أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد زين الدين - سؤال الاصلاح الدستوري في مغرب التسعينات















المزيد.....



سؤال الاصلاح الدستوري في مغرب التسعينات


محمد زين الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1753 - 2006 / 12 / 3 - 10:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


توطئة
إن الحديث عن مسألة الإصلاح الدستوري والسياسي ليس بالمسألة الحديثة النشأة في تاريخ المغرب المعاصر؛ فقد ارتفعت مع بداية القرن العشرين أصوات لمفكرين إصلاحيين تدعو إلى ضرورة القيام بإصلاحات دستورية وسياسية بغية دمقرطة المجتمع المغربي من جهة ومواجهة التغلغل الامبريالي من جهة أخرى؛ وإذا كانت هذه المطالب الإصلاحية لم يكتب لها النجاح لأسباب متعددة[1] فإن نظيرتها في مغرب التسعينات قد رأت النور بل تمت الاستجابة إلى الكثير منها.
فما هو السياق التاريخي والسياسي الذي برزت فيه هذه الإصلاحات؟ وماذا حملت بين طياتها؟ ثم ما هي حدود هذه الإصلاحات وما مدى انعكاسها على بنية وجوهر النظام الدستوري السياسي المغربي؟
للإجابة على هذه التساؤلات المركزية سنفرد المحور الأول للحديث عن طبيعة السياق التاريخي والسياسي لهذا الإصلاح، أما المحور الثاني فسنفرده لتسليط الأضواء على رؤية الفاعلين السياسيين لمسألة الإصلاح الدستوري والسياسي، فيما سنستعرض في المحور الثالث أبرز المستجدات التي عرفتها الترسانة الدستورية في مغرب التسعينات.

المحور الأول :
السياقين التاريخي والسياسي لبروز مسألة الإصلاح الدستوري-لسياسي
انبثقت الإصلاحات الدستورية والسياسية لمغرب التسعينات في مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب الراهن؛ فقد برزت كنتيجة للتحولات الدولية من جهة والمتغيرات الوطنية المتمثلة في بروز الحديث عن مجتمع جنيني بالمغرب، فكيف ساهمت هذه العوامل في التسريع بوتيرة الإصلاحات الدستورية السياسية؟
المبحث الأول: السياق التاريخي لمسألة الإصلاح الدستوري-السياسي
كان لإقبار نظام الثنائية القطبية وانتشار المد الديمقراطي العالمي إلى جانب حدوث تحولات نوعية طرأت على المجتمع المغربي مع بداية عقد التسعينات دور كبير خلق نوع من التوافق السياسي بين جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني والأحزاب الوطنية المتمثلة في الكتلة الديمقراطية قصد إجراء إصلاح دستوري سيشكل مدخلا أساسيا للقيام بانتقال ديمقراطي هادئ وهادف من داخل بنية النظام السياسي المغربي على اعتبار أن الدساتير الديمقراطية تعبر عن مواكبتها للمرحلة المنبثقة فيها وترجمتها لمقتضيات دولة القانون[2] .
المطلب الأول: دور التحولات الدولية لعقد التسعينات في تدشين مسلسل الإصلاح الدستوري
مع مطلع عقد التسعينات شهد المنتظم الدولي جملة من التحولات الجوهرية تجلت في إقبار نظام الثنائية القطبية وبروز نظام عالمي جديد أمسى يحمل بين طياته تصورات ومفاهيم جديدة؛ فانتشر المد العالمي للمسألة الديمقراطية الذي طال بلدان أوربا الشرقية وإفريقيا حيث عرفت هذه الأخيرة ظاهرة المؤتمرات الوطنية التي طرحت على بساط المناقشة كل الإشكاليات السياسية كالمسألة الدستورية[3] إلى جانب إقرار حقوق الإنسان بمفهومها الكوني[4] كما أفضى هذا النظام إلى تبني نظام العولمة، إذ يشير إغناسيو راموني على أن هذه المرحلة بدأت خلال الثمانينات؛ وبالضبط في نهايتها لتتخذ سنة 1990 مؤشرا للقطيعـة مع مرحلة سابقة، وهي السنة التي عرفت انهيار جدار برلين؛ لكن حتى لا نبقى مقتصرين على نوع من الصنمية والأحادية على هذه السنة فقط نستطيع أن نوسع المؤشر الزمني ليشمل 1989-1991 فخلال هذه الفترة الوجيزة وقعت ثلاثة أحداث أساسية كبرى هي التي تؤسس لهذه المرحلة الجديدة، وهذه الأحداث هي سقوط جدار برلين سنة 1898 واندلاع حرب الخليج الثانية لسنة 1991 وانهيار الاتحاد السوفيتي في دجنبر 1991[5]
وعلى اعتبار المغرب فاعلا نشيطا داخل المنتظم الدولي فقد تأثر برياح التغيير؛ حيث أشار العاهل المغربي الحسن الثاني على أنه "سيكون من مجافاة الصواب القول إننا غير معنيين بالأحداث التي شهدها العالم أو إدعاء ألا تأثير لها علينا"[6] دون أن ننسى الموقع الجغرافي المتميز للمغرب الذي يفرض "علينا أن نظل حذرين يقظين؛ ولكن دون أن نغفل أو نتجاهل ما يجري حولنا، وهذا هو ما جعلنا دائما متابعين ما يعتري العالم من تقلبات، منتهين إلى ما يجري على ساحته من تطورات ومهتمين أكثر من ذلك بما يحققه المغرب من تقدم وما يجري فيه من تحول"[7] مضيفا جلالته في موضع آخر "العالم كله عرف تغييرات عميقة قلبت كل الأسس بما في ذلك أن جانبا مهما من هذا المجتمع هوى بكامله مبرزا عن نفسه للعالم مظهرا غير منتظر بدا فيه نظام القطبية وقد انقلب رأسا على عقب. وكان من الطبيعي والحالة هذه أن يسعى المغرب بدوره إلى التلاؤم مع النظام الجديد فمبررات انحسار والانقطاع التي كانت واردة فيما مضى لم يعد لها وجود"[8].
المطلب الثاني: دور المتغيرات الوطنية لمغرب التسعينات في تدشين مسلسل الإصلاح الدستوري -السياسي
شهد مغرب التسعينات جملة من التحولات السياسية؛ الاقتصادية والاجتماعية منها ماله علاقة بالتحولات الدولية السالفة الذكر؛ ومنها ما هو مرتبط أساسا ببنية المجتمع المغربي؛ ويمكن إجمال هذه المتغيرات فيما يلي :
-1 ضرورة التجاوب مع بعض المطالب التحديثية لأحزاب الكتلة التي أمست تطالب بتحقيق جملة من الإصلاحات الدستورية والسياسية من خلال تقديمها مذكرات دستورية لجلالة الملك.(*)
-2 ظهور نوع من الوعي الذاتي "للمجتمع المدني" بالمغرب .
-3 بروز نخبة اقتصادية شابة ومتطلعة للحفاظ على مصالحها عبر قنوات سياسية؛ لذلك سيأتي خلق غرفة ثانية لإيجاد تمثيل عادل للاقتصاديين المغاربة.
إزاء كل هذه المتغيرات سيدشن مسلسل الإصلاح الدستوري- السياسي بإرادة سياسية قوية ترجمها خلق دستور توافقي في صيف 1992.
المحور الثاني :
رؤية الفاعلين السياسيين لمسألة الاصلاح الدستوري والسياسي
إذا كانت رؤى المؤسسة الملكية وأحزاب "الوفاق" تكاد تكون شبه متطابقة بخصوص مسألة الإصلاحات الدستورية والسياسية فإن مطالب أحزاب الكتلة جنحت نحو التركيز على البعد الحداثي في مضامين الاصلاح دون أن يفضي هذا التحديث السياسي إلى إحداث قطيعة مدوية مع خصوصية النظام الدستوري السياسي المغربي؛ فإدراكا منها بتمتع المؤسسة الملكية بمشروعيات ثلاثية: دينية، تاريخية ووطنية فقد تمسكت الكتلة الديمقراطية بأطروحة ملك حاكم وحكم.
إن هذا الإيمان بمهام إمارة المؤمنين لم يكن وليد مغرب التسعينات بل انطلقت بوادره الأولية عقب حصول المغرب على استقلاله؛ ففي التقاليد السياسية بالمغرب تبدو فكرة العقد الوطني ""pacte national تثير الروابط بين الملكية وحزب الاستقلال (اليمين الوطني) انطلاقا من سنة 1943 بعد مؤتمر أنفا[9] ليتكرس هذا التوجه بعد المخاض العسير الذي عرفه مغرب الستينات ليتبلور في دستور 1970؛ بحيث ساهمت جملة من الأحداث السياسية في إحداث تقارب ملحوظ بين المؤسسة الملكية والأحزاب المنحدرة عن الحركة الوطنية في دستور1972
المبحث الأول : إستراتيجية الإصلاح الدستوري-السياسي للمؤسسة الملكية
كيف بلورت المؤسسة الملكية مسألة الإصلاح الدستوري – السياسي؟ وما هي مرتكزات هذا الإصلاح؟ وفي أي اتجاه يصب؟ هل يصب في اتجاه بلورة مشروع مجتمعي حداثي؟ أم يكرس الطابع التقليدي؟ أم سعى إلى بلورة نهج تثاقفي يزاوج بين المعطى التقليدي والحداثي؟
المطلب الأول : تثاقفية الإصلاح الدستوري-السياسي في تصور المؤسسة الملكية
كان للمؤسسة الملكية تصور واضح من مسألة الإصلاح الدستوري- السياسي بالمغرب، فقد انطلقت من توظيف إرث الخلافة الإسلامية؛ بحيث يكون مصدر الشرعية قوامها البيعة والمرجعية التاريخية المرتكزة على الإرث التاريخي الإسلامي الذي عمر أزيد من اثني عشر قرنا، والمرجعية الوطنية نظرا لكون المؤسسة الملكية كافحت بشكل فعلي على امتداد تاريخ هذا البلد من أجل ضمان حريته واستقلاله، وفي اتجاه آخر حرصت المؤسسة الملكية على توظيف القناعة السياسية لمواكبة العصر لكن دون أن تنسى المعطى التقليدي.
