أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليم نجيب - أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة يوليو 1952













المزيد.....

أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة يوليو 1952


سليم نجيب

الحوار المتمدن-العدد: 527 - 2003 / 6 / 28 - 14:14
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


 

وضع الأقباط في عصر محمد علي الكبير

يجدر بنا أن نذكر أن الأقباط في عصر محمد علي الكبير –مؤسس مصر الحديثة- تمتعوا بسياسة التسامح وروح المساواة بين جميع المصريين منذ توليه حكم مصر سنة 1805.

عندما نركز على هذا التسامح إنما نقف تجاه بانوراما التاريخ فننظر إلى ما قبل عصر محمد علي حيث نجد التحدي السافر لشعور الأقباط في كل أرض مصر. ولكن ها نحن نرى عند وصول محمد علي للسلطة التي تولاها في عصر مضطرب غاية الاضطراب حيث كانت خزينة الدولة خاوية من المال، نجد محمد علي بدأ في اتباع سياسة تسامح فقضى على التفرقة بين القبطي والمسلم لأن كلاهما يستطيعان أن يقدما للبلاد أحسن الخدمات. كما اتجهت سياسة محمد علي إلى مساواة تامة بين المسلمين والأقباط في الحقوق والواجبات فعين أقباطا مأمورين لمراكز برديس والفشن بالوجه القبلي وديرمواس وبهجورة والشرقية. لقد اتبع محمد علي هذه السياسة لسعة أفقه وهذا هو سر تفوقه وتوفيقه. وتجدر الملاحظة هنا أن تعيين أقباط مأمورين مراكز هو بمثابة تعيين محافظين للمحافظات الآن. وشتان بين تعيينات الأقباط في هذا العصر الذهبي وبين عصرنا الحالي.

لم تلبث هذه السياسة التي اتبعها محمد علي تجاه الأقباط أن أتت ثمارها فانتشرت روح المساواة بين جميع المصريين في جميع القرى المصرية وتعاون المسلمون والمسيحيون تعاونا صادقا من أجل مجد الوطن. وهكذا ظل الأقباط طوال عصر محمد علي عنصرا في بحر الأمة المصرية التي تعيش في سلام ولم تقع بهم إلا اضطهادات خفيفة جدا لا تذكر. (وطنية الكنيسة القبطية للراهب القمص أنطونيوس الأنطوني ص 367-368).

ولا ينسى الأقباط أنه في عهده الزاهر ألغى محمد علي قيد الزي الذي كان مفروضا على الأقباط في العصور السابقة. كما لا ننسى أيضا أن عصر محمد علي يعتبر من أزهى العصور التي مرت بالكنيسة القبطية حيث ألغى كل القيود التي كانت تفرض على الأقباط لممارسة طقوسهم الدينية ولم يرفض للأقباط أي طلب تقدموا به لبناء أو إصلاح الكنائس. وتحدى قصر عابدين عددا كبيرا من الأوامر الخاصة بالكنائس سواء لتعمير الكنائس أو مساعدتهم في ذلك أو الاستعجال في تنفيذها. وقد تعددت هذه الأوامر لبناء الكنائس في عهود سعيد باشا والخديوي إسماعيل باشا (كتاب أقباط ومسلمون للدكتور جاك تاجر ص 232-233)

كان محمد علي أول حاكم مسلم منح الموظفين الأقباط رتبة البكوية واتخذ له مستشارين من المسيحيين.

وفي عصر سعيد باشا (1854-1863)  عمل على استمرار روح التسامح الديني والمساواة بين المسلمين والأقباط فقام بتطبيق قانون الخدمة العسكرية على الأقباط وألغى الجزية التي ظلت جاثمة على صدور الأقباط منذ الفتح العربي في منتصف القرن السابع. ودخل الأقباط لأول مرة في سلك الجيش والقضاء وسافر بعضهم إلى أوروبا كانت النهضة التعليمية لها نصيب الأسد فيها. ولا ننسى أن سعيد باشا عين حاكما مسيحيا على مصوع بالسودان وهو إجراء يميز عهده أحسن تمييز ويهدف إلى إفادة البلاد لكل الكفاءات مهما كانت الديانة التي تنتمي إليها.

