الجزء الثالث و الأخير الأمازيغ كما عرفتهم ... رحلة الى قلب التاريخ - الأمازيغ فى تاريخ مصر

امير المصرى

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 07:23
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

ابدأ هذا الجزء بإجابة لتساؤل من التساؤلات التى تدور الآن مع احتدام الصراع فى المغرب العربى و الذى تظهر من خلفه الاصابع الامريكية و الصهيونية العالمية التى لا تكل من نشر القلاقل فى كل مكان فى العالم .. و من خلاله سنلقى الضوء و نعطى فكرة موجزة عن الامازيغ فى التاريخ المصرى ..
و صاحب السؤال هو الأخ مهراز شكيب عضو فى احد المنتديات
س :: ثارت أسئلة كثيرة فى تفكيرى بعد ان قرأت موضوعات الكاتب علي خنيفري لقد نسب كل شىء الى الامازيغ حتى اللغة المصرية القديمة و حتى الحضارة الفرعونية و بناء الاهرام و طبعاً هو جاهز بالحجج و الاسانيد و لكن كلها واهية على الاقل من وجهة نظري ترى ما هو تقيمك أنت لهذا الكلام بحكم أنك التقيت كما فهمت من موضوعك القيم مع أبناء الامازيغ المصريين ؟
الإجابة :: بالنسبة لما يمكن ان يقال او يحكى و يفند على انه ادلة تاريخية فهو كثير و يختلط فيه التراث و الموروث و الاساطير و العادات الى آخره من كل ما يمكن ان يبتدعه العقل البشرى و يمنطقه ليصيغه فى حكاية تبدو للوهلة الاولى انها من ثبت التاريخ الحقيقى ..
و لكن ..
اى اثرى بل و طالب يدرس الآثار و لن ابالغ لو قلت ان مجرد هاوى لعلم الآثار يعرف مُسَلَّمة او بديهية هى ما قبل حرف الألف فى ابجدية التاريخ و الآثار ..
مالم يثبته اثر فهو فى عداد الاسطورة .. او على الأقل لم يظهر بعد ما يدلل على حدوثه ..

و من هذه المسلمة التى لا تقبل الجدل او النقاش لأننى كما قلت انها ما قبل حرف الالف فى ابجدية التأريخ و الآثار ..
فما يدعيه على الخنيفرى يساوى تماما ما يدعيه الاسرائيليين من انهم هم بناة الحضارة المصرية و بناة الاهرام .. و قد ثبت بالدليل القاطع اثريا انه لم يكن لليهود وجود فى مصر عندما بنيت الاهرام و عندما بدأت الحضارة المصرية فى الازدهار و حتى بدايات الاسرة الثانية عشر ..

و كذلك بالنسبة لشعب الماشوش او سكان صحراء ليبية و هم اصول الامازيغ .. فليس عندنا فى المكتشفات الحديثة اى اثبات يدل على ان الامازيغ هم اصل الحضارة المصرية او انهم بناة الاهرام او لغتهم هى اصل اللغة المصرية القديمة و لكن كل ما اثبتته الآثار .. ان الامازيغ كان لهم فى فترة معينة فى الدولة الحديثة اسرة ملكية هى الاسرة الثانية و العشرون و التى بدأت بحكم الملك شاشانق الاول .. 950 - 929 ق.م .. و انهم من اصول هندو اسيوية هاجرت الى ليبيا فى عصور قديمة ثم استقر بعضها على حدود مصر الغربية .. و لم يدخلوا مصرا و كانت الحملات التأديبية ترسل باستمرار لمحاربتهم منذ عهود الملك نعر مر ( نامر ) مع بدايات الدولة القديمة ..
و لكن يجب ان نذكر ان الملك شاشانق الاول و ان كانت له اصول ليبية ( امازيغية ) الا انه من اسرة بدأت من ستة اجيال فى مصر منذ ان تمصرت و تدينت بديانة المصريين حتى ان احد اجدادهم الاوائل ( الجيل الاول كان كاهنا لمعبد احد الآلهة المصرية ( الإله حرى شف رب مدينة اهناسيا ) و كان اسمه موسن ابن يويو واوا .. و هذا المركز الدينى لا يمكن بأى حال من الاحوال ان يتقلده اجنبى او غريب ..
و قد كان يويو واوا هذا احد افراد شعب الماشوش قد نزح الى مصر فى اواخر ايام الرعامسة و تمصر و تدين كما اسلفت بديانات المصريين .. و قد استقر فى مدينة اهناسيا .. و اسس عائلة اصبحت مع الوقت من العائلات الغنية ذات النفوذ و قد وصل احد ابنائها و يدعى شاشانق الى مركز رئيس الحامية الحربية الليبية فى المنطقة فجمع بين يديه السلطة الدينية و التى ورثها عن جده و السلطة العسكرية النابعة من مركزه .. و كان لشاشانق هذا حفيد اسمه ايضا شاشانق مثل جده قد استغل فترة اضمحلال فى الشمال و ضعف الدولة فمد سلطته حتى تل بسطة ( بر باستت ) الزقازيق الحالية .. و اصبحت مركزا له ..
و لم يقم شاشانق هذا بثورة او انقلاب ضد الملك بسوسينس الثانى و انما انتظر حتى مات ثم استولى على العرش فى تانيس و لم يظهر اى عداء للبيت الملكى بل اكرم ذكرى سلفه و اتم ما لم يتمه من اعمال و زوج ولى عهده ( اوسركون ) من ابنة بسوسينس و كانت تسمى (ماعت كا رع ) حتى يكتسب الشرعية اللازمة من جميع الوجوه لتولى الملك ..

