أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار السواد - جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم!.. الحلقة الاولى















المزيد.....

جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم!.. الحلقة الاولى


عمار السواد

الحوار المتمدن-العدد: 1707 - 2006 / 10 / 18 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحلقة الاولى.. اساس الانهيار
ها هم كتاب النخبة من جديد يسطحون الاشياء، ويتمسكون بالطرف الظاهر من المشكلة تاركين خيوطها الاخرى او متناسين لوجودها. فقد تحولت اقلام الكثير من الكتاب والمثقفين العراقيين، بعد فترة قصيرة من السقوط، الى حصر الاتهامات لتيارات الاسلام السياسي، محملين اياها المسؤولية الاولى عن انهيار الروابط والوشائج بين العراقيين. وبذلك فانهم صدقوا في جانب واغمضوا اعينهم عن الجانب الاوسع للمشكلة.
فعلا ان تيارات الاسلام السياسي اليوم تمكنت من فرض نمط سياسي واجتماعي غاية بالخطورة. فبعضها، وهي الاشد فتكا كالقاعدة ومن شابهها، رسمت للعراقين واحدة من اقبح الصور. فالقتل العشوائي، واشاعة ثقافة الكره والبغضاء، وتطبيق اكثر تفسيرات الاسلام سوء كانت اللون الابرز في هذه الصورة. وبعضها اندفع خلف صراعات طائفية اعادت عقارب الساعات الى ما قبل اكتشاف العدادات الحديثة للوقت والزمان، ما آذن بتلاشي الحاضر بمفردات الماضي. وبعض اخر منها تصرف مع الديمقراطية برؤى وتصورات قد تؤدي في المستقبل الى زوالها، غير مميز في ذلك بين الديمقراطية كصندوق انتخابي وبين الديمقراطية كمنجز ليبرالي يتكفل قبل كل شي بحماية الحريات المدنية والسياسية وحقوق الانسان ويتكفل ايضا بتناقل دوري وسلمي للسلطة.
ما فعلته تيارات الاسلام السياسي في اليوم العراقي كان بالتحديد هو انها اشتركت في اضاعة فرصة ذهبية للعراق كي ينتقل بسرعة عالية من عهد دموي هيمن على كل تفصيلاته مجرم مستبد الى عصر تغيب عنه تفاصيل الموت السري. فتضاءل الامل وفاحت رائحة الموت لتملأ كل مكان، والحياة باتت خالية من كل رقة او دفئ او حب. لا اريد ان اكون متشائما لاقول ان كل شيئ قد ضاع، فهناك شيئ قليل من الوقت بقي بانتظار من يستثمره لانهاء الايام السود التي تمر على العراقيين. ولكن هذا البعض من التفاؤل يبقى مجرد حلم قد لا يتحقق.
اذن اشتركت جماعات الاسلام السياسي في تعميق الالم العراقي في حاضره المعاصر. ولكن هل كانت لوحدها السبب؟.
وهل المشكلة العراقية، هي بنت لحظة سقوط صدام وتوارد الاحزاب الدينية على ادارة شأن العراق، ام هي اعمق واخطر واوسع من ان يتحملها طرف لوحده؟
وهل مشكلتنا في النخب السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية... الفاعلة فقط، ام ان المأزق نابع ايضا من داخل الفرد العراقي، كمنتج ومستهلك لكل ما يدور في البلاد منذ عقود؟
ان تركيز النخب على لحظة التغيير في العراق وما تلاها من ظواهر واوضاع لا يبدو امرا سليما، كونه يتعامل مع القشور اولا، ويتناسى كل التراكمات التي اوصلت البلاد الى هذه اللحظة، ثانيا. فمن السذاجة القول بان واقع العراق الحالي هو تطور فرضته التيارات الدينية لوحدها. لان العراق الان هو مزيج من تراكمات خطيرة ولدتها مجموعة عوامل وعدد كبير من الجهات والافكار التي تتالت على الشارع العراقي، ونتيجة لتلك التراكمات تحولت نهارات هذا البلد الى ليال من البؤس والشقاء.
فاخطر نقطة يعاني منها العراقيون الان تكمن في تصدع منظومة القيم الداعمة للسلام والتعايش. وبتعبير اكثر صراحة ان العراقيين اضحوا منذ زمن غير قليل ادوات لمجموعة افكار وايدلوجيات تحكمت بكل تفاصيل العقود العراقية المنصرمة.
ان القابلية الاجتماعية التي تقبلت الرؤى الصادرة عن الاسلام السياسي تبلورت من خلال مجموعة متغيرات تحكمت بكل شيئ في العراق. فالمجتمع الذي تبنى الاطروحة الدينية في السياسة هو ذاته الذي أنشأته الايدلوجيا البعثية ومن قبلها اليسارية. ان هذا المجتمع ليس صنيعة الاسلام السياسي، بل هو صنيعة ايدلوجيات سابقة سلمته على طبق من ذهب الى التيارات الدينية. ومن يدري قد تتسلمه في سنوات مقبلة انماط من الايدلوجيا مختلفة عنها.