أما الخديوي إسماعيل باشا (1863-1878) الذي تلقى علومه في فيينا ثم باريس فقد وجد عند عودته إلى بلاده أن الجو يصلح لاتباع سياسة من التسامح والمساواة على أوسع نطاق ونجده يقرر علانية ورسميا المساواة بين الأقباط والمسلمين وذلك بترشيح الأقباط لانتخابات أعضاء مجلس الشورى ثم بتعيين قضاة من الأقباط في المحاكم. ونتساءل كم عدد الأقباط الذين رشحهم الحزب الوطني الديمقراطي في انتخابات مجلس الشعب؟؟

كما يجب ألا ننسى أن الخديوي إسماعيل هو أول حاكم طلب رتبة الباشوية لرجل مسيحي وقد شغل كثير من الأقباط في عصره مناصب عالية –وليست هامشية- فقد شغل واصف باشا وظيفة كبير التشريفات وآخرون (كتاب جاك تاجر ص241).

وباختصار نستطيع أن نؤكد أن العلاقات بين الأقباط والمسلمين في عصر الخديوي إسماعيل تحسنت تحسنا ملحوظا وأن مبدأ المساواة السياسية والاجتماعية أصبح أمرا مألوفا في البلاد هذا ولأول مرة نرى حاكما مسلما يشجع أدبيا ويدعم ماديا التعليم الطائفي القبطي لأن الخديوي إسماعيل كان يؤمن بأن القبطي مصر كالمسلم على حد سواء هكذا كان الأقباط يتمتعون بالمواطنة الكاملة المتساوية مع اخوتهم المسلمين وذلك في القرن التاسع عشر وكيف انحدر بهم الحال الآن ونحن في القرن الواحد والعشرين.

وضع الأقباط في القرن العشرين

وبمناسبة مرور نصف قرن على قيام ثورة يوليو 1952، نهدي هذا المقال لجيل الشباب الذي لم يعاصر العصر الليبرالي الديمقراطي ما قبل الثورة وكيف كان حال الأقباط في هذا العصر الذهبي (1805-1952)

إن أي مؤرخ منصف محايد يلمس أن أحداث ثورة 1919 تجلت فيها مظاهر الوحدة الوطنية في الحركة المشتركة للأقباط والمسلمين. كانت القيادة الوطنية –بزعامة سعد زغلول- واعية منذ البداية من أهمية موضوع الوحدة الوطنية والتي باركها ودعمها الشعب كله والتي أفرزت شعارات تقدمية مثل "الدين لله والوطن للجميع" "عاش الهلال مع الصليب".

لقد شارك الأقباط في الحياة السياسية بقوة ووطنية في هذه الفترة حتى يمكن اعتبارها من أزهى فترات الوحدة الوطنية. تواجد الأقباط بشكل طبيعي وملحوظ على الساحة السياسية كلها وفي كافة المراكز القيادية ولذلك لم يكن بمستغرب أن ينتخب ويصا واصف –محطم السلاسل- رئيسا لمجلس النواب (البرلمان).

كان المرشح القبطي يرشح في دوائر كلها مسلمين وكان ينتخب بصرف النظر عن ديانة هذا المرشح أو ذاك. فهكذا تواجد الأقباط تواجدا فعالا على الساحة السياسية سواء أكان في البرلمان بمجلسيه، النواب والشيوخ، أو في مجالات الإعلام والفكر والثقافة والصحافة وكافة وظائف الدولة القيادية وغير القيادية. فكانت فترة تاريخية خصبة من حيث اختفاء التمايز الديني وبناء الدولة العلمانية وتقلص دور الدين على الساحة السياسية إلى أن قامت جماعة الإخوان المسلمين بزعامة الشيخ حسن البنا بالمطالبة بالحكم الديني في مصر ورغم هذا تصدى له الوفد دائما أبدا ضد هذا المطلب الديني وانتصر المجتمع المدني الديمقراطي حتى قيام ثورة 23يوليو 1952.