و من هذا نرى ان اجداد هذه العائلة مع انهم ليبيون ( امازيغ ) الا انهم قد مضى عليهم ستة اجيال بعد تمصرهم و اعتناقهم الديانة المصرية فأصبحوا مصريين و لم يكن لهم وطن آخر يعرفونه او يعتمدون فى حكمهم على قوة خارجية او ينقلون خيرات البلد الى بلدهم الاصلى ولا يفرضون اية مكوس او ضرائب او جزية لبلد آخر ..

هذه الحقائق التى اثبتتها الآثار وردت من مقابر هؤلاء الملوك و من لوحة اقامها كاهن من اهناسيا و وضعها فى معبد السرابيوم و قد اورد فيها نسبه الذى ينتمى الى هذه العائلة ..
و الحقائق ملخصة اوردها فى النقاط التالية
1 - فى اواخر ايام الرعامسة نزح الى البلاد سكان ليبيون على شكل متطوعين فى الجيش المصرى و تزايدوا مع الوقت
2 - شق هؤلاء و اسرهم طريقهم فى البلاط و الدولة فمنهم من وصل الى ان اصبح ضمن حرس الفرعون الخاص و منهم من وصل الى مناصب فى الدولة و منهم من اصبح كاهنا
3 - مهد هؤلاء لآبناء جلدتهم الطريق للحضور و الاقامة فى مصر فى حاميات امتدت بطول البلاد و عرضها ..
4 - لم يكن هؤلاء كالهكسوس فقد اندمجوا مع المصريين و تدينوا بديانتهم و تمصروا تماما و تزاوجوا من المصريين اى انهم اصبحوا مصريين تماما ..
5 - دائما تكون الهجرات من الاقل الى الاكثر و من الفقير الى الاغنى و من الاقل تحضرا و تطورا الى الاكثر تحضرا و تطورا و من الاضعف الى الاقوى .. و من هذا المنطلق كان نزوح و هجرة الماشوش و هم شعب الصحراء الليبية الى مصر ..
6 - ليس هناك اى تشابه فى لغة الامازيغ و اللغة المصرية القديمة .. لا من حيث الحروف ولا من حيث المنطوق ..
اى انه لم يكن بأى حال من الاحوال فى عهد بناة الاهرام و لم يعطوا لمصر بل مصر هى التى اعطت لهم و قدمت لهم المأوى و المسكن و العمل و استافدت البلاد من اخلاصهم فهم كما قلت اصبحوا مصريين خالصين ..

و ليس فى هذا اقلال من شأن الامازيغ فالامازيغ كعرق من الاعراق لم يكتمل و لم تظهر سماته الا فى عهود لاحقة و متأخرة كثيرا عن هذه الفترة ..
و من المعروف ان الامازيغ او شعب الماشوش كان يعيش فى قبائل داخل حدود مصر فى سيوة و حتى الواحات البحرية .. و هذه القبائل منذ فترة حكم شاشانق تمصرت كلها و اصبحت جزء من المصريين .. بل و اكثر من هذا ان مركز عبادة الاله امون انتقل الى سيوة ابان الغزو الفارسى لمصر و قصة قمبيز و ضياع جيشه فى الصحراء عندما حاول ان يقضى على عبادة امون فى مصر ..

هذا ردى باختصار و بشكل عام على ما يقوله على خنيفرى .. و ان كنت اتمنى ان اقرأ ما قاله بالتحديد حتى استطيع ان ارد على اقواله بالتفصيل و بالتحديد ..

واكرر ان هذا لا يقلل من شأن الامازيغ .. فما يقوله التاريخ و تحكيه لنا الآثار لا يثبت الا ان هؤلاء القوم اعتزوا بمصر و احبوها منذ عهود بعيدة و سعوا لأن يثبتوا جدارتهم لأن يكونوا مصريين و قد اصبحوا فعلا مصريين .. و هم حتى هذه اللحظات مصريين حتى النخاع و يعتزون بقوميتهم المصرية و يعتزون انهم كانوا فى وقت من الاوقات اسرة من الاسر الملكية ليس تعجرفا و انما اعتزازا و اثباتا و تأكيدا لمصريتهم امام كل من يحاول ان يزعزع هذه الحقيقة فى نفوسهم او يتلاعب بعقولهم ليقنعهم انهم قومية او عرق مختلف و من ثم ينمى فيهم روح الانفصالية كما يحدث الآن قضية و مشكلة البربر فى المغرب العربى التى ينفخ فيها نار الفتنة المخابرات الامريكية و الصهاينة بتبنيهم و احتضانهم لبعض الانفصاليين من المغرب العربى فى ليبيا و المغرب و الجزائر..

#امير_المصرى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات