أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدلي عبد الفتاح شبيطه - ابو شاؤول















المزيد.....

ابو شاؤول


عدلي عبد الفتاح شبيطه

الحوار المتمدن-العدد: 6605 - 2020 / 6 / 29 - 01:54
المحور: الادب والفن
    


(قصة مؤثرة حول مأساة اليهود العرب الذين شوهت الصهيونية هويتهم وانتماءهم

تضاربت الآراء، احتدم النقاش واحتار الناس بأمره، بدأت الهمسات والوشوشات، فأصبحت سيرته على كل لسان، وتناقلت الاشاعات.
قال احدهم على الملأ وهو يجلس على كرسيه في المقهى بصوت عال :״هذا عميل شاباك״، وتمتم آخر مع نفسه: "بل موساد".
وبعضهم اعتقد أنه لا يتعدى كونه مسنا فاقدًا وعيه، وظن البعض أنه لا بد من سر في أمره.
قد يكون مدسوسا..
يظهر فجأة وفجأة يختفي.
يطوف في أزقة القرية وشوارعها وهو يجلس على كرسيه المتحركة، يتلكأ أمام البيوت، يطلق أصواتًا غريبة غير مفهومة، سوى جملة واحدة ينطقها بصعوبة، بلهجته العراقية:
"ما في القنافد أملس."
يظهر بدون ميعاد، في الصباح الباكر والناس في طريقهم إلى العمل وفي الظهيرة أو ساعات المساء.
يشاهدونه في الأعراس والمناسبات، خاصة الجنازات منها وبيوت العزاء، واذا ما مر، أثناء تجواله، بجنازة ينضم للمشيعين باكيا والدموع تنهر على وجنتيه بغزارة، وإذا صادف زفة عريس، يدخل الحلقة يهتز طربا ويدور بكرسيه على نفسه دون حضور او دستور.
وفي الأعراس أول الحاضرين وآخر المودعين، يسرح ويمرح، يدور على كرسيه، يرقص، يصفق، يصيح، يصول ويجول.
يجول بنظره مبتسما في وجوه الحاضرين وملامح النشوة والسعادة على وجهه المجعد.
وبين ثنايا وجهه تختفي حكاية جيل أضاع عمره يبحث عن حلم ضائع، عاش حياته يتمرجح بين طرفيها لا يذكر منها سوى سنوات طفولته التي عاشها في حي الكرادة في بغداد واللحظات التي ينجح باقتناصها من واقعه.
قفز أحدهم من مقعده وأشار باصبعه ناحية الشرفة وقال بلهفة:
"انظروا ها هو على كرسيه المتحركة يمر من هنا ".
تزاحم الجمع نحو الشرفة وقد ساد الهدوء المكان، ما عدا صوت المغني يصدح عاليا من راديو المقهى. لم ينبس أحدهم ببنت شفة إلا واحدا قال متذاكيا : " أقسم لكم، إنه يتقمص شخصية غير شخصيته. إنه ليس عاجزا، بل متعاجزًا".
واستطرد قائلا:
"شكله يدل على انه يهودي. أكيد جاسوس!"
قاطعه أحدهم قائلا: شاربه يوحي عكس ذلك، انظروا أنفه ينوف شاربه!
تعالت القهقهات....
"قد يكون يهوديًّا شرقيًا"، علق آخر.
هز الجمع رؤوسهم في صمت ونظروا في عيون بعضهم البعض.
بانت الدهشة على الوجوه عندما استدار بعربته وتقدم نحوهم يلوِّح بيديه عاليا ويهتز طربا على وقع الموسيقى الآتية من المقهى وهو يطلق اصواتًا غريبة غير مفهومة، عدا جملته الشهيرة: "ما في القنافد أملس" التي يرددها دائما حتى ألفها الناس واحتاروا بأمرها كما حيَّرهم أمره.
لمعت عيناه فرحا وخرقهم بنظراته الحادة، كنظراتهم اليه!
كأنه يقرأ افكارهم او يتفحص مدى اهتمامهم به.
