أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجزء الثاني-















المزيد.....


الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجزء الثاني-


بسام العيسمي

الحوار المتمدن-العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(التطور الدستوري في سوريا)

1- لقد تم إقرار أول دستور عربي لأول دولة مستقلة صاحبة سيادة في آذار عام 1920 من قبل المؤتمر السوري الذي مثل سوريا بحدودها الطبيعية. سمي بدستور المملكة العربية المتحدة حيث ضمّ المؤتمر أكثر من ثمانون عضواً من بينهم ممثلون من لبنان وفلسطين وذلك خلال فترة الحكم العربي آنذاك الذي دام حوالي 22 شهراً اعتباراً من 30 أيلول عام 1918 .
وقد قرر المؤتمر السوري المنعقد في 6 آذار لعام 1920 شكل الدولة ووضع الدستور للبلاد فتألفت لهذا الغرض لجنة ضمت عشرين عضواً برئاسة السيد هاشم الأتاسي ووضعت مشروعاً دستورياً عرض على المؤتمر لمناقشته وإقراره فوافق على الكثير من بنوده .
لكن المؤتمر لم يستطع أن يتابع مهمته حيث كان إنذار غورو الآثم وكانت موقعة ميسلون المشرفة بقيادة المجاهد يوسف العظمة. تلاها دخول الجيش الفرنسي دمشق في 24 تموز وانتهاء أول حكومة عربية مستقلة بعد أن غادر الملك فيصل البلاد .
آ- خصائص دستور عام 1920:
أخذ الدستور بالشكل الاتحادي للدولة وبالنظام الملكي حيث تتألف من مقاطعات ذات وحدة سياسية عاصمتها دمشق. ولغتها الرسمية العربية. وينص الدستور على أن التعليم الابتدائي إلزامي ومجاني. ويكفل الدستور أيضاً الحريات المدنية والدينية والشخصية للمواطنين وذلك في فصله الثالث (حقوق الأفراد والجماعات).
كما وان الدستور حدد هيكلية المؤسسات في الدولة والتي يأتي على رأسها الملك القائد العام للجيش حيث يرجع إليه عقد الصلح والمعاهدات وإعلان الحرب وتعيين رئيس الوزارة والمصادقة على تأليفها ويقبل إقالتها، وحق إعلان العفو العام والخاص والمصادقة على القوانين والنظم والاعتراض عليها وما إلى ذلك من صلاحيات .
ب- الوزارة: وهي الحكومة المركزية وهي مسؤولة أمام المجلس النيابي العام (م27).
ج- المؤتمر: ويتألف من مجلس الشيوخ والنواب ويتمتع أعضاؤه بالحصانة التقليدية حيث يملك مجلسا الشيوخ والنواب حق اقتراح القوانين على أن تُنظر أولاً في مجلس النواب.
وفي حال إختلاف المجلسين حول قانون معين تتشكل لجنة مناصفة من المجلسين لحل المعضلة وإذا لم تصل لحل ينفذ قرار مجلس النواب بموافقة الثلثين من أعضائه .
ومدة ولاية مجلس النواب أربع سنوات. أما مجلس الشيوخ فيتألف من أعضاء يُنتخبون بشكل غير مباشر وأعضاء مُعينين فالمجلس النيابي ينتخب ربع أعضاء نواب المقاطعة في المجلس النيابي العام (أعضاء مجلس الشيوخ) ويعين الملك نصف عدد الأعضاء المنتخبين ومدة ولاية مجلس الشيوخ تسع سنوات.
د- المحكمة الإدارية العليا: نص الدستور على تأليف المحكمة العليا عند الحاجة بأمر من الملك لمحاكمة الوزراء وفق إجراءات خاصة وتتألف من ستة عشر عضواً نصفهم من الشيوخ والنصف الباقي من رؤساء محاكم التمييز. ويتم اختيارهم بالقرعة من الهيئة التي ينتمون إليها .