إن هذا التوجه السياسي سيترجمه بوضوح جلالة المغفور له الحسن الثاني من خلال التأكيد على مبدأ التوازن بين القيمتين المرجعية والتحكيمية؛ فهناك تلازم منهجي في جعل الملك حكَمَا وحاكما. وإذا كانت مرجعية الحاكم قد تعرضت مع المراجعة الدستورية لسنة 1992 إلى تحول نوعي مس البنية الدستورية في نطاق آليات ممارسة السلطة عبر طابق المشروعية وليس طابق الشرعية، فإن مرجعية "الحكَم" لم يتم تحجيمها في المغرب الراهن، بل تكرس إقرارها من قبل جميع الفاعلين السياسيين ليس فقط لإيمانهم بأن المؤسسة الملكية حكمت فعليا على امتداد التاريخ المغربي ولكن لإدراكهم بكون هذه المؤسسة تشكل صمام أمان للمجتمع المغربي برمته[10] ذلك أن الإصلاح الدستوري-السياسي ركز على مجال السلطات العصرية للملك دون أن يمتد إلى عمق المجال التقليدي للملكية. فلم يطرأ على المهام التقليدية للملك أي تعديل أو تحوير؛ فالتعديل الدستوري مس جانبا من جوانب السلطات العصرية كمسألة تحديد الأجل في تنفيذ القانون في أجل أقصاه 20 يوما؛ كما أن التحسينات التي طرأت على الجهازين التنفيذي والتشريعـــي لا تعني مطلقا تفويت سلطات الملك لهذين الجهازين بقدر ما لا تعدو أن تكون تفويضا لبعض سلطاته دون أن يمس هذا التفويض المهام التاريخية للمؤسسة الملكية.
المطلب الثاني : الطابع التدريجي للإصلاح الدستوري-السياسي الملكي
نهجت المؤسسة الملكية نوعا من "التدريجية" في تدشين مسلسل الإصلاح الدستوري-السياسي؛ إذ أن إصلاح الترسانة الدستورية لمغرب التسعينات تطلب أكثر من خمس سنوات؛ حيث أشار العاهل المغربي في هذا الصدد: "منذ أن أناط الله بنا أمانة قيادتك والسير بك نحو المستقبل الجدير بماضيك المستجيب لطموحاتك المشروعة لم نفتأ نعبد الطريق أمام تقدمك المتواصل متدرجين بك مرحلة مرحلة؛ دونما تباطؤ ولا تسرع مفضلين سياسة ما هو ممكن التي لا تعني إيثار ما هو أسهل، بل تعني انتهاج السبل واختيار الوسائل المؤدية إلى ما ترتجيه"[11].
المطلب الثالث: واقعية الإصلاح الدستوري للمؤسسة الملكية
انبنت إستراتيجية الملك الحسن الثاني على جعل مسألة الإصلاح الدستوري إصلاحا فعليا للمؤسسات الدستورية فـ"الإصلاح الدستوري يجب أن يكون إصلاحا لا آليا خياليا ولا فارغا ولا فلسفيا فقط؛ بل يجب أن يكون إصلاحا للدواليب وللآليات التي ستجعلنا قادرين على تناول الملفات الثلاثة التي ذكرتها لك- شعبي العزيز- والتي لا تقتضي الانتظار، بل يجب أن ننكب عليها جميعا في أقرب وقت ممكن، فقريبا إن شاء الله سنتناول هذه المواضيع وعلينا جميعا بهذه المناسبة أن نقطع على أنفسنا عهدا وقسما وأن نضع قاطرة بلدنا في السنة المقبلة على السكة الجيدة الجديدة القويمة التي ستؤدي بنا إلى بلوغ أهدافنا ورغباتنا"[12].
المبحث الثاني: مواقف الفاعلين السياسيين من مسألة الإصلاح الدستوري السياسي
تباينت مواقف الفاعلين السياسيين من مسألة الإصلاح الدستوري؛ فإذا كانت أحزاب "الوفاق" قد كرست مطالبتها بملكية دستورية حاكمة؛ فإن أحزاب الكتلة نهجت نوعا من الإصلاح الدستوري المتطلع إلى خلق ملكية برلمانية.
المطلب الأول : رؤية أحزاب الوفاق
سعت أحزاب الوفاق إلى بلورة مذكرات إصلاحية استهدفت تحقيق هدفين أساسيين أولهما: الانطلاق من نفس التصور الملكي لمسألة الاصلاح الدستوري- السياسي وثانيهما محاولة إثبات الذات خصوصا بعد أن انفردت أحزاب الكتلة في البداية بتقديم مطالب إصلاحية لذلك لجأت أحزاب الوفاق إلى توظيف نفس الآلية المتمثلة في صيغة" مذكرات".
الفرع الأول: الخلفيات الرئيسية لإصدار مذكرات أحزاب الوفاق
استهدفت الأحزاب المكونة للوفاق من إخراج مذكراتها إلى حيز الوجود قطع الطريق على أحزاب الكتلة للجوء إلى التحكيم الملكي، إذ أشارت مذكرة هذه الأحزاب على أنه "إذا كنا في الأحزاب المكونة للوفاق الوطني نؤمن بالعمل السياسي الهادف في إطار من التوافق والتشاور فإننا لا نوافق؛ بل نعترض على كل الأشكال والمحاولات الداعية إلى العمل خارج الإطار القانوني الجاري به العمل أو بمعزل عن المؤسسات الدستورية القائمة[13] مشيرة في نفس السياق إلى "أننا نعتقد أن على الحكومة وعلى مجلس النواب وعلى الإدارة كل فيما يخصه، إن على هؤلاء جميعا، أن يقوم كل منهم بدوره كاملا غير منقوص؛ كما أن على المؤسسات المكلفة بالرقابة والاستئناف أن تقوم بدورها المنوط بها خير قيام حتى ولو أدى الأمر إلى المزيد من تقوية وسائل الرقابة وأسباب التقاضي"[14]
الفرع الثاني : في مضمون المطالب الدستورية-السياسية لأحزاب الوفاق
ركزت أحزاب الوفاق في مذكراتها المرفوعة للعاهل المغربي الحسن الثاني التركيز على طبيعة تشكيلة الغرفة الثانية، الجهة، ومسألة إعادة تكوين اللوائح الانتخابية.
لقد رأت هذه الأحزاب على أنه "نظرا لاتجاه الإرادة الملكية السامية إلى جعل هذا المجلس* جهازا تمثيليا للجماعات المحلية والهيئات المهنية والاجتماعية فقد بدا لمجموعة الأحزاب المكونة للوفاق الوطني أنه من الأنسب استيحاء النموذج الفرنسي الذي يمكن اعتباره الأكثر قربا من انشغالاتنا واهتماماتنا في هذا المجال[15].
وبخصوص تشكيلة الغرفة الثانية اقترح أصحاب هذه المذكرة أن تشتمل على "ممثلين عن المجالس الجماعية المحلية والجهوية؛ ممثلين عن الغرف المهنية؛ ممثلين عن هيئات المأجورين، ممثلين عن المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج"[16]
ولم تنس أحزاب الوفاق أن توجه خطابا نقديا لأحزاب الكتلة الديمقراطية بقولها "على الرغم من أن لدينا مقترحات واضحة ودقيقة على هذه الموضوعات فإننا نعتقد مخلصين أن التسابق في مجال الإصلاحات الأساسية قد يبعدنا عن البحث عن التوافق المنشود، بل من شأنه -على العكس من ذلك- أن يؤدي بنا إلى الرجوع إلى النظام المعروف أغلبية/أقلية الأمر الذي يبدو أن الجميع متفق على تجنبه في هذه المرحلة السياسية الدقيقة[17].
المطلب الثاني : المطالب الدستورية-السياسية لأحزاب الكتلة الديمقراطية
في يونيو 1990 سيطلب العاهل المغربي الحسن الثاني من الأحزاب المنحدرة عن الحركة الوطنية تهيئة مقترحات قصد المراجعة الدستورية القادمة[18] فكيف برز تكتل الكتلة الديمقراطية؟ وما مضمون مطالبها الإصلاحية الدستورية والسياسية؟ وهل هناك تطابق في وجهات النظر بين تصور العاهل المغربي وهذا التكتل اتجاه الدستور، وإلى أي مدى استجاب العاهل المغربي لمطالب هذه الأحزاب؟
الفرع الأول: السياق التاريخي للمطالب الدستورية لأحزاب الكتلة الديمقراطية: في سنة 1991 برز تكتل سياسي يضم الأحزاب المنحدرة عن الحركة الوطنية لتؤسس" الكتلة الديمقراطية"* تشمل حزب الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، حزب التقدم والاشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ليقدم هذا التكتل "بمذكرتين لاقتراح تعديلات دستورية لا تمس جوهر الحمولة التقليدية التي ظلت الدساتير المغربية تجرها معها ولكنها سعت إلى تفعيل حقلي العمل" التشريعي" و"الحكومي".[19]
لقد تبنت أحزاب الكتلة الديمقراطية إستراتيجية مشتركة- خصوصا بعدما أفرزت الانتخابات التشريعية لسنة 1984 تفوقا عدديا لأحزاب الأغلبية الحكومية- الأمر الذي دفع المعارضة إلى تشكيل "كتلة ديمقراطية" جعلت من الإصلاح الدستوري شعارها الأساسي. بيد أن هناك بونا كبيرا بين مطالب "الكتلة الوطنية" و"الكتلة الديمقراطية" فيما يتعلق بطبيعة المسألة الدستورية في مغرب الأمس واليوم؛ فإذا كانت الكتلة الوطنية قد طالبت في عقد السبعينات بضرورة خلق "جمعية تأسيسي " منتخبة يعهد لها بوضع دستور للبلاد فإن هذا المطلب اختفى من مذكرات أحزاب الكتلة الديمقراطية التي أمست تطالب بالإصلاح الدستوري- السياسي من داخل المؤسسة الملكية .