قالوا:
مجنون!
قالوا:
يتظاهر بالجنون!
قالوا وقالوا.. ولما بلغ الحديث أشده صب أحدهم جام غضبه قائلا: "ناقصنا مجانين! البلد تعج بالمستوردين على اشكاله".
وقال ثانٍ بنبرة لا تخلو من سخرية: نحن أمة نجير المستغيث، ننتصر للحق ونكرم الصديق.!
وصاح بمرارة:
"اغثنا يا غيّاث المستغيثين..".
**
كشف أحد العالمين بخبايا الأمور ان اسمه صبيح شوقي، ولم يكتمل من عمره ربيعه السادس عشر عندما وطئت قدماه أرض الميعاد، يوم غمرت الفرحة قلبه بتقبيله أرض المطار، ليستقر به المطاف في أحد الكيبوتسات.
قالوا: قادم جديد! من بغداد!
قوبل بالترحاب والتكريم وبحفاوة الفارس العائد!
عرف بذكائه وحنكته وبشغفه الشديد بالقراءة والأدب. عشق اللغة العربية وظهرت موهبته الشعرية مبكرا.
صبيح شوقي أو "الفرزق" كما نعته زملاؤه في حي الكرادة، في بغداد لولعه الشديد بشعر الفرزدق ولجهامة وجهه.
في الكيبوتس مرت الأيام في البداية صعبة عليه لعدم تمكنه من اللغة العبرية ولشعوره بالوحدة، لكنه سرعان ما أدرك قواعد اللعبة وعمل على تنفيذ ما هو مطلوب منه بجد ومثابرة.
تخلّص أولا من كل ما يمت بصلة بماضيه.
ثم اصبح اسمه:
"يائير بنيامين."
ناصب يائير العداء لكل ما هو شرقي، للموسيقى التي أحبها، وللغة التي ابدع فيها.
أنكر اصله إلى حد الامتناع عن صداقة الشبان اليهود من أصول شرقية.
دأب بشغف واندفاع على تعلم اللغة العبرية واتقنها في فترة وجيزة، وحرَص على التكلم بلهجة "الاشكيناز".
وأثار حرف"ح" عنده الاشمئزاز.
أنهى دراسته الجامعية بتفوق وشغل منصبا رفيعا في السلك الدبلماسي. عرف بمواقفه السياسية المتطرفة. تزوج من أول فتاه "أشكينازيه" قبلته زوجا لها وسكن في حي ذي أغلبية اشكينازية. رزق بابن أسماه هرتسل وابنته اسمها روت.
"المتشكنز"، ينعته بسخرية زملاؤه وهم يرمقونه بازدراء منهمكين.
بعد تقاعده من العمل ووفاة زوجته ومغادرة ابنائه البلاد، عانى يائير بنيامين من الوحدة والاكتئاب.
في السبعين من عمره جاءته سكتة دماغية أصابته بالشلل، أدخلته في غيبوبة وأفقدته ذاكرته.
ولعدم وجود عائلة تحتضنه وتهتم بأمره نقل من المستشفى مباشرة الى بيت المسنين الذي افتتح حديثًا في القرية.
في الأسابيع الأولى لإقامته في مسكنه الجديد عانى، بالإضافة لوضعه الصحي الحرج، من أزمات نفسية حادة.
وقد لاحظ القائمون على رعايته في المؤسسة ان انفعالاته وأزماته النفسية تشتد وقت الأذان وعند سماعه من يتحدثون العربية.
مع الأيام أخذت صحته بالتحسن شيئا فشيئا وكذلك علاقته مع القائمين على رعايته وبدأ يتفاعل مع محيطه الجديد.
في صباح أحد الأيام شوهد وهو يجلس على كرسيه يضرب باب المدخل بكلتا يديه ويصرخ مشيرا بيده ورأسه نحو الخارج بشكل لم يعهدوه من قبل.
حاولوا، دون جدوى، التهدئة من روعه.
