروة بين فئات المجتمع، بما يضمن توزيعاً عادلاً لها، وتعطي الأولية للإنتاج الهادف إلى تلبية الحاجات الأساسية للسكان على حساب الإنتاج الموجه نحو التصدير، وتراعي، في الوقت نفسه، الاعتماد المتبادل وتدويل الاقتصاد الذي باتت تفرضه ظاهرة العولمة.




#ماهر_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بورتو أليغري: محطة جديدة على طريق أنسنة العولمة - فلنتفاعل م ...
- ما هي آفاق الدعوة إلى تجديد الفكر الإسلامي؟


المزيد.....




- وزير الدفاع الإسرائيلي ردا على تصريحات بايدن: لا يمكن إخضاعن ...
- مطالبات بالتحقيق في واقعة الجدة نايفة
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في ال ...
- سويسرا: الحوار بدل القمع... الجامعات تتخذ نهجًا مختلفًا في ا ...
- ردًا على بايدن وفي رسالة إلى -الأعداء والأصدقاء-.. غالانت: س ...
- ألمانيا ـ تنديد بدعم أساتذة محاضرين لاحتجاجات طلابية ضد حرب ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة هندسية إسرائيلية في رفح (فيد ...
- موسكو: مسار واشنطن والغرب التصعيدي يدفع روسيا لتعزيز قدراتها ...
- مخاطر تناول الأطعمة النيئة وغير المطبوخة جيدا
- بوتين: نعمل لمنع وقوع صدام عالمي


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ماهر الشريف - أضواء على تجربة اليسار في فنزويلا