الفرع الثاني: مضمون المطالب الدستورية-السياسية لأحزاب الكتلة لديمقراطية:
تمحورت المطالب الدستورية لأحزاب الكتلة حول ثلاث محاور أساسية:
1- تكريس مبادئ العصرنة داخل المؤسسات الدستورية المغربية.
2- التأكيد على دور الملك كحكم وحاكم.
3- توسيع اختصاصات مجلس النواب من خلال المطالبة بالتنصيب البرلماني للحكومة- المساءلة النيابية للوزراء- تحديد الأجل لتنفيذ أمر بالقانون- خلق لجن تقصي الحقائق- منع حل البرلمان لدى الإعلان عن حالة الاستثناء….
4- ضرورة خلق مجلس دستوري تناط له مهمة مراقبة دستورية القوانين.
والملاحظ أن هذه المذكرات المقدمة للملك لم تأت كلها بكيفية مشتركة؛ فالمذكرة الأولى بتاريخ 9 أكتوبر 1991 اقتصر التوقيع عليها من قبل حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال دون باقي مكونات الكتلة.
ودون الدخول في خلفيات تحييد باقي الأحزاب السياسية المكونة للكتلة الديمقراطية عن التوقيع على هذه المذكرة؛ فإنها تضمنت جملة من المطالب الدستورية الهامة على مستوى التشريع والرقابة؛ فبخصوص المجال الأول دعا أصحاب هذه المذكرة إلى ضرورة توسيع مجال القانون؛ العمل بنظام الدورات النيابية؛ ضرورة انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب عن طريق الاقتراع العام المباشر؛ تقليص مدة الولاية التشريعية إلى خمس سنوات…
أما على مستوى الرقابة فقد نصت على جملة من الإصلاحات من أبرزها ضرورة تمكين مجلس النواب من تشكيل لجن تقصي الحقائق ولجن المراقبة؛ منح البرلمان إمكانية استجواب الوزير الأول؛ ضرورة ضبط مسطرة الأسئلة الشفهية والكتابية؛ تمكين عشر الأعضاء من اللجوء إلى الغرفة الدستورية مع ضمان في تشكيلة لجان المراقبة المطالبة بتخفيض النصاب القانوني لإيداع ملتمس الرقابة.
وفيما يخص الجهاز التنفيذي طالب أصحاب هذه المذكرة بضرورة عرض الوزير الأول البرنامج الحكومي على أنظار مجلس النواب قصد التصويت وحصوله على الأغلبية المطلقة الذين يتألفون منهم المجلس مع الحرص على إقرار المسؤولية التضامنية لأعضاء الحكومة وكذا تنظيم اجتماعات المجلس الوزاري بتفويض من جلالة الملك.
وفيما يخص باقي المؤسسات الدستورية طالبت نفس المذكرة بضرورة خلق مؤسسات دستورية جديدة كالمجلس الدستوري؛ إذ طالبت بتعويض الغرفة الدستورية ب"مجلس دستوري قائم بذاته مع ضرورة توسيع اختصاصاته لتشمل القوانين التنظيمية والعادية على حد سواء"
والى جانب المجلس الدستوري نصت المذكرة على حضور مؤسسة "الوسيط" التي أنيطت لها مهمة حماية حقوق الإنسان ضد تعسفات السلطة الإدارية؛ كما نصت نفس المذكرة على ضرورة إحداث مجموعة من المؤسسات الدستورية المساعدة لتنظيم الحوار واقتراح الحـلول والتدابير اتجاه القضايا الكبرى التي تواجه البلاد .
وستتوالى تقديم المذكرات من قبل الكتلة الديمقراطية؛ ففي 8 يوليوز 1992 سترفع مذكرة أخرى إلى العاهل المغربي تطالب من خلالها بـ"الإصلاح الدستوري في الاتجاه الذي يضمن ترسيخ سلطة المؤسسات وتعزيز سيادة القانون وتحديث أجهزة الدولة وضبط العلاقات بين السلطات على أساس من التوازن البناء والفصل الإيجابي وتحديد مسؤولية كل سلطة مع ضمان استقلالية القضاء بصفة فعلية عن السلطة التنفيذية والتشريعية وتحقيق إصلاح شامل للنظام القضائي.[20]
وفي 24 يونيو 1992 التقى جلالة الملك بالديوان الملكي مع قادة الكتلة السادة : محمد بوسته الأمين العام لحزب الاستقلال؛ عبد الرحمان اليوسفي الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي؛ عبد الله إبراهيم الأمين العام للاتحاد الوطني للقوات الشعبية؛ علي يعته الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية؛ محمد بنسعيد أيت يدر الأمين العام لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي"[21].
وفي اليوم الموالي عقد نفس الزعماء بمسرح محمد الخامس بالرباط مهرجانا خطابيا اختاروا له شعار :"الديمقراطية طريق وحيد للأجيال الصاعدة لبناء المستقبل" عبر فيه الأمين العام لحزب الاستقلال امحمد بوسته عن أنه "لا يمكن أن تفرض الخيارات على شعبنا؛ بل يجب أن يقرها بنفسه" بينما أكد محمد بن سعيد على "أن الكتلة الديمقراطية استمرار لكفاح الشعب وبعث جديد للروح الوطنية" أما علي يعته فقد اعتبر بأنه" لا يمكن للمغرب أن يلاحق ركب الحضارة الإنسانية بتزوير إرادة الشعب وبتهميش الجماهير، فيما ذهب عبد الرحمان اليوسفي إلى القول بأنه "لا خلاص إلا بتغيير حقيقي عن طريق دمقرطة الدولة".[22].
لقد رأت المعارضة أن في إصلاح مدونة الانتخابات بوابة حقيقية لتدشين المسلسل الديمقراطي، لذلك سعت إلى وضع مقترح قانون ينظم الانتخابات لمجلس النواب تطالب من خلاله بتغيير طريقة انتخاب هذا المجلس مؤكدة في هذا الصدد على انتخاب كافة أعضــاء مجلس النواب وفق الاقتراع باللائحة عوض الاقتراع الفردي، مثلما طالبت هذه المذكرة بتخفيض سن الناخب إلى 18 سنة وسن المرشح إلى 21 سنة؛ كما نصت على ضرورة خلق هيئة وطنية مستقلة تشرف على سير العمليات الانتخابية.
الملاحظ أن تكتيك المذكرات تحول إلى آلية قوية للتواصل بين القصر وهذه الأحزاب قصد تدشين مسلسل الانتقال الديمقراطي والشروع في إنهاء مسلسل الحذر المتبادل بين الطرفين بالرغم من إدراك الملك لذلك" الطموح الذي يحرك الزعماء الوطنيين، لذلك فهو حريص كل الحرص على أن تراعى الضوابط التي يتم بموجبها التواصل بينه وبين الأحزاب السياسية، ففي كل مرة يحصل ما تعتبره المؤسسة الملكية إخلالا بقوانين التواصل وخروجا عن ضوابط "القعيدة" يبادر الملك شخصيا إلى إرجاع الأمور إلى نصابها مستعملا عبارات صارمة لا تدع مجالا لأي تأويل.
وقد جاء خطاب عيد الشباب الذي ألقاه العاهل المغربي في 8 يوليوز 1992 كنموذج لموقف للملك مما قدمته هذه الأحزاب من اقتراحات، إذ شدد على أن هذه الطريقة في العمل ليست ملزمة في كل الأمور المتعلقة بالحكم: "بعد أن أخذنا نحن تلقائيا من الأحزاب السياسية أن تعطينا وجهات نظرها وتغنينا باقتراحاتها فيما يخص تعديل الدستور فهناك من الأحزاب من أجابنا كتابة، وهناك من أجابنا خطابا؛ ولم تكن استشاراتنا محصورة في حزب دون حزب، أو هيئة دون هيئة"[23].
المطلب الثالث : مدى استجابة المؤسسة الملكية لمطالب أحزاب الكتلة
استجابت المؤسسة الملكية بشكل كبير للمطالب الدستورية لأحزاب الكتلة الديمقراطية؛ فعلى المستوى المؤسساتي تم خلق المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الدستوري ورفع الجهة إلى مستوى مؤسسة دستورية. أما على مستوى الإجراءات التدبيرية فقد شهد مغرب التسعينات طفرة نوعية في مجال حقوق الإنسان تميزت بسيادة هامش كبير من حرية الرأي والتعبير. مما مكن من تحقيق تقارب فعلي بين الملكية وأحزاب الكتلة ترجم بالشروع في تدشين مسلسل التناوب التوافقي.
وإدراكا من أحزاب الكتلة بصعوبة تمرير مقترح قانون تعديل مدونة الانتخابات أمام لجنة العدل والتشريع بادرت المعارضة إلى نهج سياسة المذكرات المقدمة إلى جلالة الملك؛ غير أن الحكومة ستتمكن من تمرير مشروع قانون الانتخابات بواسطة أغلبيتها البرلمانية مما سـيدفع بأحزاب المعارضة إلى طلب تحكيم ملكي في الموضوع استجاب له جلالة الملك عبر خطاب 29 أبريل 1992 مشيرا إلى أن أسباب هذا التحكيم يعود إلى "عملية تدارس القانون الانتخابي والنظر والبت فيه ليست عملية روتينية أو تصويتا روتينيا بحيث يكتفي فيه بأخذ رأي الأغلبية دون الأقلية نظرا لما يكتسيه هذا القانون وما يترتب عليه من تبعات جسام"[24] مؤكدا في هذا الصدد على أن هذا التحكيم ذو طابع سياسي وليس دستوري يجد مشروعيته في إطار البيعة وحق رعاية الملك لجميع رعاياه؛ إذ أشار جلالته في نفس الخطاب "كلنا مغاربة وكلنا أب أسرة وكل من جهته مكلف من طرف الشعب المغربي النائب من طرف منتخبيه والأحزاب من طرف المنتمين إليها وملك المغرب من قبل كافة أفراد الشعب المغربي"[25]، لذلك بادر العاهل المغربي إلى خلق لجنتين مكلفتين بالانتخابات.