تساءلوا محتارين:
ماذا يريد وإلى أين وجهته؟
وما أن فتح له الباب حتى اندفع الرجل على كرسيه مسرعا، توقف للحظة، رفع نظره إلى الأعلى مصغيا.. استدار بعربته مندفعا بقوة نحو مصدر الصوت الآتي من البقالة المجاورة وأحد المسؤولين مهرول وراءه. إنه صوت ناظم الغزالي يصدح من بقالة أم علي.
"قل للمليحة بالخمار الأسود..."
واذ بصاحبنا يدخل البقالة، يسترخي في كرسيه، يهزّ رأسه طربا ونشوة، ثم بلحظة أخذ يتأوه بألم مكتوم ضاربا كفا بكف وهو يتمتم مع المغني: مليحة، مليحة..
أثار منظره وهو يتألم مشاعر العطف والشفقة في نفس أم علي التي اغرورقت عيناها بالدموع ومرافقه الذي أخذ يربت على كتفه ليهدئ من روعه.
دكان أم علي، الذي لا يتسع لاكثر من زبونين، أسماه أهل الحارة "سوبر مركت ام علي"، قالوها مزاحًا وليس سخرية.
خرج من "سوبر" ام علي وراح يتلكأ مع مرافقه في شوارع البلدة وأزقتها يتأمل بما حوله بنظرات ثاقبة ولسان حاله يردد متمتما
"قل للمليييحة.. آه.. آه.. آه..".
ولما وصل وسط البلد تجلى أمامه المشهد كاملا. اذ أيقظت روائح البهارات والفلافل ورائحة الخبز الطازج والمشاوي واصوات الباعة المتجولين وصوت الأذان والأغاني التي انطلقت في الجو من "روّادي" البيوت في كل اتجاه، بالإضافة لما في المشهد من زحمة ناس وجلبتهم ومنظر رواد المقهى المنهمكين في لعب الورق وقد تعالت صرخاتهم حد الشجار.. كل هذا ايقظ عنده مشاهد قد اندثرت وغابت عن ذاكرته وحركت في داخله أحاسيس ومشاعر مختلفة، وفجرت من اعماقه ما دأب على إخفائه طول السنين.
مرت الأيام وتوالت الأعوام، يبدأ يومه من دكان أم علي حيث توطدت علاقتهما فأصبحا صديقين حميمين، يشرب معها الشاي ويقاسمها فطورها كل صباح ثم يودعها مبتسما ليكمل مشواره اليومي في شوارع البلدة وأزقتها.
"حوار الطرشان" يقول الناس محتارين بأمرهم، لثقل سمعها وثقل لسانه.
إنها الوحيدة التي تمكنت من فهمه والتواصل معه رغم إعاقته وعدم قدرته على النطق السليم حتى اصبحت لسان حاله والوسيطة بينه وبين العاملين في المؤسسة ومع الناس.
كيف يتحدثان ويتحاوران ويفهم أحدهما الآخر.؟!
رمقهم المارة بنظراتهم، يتساءلون مندهشين.
يائير بنيامين أو " بو شاؤول"، كما تناديه أم علي (لا احد يعلم من اين أتت له بهذا الاسم).
وهو يناديها "أم جعفر "بلسانه الثقيل.
يقال ان ام جعفر كانت صاحبة بقالة في حي الكرادة في بغداد حيث انسجم أبو شاؤول انسجاما كليا مع الجو العام ومع حياة الناس وأحس بينهم بالسكينة والاطمئنان، حتى أصبح معْلمًا بارزًا من معالم البلد. يتواصل مع الناس، يشاركهم افراحهم وأتراحهم، يدخل البيوت زائرًا والمقاهي رائدًا، يدور على كرسيه في الشوارع يصيح مغنيا:
"قل للمليحة"
أو متمتما جملته الشهيرة:
"ما في القنافد أملس".
بات مقتنعا بأنه يعيش ماضيه حاضرا. يخال نفسه حيا في بغداد فيجدها بدْءا ببقالة ام جعفر (ام علي) ومقهى أبو نواس ومطعم ليالي زمان ومطعم صاج الريف وفي شوارع العطار والرشيد. راح يسأل عن شارع ابو نواس المطل على نهر دجلة وسينما بابل وحمام حاجي مهدي والسفارة وطاف يبحث أخيرا عن بيوت الأصدقاء ومدرسة الأمل والاعدادية وغيرها.