وضع الأقباط بعد الثورة

يلاحظ المعاصرون أن عهد جمال عبد الناصر لم يحدث فيه أن أثيرت الفتن الطائفية بالكم الذي حدث في العصور المتتالية.

إن حركة الجيش التي قامت في 23يوليو 1952 قامت على تنظيم سري بحت للضباط الأحرار ولم يكن ضمن هذا التنظيم أي قبطي ينتمي إلى الصف الأول ولقد رحب الأقباط شأنهم شأن بقية أبناء الشعب بقيام الثورة. وتمر الأيام تلو الأيام ويغلب على الأقباط التوجس خاصة حول مشاركة الأقباط ف حركة الجيش وتحول التوجس إلى قلق وبشكل خاص بعد أن استبعدت الثورة قادة الرأي من الصفوة القبطية سواء بفعل قانون الإصلاح الزراعي أو بالتأميمات. كما أن تغلغل الإخوان المسلمين وازدياد نفوذهم على رجال الانقلاب العسكري أثار شكوك ومخاوف الأقباط ولاسيما أن معظم أو كل الضباط الأحرار كانوا من الإخوان المسلمين. فكان جمال عبد الناصر يقوم بتدريب التنظيم السري العسكري للإخوان المسلمين وإمداده بالسلاح مع أنور السادات بل إن عبد الناصر نفسه كان عضوا في جماعة الإخوان تحت اسم حركي هو عبد القادر زغلول وذلك وفقا لرواية حسن العشماوي المحامي أحد قيادات الإخوان المسلمين آنذاك.

ألغى جمال عبد الناصر الأحزاب السياسية في يناير 1953 مستثنيا جماعة الإخوان المسلمين. لم يعد من الممكن لأي قبطي أن يرشح نفسه للانتخابات أن ينجح مادامت لا توجد أحزاب يستند إليها. ولهذا ابتكر عبد الناصر ابتكارا جديدا لم يمارس من قبل طوال الحياة البرلمانية في مصر منذ القرن التاسع عشر فابتكر أسلوب "تعيين" الأقباط في مجلسي الشعب. فقرر إداريا قفل عشر دوائر اختيرت بدقة حيث التواجد القبطي محسوس وملحوظ وذلك بأن قصر الترشيح على الأقباط وحدهم. وظل هذا المبدأ معمول به إلى أن أعطيت سلطة تعيين عشرة أعضاء لرئيس الجمهورية.

هذا ويلاحظ أن كل الوزارات التي تولاها الأقباط طوال عهد عبد الناصر كانت من الوزارات الهامشية. كما أن معظم الأعضاء الأقباط المعينين في مجلس الشعب أو الشورى الآن من الشخصيات القبطية الضعيفة الشخصية معظمهم مصفقين مداحين طبالين وفي أفضل الأحوال صامتين.

حينما تم اصطدام جماعة الإخوان المسلمين مع رجال الثورة بسبب التنافس على السلطة، أراد عبد الناصر أن يزايد على جماعة الإخوان بإعادة الدولة الدينية بعد حوالي 150 عاما على ظهور المجتمع المدني في عصر محمد علي. ولهذا يرى غالي شكري أن بذور الفتنة الطائفية وضعت في عهد عبد الناصر ولأن الدين كان حاضر لآداء وظيفته في عهد عبد الناصر ففي أثناء صراعه مع الإخوان المسلمين راح يزايد عليهم تكتيكيا وذلك بإصدار عدة قرارات مثل

1-             جعل الدين مادة أساسية في مختلف مراحل التعليم تؤدي إلى النجاح والرسوب

2-     إنشاء جامعة الأزهر على غرار الجامعات العصرية مقصورة على الطلبة المسلمين فقط وذلك لدراسة جميع فروع العلم