1- لجنة التحكيم: أنيطت بها مهمة النظر في القوانين الانتخابية بهدف الوصول إلى نوع من التراضي ثم تعرض نصوصها على البرلمان لينتهي دورها وقد شكلت هذه اللجنة من ممثل لوزارة الداخلية وممثل عن حزب سياسي كان متواجد بالبرلمان؛ وقد تم تعيين السيد محمد ميكو القاضي والأمين العام عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على رأس هذه اللجنة يساعده في ذلك السيد الشدادي بالمجلس الأعلى؛ وكان يرأس هذه اللجنة حسب الحالات الملك شخصيا أو مستشاره اكديرة.
2- لجنة وطنية لمتابعة سير العمليات الانتخابية: تشرف على لجان إقليمية يرأسها قاضي وتتكون من عامل الإقليم أو العمالة ممثلة من كل حزب من الأحزاب المشار إليها أعلاه. لقد قاد اقتناع جميع الفاعلين السياسيين بجعل الإصلاح الدستوري- السياسي مدخلا أساسيا لخلق انتقال ديمقراطي مغربي هادئ وهادف وفقا للثوابت الوطنية من خلق توافق سياسي بين المؤسسة الملكية والأحزاب المغربية ترجم من خلال المقتضيات الجديدة والمجددة التي جاءت بهما المراجعتان الدستوريتان لسنتي 1992 و1996 اللتين استجابتا لجل المطالب الدستورية التي طالبت بها الأحزاب السياسية
المحور الثالث
جديد الترسانة الدستورية لمغرب التسعينات
المبحث الأول: مضمون المراجعة الدستورية لصيف 1992
توطئة
تعتبر المراجعة الدستورية لصيف 1992 دستورا جديدا لكونها فتحت آفاقا متعددة تستجيب بشكل كبير لتطلعات مغرب القرن الواحد والعشرين؛ فمع هذه المراجعة تم الإقرار بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا؛ مثلما عرفت المؤسسات الدستورية نقلة نوعية حيث شهد العمل الحكومي انتعاشة قوية ومسؤولية حقيقية أمام البرلمان، دون أن ننسى إدماج مؤسسات دستورية من شأنها تفعيل النسيج الديمقراطي بالمغرب.
وللإحاطة بمستجدات هذه المراجعة سنخصص المطلب الأول لرصد موقف الفقه الدستوري من هذه المراجعة؛على أساس أن نفرد المطلب الثاني للحديث عن ابرز المقتضيات الجديدةالتي حملتها هذه المراجعة بين طياتها.
المطلب الأول : موقف الفقه الدستوري من المراجعة الدستورية لصيف 1992
لقد أجمع العديد من الفقهاء الدستوريين المغاربة والأجانب على أن سنة 1992 تعتبر سنة متميزة في سجل التاريخ الدستوري المغربي إذ حملت معها الجديد على أكثر من صعيد وقد ذهب الفقيه الفرنسي ميشيل روسي إلى القول "بأن المراجعة الدستورية ليوم 4 شتنبر 1992 حققت نقلة نوعية في النظام السياسي المغربي في اتجاه دولة القانون"[26] فيما اعتبر الفقيه الدستوري عبد الهادي بوطالب "هذه المراجعة أدخلت عدة تعديلات جذرية حورت عددا من الخيارات التي أقرها الدستور الأول"[27] هذا في الوقت الذي أخذ فيه البعض على هذه الإصلاحات كونها تداولت بكثافة خلال عقد التسعينات من طرف الفاعل السياسي المركزي والفاعل السياسي الثانوي لم يولد سلطة حكومية جديدة أي لم يدخل تحويرات دستورية من شأنها المساعدة على توفير الآليات الكفيلة بضمان استقلالية الأداء الحكومي علما أن الجانب الدستوري لوحده لا يكفي بل لابد أن يتعزز بالاصلاح السياسي المكمل له.[28] فما هو الجديد الذي جاءت به هذه المراجعة؟
المطلب الثاني : جديد المراجعة الدستورية لصيف1992.
حملت المراجعة الدستورية لصيف 1992 بين طياتها معطيات جديدة ومجددة على أكثر من صعيد تفضي بالنظام السياسي المغربي إلى أن يصبح قريبا من النظام البرلماني هذا في الوقت الذي كان فيه قبل هذه الدستور –نظاما شبه برلماني أو شبه رئاسي، أو ما يمكننا أن نطلق عليه جزافا نظام" ذو نزعة رئاسية " ليعطي الانطباع بوجود قدر كبير من الحراك السياسي في هذه الوثيقة الدستورية، إذ تعطي الانطباع باستيعاب جميع الفاعلين السياسيين لتحقق لهم مطالبهم السياسية دون أن تخل ببنية وهندسة النظام السياسي المغربي.
فكيف كان منظور المؤسسة الملكية لهذا الاصلاح الدستوري؟
في خطابه لذكرى ثورة الملك والشعب أبى المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني إلا أن يكشف عن عناصر التجديد التي جاءت بها هذه المراجعة الدستورية مخاطبا شعبه قائلا :" انتظر منك أن تقول نعم لأنك ترى وسوف ترى أن هذا الدستور مبني على أثاف ثلاث :
أولا : إعطاء الحكومة مسؤوليات أكثر حتى يمكنها عند الامتحان أن تعز أو تهان.
ثانيا: إعطاء منتخبيك الوسيلة القانونية والموضوعية لمراقبة الحكومة وتشجيعها على السير أو الطلب منها أن تتوقف عن العمل.
أما الركن الثالث -ورغم هذا كله- فقد بقي خديمك وملكك ساهرا على سير هذا كله لتسيير الدواليب بكيفية متوازية ومرضية لا تطاحن فيها ولا اعوجاج ولا انحراف"[29]
الفرع الأول : الاعتراف بكونية حقوق الإنسان
إن الحديث عن حقوق الإنسان بالمغرب ليس مسألة جديدة كل الجدة عن النظام الدستوري المغربي؛ إذ سبق وأن تضمن المشاريع الدستورية لمغرب ما قبل الحماية مقتضيات تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان[30]، مثلما شملت دساتير المغرب المستقل إقرارا بالحريات العامة؛إلا أن هناك قفزة نوعية مست مجال حقوق الإنسان في مغرب التسعينات[31] إذ تضمن تصدير مراجعة 4 سبتمبر 1992 تشبث المملكة المغربية بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.[32]
إن التزام المغرب بحقوق الإنسان بمفهومها الكوني في صلب أسمى ميثاق قانوني وضع حدا لبعض المؤاخذات" التي أثارتها بعض المنظمات الدولية لحقوق الإنسان حول المغرب
الفرع الثاني: وضعية المؤسسات الدستورية وفق المراجعة الدستورية لسنة1992
حملت المراجعة الدستورية لصيف 1992 بين طياتها معطا حداثيا شمل مختلف المؤسسات الدستورية المغربية دون أن يفضي إلى إفراغها من حمولتها التقليدانية .
أولا : التقييد الجزئي لسلطات الملك في اتجاه الحداثة
في معرض جوابه عن إحدى أسئلة الصحفي الفرنسي إيريك لوران أشار العاهل المغربي الحسن الثاني على أنه يتنازل عن بعض اختصاصاته لفائدة تقوية باقي المؤسسات الدستورية الأخرى مشيرا في هذا الصدد:" إنني أتنازل عن بعض اختصاصاتي لكي تتحد المسؤوليات بشكل أفضل، فالملكية غدت مثل تلك المظلة التي يحتمي بظلالها الكثيرون، بينما أتلقى أنا ضربات الشمس لذا فإني أريد أن أعكس الآية شيئا ما، ومن جهة أخرى اعتقد أن المغرب خطا خطوة هامة إلى الأمام"[33] غير أن تقييد سلطات الملك لم يمس المهام التقليدية للسلطان المغربي بقدر ما شمل جانبا من السلطات العصرية للملك.
1- علاقة المؤسسة الملكية بالبرلمان :يمكن رصد التقييد الدستوري لسلطات الملك في علاقته مع البرلمان عبر ثلاثة مستويات:
أ- تحديد الأجل لتنفيذ القانون في ظرف 30 يوم: نصت المراجعة الدستورية لسنة 1992 في فصلها 26 على تحديد أجل 30 يوما لإصدار الملك الأمر بتنفيذ قانون توصل به من البرلمان بعد تمام المصادقة عليه. فيما ذهب عبد اللطيف المنوني أبعد من ذلك معتبرا هذا التقييد الدستوري "قفزة نوعية من شأنها نقل النظام المغربي من ملكية مقيدة إلى ملكية برلمانية "[34] فيما ذهب باحث آخر إلى اعتباره قد وضع حدا للوضعية التي طبعت عملية تأخير إخراج النصوص إلى حيز الوجود"[35]
ب- إعلان حالة الاستثناء لا تفضي إلى حل البرلمان: أضيف للفصل 35 في فقرته الثانية على أنه " لا يترتب على حالة الاستثناء حل مجلس النواب " فالبرلمان مع هذه المراجعة تخلص من ظاهرة الحل الأتوماتيكي الذي كان يطارده عقب الإعلان عن حالة الاستثناء.
ج- تقييد الإبرام الملكي على الاتفاقيات الدولية : بالرغم من أهمية عنصر "السرية" في توقيع الاتفاقيات الدولية، فإن الملك المغربي لم يعد بإمكانه إبرام اتفاقية بكيفية سرية، حيث يشير العاهل المغربي في هذا الصدد:"…غالبا ما يكون كتمان السر ضروريا؛ أما الآن فعلي أن أكشف عن كل شيء.. فكلما كانت لاتفاقية ما انعكاسات مالية على البلاد يتعين أن تتم المصادقة عليها من قبل البرلمان؛ فها أنتم ترون إذن أنني لست ملكا مطلقا حتى فيما يتعلق بالشؤون الخارجية "[36]
وفي مقابل هذا التقييد فقد جاءت المراجعة الدستورية لصيف 1992 بتوسعين أساسيين: مس الأول حق إعطاء الملك حق المبادرة بتشكيل هذه الجان إسوة بأغلبية النواب، أما الثاني فيتعلق بمجال مراقبة وسهر الملك على احترام الدستور، إذ خول له الفصل 79 من هذه المراجعة الحق في إحالة القوانين العادية على المجلس الدستوري ليبث في دستوريتها قبل إصدار الأمر بتنفيذها.