هـ- المقاطعات: لكل مقاطعة حاكم يعينه الملك وتنقسم المقاطعة إلى متصرفيات ومديريات من خلال هذه اللمحة التي قدمناها عن أول دستور عربي نرى أنه أيضاً كان دستوراً هاماً يحمل الطابع الحضاري والإنساني إذا أخذنا بعين الاعتبار المرحلة التاريخية التي صدر فيها. فعلى سبيل المثال فقد نصت المادة(13): " لا يجوز التعذيب وإيقاع الأذى على أي شخص كان لأي سبب كان".
وجاء في المادة (119): " إن لكل إنسان الحق بالدفاع عن نفسه لدى المحاكم وبالوسائل المشروعة ".
حيث نرى هنا تكريس الحريات الأساسية للأشخاص وحمايتها وينطوي على احترام مبادئ الحرية والمساواة والعدالة .
ثم دخلت القوات الغازية سوريا وسقط الدستور وألغيت سوريا العربية من الخارطة حيث تسلمت القوات الفرنسية زمام الأمور .
وقسمتها إلى أربع دويلات. وتفجرت الثورات في كل مكان وعمّت أرجاء البلاد وبسبب هذه المقاومة الشعبية التي رفضت الاعتراف بشرعية الاحتلال، اضطرت فرنسا بين الحين والآخر أن تعمل على تغيير النظام السياسي في البلاد أكثر من مرة علّها تستطيع امتصاص النقمة وإن تفاوتت شدتها بين حين وآخر.
إلا أنه وخلال تلك الفترة وبعد سقوط دستور عام 1920 لم تُعالج مشكلة الرقابة الدستورية من قبل المحاكم السورية ولم تنظم الرقابة عن طريق الدستور.
2- وفي عام 1930 أصدر المفوض السامي وبإرادته المنفردة الدستور السوري وهو نفس مشروع الدستور الذي كان يناقش من قبل الجمعية التأسيسية ولكن بعد تعديل بعض المواد التي لا تتفق والسياسة الفرنسية التي رسمتها لإحكام قبضتها على البلاد والعباد.
ثم جرت انتخابات جديدة عام 1936 وأعيد العمل بالدستور وتألفت حكومة وطنية وأخذ المفوض السامي يتدخل بشؤونها مما حدا برئيس الجمهورية لتقديم استقالته إلى المجلس النيابي احتجاجاً. وبادر أيضاً المفوض السامي إلى حل المجلس وتعطيل الدستور.
3- دستور عام 1943:
تحت ضغط المقاومة الشعبية والظروف الناشئة عن الحرب عرض الفرنسيون على البلاد وعلى رئيس الجمهورية المستقيل العودة إلى الوضع الذي كان قائماً عام 1939 وإلغاء قرار المفوض السامي المتضمن تعديل الدستور واحترام استقلال سوريا وسيادتها .
لكن رئيس الجمهورية رفض العودة إلى السلطة إلا من خلال الإرادة الشعبية حيث جرت انتخابات مجلس جديد وقرر هذا المجلس في 27 تشرين الثاني عام 1943 اعتبار إن المادة (116) كأنها لم تكن لأنها أضيفت من سلطة أجنبية على الدستور الذي وضعته الجمعية التأسيسية .
ونص هذا الدستور على تشكيل المحكمة الإدارية العليا التي تتألف من خمسة عشر عضواً وثمانية نواب ينتخبهم مجلس النواب. وتعينهم محكمة التمييز في بداية كل سنة. وسبعة قضاة يشغلون أعلى مناصب القضاء وتعينهم محكمة التمييز بهيئتها العامة كل سنة .
وتختص هذه المحكمة بمحاكمة رئيس الجمهورية في أحوال خرق الدستور والخيانة العظمى وفي الجرائم العادية (م82 و 97) .
