أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مسعد ابو فجر - من أصداء السيرة الذاتية














المزيد.....

من أصداء السيرة الذاتية


مسعد ابو فجر

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 02:30
المحور: سيرة ذاتية
    


كنتُ طفلا، أعيش مع أسرتي، أثناء الاحتلال الإسرائيلي لسيناء ، الذي أمتد من حزيران/يونيه 1967 حتى ابريل/ نيسان 1982. ويبدو أن رجال قبيلتي، والقبائل الأخرى، الذين عايشوا الإسرائيليين واحتكوا مع الحداثة الإسرائيلية بشكل يومي ومباشر، قد أدركوا، مصر لن تنجح في إبعاد اليهود من سيناء بالحرب أبدا. لذا وحين حط السادات بطائرته في مطار اللد، في زيارته الشهيرة للقدس، سادت القبائل فرحة عارمة، وصار رجال القبائل ينظرون للسادات على أنه رجل موهوب وذكي بل ولا تنقصه الشجاعة والإقدام والقراءة الصحيحة لميزان القوى بين مصر وإسرائيل. وطبيعي أن تنعكس عليّ، أنا الطفل حينئذ، الذي لم يكن قد قرأ كتابا واحدا حتى تلك اللحظة غير كتب المدرسة، حالة الفرح تلك، وألبس تي شيرت عليه صورة السادات.

ولكنني وحين أنطلق في رحلة القراءة، ستتلاشى من رأسي صورة السادات، كما كان يراها رجال قبيلتي، شيئا فشئيا ، حتى يتحول حبي للسادات إلى كره من النوع المرضي، وسأرفض اتفاقية كامب ديفيد، تلك الاتفاقية التي أدت إلى تفكيك مستوطنات ياميت التي أقامها الإسرائيليون فوق أرضنا بعد أن رحلونا عنها، لنعود نحن البدو بعد تحرير سيناء في 1982 ونسكن على تلك الأرض من جديد (!!).

في أثناء رحلة القراءة عرفت نجيب محفوظ بالطبع، ولكني عرفت عنه ولم أعرف منه، بمعنى أنني قرأت وسمعت عنه ولم أقرأ له، لذا سيرتبط اسمه في رأسي بموافقته على زيارة السادات للقدس وموافقته على اتفاقية كامب ديفيد، مما سيدفعني لأن اتخذ منه موقفا مسبقا.

والمشكلة أن هذا ليس هو المطب الوحيد الذي سيقف حائلا بيني وبين محفوظ، فقد أضيفت له مشاهد أخرى، كنت اسمع الناس يحكونها لي وأمامي.. مثلا:
- حين تسد سيارة الشرطة الضخمة، من طراز نصر، بمؤخرتها باب القهوة التي يجلس عليها محفوظ، ويترجل منها الضابط ومخبروه، يسألون الناس عن أوراقهم الثبوتية، سيقوم العم نجيب محفوظ واقفا، يضبط الجاكيت، يضع يده في جيبه، ويخرج بطاقته، وكأي مواطن مصري مقموع، يمد يده بالبطاقة إلى الضابط وهو يقول: نجيب محفوظ سليمان يا أفندم (!!).
- في الستينات وكانت شتيمة أم كلثوم لبانة في فم بعض متطرفي اليسار، على اعتبار أنها أداة من أدوات الحكم الناصري، سيشتم احدهم الست في حضرة نجيب محفوظ، سيصمت نجيب محفوظ تماما وكأن الأمر لا يعنيه، ولكن المفاجأة كانت لما أتى ميعاد مغادرته، قام واقفا وضبط الجاكيت على جسده بهدوء، أمسك بحقيبته ثم نادى على ذلك الشاب، أخذه معه، ولمّا ابتعدا قليلا، توقف محفوظ، ولوح أمام الشاب بإصبعه السبابة، وقال له بلهجة حازمة لا سبيل لمناقشتها: أسمع إياك أن تشتم أم كلثوم أمامي مرة أخرى أبدا..
- يخرج نجيب محفوظ ساعته المربوطة بسلسة من جيب الجاكيت الداخلي، يضعها على الطاولة، ولمّا تصير الساعة في تمامها بالضبط، يضع يده في جيبه، ويخرج علبة سجائر، من نوع سوبر، يشعل سيجارة، ثم يرد الساعة في مكانها.

لكل هذه الأسباب وأسباب غيرها، ظللت ممتنعا عن قراءة محفوظ، وحين فاز بجائزة نوبل، رديت الموضوع بجملته لأسباب مؤامراتية (فقد كنت متشبعا بنظرية المؤامرة حينئذ). المشكلة أنني، وحين خرجت من تلك الحالة، كنت قد قطعت شوطا طويلا في القراءة، بحيث أنني وحين اعترفت بيني وبين نفسي بخطأي في حق الرجل، وحاولت القراءة له، بدأت برواية أولاد حارتنا، فلم استطع أن أكملها، بل أنني وحتى هذه اللحظة لم أقرأ للعم محفوظ غير عملا واحدا هو أصداء السيرة الذاتية..



#مسعد_ابو_فجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مسعد ابو فجر - من أصداء السيرة الذاتية