قال عنه ذاك المتذاكي انه يعيش في "حماضر".
هنا، لف الهدوء الحضور وانهمكوا مفكرين وهم يقلبون كلمة حماضر في عقولهم.
حتى توجه أحدهم بالسؤال:
"وما معنى كلمة حماضر يا حضرة الفيلسوف؟"
أجابهم بنوع من العظمة والكبرياء:
"أي انه يعيش الماضي في الحاضر."
هز بعضهم رؤوسهم كأنهم يفهمون. بينما ظل البعض منهمكين في لعب الورق.
**
في صباح ذاك اليوم المشؤوم، كان أبو شاؤول مستعدًّا كعادته للخروج الى مشواره اليومي وإذا بمدير المؤسسة بانتظاره.
خاطبه المدير ، قائلا بالعبرية:
"صباح الخير أبا شاؤول، كيف اصبحت اليوم؟"
هز ابو شاؤول رأسه مستغربًا لكلام المدير الذي لم يخاطبه باسمه الشخصي، يئير".
أكمل المدير كلامه محاولا إفهامه ان ابنه هرتسل عاد إلى البلاد وسيأتي اليوم ليأخذه الى مؤسسة اخرى قريبة من مكان سكناه.
لكن أبا شاؤول بدا غير مبال منهمكا مع نفسه وهمّ مسرعا للخروج غير آبه لما يقوله المدير، واتجه نحو محطته الأولى، دكان "ام جعفر"، ملامح وجهه تغيرت ليبدو غاضبا، إذ استشعر بكلام المدير نذير شؤم.
لم يطل أبو شاؤول كعادته المكوث عند ام علي التي انتظرته ليتناول معها الفطور.
لمحت في عينيه عبرات وجع وحزن مرير. أحست به واقتربت منه تحدثه وتسأله عن حاله، لكنه جلس صامتا في كرسيه يفكر.
جلست ام علي الى جانبه تخفف عنه وتهون عليه وهي التي وقفت بجانبه وعطفت عليه دائمًا.
أمسك بيدها ودموعه تنهمر غزيرة على خديه كأنه يتوسل مساعدتها. بانت الصدمة على ملامح وجه ام علي النحيف، وفي عينيها الغائرتين التائهتين انحصرت الدموع واختنقت في صدرها الكلمات، وأحست بالإحباط واليأس لعجزها عن فعل شيء، أي شيء، لأجله.
فجأة، انطلق أبو شاؤول بكرسيه مسرعا خارج المكان هائمًا على وجهه على غير هدى، يتخبط، لا يعرف إلى أين يتجه.
توقف لحظة واستدار عائدا وام علي ما زالت تقف مكانها. تقدم نحوها وأخذ يخبرها ويقول لها اشياء غريبة فهمت بعضًا منها فقط..
طلب أن تحضر له قلمًا وورقة. أخذ الورقة وكتب بخط الثلث، وبخط مرتب جميل مثير للدهشة.
ناولها الورقة وغادر المكان مسرعا.
التقطت أم علي الورقة ومكثت مكانها مكتوفة الأيدي حزينة حائرة.
أنا لا اقرأ!
ماذا أفعل بهذه الورقة؟ قالت متمتمة.
لاحقته بنظراتها إلى أن اختفى في منحنى نهاية الطريق المؤدي الى المسجد. وقفت ام علي باب دكانها قابضة على الورقة شاردة الذهن، تفكر محتارة في أمره.
أحست بالخوف عندما فاجأتها سيارة الإسعاف واقتربت منها.
"صباح الخير، أم علي أين أبو شاؤول؟" خاطبها الممرض بصوت عال لعلمه بثقل سمعها.
"اهلا يا خالتي، خير نشاء الله؟" قالت منفعلة.
"هذا هرتسل ابن أبو شاؤول جاي لزيارة والده" قال وقد بدا عليه بعض من الارتباك.