ويمكننا أن نجمل خصائص هذا الدستور بالتالي:
1- ينص على أمن سوريا وحدة لا تتجزأ. وأن الأمة مصدر كل سلطه م(29) .
2- يقيم الدستور دولة بسيطة ذات نظام جمهوري مستلهم من الدستور الفرنسي لعام 1876 (م3)
3- دين رئيس الدولة هو الإسلام ويكفل حقوق الطوائف المختلفة (م28) .
4- دستور عام 1949:
على أثر انقلاب حسني الزعيم في 30/3 عام 1949 وبعد إن جرى انتخابه رئيساً للجمهورية شكل لجنة في نيسان من العام نفسه مكّونه من سبعة أعضاء لوضع مشروع للدستور وأنجزت عملها في حزيران عام 1949 ووضعت دستوراً مؤلفاً من (160) مادة ومن أهم خصائصه:
1- أنه دستور جامد يُشترط لتعديله أن يصوت مجلس النواب على اقتراح الحكومة أو النواب بعد شهر من توزيع التعديل على الأعضاء. ولا يعتبر الاقتراح مقبولاً إلا إذا وافق عليه المجلس بأغلبية ثلثي مجموع الأعضاء. ولا يصبح نافذاً إلا بعد تصديقه بالاستفتاء الشعبي.
2- يأخذ الدستور بالنظام البرلماني ولكن من الناحية العملية كانت سلطات رئيس الجمهورية واسعه جداً حيث يعين الوزراء وينحيهم ويرأس مجلس الوزراء ومجلس الدفاع وهو القائد الأعلى للجيش ويملك حل مجلس النواب بموافقة مجلس الوزراء.
3- أخذ بالنظام الإداري اللامركزي.
4- لكنه لا يخلو من اللمسات الدستورية للاتجاهات الحديثة وفق مبادئ الحق والمساواة والعدالة الاجتماعية.
5- لم يأخذ بالطائفية لأن الشعور الوطني في تلك الفترة كان متأججاً.
6- صلاحيات مجلس النواب وفق الدستور: كان يمارس السلطة التشريعية وينتخب بالاقتراع السري نائباً واحداً لكل ثلاثين ألف مواطن، ويشترط في النائب أن يتم الثلاثين من عمره، أما الناخب فحدد سنه في عشرين عاماً. ومدة ولايته خمس سنوات يجوز تمديدها بقانون في حالة الحرب. وللمجلس الحق في أن يخول الحكومة حق إصدار قوانين بمراسيم تشريعية تٌقَرْ في مجلس الوزراء على أن يحدد موضوعها.(م 67). كما أن حق المجلس في اقتراح القوانين مقيد فالقوانين المالية مثلاً ينفرد باقتراحها رئيس الجمهورية ويملك المجلس أن يتقدم بطلب حجب الثقة عن الوزراء أو أحد الوزراء إذا تقدم بهذا الطلب خمسة وعشرون نائباً على الأقل ولا يجوز البحث فيه إلا بعد توزيعه بخمسة أيام على النواب وبحضور الوزراء أو الوزير المقترح حجب الثقة عنهم أو عنه ويصدر القرار بأغلبية ثلثي الأصوات.
وللمجلس أن يحل نقسه بطلب خطي من ثلثي أعضائه وبموافقة الثلثين الباقيين. والمراسيم التشريعية تصدر بتوقيع رئيس الجمهورية، كما أن رئيس الجمهورية غير مسؤول إلا في أحوال خرق الدستور والخيانة العظمى (م 101).
والخيانة العظمى كما نعلم تعبير مطاط يصعب تحديد تخومه في أغلب الأحيان حيث تُضمّن هذه المادة في أغلب دساتير العالم من الناحية الشكلية فقط ولا يتعدى هذا إلى الواقع الفعلي حيث لايجرؤ أي برلمان ورئيس الجمهورية مالك لزمام السلطة. لا أن يتهمه بالخيانة العظمى فحسب بل لا يمكن أن يوجه إليه مسؤولية خرقه للدستور حيث تميل غالبية البرلمانات لتلميع وتبرير توجهات رئيس الجمهورية والتلاقي معها بغض النظر عن مدى انسجامها مع تطلعات الأمة ومصلحة الشعب.