ثانيا : علاقة الملك بالحكومة :
وفقا للمراجعة الدستورية لصيف 1992 فقد ظل تعيين الوزير الأول اختصاصا ملكيا قحا وغير مقيد مبدئيا؛ بل أكثر من ذلك نجد الدستور لا ينص على تعيين الوزير الأول من بين أعضاء البرلمان؛ حيث يشير جلالته في هذا الصدد:" بالرغم من أن الدستور لا يلزمني بتعيين الوزير الأول من بين أعضاء البرلمان فإن المنطق والروح يفرضان تعيين الوزير الأول من بين أعضاء مجلس النواب"[37]
لقد استهدفت المراجعة الدستورية منح الجهاز التنفيذي استقلالية جزئية مستهدفة بعث نوع من الديناميكية على العمل الحكومي.
1- استقلالية جزئية للحكومة على ضوء المراجعة الدستورية لصيف 1992: إذا كان تعيين الوزير الأول قد ظل اختصاصا ملكيا خالصا، فإن تعيين وإعفاء الوزراء أمسى باقتراح من الوزير الأول،ودون الذهاب لحد الاستجابة لمطلب الكتلة الديمقراطية بوضع الحكومة لسياسة الأمة لتعارضه مع مفهوم الملكية الحاكمة، فإن المراجعة –وضمن نهج برغماتي حريص على سد ثغرات الممارسة دون المساس بالبنية الجوهرية للنظام قد قوت مركز الوزير الأول[38] من خلال:
أ- جعل العمل الحكومي تحت مسؤولية الوزير الأول مما سيفضي إلى تقوية مركز الوزير الأول سياسيا ويعزز ممارسة السلطة التنظيمية ويفرز مسؤولية تضامنية للحكومة.
ب- تمتيع الحكومة بإمكانية اللجوء للمجلس الدستوري للنظر في مجال جديد ألا وهو مجال " القوانين العادية " إلى جانب المجالات القديمة المتمثلة في النظر في القوانين التنظيميـــة
2 المسؤولية المزدوجة للحكومة وفق المراجعة الدستورية لسنة1992 : يمكن ملامسة مسؤولية الحكومة من خلال مستويين رئيسيين :
أ- مسؤولية الحكومة أمام جلالة الملك بحيث تظل الحكومة في نهاية المطاف "حكومة جلالة الملك لا حكومة الوزير الأول، فالملك هو الذي يعين ويعفي الوزير الأول وباقي الوزراء إلى جانب كونه يترأس المجلس الوزاري الأمر الذي يجعله مراقبا فعليا للعمل الحكومي.
ب- مسؤولية الحكومة أمام البرلمان: يتجلى ذلك في إخضاع برنامج الحكومة بالتصويت بالثقة من قبل مجلس النواب وإرغامها على الإجابة على الأسئلة الشفهية للبرلمان في أجل أقصاه 20 يوما .
الفرع الثاني: موقع البرلمان في ظل الدستور التوافقي لسنة 1992
سعت المراجعة الدستورية إلى توسيع اختصاصات البرلمان وتقوية سلطاته سواء في اتجاه الحكومة أو فيما يتعلق بالاحترام اللازم للقانون، فجاءت المراجعة الدستورية لصيف 1992 متضمنة إجراءات عملية انصبت بالأساس على جانب الرقابة أكثر.
أولا: تصويت البرلمان بالثقة على البرنامج الحكومي: خلافا للتجارب البرلمانية السابقة فإن البرلمان-وفق هذه المراجعة – لم يعد يقتصر على مناقشة البرنامج الح.
ثانيا: دسترة لجن تقصي الحقائق : وضع الفصل 40 من الدستور المراجع لسنة 1992 حدا لقرار المنع الذي سبق وأن أصدرته الغرفة الدستورية بشأن منح أغلبية مجلس النواب إمكانية تشكيل لجن تقصي الحقائق من أغلبية مجلس النواب؛ وتناط لها مهمة جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة واطلاع مجلس النواب على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها لتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها؛ ونسجل عمليا أن تشكيل كل اللجان التي عرفتها الممارسة التشريعية بالمغرب جاءت بمبادرة ملكية وليس بمبادرة نيابية*
ثالثا: دسترة الأجل الدستوري لإجابة الحكومة على أسئلة النواب في ظرف عشرين يوما : خول الدستور المراجع لسنة 1992 لمجلس النواب الحق في الحصول على أجوبة الحكومة على أسئلة السادة النواب في ظرف أقصاه 20 يوما من تاريخ طرح السؤال. ويستهدف هذا الإجراء تجنب ظاهرتي تأخر الحكومة عن الإجابة على أسئلة أو سكوتها عنها بالمرة، وهذا التعديل من شأنه أن يعزز موقع الجهاز التشريعي لكن الحكومة أصبحت مجبرة على الرد أسئلة النواب في أجل محدد.
رابعا : دسترة حق الأقلية في الطعن في دستورية قانون: بالرجوع إلى الفصل 79 من الدستور المراجع نسجل تمتيع ربع أعضاء البرلمان بحق الطعن في دستورية قانون . ويأتي منح الأقلية البرلمانية هذا الحق كمحاولة لحل الخلاف الذي كان يقع بين الحكومة والمعارضة آنذاك حول دستورية نص معين، الأمر الذي كان يفضي إلى طلب التحكيم الملكي استنادا إلى الفصل 19. وبمجرد ما أن أصبحت الأقلية تتمتع بهذا الحق حتى بادرت أحزاب المعارضة ذات الأقلية البرلمانية آنذاك- إلى التقدم بطعن أمام المجلس الدستوري بخصوص مدى دستورية قانون فرض رسوم على استخدام "الهوائيات المقعرة" حيث قضى المجلس الدستوري بإلغاء هذه الرسوم في غشت 1994.
الفرع الرابع : المجلس الدستوري : مؤسسة لتدعيم دولة الحق والقانون .
جاء ميلاد هذا المجلس ليعوض الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى، والتي كشفت على قدر كبير من المحدودية تجلت في اقتصارها على مراقبة دستورية القوانين التنظيمية والقانون الداخلي لمجلس النواب .
أولا: تشكيلة المجلس الدستوري بالمغرب : هناك تشابه كبير بين المجلس الدستوري بالمغرب ونظيره الفرنسي سواء على مستوى طبيعة " التمثيلية" أو على مستوى طبيعة تركيبة كلا المجلسين.
فعلى مستوى التمثيلية سوت المراجعة الدستورية لصيف 1992 عدد أعضاء المجلس الدستوري بأعضاء نظيره الفرنسي ليصبح عدد أعضاءه 9 أعضاء* بل إن التشابه حاضر كذلك على مستوى إسناد تعيين رئيس المجلس الدستوري من قبل رئيس الدولة[40] مثلما هناك تشابه في مدة ولاية كلا المجلسين(9 سنوات غير قابلة للتجديد).
وطبقا لهذه المراجعة الدستورية فإن جلالة الملك يعين 6 أعضاء من أصل 9 أعضاء، فيما أصبح عدد الأعضاء الذين يعينهم جلالته- وفق الدستور المراجع لسنة 1996 – 6 أعضاء من أصل 12 عضو بما في ذلك الرئيس؛ حيث يمنحهم جلالة الملك ظهائر التعيين، فيما يسلم للأعضاء الآخرين رسائل تهنئة والتبريك لما نالوه من ثقة الغرفتين ومن رئيسي الغرفتين .
وإذا كان بإمكان أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي الجمع بين عضويتهم داخل المجلس والعضوية في مجلس الشيوخ، فإن المشرع الدستوري المغربي قد أحسن الصنع حينما منع عملية الجمع بين الوظيفة التمثيلية وعضوية المجلس الدستوري المغربي [41] ضمانا للحياد السياسي المطلوب في هذه المهمة .
وعلى مستوى طبيعة التركيبة نسجل وجود تشابه قوي بين كلا المجلسين؛ فهناك طغيان للطابع السياسي على الطابع القانوني في تركيبتهما .
ثانيا: اختصاصات المجلس الدستوري المغربي
إزاء محدودية عمل الغرفة الدستورية فقد " أصبح المجلس الدستوري يمارس سلطات أوسع وأشمل من الغرفة الدستورية السابقة وهذه وغيرها مما يتصل بمجال ترسيخ دولة الحق والقانون ثوابت في سياستنا لا تزول وخيارات لا تتغير ولا تحول[42] .
المحور الرابع:
مضامين الدستور المعدل لسنة 1996
لا يعدو الدستور المراجع لسنة 1996 أن يكون سوى مجرد امتداد للمراجعة الدستورية لسنة 1992، بيد أن ما يميزه عن سابقه كونه ربط بين المعطى السياسي والمعطى الاقتصادي إيمانا من واضعه بأن الوضع السياسي ليس إلا نتاجا للوضع الاقتصادي، فهما أمران متلازمان توأمان سياسيان يستحيل فصلهما[43]
وللإحاطة بالدستور المراجع لسنة 1996 سنعمد في المطلب الأول إلى تسليط الأضواء على أسباب هذا التعديل؛ بينما سنخصص المطلب الثاني للإصلاحات الاقتصادية التي جاءت بها هذه المراجعة فيما سنخصص المطلب الثالث للحديث عن الإصلاحات الإدارية .
المطلب الأول: في أسباب ودوافع خلق الدستور المراجع لسنة 1996
استهدفت المؤسسة الملكية من وراء الإقدام على هذه المراجعة الدستورية استكمال عملية الإصلاح السياسي؛ الإداري؛ الاقتصادي للمغرب الراهن؛ فجاءت هذه المراجعة حاملة بين طياتها جملة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية بهدف تقويم الإدارة والاقتصاد المغربيين إلى جانب التصدي لقضية التعليم، فسنة 1996 كانت سنة "الإصلاح الشمولي بالمغرب" حيث ابرز العاهل المغربي هذا التوجه بقوله: "إن الإصلاح الذي نادينا به ووعدنا به شعبنا لا يقتصر على تعديل بعض مقتضيات الدستور؛ بل هو إصلاح شامل يقتضي النظر في كل ميدان يحتاج إلى الإصلاح التقويم ولاسيما الإدارة والاقتصاد والتعليم[44] كما استهدفت المؤسسة الملكية من هذه المراجعة تبني نظام الازدواج البرلماني حتى يستجيب لمعطى الجهة كأساس ترابي وسياسي .
