أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - شارل أندري أودري - هنغاريا 1956: الثورة المشوهة















المزيد.....

هنغاريا 1956: الثورة المشوهة


شارل أندري أودري

الحوار المتمدن-العدد: 6034 - 2018 / 10 / 25 - 10:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


كتبت جريدة لوموند يوم 22 يونيو 2006 :" قادما من فيينا حيث حضر القمة الاوربية الامريكية، احيا جروج بوش يوم 22 يونيو في هنغاريا الذكرى 50 لانتفاضة بودابيست ضد السيطرة السوفياتية".

فيما يلي تذكير باحدى منعطفات القرن العشرين.

اكتوبر 1956: انفجار الثورة الهنغارية. لكن احدى السمات المميزة لهذه الثورة، أي الاندفاع نحو نظام اجتماعي وديمقراطي جديد، تعرضت لتجاهل بعناية من طرف الدعاية بالشرق والغرب على السواء. لقد جرى في 1956 تحطيم امكانية "طريق ثالث" مؤسسي واقتصادي واجتماعي بين الرأسمالية و الستالينة. ولم يدرك المدافعون عن اشتراكية ديمقراطية قائمة على التسيير الذاتي حجم هذه الهزيمة على النطاق التاريخي.

ان هكذا حركة تنظيم ذاتي تستلزم نضجا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وفقد أدوات السلطة الرسمية الاتوقراطية للاعتبار على نحو حاد. في مارس 1955 أقيل من مهامه ايمر ناجي (اعدم يوم 18 يونيو 1958) الذي ُوضع في السلطة في 1953 بقصد تفادي أزمة، وتعرض لهجوم من ماتياس راكوزي رئيس الحكومة الجديد، والامين العام للحزب الشيوعي. وتشكلت حول ناجي مجموعة صغيرة ضئيلة التنظيم، مشكلة من كتاب وصحافيين واعضاء بالحزب الشيوعي. كان ذلك ببلدان الشرق اول معارضة مستديمة داخل البنيات الرسمية وعلى هامشها. وقد رأى فيها "الرأي العام" بديلا ممكنا للسلطة القائمة. وسيكون للتعبئات اللاحقة هدف سياسي موحد: عودة ناجي الى السلطة. لكن بدا ان غطاء « التطبيع" الرصاصي عاد الى سابق عهده. ومع ذلك تواصلت التحديات بوجه نظام راكوزي في العام 1955.

وفي 1956 انفجر "ربيع بودابيست". تكاثرت الشائعات منذ مارس حول تقرير خروتشوف السري امام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي، حيث استعرض خروتشوف قسما من "جرائم ستالين". و مذاك كان تحت أقدام راكوزي لغمان. فقد أزال تقارب خروتشوف مع تيتو في 1955 كل صلاحية للمحاكمات التي نظمها في 1949 ضد اعضاء بارزين بالحزب مثل لازلو راجك. وقد كانت "الانحرافات التيتوية" عنصر الاتهام في تلك المحاكمات! ثم ان الاعتراف بـ"جرائم ستالين" يحيل على القمع الذي مارسه الحزب الشيوعي الهنغاري منذ 1947-1948.

افضت المطالبة باعادة اعتبار لازلو راجك – التي اطلقتها أرملته جوليا راجك- الى اول مظاهرة عمومية ضخمة معارضة في هنغاريا بعد الحرب: الدفن الرسمي لراجك يوم 6 اكتوبر 1956. ومنذ مارس، وبوجه خاص منذ يونيو 1956، كان مثقفون وكتاب واعضاء بالحزب الشيوعي قد نشطوا نقاشا عموميا من خلال اجتماعات حلقة بيتوفي Petöfi (1).

وفي يوم 27 يونيو شارك زهاء 000 6 شخص في نقاش حلقة بيتوفي حول موضوع الصحافة. ونظمت محاضرات في المصانع.. وترسخ بالبلد "مركز سياسي ثاني" حسب التعبير المندد لقيادة الحزب الوحيد. وفي 28 يونيو 1956 اندلع تمرد عمالي جديد في بوزنان في Poznan في بولونيا وتعرض لقمع شرس. واصبح بؤرة التقاء في هنغاريا.