ويكون هذا في غالبية الدول التي تكون فيها صلاحيات رئيس الجمهورية أو الملك حسب نظام الحكم لا فرق واسعة جداً واستثنائية.
ويكون الدستور مغيباً من الناحية الفعلية والواقع الحياتي في كثير من نصوصه لصالح قوة السلطة التنفيذية عندها يصبح دور البرلمان هو دور ثانوي جداً واجهة لا أكثر ولا أقل لايملك شيئاً أو قوة تذكر في تحديد حتى الاتجاهات الفكرية والتشريعية في الدولة.
5- دستور عام 1950:
في 14 آب عام 1949 وعندما قام الزعيم سامي الحناوي بانقلاب عسكري على حسني الزعيم وألّفت حكومة مؤقتة من السياسيين تولت إدارة البلاد ودعت إلى انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستوراً للبلاد وانتخبت هذه الجمعية الدكتور هاشم الاتاسي رئيساً للدولة.
لكن وبعد أيام قليلة حدث انقلاب أديب الشيشكلي مما أدى إلى استقالة رئيس الجمهورية ثم تراجع عن استقالته وتابعت الجمعية عملها وأصدرت الدستور الجديد في 5/9/1950 ومن أهم خصائصه:
1- أقام الدستور نظاماً جمهورياً نيابياً.
2- مُنحت المرأة حق الانتخاب وخُفض سن الرشد النيابي إلى ثمانية عشر عاماً.
3- أقر الرقابة على دستورية القوانين من قبل المحكمة العليا.
4- أخذ بالأسلوب اللامركزي في التنظيم الإداري.
5- لكن ما يميزه هو جموده إذ لا تعدل أحكامه قبل مرور سنتين على تنفيذه (م 155).
فالتعديل لابد وأن يتم وفق إجراءات شكلية، يتطلب أن يتم الاقتراح من قبل رئيس الجمهورية بموافقة مجلس الوزراء أو ثلث النواب. وإذا رفض كان الرفض نهائياً ولا يكون إعادة بحثه قبل مرور سنة على رفضه.
أما إذا وافق المجلس على التعديل لا يناقش هذه الرغبة إلا بعد ستة أشهر من تاريخ الموافقة على التعديل. ولا يصبح نافذاً إلا بعد موافقة ثلثا أعضاء المجلس حيث أن التشدد بإجراءات التعديل يرجع إلى سببين هامين ( أوردهما الدكتور كمال غالي حسب رأيه في كتابه – مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية).
أولهما: هو تفادي السهولة التي أقدم بها الرئيس شكري القوتلي على تعديل دستور عام 1930 تمهيداً لتجديد رئاسته.
وثانيهما: محاولة شل أثر ضغط أديب الشيشكلي على الجمعية التأسيسية.
6- أعطى الدستور السلطة التشريعية مركزاً متفوقاً على السلطة التنفيذية في تلك الفترة وكان الاتجاه القومي واضحاً فيه، نستشف هذا من الديباجه حيث ورد فيها (ونعلن أن شعبنا جزء من الأمة العربية بتاريخه وحاضره ومستقبله يتطلع إلى اليوم الذي تجتمع فيه أمتنا العربية في دوله واحده، وسيعمل جاهاً لتحقيق هذه الأمنية المقدسة في ظل الاستقلال والحرية).