المطلب الثاني : إقرار لنظام الازدواج البرلماني
الفرع الأول : في أسباب تبني نظام الغرفتين بالمغرب
في خطاب بمناسبة عيد العرش ليوم 3مارس 1996 أشار العاهل المغربي الحسن الثاني على أنه "سنقدم في بحر هذه السنة – بعد نهاية الدورة الثانية لمجلس النواب مشروع تعديل جديد يهدف إلى تركيب برلماننا من مجلسين إيمانا منا بصلاحية هذا النهج وفعاليته وحرصا على أن نوفر لشعبنا المزيد من مشاركته؛ ذلك أن ثنائية المجلس توفر للشرائح المعنية من المجتمع المدني من جهات وجماعات محلية وغرف مهنية ومنظمات نقابية المشاركة في مجلس نيابي له حق التقرير؛ ومن شأن ذلك أن يقيم التنافس بين الغرفتين لتحسين أدائهما وإغناء تداولهما بالخبرة اللازمة والحكمة المتوخاة عند مناقشة النصوص التشريعية التي تتعاقب الغرفتان على دراستها لإقرارها"[45]. فماذا نستشف من هذا الخطاب الملكي؟
لقد توخى العاهل المغربي من تبني نظام الازدواج البرلماني تحقيق أربع امتيازات أساسية : أولها توسيع قاعدة المشاركة الشعبية حتى يحقق النظام السياسي المغربي أكبر تمثيلية ممكنة، وهذا أمر فرضه زيادة النمو الديمغرافي، ثانيها إيجاد تمثيل عادل للنخبة الاقتصادية المغربية، ثالثها تحقيق الانسجام بين البرلمان المغربي ومؤسسة الجهة، رابعها تعزيز المراقبة البرلمانية على أعمال الحكومة، فعوض أن يراقبها مجلس واحد ستصبح أمام مراقبة مزدوجة إلى جانب مراقبتها من قبل جلالة الملك .
أولا : توسيع قاعدة المشاركة السياسية ونظام الغرفتين : يبدو حضور هذا العامل جد جلي، حيث يشير العاهل المغربي في هذا الصدد: " عندما أحدثنا نظام الغرفتين في الدستور المراجع الذي وافقت عليه ما يقارب الإجماع لم يكن ذلك منا قرارا اعتباطيا ولا من قبيل المحاكاة، بل تعبيرا عن تشبثنا بالمقومات الشعبية والديمقراطية لمجتمعك العتيد وسعيا كذلك من أجل بلورة برلمانية لقيم الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية غايتنا من ذلك أن نفسح أوسع مجال ممكن أمام تمثيلك الوطني؛ فالتعقيد الذي تتسم به التحولات الجارية اليوم سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي يطرح العديد من التحديات التي لا يمكن مواجهتها بنجاح إلا بتضافر ما لوطننا من طاقات خلاقة وفاعلة ومنتجة"[46]
ثانيا: إيجاد تمثيل عادل لكافة الشرائح المجتمعية داخل نظام الغرفتين : لقد كان جلالة الملك الحسن الثاني من أنصار تبني نظام الغرفتين، ففي رده على كلمة رئيس وفد مجلس الشيوخ الفرنسي في 5 يناير 1993 عبر جلالته عن الدور المحوري الذي تلعبه الغرفة الثانية قائــلا:
"أعتقد أن مجلس الشيوخ يعتبر أفضل مدرسة للإنجازات؛ ولكن ليس للإنجازات الكمالية وغير الضرورية، بل الإنجازات اللاصقة بواقع حاجيات السكان وهذا ما أكرره دائما لمنتخبينا المحليين؛ إذ أقول لهم : إنه لو كان القانون يسمح لي بأن أتقدم كمرشح للانتخابات فإنني لن اختار الانتخابات التشريعية، بل كنت سأختار الانتخابات المحلية والجهوية لأن الهيئات المنتخبة المحلية والجهوية تمكن من صياغة سياسة للحاضر وبالتالي تحديد ملامح المستقبل[47] لذلك اعتبر جلالته بأن الثلث غير المباشر الذي كان متواجدا في نظام الأحادية المجلسية (مجلس النواب) لم يكن تمثيلا عادلا لباقي الشرائح المجتمعية خصوصا النخبة الاقتصادية المغربية مؤكدا على "أن ذلك الثلث المنتخب بكيفية غير مباشرة لا يمثل في الحقيقة ذلك الثلث أحسن تمثيل؛ فذلك الثلث يمثل القوة الحية التي تغذينا كل يـوم والتي تعمل لنا ولبلدها كل يوم إلا وهي الغرف المهنية والطبقة الكادحة المأجورة والمجالس المنتخبة والجماعات المحلية، هذه هي القوة العاملة النابضة يوميا، وكانت في الحقيقة مهضومة الحق حينما تمثلت فقط بالثلث في البرلمان" [48]
ثالثا : الجهة كخيار استراتيجي ..ونظام الغرفتين : حتى يتم تكريس الجهة كمعطى ترابي وسياسي على أرض الواقع كان من المفروض إيجاد تمثيل عادل له ومنفصل داخل مجلس تشريعي لذلك لم يتردد جلالته في القول :" إننا عبرنا في المشروع الأخير للدستور أو قبل الخير عن وجوب إعطاء الغرب الجهات لتضمن اللامركزية من ناحية ولتضمن كذلك الفاعلية والنماء المحلي من ناحية أخرى؛ وقد قررنا آخذين بعين الاعتبار هذه العناصر كلها أن نعطي للمغرب غرفة ثانية سميناها مجلس المستشارين "[49]
رابعا : تعزيز الرقابة البرلمانية في ظل نظام الغرفتين : إن خلق غرفتين متساويتي السلطات التشريعية والرقابية يجعل الحكومة تفكر جديا في أي مشروع قانون؛ فتحتاط بشكل كبير قبل الإقدام على أية مبادرة تنفيذية لأنها تعلم مسبقا وجود غرفتين تراقبان أعمالها[50]
الفرع الثاني : فرادة نظام الازدواج البرلماني المغربي
إن تبني نظام الازدواج البرلماني في الدستور المراجع لسنة 1996 ليس مسألة جديدة عن النظام السياسي المغربي، إذ سبق وأن عرف المغرب هذا النظام مع دستور 1962، غير أن البون كبير بين المقتضيات التي جاء بها أول دستور في المغرب المستقل في هذا الباب وتلك التي حملتها المراجعة الدستورية لسنة 1996، حيث تعامل المشرع الدستوري المغربي بكيفية متساوية عند إعطاءه اختصاصات تشريعية ورقابية شبه متساوية للغرفتين معا.
أولا: السلطات التشريعية بين الغرفتين : تتمتع الغرفة الثانية بنفس الصلاحيات التشريعية الممنوحة للغرفة الأولى، فكلاهما له حق عرض مقترحات القوانين والمصادقة عليها والنظر في مشاريع القوانين والمصادقة عليها[51]
ثانيا: السلطات الرقابية بين الغرفتين : منح المشرع الدستوري المغربي لمجلس المستشارين سلطات رقابية شبه متساوية مقارنة مع تلك الممنوحة لمجلس النواب؛ فالغرفة الثانية تتوفر على حق ملتمس الرقابة وإمكانية خلق لجن تقصي الحقائق وطرح الأسئلة بشقيها والكتابي؛ بل إنها تنفرد بتقنية جديدة لا يحظى بها مجلس النواب ألا وهي " توجيه التنبيه" الأمر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الغرفة ليست استشارية، بل غرفة تقريرية، حيث تصدى العاهل المغربي لشرح هذه النقطة قائلا :"… والحالة أنها ليست غرفة استشارية، ولكن كما أشرت- شعبي العزيز- هي غرفة تقريرية بكل ما في الكلمة من معنى، فهذه الغرفة ستكون الشطر الثاني من البرلمان[52]
إن منح هذا التوازن في السلطات بين غرفتي البرلمان المغربي لا نجد له نظيرا في جل الأنظمة السياسية المعاصرة، فغالبا ما يجنح المشرع الدستوري إلى إعطاء تفوق ملحوظ للمجلس الأدنى المنتخب بالاقتراع العام غير المباشر، ويجسد النظام السياسي الألماني هذا التوجه أفضل تجسيد، حيث يعطي صلاحيات واسعة للبوندستاغ (9 المجلس الأدنى ) على حساب البوندسرات( المجلس الأعلى )، إذ حصر مهام هذا لأخير في المجال المالي .
غير أن للعاهل المغربي تصور مخالف لهذا النمط الغربي من الازدواج البرلماني عبر عنه بقوله :" عادة ما نرى في الدساتير التي تصفحناها واطلعنا عليها أن الغرفة الثانية تكون ناقصة القوة وناقصة الآليات بالنسبة للغرفة الأولى، ولكن حتى نجعلها شيقة وحتى نجعل الناس يقصدونها قررنا أن نجعل من هذه الغرفة الثانية غرفة تتميز عن أخواتها في الدساتير الأخرى لنظهر بذلك أن المغرب ليس مقلدا فقط، بل ينهل من مناهل الغير ولكن يصبها في كأسه ليبتلعها هو لجسده"[53]
مجمل القول أن دخول مغرب الألفية الثالثة في ظل هذه التجربة البرلمانية المتميزة بنظام الغرفتين توضح بشكل جلي أنها لم تنبثق من فراغ؛ بل ستؤسس على ما نمت مراكمته من تجارب وما ترسخ من تقاليد برلمانية تستمد خصوصياتها من واقع المغرب السياسي الاقتصادي والاجتماعي؛ لذلك جاءت حصيلة الأولية لهذه التجربة البرلمانية جد ايجابية تمثلت في مصادقة هذا البرلمان على قوانين هامة كقانون الجهات والقانون المنظم الانتخابات والقانونين التنظيمين لمجلس النواب ومجلس المستشارين بجانب مجموعة من القوانين الأخرى ساهمت في بلورتها كل مكونات المجلس وفق نظرة وطنية وواقعية، وأعطت لمفهوم التراضي بعده العميق، فجاءت هذه القوانين ثمرة مجهود وتفكير جماعيين تم إغناؤها بمجموعة من المقترحات والتعديلات التي تعاملت معها الحكومة بشكل إيجابي .