حركة مستقلة

سعى متياس راكوزي الى استعمال قمع بوزنان لاطلاق موجة قمع في هنغاريا. ووضعت قائمة باسماء 400 من "العناصر المعارضة". لكن تم بلوغ سمة الخطر. وبقصد تفادي ازمة مفتوحة قرر سوسلوف وميكويان، مبعوثا الحزب الشيوعي السوفياتي، استبدال راكوزي بساعده الأيمن إيرنو جيرو Ernö Gerö ، و رفعوا قائدا للاحتياط جانوس كادار، لكن هذه الجراحة التجميلية لن تكون كافية.

وتاسست يوم 16 مارس منظمة طلاب جماهيرية مستقلة، رابطة جمعيات طلاب الجامعات والثانويات الهنغاريين (Mefesz). هكذا برزت على الساحة العمومية حركة جماهيرية مستقلة عن بنيات الحزب-الدولة وبجريدتها الخاصة. وقد اكد بيل لوماكس عن مستتبعات ذلك قائلا: "ستؤول حركة المعارضة، التي انتقلت من الكتاب الى منظمي حلقة بيتوفي، إلى الطلاب (2)". احتوى برنامج رابطة جمعيات الطلاب والتلاميذ على مطالب اساسية: قيادة حزبية جديدة، حكومة بقيادة ناجي، انتخابات جديدة، سياسة اقتصادية جديدة، تصحيح معايير العمل في المصانع واستقلال المنظمات العمالية، واعادة النظر في المحاكمات والعفو، وحرية الصحافة. ويضاف الى القائمة في كل التجمعات المنظمة بالبلد مطلب تعدد الاحزاب وانسحاب القوات السوفياتية المرابطة بهنغاريا. وفي يوم 22 أكتوبر دعا الطلاب الى مظاهرة كبيرة يوم 23 . وجمعت كل قطاعات المجتمع حتى الجنود! خاطب ناجي الحشود على الساعة التاسعة ليلا أمام البرلمان. و طلب من المتظاهرين العودة الى بيوتهم ووعد ببذل القصاري ... من اجل تطبيق برنامجه لعام 1953. بقي ناجي على اقتناع بوجوب تسوية كل الامور في اطار الحزب وفي كل مرة يسجل وجود اندفاع شعبي قوي.

كان شعور الخيبة قويا لدى المتظاهرين بعد هذا الخطاب. وراج شعار "الآن وإلا فاتت الفرصة نهائيا" على نطاق واسع. وقام متظاهرون، مستعينين بشاحنات، باقتلاع تمثال ستالين... تاركين على قاعدته جزمة. وأراد آخرون الدخول إلى دار الراديو لاذاعة برنامج الطلاب. اطلقت قوات القمع النار على المتظاهرين. وبدأت المواجهة العسكرية. و أعطى جنود أسلحتهم للثائرين وصودرت أسلحة اخرى في التكنات بلا صعوبات كبيرة. وامتد الإضراب العام إلى كامل البلد.

قوة انتفاضية

قامت قيادة الحزب والجيش، غير المتيقنة من سلوك القوات الهنغارية، بطلب تدخل القوات السوفياتية. وبينما" ينهار عالم " اجتمعت قيادة الحزب. وبحث ناجي عن حلول في هذا الاطار. و يوم 24 اكتوبر زوالا فقط أعلن ان القانون العرفي لن يطبق فورا وطلب القاء السلاح...

لكن اصبح للحركة الجماهيرية ديناميتها الخاصة." كان المقاتلون على أتم استعداد للقتال حتى الموت. وهذا على الأرجح سبب عجز القيادة السياسية عن فرض مساومة وفشلها في استتباب النظام باصلاحات جزئية. وكان السبب الآخر الحاسم يكمن في الحركة الثورية في القاعدة، أي في التنظيم الذاتي للشعب على الصعد كافة (3)". ومن 24 الى 28 اكتوبر فشل الجيش السوفياتي في فرض نظامه. وشهدت البداية مشاهد تآخي بين الجنود والمنتفضين. لكن يوم 15 اكتوبر امام البرلمان جرى اطلاق للرصاص أدى إلى سقوط قتلى عديدين. ومثل ذلك انعطافا. وكانت المعارك عنيفة طيلة اربعة ايام. جمعت القوات المتمردة 000 15 شخص حدا اقصى. وامتدت الانتفاضة الى مجموع البلد بمطالب اقتصادية-اجتماعية وديمقراطية ومطلب الاستقلال الوطني عن السوفيات. ويوم 28 اكتوبر تقرر بفعل حجم المقاومة المسلحة والمدنية سحب القوات السوفياتية غير الكافية لفرض نفسها بسرعة. وكان ذلك مظهر نصر خادع. وقد بات معلوما اليوم ان القرار كان تكتيكيا واتخذ باتفاق مع كادار. ومنذ 27 اكتوبر تقلد ناجي رئاسة حكومة جديدة غير متناغمة بعد مع انتفاضة المجتمع.