3-             إنشاء دار القرآن في 14 مارس 1964 لنشر التراث القرآني

4-             إنشاء إذاعة القرآن الكريم

5-             قيام كمال الدين حسين بأسلمة برامج التعليم

6-     تأسيس جمعية الهداية الإسلامية وعلى رأسها حسين الشافعي ولقد لعبت هذه الجمعية دورا كبيرا في التغرير بالفتيات القبطيات لكي يتحولن إلى الإسلام

7-     تصريح أنور السادات في جدة –عندما كان السكرتير العام للمجلس الإسلامي عام 1965- بأنه خلال عشر سنوات سوف يحول أقباط مصر إلى الإسلام أو تحويلهم إلى ماسحي أحذية وشحاذين (أسامة سلامة – مصير الأقباط – صفحة 217)

8-     إنشاء 280 معهدا عاليا للعلوم الدينية فقط و6000 معهد ابتدائي وإعدادي وثانوي وأصبح عدد طلاب المعاهد الدينية في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية مليونا و 250 الف طالب وطالبة. وأصبح عدد الشيوخ نصف مليون تقريبا ينتشرون في 190 ألف مسجد وزاوية في أنحاء القطر حتى 1992 فقط.

أما إجراءات التأميم التي قام بها عبد الناصر في يوليو 60/1961 كادت تقضي على نسبة وعدد كبير من الأعمال والصناعات والوظائف المهنية والفنية التي كان الأقباط فيها بنسب عالية وهي قطاع النقل والصناعة والبنوك. وعين بدل المديرين الأقباط مديرين مسلمين. أما انتزاع والاستيلاء على الأراضي الزراعية بموجب قانون الإصلاح الزراعي فكانت خسارة الأقباط فيها بنسبة 75%. هذا ويلاحظ أنه عند توزيع هذه الأراضي على الفقراء الفلاحين تم توزيعها على الفلاحين المسلمين فقط.

هذا ويلاحظ أن جمال عبد الناصر حينما أمم الشركات قرر في خطبته للشعب أن قراراته لم تستلهم من الماركسية أو اللينينية وأعلن أن رسول الإسلام هو أول من نادى بأسلوب التأميم وأنه "أبو أول اشتراكية". (الأقباط النشأة والصراع للصحفي ملاك لوقا – صفحة 640)

نتيجة لكل هذه الأحداث تم استبعاد الأقباط من الحياة السياسية فبمجالس الأمة (الشعب) ليس للأقباط حضور وكذلك مجلس الشورى. كما إنعدم تواجد الأقباط في أجهزة المخابرات ومباحث أمن الدولة والجيش والجامعات والمعاهد التعليمية ولا يوجد محافظ واحد قبطي ولا سفير قبطي ولا مدير أمن ولا مديري الشركات والبنوك والمؤسسات. (د. سميرة بحر – الأقباط في الحياة السياسية المصرية ص 166،167).

ثم جاء عهد أنور السادات وهو ربيب وتلميذ الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان المسلمين. وكان التيار الناصري واليساري شبه مسيطر على البلاد وفي الجامعات والنقابات والأجهزة الإعلامية.. الخ. وقد أراد السادات أن يضرب هذا التيار فارتمى في أحضان التيار الديني الأصولي وأطلق على نفسه "الرئيس المؤمن" وكأن الرؤساء السابقين ليسوا مؤمنين. ولا ننسى قولة السادات المشهورة "أنا رئيس مسلم لدولة إسلامية". وأفرج السادات عن جميع المعتقلين الإسلاميين. وشجع بل مول إنشاء تنظيمات للجماعات الإسلامية للوقوف ضد التيارات اليسارية والناصرية في اجتماع عقده مع عديله المهندس عثمان أحمد عثمان ومع محمد عثمان إسماعيل وكان محافظا لأسيوط. وبدأت هذه التنظيمات الإسلامية تنشر ثقافة التعصب والكراهية والتكفير فكان عهده مفتتح لتوالي الأحداث الطائفية بين المسلمين والأقباط.