واستمر هذا التوجه في الدساتير السورية التي صدرت بعده، كما إن الاتجاه الاشتراكي الإصلاحي كان أيضاً واضحاً فقد ساير هذا الدستور اتجاه الدساتير التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية بأخذه بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
على سبيل المثال نلاحظ إن دستور عام 1928 نص على أن يكون (حق الملكية في حماية القانون) بينما في دستور عام 1950 جعل حق التصرف في هذا الحق مقيداً لتؤدي الملكية وظيفتها الاجتماعية من خلال حد أعلى لحيازة الأراضي وتشجيع الملكيات الصغيرة والمتوسطة وإنشاء الجمعيات، وحق الدولة في التأميم لكل مشروع خاص يتعلق بمصلحة عامة مقابل تعويض عادل.
كما أخذ دستور عام 1950 بنظام الرقابة القضائية، حيث أن الاعتراض على دستورية القوانين يقدم من قبل ربع أعضاء مجلس النواب أو من رئيس الجمهورية.
إلا أنه لم يعطي الحق للمحكمة بإلغاء القانون المخالف للدستور بل أعطى هذا الحق لمجلس النواب نفسه.كما أعطى الحق للمحكمة العليا صلاحية البت ابتداءاً في طعون الانتخابات وجعل اختصاصها محاكمة الوزراء بالنسبة لجميع جرائمهم سواء ما تعلق بالوظيفة أو لم يتعلق، وتؤلف المحكمة العليا من سبعة أعضاء يتم انتخابهم من قبل مجلس النواب وبدورهم ينتخبون رئيس المحكمة.
وتختص المحكمة إضافة لما أسلفنا بمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء والنظر بطعون الانتخابات وطلبات أبطال القرارات الإدارية المخالفة للقانون في رقابتها السابقة على دستورية القوانين فيما إذا اعترض ربع أعضاء مجلس النواب على دستورية قانون ما قبل إصداره، أو نتيجة لإحالته من قبل رئيس الجمهورية لمخالفته الدستور.
يوقف نشره لمدة عشرة أيام أو ثلاثة أيام إذا كان له صفة الاستعجال لتصدر المحكمة قرارها فإذا قررت مخالفته أعيد إلى مجلس النواب لتصليح المخالفة الدستورية.
أما إذا لم تصدر المحكمة قرارها خلال عشرة أيام يتوجب على رئيس الجمهورية حينها إصداره من خلال هذا العرض نتبيّن أن دستور عام 1950 هو أول دستور عالج موضوع الرقابة على دستورية القوانين حيث كانت المحاكم فيه تدفع بعدم الدستورية من الناحية الشكلية فقط لا من الناحية الموضوعية.
6- دستور عام 1953:
وضع العقيد أديب الشيشكلي مشروع دستور، وكلف رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء باستفتاء الشعب فيه وانتخاب رئيس الجمهورية.
وكانت نتيجة الاستفتاء الموافقة على الدستور وتنصيب أديب الشيشكلي رئيساً للجمهورية، ولم يكن هذا الدستور يختلف عن سابقه دستور عام 1950 حيث أعيد تشكيل المحكمة العليا ومارست نفس اختصاصاتها في الرقابة على دستورية القوانين مع بعض الفوارق البسيطة حيث أضاف دستور 1953 لصلاحيات المحكمة العليا إبطال مراسيم تسمية الوزراء لمخالفتها الدستور ومنع على المحكمة ابتداء البث في طعون الانتخابات حيث أعطى هذا الحق لمجلس النواب ويكون قراره خاضعاً للطعن أمام المحكمة العليا، كما أعطى الحق لربع أعضاء اللجنة الدائمة لمجلس النواب البحث في دستورية القوانين أمام المحكمة العليا.
لكن البلاد لم تكن مستقرة سياسياً في تلك الفترة وانقسم الجيش عندها قرر السيد أديب الشيشكلي مغادرة البلاد تفادياً لحرب أهلية في 25/2/1954 وتسلم السيد هاشم الأتاسي مهام رئيس الدولة واستؤنف العمل بدستور عام 1950.