المطلب الثالث : تقوية ديناميكية مؤسسة الوزير الأول
في عرضه أمام أعضاء أكاديمية المملكة المغربية بمناسبة انعقاد دورتها الربيعية لسنة 2000 في موضوع " فكر الحسن الثاني أصالة وتجديد" لم يتردد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في الإشادة بالتصور الجديد الذي أعطاه جلالته لبنية حكومة التناوب؛ ومن خلال التعديلات الدستورية التي اقترحها جلالته والتي ارتفعت بمنصب الوزير الأول إلى مستوى لمؤسسة التي تعمل جنبا إلى جنب مع جلالته في إطار مسؤولياتها الخاصة التي تجعل من الحكومة ككل جهازا تنفيذيا يشكل مع الجهازين الآخرين المستقلين البرلمان والقضاء قوام دستورية الحكم في بلادنا، وكانت فلسفة جلالته في هذا المجال تقوم على خلق سوابق وتقاليد جديدة تتراكم لتصبح بالتدريج عنصرا في بنية الدولة ككل"[54]
المطلب الثاني: الإصلاحات الاقتصادية على ضوء المراجعة الدستورية لسنة 1996
نتيجة لبروز إكراهات اقتصادية دولية متمثلة في العولمة وبروز تداخل وتوحد ثقافي وإعلامي جد كثيفين، وحصول ندرة اقتصادية ملحوظة في القطاع الاقتصادي المغربي وظهور نخبة اقتصادية عصرية متطلعة للحفاظ على مصالحها عبر قنوات مؤسساتية كان لابد للمشرع الدستوري أن يحتوي كل هذه التحولات؛ فعمد من جهة إلى إدخال جملة من الإصلاحات التدبيرية الاقتصادية (الفرع الأول)، ومن جهة أخرى العمل على تفعيل المؤسسات الاقتصادية المغربية .
الفرع الأول : التدابير الاقتصادية في الدستور المراجع لسنة 1996
تعرض الدستور المراجع لسنة 1996 إلى تكريس حق الملكية وإقرار حرية المبادرة الخاصة مثلما استهدفت هذه المراجعة العودة إلى تقنية التخطيط .
أولا: تكريس حق الملكية وإقرار حق المبادرة الخاصة : إذا كان حق الملكية قد سبق وأن نصت على مختلف الدساتير التي عرفها المغرب المستقل، فإن الدستور المراجع لسنة 1996 جاء بحق جديد يتمثل في حق المبادرة الخاصة"[55] طبقا للفصل 15 من هذه المراجعة،غير أن هذين الحقين لم يأتيا بكيفية مطلقة، إذ تشير الفقرة الأخيرة من الفصل السالف الذكر على أن" للقانون أن يحد من مدى حرية المبادرة الخاصة والملكية إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
فكيف يمكن تفسير هذا الاستثناء؟
إن هذا التقييد يترجم سمو القانون في ضبط مجال حرية المبادرة الخاصة في إطار احترام القانون وتنفيذ الالتزامات الضريبية ومراعاة قانون الشغل والحرص على احترام قانون المنافسة، مثلما يفرض على المستثمرين أن يتعاملوا مع حرية هذين الحقين في إطار الحقوق والواجبات وليس الحقوق فقط .
ثانيا : إعادة الاعتبار إلى تقنية التخطيط: من بين المستجدات التي حملها الدستور المراجع لسنة 1996 تضمينه لتقنية التخطيط التي كان معمولا بها في دستور 1962. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا بإلحاح شديد هو : هل هناك تشابه لمسألة التخطيط في دستوري 1962 و 1996؟؟
إن هناك بونا ملحوظا لتقنية التخطيط في كلا الدستورين؛ فالتخطيط مع الدستور المراجع لسنة 1996 أمسى مسألة إستراتيجية سياسية، فهو حاضر في كل المجالات المجتمعية، مثلما نجده حاضرا في كل المؤسسات العمومية، فتقنية التخطيط حاضرة على مستوى الإدارة المركزية، وعلى مستوى الجماعات المحلية والجالس القروية والبلدية التي أمست مطالبة بتطبيق المادة 3 من ميثاق الجماعات المحلية* كما أن المادة 67 تفرض على المجالس الإقليمية ومجالس العمالات إنجاز مخططات خماسية[56].
الفرع الثاني: تفعيل المؤسسات الاقتصادية في إطار دستور 1996
إن جل المؤسسات الاقتصادية التي جاء بها الدستور المعدل لسنة 1996 ليست جديدة كل الجدة عن النظام الدستوري المغربي؛ فالمجلس الأعلى للحسابات سبق وأن نص عليه دستور[57] 1962 كما أن المجلس الأعلى للإنعاش والتخطيط سبق وأن رأى النور نفس الدستور السابق الذكر .
غير أن الجديد هو إخراج هذه المؤسسات من حالة الركود التي كانت تعيشها بهدف تفعيل وتنشيط وظائفها داخل النسيج الاقتصادي المغربي حيث سيبرز هذا التوجه من خلال منحها صلاحيات هامة وترقيتها إلى مؤسسات دستورية قائمة بذاتها.
أولا: المجلس الأعلى للحسابات: تم خلق هذه المؤسسة بمقتضى ظهير شريف في سنة 1980 ليعوض اللجنة الوطنية للحسابات؛ بيد أن الجديد الذي جاءت به هذه المراجعة يكمن في ترقية هذا المجلس إلى مؤسسة دستورية قائمة بذاتها، حيث يشير العاهل المغربي في هذا الصدد:" من أجل عقلنة استعمال وتدبير مواردنا قررنا ترقية المجلس الأعلى للحسابات إلى مستوى مؤسسة دستورية "[58] وتكمن مهام هذه المؤسسة الاقتصادية في ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية والتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات الأجهزة الخاضعة لرقابته ومساعدة البرلمان والحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته.
وإلى جانب المجلس الأعلى للحسابات عمد العاهل المغربي إلى وضع رقابة مالية على ميزانيات الجماعات المحلية عبر خلق مجالس جهوية للحسابات؛ ومما يكرس المكانة المتميزة التي يحظى بها المجلس الأعلى للحسابات كون المشرع قد أفرد له بابا خاصا ألا وهو الباب العاشر، ورغم أن المشرع الدستوري لم ينص صراحة على ترأس جلالة الملك لهذا المجلس؛ إلا أنه بالرجوع إلى الفصل 97 من نفس المراجعة نجد هذا المجلس مطالب برفع بيان إلى جلالة الملك يتضمن كل الأعمال التي يقوم بها.
ثانيا: المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط: برز هذا المجلس إلى حيز الوجود في دستور 1962 وظل حاضرا في دستوري 1970 و1972، غير أن الدستور المراجع لسنة 1992 ستجرد هذا المجلس من صفة " التخطيط" تماشيا مع عملية التطهير التي جاء بها الدستور المراجع في سنة 1992 فاحتفظ باسم المجلس الأعلى للإنعاش الوطني لتعيد له المراجعة الدستورية الأخيرة حيويته من خلال إسناده مهمتين أساسيتين:
1- المساهمة في تحضير المخطط، وذلك من خلال ترأس جلالة الملك لهذا المجلس.
2- ضرورة عرض المخطط من قبل الحكومة على أنظار المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط قبل عرضه على المجلس الوزاري والمصادقة عليه من قبل البرلمان.
ثالثا: المجلس الاقتصادي والاجتماعي : جاء ميلاد هذا المجلس مع المراجعة الدستورية لصيف 1992 كضرورة ملحة في مختلف القضايا الوطنية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية، ويبدو أن المشرع المغربي عمد إلى أن يجعل من هذا المجلس مستشارا من نوع خاص؛ فللحكومة مثلما لكلا المجلسين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي أو اجتماعي.
لقد تمخض عن هذه الإصلاحات إحداث تحولات نوعية في بنية النظام السياسي المغربي خصوصا في طابق " الحداثة" حيث تتمركز ميكانيزمات القانون الدستوري لكن دون أن يشمل هذا التحول طابق" إمارة المؤمنين" للاعتبارات السالفة الذكر؛ فقد شهد مغرب التسعينات ميلاد الحديث عن مفاهيم جديدة كل الجدة عن النظام الدستوري السياسي المغربي؛ فبرز الحديث عن المجتمع المدني؛ مؤسسة الوسيط؛ المجلس الدستوري؛ الانتقال الديمقراطي؛ لتناوب السياسي...؛ فهذا المفهوم تحول إلى واقع معاش حسب تعبير ريمي لوفو[59] بل إن الباحثة زكية داوود لم تتردد في الإفصاح بكون المملكة الشريفة تعرف حالة سياسية قوية طبيعية تشكل حالة تفرد في المحيط الجيوسياسي بالعالم العربي؛ فقد انحدرت من الانتخابات التشريعية لسنة 1997 تعيين وزير أول اشتراكي في شخص السيد عبد الرحمان اليوسفي[60] ليلج المغرب مرحلةجديدة في مساره السياسي.

هوامش ومراجع
[1] للمزيد من التوسع حول هذه النقطة راجع دراستنا :"نشأة الدستورانية بالمغرب" المجلة المغربية للادارة والتنمية المحلية- العدد56- الرباط2004-ص
[2] A.Bourgi`` Transition démocratique : quel bilan ? l annuaire jeune afrique- n 94- paris-1994-p12.
[3] v.J.P.Daloz. et p.Quantin``Transitions Démocratiques Africaines``KARTHALA-PARIS-1997.p44.