فبدأ السادات بتعديل الدستور المصري –بضغط من الجماعات الإسلامية بأن أضاف إلى المادة الثانية من دستور سنة 1971 "الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع" ثم عدلت فيما بعد عام 1980 لتكون "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

ولقد ساعد السادات الجماعات الإسلامية على بسط نفوذها في الجامعات والنقابات وبدأت شكاوى الأقباط تتصاعد وبدأت بذور الفتنة الطائفية تنمو بمباركة السادات. وتبنى السادات كل ما هو ديني ودعم هذا التيار الديني لحمايته وتحقيق أغراضه ودعم موقفه وإذا بالرياح تأتي بما لا تشتهي السفن فقد هبت عاصفة التعصب ودمرت طاقم القيادة السياسية باغتيال السادات.

ولاشك أن موقف السادات المتشدد في عملية بناء وترميم الكنائس وتطبيق الشروط العشرة والخط الهمايوني أدى إلى حدوث عنف طائفي أولها حادث حرق الكنيسة في الخانكة في نوفمبر 1972. وتشكلت لجنة برلمانية برئاسة المرحوم د. جمال العطيفي. وأصدر العطيفي تقريره كان ضمن توصياته إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة. وللعلم فان هذا التقرير الذي صدر عام 1972 لازال حبيس الأدراج إلى يومنا هذا. وبدأ انتشار في طول البلاد وعرضها ثقافة التعصب والكراهية وعدم قبول الآخر وتكفير المسيحيين بدءا من مدارس الأطفال إلى أعلى مستويات الدولة واختفت شعارات "الدين لله والوطن للجميع" عاش الهلال مع الصليب" وحل محله شعار "الإسلام هو الحل". وهكذا انحدرت الأحوال في البلاد من الدولة الليبرالية الديمقراطية إلى الدولة شبه الدينية الثيوقراطية مهمتها نشر التعصب والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. رحم الله الزعيمين الخالدين سعد زغلول ومصطفى النحاس.

ونود فقط أن نذكر أنه في عهد السادات حدثت فتن طائفية عنيفة بدءا بأحداث حرق كنيسة الخانكة في 8 سبتمبر 1972 ومرورا باغتيال القس غبريال عبد المتجلي كاهن كنيسة التوفيقية (سمالوط – المنيا). ووقعت اصطدامات عنيفة بين المسلمين والأقباط استخدمت فيها الأسلحة النارية وكان ذلك يوم 2 سبتبمبر 1978، وطوال أعوام 1978و 1979 زادت حدة التوتر وتزايدت أعمال العنف وصدرت منشورات عديدة تكفر "النصارى" وتجيز قتل النصارى والاستيلاء على أموالهم (المصحف والسيف – نبيل عبد الفتاح ص. 103) وفي أوائل عام 1979 أحرقت كنيسة قصرية الريحان الأثرية بمصر القديمة. وفي 18مارس 1980 اعتدت بعض الجماعات الإسلامية على الطلاب المسيحيين المقيمين بالمدينة الجامعية بالإسكندرية. وفي 17 يونيو 1981 نشب عنف طائفي عنيف بين الأقباط والمسلمين في حي الزاوية الحمراء لمدة ثلاثة أيام متتالية ووصل عدد القتلى طبقا للتقرير الحكومي إلى 17 قتيلا و 112 جرحى. ولايزال حتى تاريخه هناك مسجونون أقباط بسبب أحداث الزاوية الحمراء نذكر منهم نعيم إبراهيم معوض (حكم مؤبد). كما قتل 3 وأصيب 59 في حادثة الاعتداء على كنيسة مسرة بشبرا بسبب إلقاء قنبلة من الخارج على الكنيسة. (الأقباط – النشأة والصراع للصحفي ملاك لوقا ص 649). وفي آخر عهد السادات في 4 سبتمبر 1981 – عزل السادات قداسة البابا شنودة وحدد إقامته بدير الأنبا بيشوي بدلا من عزل وزير الداخلية سبحان الله (طبعا لا يملك لا السادات ولا أي رئيس آخر عزل بطرك الأقباط. السادات قد يعين من يشاء ليخاطبه بصفة بطرك الأقباط ولكن هذا التعيين غير قانوني على الإطلاق وليس له أي قيمة من وجهة نظر كل قبطي وهذا هو المهم) كما قبض السادات على 1536 من مختلف التيارات والاتجاهات السياسية والدينية. ولم يمر شهر ويومين إلا وقتل السادات بأيدي "أولاده" الذين تربوا في أحضان الفكر الديني المتطرف. اللهم لا شماتة بل عبرة وتذكيرا كما قال مكرم عبيد.