7- دستور عام 1958(دستور الوحدة):
وقدمت حكومة سوريا ومصر اتفاقاً يتضمن أساس الوحدة بين القطرين، وأقر مجلس الشعب في البلدين هذا الاتفاق في 21/2/1958 وبعدها جرى استفتاء شعبي لإقرار الوحدة وتنصيب الرئيس جمال عبد الناصر رئيساً لها وفي آذار عام 1958 أعلن الرئيس المؤقت يعمل به إلى حين إعلان دستور الجمهورية العربية المتحدة يقع من /73/ ماده.
أهم خصائصه:
1- يحدد الأسس الاجتماعية والاقتصادية لتوجهات دولة الوحدة وعمله على السعي لإقامة نظام العدالة الاجتماعية وتبني التخطيط الاقتصادي والاجتماعي.
2- أستبعد تعدد الأحزاب بنصه (إن المواطنين يكونون اتحاداً قومياً) وبذلك طلب من جميع الأحزاب التي كانت مشكله آنذاك حل نفسها.
3- عكس التوجه القوي في نصه ( إن الشعب في الجمهورية العربية المتحدة هو جزء من الأمة العربية).
4- شرع الدستور النظام الرئاسي مع الاحتفاظ ببعض مظاهر النظام النيابي ومنح بموجبه رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة.
5- لم يتعرض الدستور لموضوع الرقابة على دستورية القوانين وبذلك اعتبرت المحكمة العليا ملغاة.
إلا أن القضاء مارس الرقابة على دستورية القوانين بطريق الدفع فقد صدر عن المحكمة العليا المنعقدة بدمشق بتاريخ 26/4/1960 ثلاثة أحكام وبتاريخ 28 أيلول عام 1961 حدث الانقلاب وتم الانفصال. وعاشت البلاد فتره من الفوضى وعدم الاستقرار وتقرر العودة لدستور عام 1950 ولاشك أن المتتبع لهذه الفترة أي عقد الخمسينات في تاريخ سوريا يتبين أنها عاشت نظاماً نيابياً وأخذت الأسلوب اللامركزي في التنظيم الإداري وجرت فيها انتخابات حرة ونزيهة وكان هناك حراكاً مجتمعياً. يرتكز على حوامل ديمقراطية فكان هناك قانون أحزاب يشرعن العمل السياسي وقانون جمعيات يسمح لكل أطياف المجتمع بالاهتمام بالشأن العام. بتأليف النوادي والمنتديات والجمعيات التي تتلاقي بها وعليها اهتمامات المشاركين فيها لخدمة الشأن العام وتلك المرحلة لاشك كانت مقدمة أو اللبنات الأولى التي يمكن أن يُعتمد عليها والبناء فوقها للوصول إلى دولة المؤسسات حيث توقف التطور الديمقراطي وتم التضييق على الحريات العامة وحلت الأحزاب مع قيام دولة الوحدة .
9- دستور عام 1964:
بعد حركة الثامن من آذار لعام 1963 وعلى أثرها استلم حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة وهو لا يزال على رأسها حتى الآن وقد أصدر خلال هذه الفترة أربعة دساتير كان أولها دستور عام 1964 وكانت أهم خصائصه :
1- أقر مبدأ قيادة الحزب الواحد.
2- فرق مابين الوظيفة السياسية والوظيفة الإدارية.
فالوظيفة السياسية تنهض بها سلطة الدولة التي تتألف من المجلس الوطني لقيادة الثورة ومجلس الرئاسة المنبثقة عنه حيث يمارس وبمقتضى دستور السلطة التنفيذية مع مجلس الوزراء ويقر السياسة الداخلية والخارجية ويعين الوزراء ويقيلهم ويشرف على أعمالهم ويوجههم وله الحق في تعديل أو ألغا قراراتهم.