ان اللحظة التي نعيش فيها الان ما هي الا امتداد لعصر ايدلوجي مظلم تحكم بالعراق منذ اربعينيات القرن الماضي، وانتقل اواخر الخمسينيات من الشارع الى السلطة ليحكم قبضته على المجتمع بادوات الحكم.
لقد نمت الايدلوجيا في العراق، بشكل لافت، منذ بدايات تأسيس الدولة العراقية، لكنها بعد هزيمة تمرد رشيد الكيلاني عام 1941 اصبحت ذات التأثير الاول على حركة المجتمع. مستفيدة في ذلك من مجموعة ظروف مهمة عالمية ومحلية. فبعد هزيمة الايدلوجيا الضيقة الرؤية التي بلورتها النازية في الحرب العالمية الثانية، اصبح المجال مفتوحا امام توغل ايدلوجيات عدة في عمق الجسد الاوربي والعالمي. وفي العراق كانت الليبرالية تعاني من انهيارات حقيقية بسبب علاقتها بالمستعمر البريطاني من جهة، وبسبب الفساد الضارب بين شخصياتها من جهة ثانية، وبسبب عدم قدرتها على ايجاد حلول حقيقية للطبقات الفقيرة، فقد كانت عاجزة عن مخاطبة هذه الطبقات اصلا.
هذه الظروف وامثالها الكثير فسحت المجال بشكل واسع لاتساع حجم التأثير الايدلوجي، وقوة احزابه. لتقوم بدورها في العراق وغيره من بلدان العالم. وعندما توغلت، وجدت صداها في العراق والبلدان المشابهة له مختلفا تماما عن صداها في بلدان العالم الصناعي. فهي اندمجت بمجتمعاتها في دول اوربا الغربية وتأطرت بما تفرضه عليها المعطيات الاجتماعية شديدة التأثير هناك. كونها توغلت في مجتمع ممتليئ، مستقل، ومؤمن بالحريات ويتمتع بدولة ذات مؤسسات قوية ومحكمة. وفي المقابل وجدت الايدلوجيات في العراق وما شابهه من البلدان شيئا مختلفا. فوجدت مجتمعا مفرغا من الوعي ومفتقرا الى المدنية وباحثا عن اي بصيص امل ينقذه من الفقر والجوع والضعف والهوان فصهرته بها. ووجدت دولة ناقصة فطمعت بالهيمنة عليها. فتشوه المجتمع واستبدت السلطة.
الايدلوجيا في العراق لم تكن جزء من عوامل تطور المجتمع وواحدا من خياراته، بل كانت خياره الوحيد، فجندته لصالحها بدلا من ان يجندها هو لصالحه. وبما ان الايدلوجيا ليست كيانا مستقلا عن دعاتها والعاملين من اجلها، فان اي ثمرة تحصدها ستصب مباشرة في صالح اولئك الدعاة.
بذلك فان خطر الايدلوجيا يكمن في ثلاث نقاط اساسية:
1- انها ستحدد خيارات المجتمع بخيار واحد تمثله هي، وبدون اي خيارات اخرى. اي انها ستسلبه امكانيات التعددية، وستدفعه الى خوض الصراعات ضد ايدلوجيات او افكار او توجهات مغايرة.
2- ان المجتمع سيكون اداة بيد نخبة او حزب او تيار او فرد يتحكمون بمصيره من خلال المقولات التي يؤمن بها، وبتعبير ادق من خلال الايدلوجيا المنقاد اليها. وبما ان المجتمع في البلدان المتخلفة عاجز عن مقاومة تلك النخب الجاذبة له ايدلوجيا فانه سيبقى منقادا لها بدون ادنى وعي.
3- ان بوصلة القيم ستحددها الايدلوجيا. وبذلك فان منظومة القيم الانسانية والفطرية لدى الانسان ستعطي مكانها لمنظومة قيم تؤمن بها الايدلوجيا، ما يؤدي بالضرورة الى خضوع الية تحديد الخطأ والصحيح، والجريمة والفضيلة لميزانها.
من هنا فان خضوع اي مجتمع شبه بدائي كمجتمعاتنا تحت هيمنة الايدلوجيا ثقافيا واجتماعيا وسياسيا له مخاطر مستقبلية. وهذا ما حصل في العراق تحديدا.
يتبع



#عمار_السواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شروع بالقتل..شبكة الاعلام بانتظار العلاج او الموت
- ارتدادات الاعلام العراقي..عودة وزير الاعلام
- تبعيث الليبرالية.. قراءة في بوادر خطاب ليبرالي مقلق
- شيعة العراق بين ايران وامريكا والعرب.. العودة الى العام 91


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار السواد - جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم!.. الحلقة الاولى