وفي عهد الرئيس مبارك استمرت الفتن الطائفية نبرز هنا بعض الأحداث الدامية التي وقعت على الأقباط. إمبابة 1991، قرية دميانة 1995، كفر دميان 1996، عين شمس 1990و1996، الإسكندرية 91-94و95، الفيوم 1996، ديروط92و93 القوصية 94، ابو قرقاص 90و97، سمالوط 91، ملوي 95، المنيا 89و94و96، منشية ناصر 92، أسيوط 92و95و96، طما 92و96، طنطا 96، قنا 93و95، صنبو 96، الكشح 98و 2000، حرق كنيسة بالقرب من المنيا فبراير 2002، كنيسة العبور يناير 2002.

هذا بخلاف الإعلام والصحافة التي كثيرا ما تهاجم العقيدة المسيحية وتتهم النصارى بالكفر وكذا رأينا وضع الأقباط ينحدر انحدارا منذ النصف الثاني من القرن الماضي أي منذ قيام الانقلاب العسكري في 23 يوليو 1952 وهكذا وصل وضع الأقباط بعد أن كانوا شركاء في الوطن شركاء في القيادة السياسية متواجدين تواجدا كاملا مع اخوتهم (في الوطن) المسلمين في ظل النظام الليبرالي الديمقراطي منذ عصر محمد علي الكبير حتى 23 يوليو 1952. ومنذ ثورة يوليو أصبح الأقباط على هامش الحياة السياسية غير شركاء في الوطن بعيدين بل مستبعدين من المراكز القيادية وسلطات اتخاذ القرار مهمشين في كافة السلطات التشرعية والتنفيذية والقضائية والإعلام والصحافة لأن سمة العصر هو الانتماء الديني قبل الانتماء للوطن.

ما هو الحل؟؟ الحل هو القيام بإصلاح سياسي ودستوري شامل يعيد المجتمع إلى المجتمع المدني الليبرالي الديمقراطي، يعطي حق المواطنة الكاملة لكل المواطنين بغض النظر لانتماءاتهم الدينية أو السياسية أو الجنسية مع تغيير المناخ العام في برامج التعليم والإعلام وذلك بنشر ثقافة المحبة والتسامح وقبول الآخر. إن مصر في حاجة إلى تطبيق مبادئ سعد زغلول ومصطفى النحاس تلك المبادئ التي أوصلت مصر في نصف القرن الماضي إلى مصاف الدول المتمدينة العظيمة رغم أنها كافحت في تلك الفترة الاحتلال البريطاني. إن مصر في حاجة إلى بناء وطن موحد يجمع كل المواطنين على اختلاف أديانهم وثقافتهم في ظل مجتمع مدني ليبرالي حتى يعود لمصر وجهها السمح وحتى ينطلق جميع أبنائها –مسلمين ومسيحيين- إلى تشييد مستقبل ديمقراطي زاهر لبلادنا العزيزة حتى يرفرف علم مصرنا مرة أخرى علم الهلال والصليب وتعود شعارات الدين لله والوطن للجميع عاش الهلال مع الصليب



#سليم_نجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليم نجيب - أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة يوليو 1952