ومن 28 اكتوبر الى 4 نوفمبر، تاريخ تدخل السوفيات الثاني، برزت اربعة عناصر. اولا بدأت يوم 31 اكتوبر مركزة المجالس العمالية. كانت المطالب واضحة: المقاولات ملك للعمال، المجلس هيئة رقابة، منتخبة ديمقراطيا، المدير منتخب، وجوب إخضاع الأجور ومناهج العمل والعقود مع الخارج (الاتحاد السوفياتي) للمجلس، التوظيف والتسريح من اختصاصه، استعمال الأرباح يكون بقرار من المجلس(4). يعبر هذا البرنامج عن رؤية للمجتمع غير مطابقة الى حد بعيد مع عودة الى نظام قبل الحرب. وجرى تلاقي المجالس العمالية مع اللجان الثورية المحلية على نحو أوثق.

ثانيا، انتقل مركز ثقل السلطة الرسمية بجلاء من الحزب الى حكومة ناجي الجديدة. وتقدمت المفاوضات بين ناجي و المجالس، متشككة شيئا ما، نحو وضع حد للاضراب وتوطيد الوضع. ثالثا، أسس جانوس كادار حزبا جديدا ُوصف بالمناهض للستالينية، حزب العمال الاشتراكي الهنغاري (MSZMP). سيكون هذا الحزب اداة ارساء نظام جديد بعد "استتباب النظام" من طرف الجيش السوفياتي. واخيرا طلبت حكومة ناجي الاعتراف بهنغاريا بلدا محايدا، و لقي هذا الطلب صدى كبيرا في هنغاريا. اما "المجموعة الدولية" فقد تظاهرت بالصمم.

ومنذ 4 نوفمبر لجأ السكان، بوجه التدخل السوفياتي الثاني، الى الاضراب العام، وكان بكل يقين اكثر الاضرابات العامة التي شهدها التاريخ حتى اللحظة شمولا ووحدة. ودامت المقاومة العسكرية، المستندة في المقام الاول على شباب الاحياء الشعبية، ستة أيام، وأصبحت هيئة تنسيق المجالس مركز المقاومة. ومنذ 12 نوفمبر اشتغلت بنية رسمية ممركزة كمركز سلطة مضادة بنشراتها ومناشيرها. كانت المطالب ذات الاولوية كالتالي: السحب الفوري للقوات السوفياتية، حرية الصحافة، الرقابة على الجيش والبوليس لمنع تسلل عملاء الشرطة السياسية AVH، العفو على المدنيين والعسكريين المشاركين في الانتفاضة.

تحطيم المجالس

كانت تمثيلية اللجنة المركزية لمجلس عمال بودابيست الكبرى في مستوى اضطر معه كادار، الذي وصل في شاحنات الجيش السوفياتي، الى التفاوض معها. وجرى لقاء يومي 14 و15 نوفمبر. وكان من مواضيع النقاش: تمديد نظام المجالس على صعيد وطني، وحق الاضراب وسحب القوات السوفياتية. رد كادار على المطلب الأول بان" شيئا من ذلك القبيل غير موجود في أي مكان وان لا حاجة الى هكذا بنية في ديمقراطية شعبية (5)."

تمسك مندوبو المجالس بموقفهم. آنذاك أصبح القمع الوسيلة ذات الاسبقية عند البيروقراطية، وفي يوم 27 نوفمبر 1956 حددت اللجنة المركزية لمجالس العمال في دورية لها رهان الساعة على النحو التالي: المقاولات بأيدينا، أيدي مجالس العمال. والحكومة تدرك ذلك وتريد قبل كل شيء انهاءه(6)". أدى اعتقال زعماء اللجنة المركزية لمجالس العمال الى اضراب عام يومي 11 و12 ديسمبر. واشتد القمع. و في يوم 5 يناير 1957 اصبح من يرفض العمل او" يسبب اضرابات" مهددا بحكم الاعدام. .. وبلغ سيل اللاجئين 200 الف شخص (7).

شارل أندريه اودري
أسبوعية روج 27 يوليوز 2006
تعريب جريدة المناضل-ة



#شارل_أندري_أودري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - شارل أندري أودري - هنغاريا 1956: الثورة المشوهة