"أهلا وسهلا، أهلا وسهلا تفضلوا.. أبو شاؤول كان زعلان كثير اليوم على غير عادة، طلع قبل شوي، وانا متضايقة عشانه" قالت ببساطتها الساذجة وهي مازالت قابضة على الورقة.
وقبل أن تكمل كلامها انطلقوا مسرعين حيث أشارت لهم.
بحثوا عنه في كل مكان ولم يجدوا له أثرًا. دخلوا البيوت والمقاهي، طافوا في الشوارع ونادوا من مآذن الجوامع، لا أحد رأى ولا أحد سمع.
قال هرتسل لمرافقيه من المؤسسة بانفعال وغضب شديد:
"أنتم المسؤولون عن سلامة أبي، لماذا تركتموه يخرج وحده."
اتصل هرتسل بالشرطة، فحضرت بأعداد كبيرة وشرعت بالبحث عنه.
ولما حان وقت أذان العصر تقاطر المصلون إلى المسجد، لاحظ أحدهم وهو متوجه الى الوضوء أبا شاؤول يختبئ في زاوية وراء أحد الأعمدة.
دخل الممرضون ومعهم هرتسل. جلس أبو شاؤول في كرسيه يحتضن العمود بكلتا يديه مطأطئا رأسه.
تقدم هرتسل من أبيه منحنيا يخاطبه بصوت خافت لا يخلو من الخجل:
"أنا هرتسل يا أبي حضرت خصيصا لأطمئن عليك وآخذك للعيش معنا. روت شقيقتي أيضًا ستأتي غدًا وهي مشتاقة لك جدا. أرجوك يا أبي التفت إلي، أريد أن أعانقك وأقبلك. افتقدك يا أبتي كثيرا."
لم يحرك أبو شاؤول ساكنا غير مبال، بل أخذ ينكمش في كرسيه أكثر وأكثر.
باءت محاولات هرتسل باستمالة والده بالفشل مما اضطره الطلب من الطاقم الطبي مساعدته على حمله إلى سيارة الإسعاف.
تشبث أبو شاؤول بالعمود بكل قوته.
وما أن حملوه مع كرسيه حتى أخذ يصرخ باعلى صوته، بألم شديد ويقول كلمات غير مفهومة.
تجمهر أهل الحي أمام الجامع. تدافعوا رجالا، نساءً واولادًا، واصطف حولهم المصلون وتعالت في الجو هتافات الجمهور وصرخاتهم تضامنا مع أبي شاؤول.
تدافع البعض يهتفون باسمه:
"أبو شاؤول.. أبو شاؤول.."
أبدى ابو شاؤول مقاومة شديدة وهو يصرخ باكيا مستغيثا. لوّح بيديه وألقى بنفسه من كرسيه. ارتطم رأسه بعتبة المسجد وتدحرج على الدرج.
المشهد استفز الجمهور وتعالت صرخات:
"الله أكبر."
وهنا..
هنا جاءت المفاجأة الكبرى صادمة للجميع وخاصة لهرتسل.
نطق ابو شاؤول!!
كأنما عادت له ذاكرته بعد الصدمة.
جاءت كلماته واضحة بعض الشيء وهو يغني:
"أنا صبيح شوقي،
أبن جميله وجودات
أنا الفرزدق
أبن الكرادة وبغداد
والرافدين..
دجلة والفرات
ابن الكرخ والرصافة
والجهاد."
وقبل ان تنطلق به سيارة الإسعاف مسرعًا صاح ملوّحا بيده قائلا:
"الله اكبر يا عرب صاحت بغداد."
وقفت أم علي حزينة أمام دكانها تتبع أخباره.
عندما مرت بها سيارة الإسعاف تمتمت كعادتها بعض الشيء ودموعها تنهمر على وجنتيها غزيرة.
خفضت نظرها نحو يدها التي مازالت قابضة على الورقة وتساءلت عن فحواها حائرة.
كتب فيها:
"أحبكم كما احببتموني وأكثر، وأحبهم كما ظنوا أنهم يحبونني.



#عدلي_عبد_الفتاح_شبيطه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدلي عبد الفتاح شبيطه - ابو شاؤول