أما الوظيفة الإدارية يتولاها مجلس الوزراء وصفته إدارية بحته والوزارة مسؤولة بالتضامن اتجاه المجلس الوطني عن تنفيذ السياسة العامة وهي المسؤولة أمام مجلس الرئاسة الذي يملك حق تعيينها وإقالتها وتوجيهها.
وفي عام 1966 وفي 23 شباط حدث انقلاب عسكري أطاح بالدستور المؤقت وحل المجلس الوطني للثورة ونظمت ممارسة السلطة بمقتضى القرار الصادر عام 1966 في 25 شباط.
وهذا التنظيم قام على قاعدة التفريق بين الوظيفة السياسية والوظيفة الإدارية في الدولة، فالقيادة القطرية هي السلطة السياسية تملك تعيين رئيس الدولة والوزراء وإقالتهم. ورئيس الدولة والوزراء يمارسن الوظيفة الإدارية ويشاركن جزئياً بالسلطة السياسية عن طريق مساهمتهما في التشريع, لأن المراسيم التشريعية تصدر بتوقيع رئيس الدولة وهو الأمين العام للقيادة القطرية، حيث يقوم بدور حلقة الاتصال بين السلطتين.
10- دستور عام 1969:
صدر في 1/5/1969 الدستور المؤقت تنفيذاَ لقرارات المؤتمر القطري الرابع الاستئنائي كما نظم إقامة مجلس للشعب منتخب على مستوى القطر يمارس دور التشريع ووضع الدستور الدائم لينظم مختلف العلاقات بين سلطات الدولة.
11- دستور عام 1971:
لقد سقط من الناحية الدستورية دستور عام 1969 لكن القيادة القطرية لحزب البعث أدخلت عليه بعض التعديلات بقرارها رقم (41) تاريخ 19/2/1971 ومثال ذلك إن الدستور المؤقت ينص مثلاً على (إن القطر العربي السوري هو جزء من الوطن العربي) م1، وهذا هو البعد الجغرافي.
أضيف إليه وليصبح النص على (إن الشعب العربي السوري هو جزء من الأمة العربية)م2.
وحدد نظام الحكم بأنه جمهوري وأن السيادة للشعب م2 والفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع) وحدد أيضاً دور حزب البعث كقائداً للدولة والمجتمع حيث تقرر في هذه المرحلة أن تقام جبهة لضم القوى الوحدوية والتقدمية وبضم الفصلين الثاني والثالث من الدستور ( من المادة 12 إلى المادة 41) المبادئ الاقتصادية والتعليمية والثقافية ( ومن المادة 17إلى 20) حقوق وواجبات المواطنين والتنظيمات الجماهيرية والجمعيات حيث يقر الدستور وفق المادة 46 منه أن مجلس الشعب هو المؤسسة العليا لسلطة الدولة.
12- دستور عام 1973: صدر بتاريخ 11/1/1973 وعرض على الاستفتاء الشعبي بتاريخ 12/3/1973 وكان استمراراً وتثبيتاً للإطار الفكر والأيديولوجي لدستور عام 1971 بتكريس احتكار حزب البعث لقيادة الدولة والمجتمع المادة (8) ونص على قيام محكمة دستورية عليا تبت في دستورية القوانين وتنظر في دستورية مشروعات القوانين والمراسيم التشريعية وقانونيتها ولكن مما تتشكل هذه المحكمة؟ وطبيعة رقابتها؟ وحدود صلاحياتها؟ وآلية عملها ؟؟..........؟؟
دمشق في 11/7/2006
يتبــع المحامي
بسام العيسمي



#بسام_العيسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد ...... ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وانسانياً لمجتمعاتنا 6
- الديمقراطية خياراً وطنياً وأنسانياً لمجتمعاتننا- الجزء الخام ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا 2
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا معوقاتها وشرو ...
- الفساد و ظاهرة اللامبالاة
- المرأة.. بين مطرقة التشريع وسندان المجتمع الذكوري


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجزء الثاني-