[4] راجع رسالتنا الجامعية "المسألة الدستورية في مغرب الأمس واليوم" دبلوم الدراسات العليا– كلية الحقوق-البيضاء1999 ص64.
[5]راجع إغناسيو راموني " التحولات الجيوسياسية الكبرى في زمن العولمة " عرض ألقاه بالمعهد الفرنسي بالبيضاء يوم 03/04/2000 –نص العرض منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي –ع6114- 7 /5/ 2000 ص3.
[6] راجع نص خطاب العرش ليوم 3 مارس 1991 – النص منشور ضمن سلسلة خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني- منشورات وزارة الإعلام- الرباط- مارس 1991- مارس 1992- ص10 .
[7] راجع نص خطاب العرش لسنة 1993- نص الخطاب الملكي السامي منشور ضمن انبعاث أمة –الجزء38- مطبوعات القصر الملكي – الرباط 1993 – ص101 .
[8] راجع نص خطاب العرش لسنة 1995- نص الخطاب الملكي السامي منشور ضمن انبعاث أمة –ج40- مطبوعات القصر الملكي – الرباط 1995 - ص85 .
[9] R.Leveau- la monarchie, acteur central du système politique-Réussir la transition démocratique au Maroc-in le monde diplomatique- Novembre 1998, page 14-15
[10] راجع رسالتنا الجامعية " المسألة الدستورية في مغرب الأمس واليوم" دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام- كلية الحقوق- البيضاء1999-ص65.
[11] راجع نص خطاب العرش لسنة 1999- نص الخطاب الملكي السامي منشور ضمن انبعاث أمة –ج44- مطبوعات القصر الملكي – الرباط 2000 – ص90 .
[12] راجع نص خطاب العرش لسنة 1995- نص الخطاب الملكي السامي منشور ضمن انبعاث أمة –ج40- م.س- ص534 .
[13] راجع نص مذكرة أحزاب الوفاق بخصوص موضوع الإصلاحات الدستورية – نص المذكرة منشورة بجريدة النضال الديمقراطي- 04/08/1996
[14] المرجع نفسه
* في إشارة إلى الغرفة الثانية.
[15] المرجع نفسه.
[16] المرجع نفسه.
[17] مذكرة أحزاب الوفاق السالفة الذكر.
[18] V.A.B.Tredano``Democratie culture politique et Alternance``Les editions Maghrebines-casa-octobre 1996.
* شبيهة من حيث التكوين بالكتلة الوطنية التي برزت في سنة 1970 والتي ضمت حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية
[19] راجع محمد الساسي " تفاصيل سياسية " سلسلة شراع- ع23- طنجة- يناير 1998-ص11
[20] نص المذكرة منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي –ع3256 –بتاريخ 8 يوليوز 1992- ص2.
[21] نص المذكرة منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي –ع3243 –بتاريخ 25يونيو 1992-ص2
[22] نص المذكرة منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي –ع3244 –بتاريخ 26 يونيو 1992-ص2
[23] راجع محمد الطوزي" الملكية والاسلام السياسي في المغرب" ترجمة محمد حاتمي-خالد شكراوي- المراجعة عبد الرحيم بنحادة- نشر الفنك-مطبعة النجاح الجديدة - البيضاء 2001-ص96.
[24] راجع : نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني إلى الشعب المغربي بخصوص طلب التحكيم الذي تقدمت به أحزاب المعارضة نص الخطاب منشور سلسلة خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني -منشورات وزارة الإعلام – الرباط 1993 – ص 25
[25] راجع : نص خطاب جلالة الملك – المرجع نفسه – ص 26
[26] V. M.Rousset `` Le juge Adminstratif et L a protection des droits de L homme `` édition Collection LHARMATTAN- paris1994-p331.
[27] راجع عبد الهادي بوطالب " الدساتير والحياة النيابية في المغرب ضمن م.ج " مدخل إلى تاريخ المغرب الحديث من عصر الحسن الأول قدس اله روحه إلى عصر جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله" م.س –ص371.
[28] مؤلف جماعي : الإصلاحات الدستورية والسياسية في المغرب العربي" جامعة القاضي عياض- سلسلة ندوات ومناظرات رقم15- ندوة 26-28 أكتوبر 1999- المطبعة والوراقة الوطنية- مراكش2000- ص44-45
[29] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة الذكرى 39 لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 ت 1992- المرجع نفسه– ص93 .
[30] راجع في هذا الصدد "مقالتنا الإرهاصات الأولية للتفكير الدستوري بالمغرب " جريدة الاتحاد الاشتراكي.م.س.ذ - ص2.
[31] إن هذا الإقرار الوارد في الباب الأول من دساتير 1962 –1970 لم يشمله أي تعديل أو تحوير.
[32] انظر الشطر الثاني من ديباجة المراجعة الدستورية لسبتمبر 1992.
[33] راجع كتاب جلالة الملك الحسن الثاني "ذاكرة ملك"كتاب الشرق الأوسطالطبعة الثانية1993
[34] V.A.Menouni``Lectures dans le projet de la constitution révisée"in REVISION DE LA CONSTITUTION MAROCAINE 1992``OP.CIT-P.174-175.
[35] V.A.Benmessaoud Tredano`` Démocratie Culture politique et l alternance au Maroc`` Les editions Magrebines- Casa 1996-p65.
[36] انظر نص حوار العاهل المغربي الحسن الثاني مع جريدة " لوفيغارو " بتاريخ 29 أبريل 1996- نص الحوار وارد ضمن سلسلة خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني – 3مارس 1996- 3مارس 1997-م.س-ص69.
[37] انظر نص حوار العاهل المغربي الحسن الثاني مع القناة التلفزية الفرنسية الثانية بتاريخ 3 شتنبر1992- المرجع نفسه-ص113-114.
[38] راجع محمد معتصم " النظم السياسية المعاصرة " منشورات إيزيس- البيضاء1992-ص182

[39] راجع ما أوردناه بخصوص هذه المسألة القسم الأول من هذا البحث.
* كتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول تسرب امتحانات الباكلوريا لسنة 1979، وحول الزيوت المسمومة وحول أحداث فاس 1992؛ فكل هذه اللجن جاءت بمبادرة ملكية وليس نيابية .
* سيصل عدد أعضاء المجلس الدستوري المغربي مع الدستور المراجع لسنة 1996 إلى 12 عضوا .
[40] جلالة الملك بالنسبة للنظام السياسي المغربي ورئيس الجمهورية بالنسبة للنظام الفرنسي .
[41] انظر المادة 10 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 2 مارس 1984.
[42] مقتطف من خطاب العرش ل3مارس 1995- نص الخطاب الملكي السامي وارد في سلسلة خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني 1995-1996- م.س – ص 8
[43] (1) راجع نص حوار جلالة الملك الحسن الثاني مع مجلة " لوفيغارو ماغازين" نشرته بتاريخ 22فبراير 1992 - نص الخطاب الملكي السامي وارد في سلسلة خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني 1992-1993- -م.س –ص289
[44] انظر نص خطاب صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة عيد العرش لسنة 1996 – نص الخطاب الملكي منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي – ع4589- بتاريخ 4 مارس 1996- ص2.
[45] المصدر نفسه –ن.ص.
[46] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 1996 – النص وارد في سلسلة خطب ونوات جلالة الملك الحس الثاني – م.س- ص171.
[47] نص الكلمة الملكية السامية واردة في مؤلف " انبعاث أمة " ج38- س1993- مطبوعات القصر الملكي– الرباط 1994-ص95.
[48] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 1996.- النص وارد في سلسلة خطب وندوات جلالة الملك الحسن الثاني 1996-1997-م.س- ص172
[49] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 1996.م.س-ص 172
[50] راجع دراستنا المعنونة ب" الإصلاحات الاقتصادية والإدارية على ضوء المراجعة الدستورية لسنة 1996"" نص الدراسة منشورة بجريدة"" المنظمة " بتاريخ 21/22 فبراير 1999- ص5.
[51] راجع دراستنا " المراجعة الدستورية لسنة 1996 …وعملية الانتقال الديمقراطي في المغرب الراهن " جريدة الاتحاد الاشتراكي –ع6065- بتاريخ19مارس2000 .
[52] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة الذكرى الثالثة والربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 1996. النص وارد في سلسلة خطب وندوات جلالة الملك الحسن الثاني 1996-1997-م.س- ص172.
[53] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 1996. النص وارد في سلسلة خطب وندوات جلالة الملك الحسن الثاني 1996-1997-م.س- ص172.
[54] راجع عرض ذ. عبد الرحمان اليوسفي " التناوب التوافقي من إبداعات الفكر الحسني " م.س- ص6.
[55] يعتبر إدماج هذا الحق المستجد الوحيد الوارد في الباب الأول من هذه المراجعة، إذ لم يدخل على هذا الباب أي تغيير أو تحوير .
* تنص هذه المادة على ضرورة توفر كل مجلس بلدي أو قروي على مخطط.
[56] راجع نص محاضرتنا المعنونة ب" الإصلاحات الاقتصادية والإدارية على ضوء المراجعة الدستورية لسنة 1996"" م.س-ص5
[57] انظر الفصل 32 من دستور 1962.
[58] مقتطف من نص خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة عيد العرش ل3 مارس 1997. النص وارد في سلسلة خطب وندوات جلالة الملك الحسن الثاني 1997-1998-م.س- ص10.

[59] R. Leveau " la monarchie, acteur central du système politique-Réussir la transition démocratique au Maroc"in le monde diplomatique- Novembre 1998, page 14-15
[60] Daoud Zakiya" Le Maroc en mutation L alternance à l épreuve des faits" le monde diplomatique
Avril 1999, page 29



#محمد_زين_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريف العدالة الانتقالية بالمغرب هيئة الانصاف والمصالحة نموذ ...
- تأثيرات أنماط الاقتراع على مسألة الانتقال الديمقراطي
- سريان النخب بالمغرب
- بناء مجتمع المواطنة
- عولمة الاعلام بين السياسة والاقتصاد
- الديمقراطية المعولمة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد زين الدين - سؤال الاصلاح الدستوري في مغرب التسعينات